< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفي الأشرفي‌شاهرودي

44/05/22

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: فقه الطهارة- المطهرات- الماء- شروط التطهير بالماء القليل- العصر.

و يشترط في التطهير به أُمور: بعضها شرط في كلّ‌ من القليل و الكثير، و بعضها مختصّ‌ بالتطهير بالقليل. أمّا الأوّل: فمنها زوال العين و الأثر، بمعنى الأجزاء الصغار منها، لا بمعنى اللون و الطعم و نحوهما، و منها عدم تغيّر الماء في أثناء الاستعمال، و منها طهارة الماء و لو في ظاهر الشرع، و منها إطلاقه بمعنى عدم خروجه عن الإطلاق في أثناء الاستعمال. و أمّا الثاني: فالتعدّد في بعض المتنجّسات كالمتنجّس بالبول و كالظروف و التعفير كما في المتنجّس بولوغ الكلب، و العصر في مثل الثياب و الفرش و نحوها ممّا يقبله، و الورود أي ورود الماء على المتنجّس دون العكس على الأحوط.[1]

كان كلامنا في لزوم العصر بعد أن أثبتنا لزوم طهارة الماء المغتسل به و إطلاقه و قد ادعى سيدنا الأستاد دخالته في مفهوم الغسل و استشهد لذلك بعدة من الروايات التي جعل الغسل في مقابل الصب و قد اعتبره في الغسل بماء القليل و الكثير، لأخذه في مفهومه. و قد أنكر هذا الشرط تعبدا لعدم ورود اعتباره شرعا في الروايات و ادعى اعتباره في مفهوم الغسل و لذا لم يفترق الحال فيه بين القليل و الكثير، و الشاهد على ذلك، تقابل الصب و الغسل في ما يمكن فيه العصر كصحيحة البقباق[2] و صحيحة الحلبي[3] و حسنة حسين بن أبي العلاء[4] ، إلا أنه وقع الكلام في أن الاعتبار بإخراج الغسالة و لو بالتثقيل و استيلاء الماء عليه بإدخاله في الماء أو صب الماء عليه مع انفصاله عنه سواء عصر أم لا.

فلا بد من التكلم في مقامين؛ الأول اعتباره في مفهوم الغسل، الثاني في أنه مع الشك في اعتباره في المفهوم فهل يجب العصر تحصيلا لليقين بالطهارة أم لا؟

أما الكلام في الأول فادعى الأستاد: إنه مقتضى الفهم العرفي سواء في القذارات العرفية أو الشرعية، العينية أو الحكمية، بل حتى في القذارات الوهمية كما إذا قرب ثوب المولى المريض فأمر عبده بغسل ثيابه دفعاً للنفرة الحاصلة فيعتبر العصر و نحوه تأثيراً في النفس لرفع النفرة الحاصلة للطبع من نحو هذه القذارات التي ليس لها حقيقة متأصلة بل وهمية محضة، فكيف بالقذارات العرفية المتأصلة أو الشرعية العينية أو الحكمية.

و أما المقام الثاني ففي حكم الشك في اعتبار العصر في مفهوم الغسل فمقتضى استصحاب النجاسة إلى العلم بحصول الطهارة أيضاً هو العصر حيث ورد في موثقة عمار «فَإِذَا عَلِمْتَ‌ فَقَدْ قَذِرَ»[5] فإن الشبهة مفهومية، و مع الشك في تحقق الغسل بلا عصر يرجع إلى القدر المتيقن من المفهوم، و إن منعنا جريان الاستصحاب في الشبهات المفهومية، ثم أيد ذلك بحسنة ابن أبي العلاء «سَأَلْتُ‌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ عَنِ‌ الصَّبِيِّ‌ يَبُولُ‌ عَلَى الثَّوْبِ‌. قَالَ:‌ تَصُبُّ‌ عَلَيْهِ‌ الْمَاءَ‌ قَلِيلاً ثُمَّ‌ تَعْصِرُهُ‌.»[6] و إن أمكن الإشكال بأن المراد بالصبي هو الرضيع الذي لا يعتبر في ذهاب نجاسته العصر إجماعاً، فالأمر محمول على الندب (راجع الحديث يظهر منه المغايرة بين الموضوعين و لا يكون ذلك إلا بفرض الصبي رضيعاً) و بالجملة لا بأس بها في مقام التأييد عند الشك كما يمكن التأييد برواية الفقه الرضوي[7] و رواية الدعائم[8] .

ثم إنه هل يختص ذلك بالماء القليل كما هو المشهور بين المتأخرين حيث أنهم لم يعتبروا العصر في الغسل بالمطر و الجاري و الكر بدعوى أن عمدة الدليل على العصر ارتكاز العرف على استقذار الماء الذي يغسل به الشيء فلا بد من تخليص المغسول به بالعصر و نحوه و مع اعتصام الماء لا مجال أنه الارتكاز لحكم الشارع بعموم انفعاله و لكن الأستاد أنكر ذلك بعد ما أفاده من لزوم العصر في مفهوم الغسل و هذا لا يفرق بين القليل و الكثير.

لكن استدل للفرق بوجوه أخر ففي المطر استدل بمرسلة الكاهلي[9] ، و الأولى، الاستدلال بصحيحة هشام بن سالم[10] .


المصادر

    1. العروة الوثقی (عدة من الفقهاء، جامعة المدرسين)، الطباطبايي اليزدي السید محمد کاظم‌ بن عبد العظیم، المتوفي: ۱۳۳۷ ه.ق. جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم المقدسة، مؤسسة النشر الإسلامي، ۱۴۲۱ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.

    2. تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة، الحر العاملي المشغري محمد بن الحسن، المتوفي: ۱۱۰۴ ه.ق. مؤسسة آل البیت عليهم السلام لإحیاء التراث بقم المقدسة، ۱۴۱۶ ه.ق. عدد الأجزاء: 30.

    3. الفقه المنسوب للإمام الرضا علیه السلام و المشتهر بفقه الرضا، مؤسسة آل البیت علیهم السلام لاحیاء التراث بقم المقدسة، ۱۴۰۶ ه.ق. عدد الأجزاء: ۱.

    4. دعائم الإسلام، ابن ‌حیون، ق‌اض‌ي‌ ال‌ن‌ع‌م‌ان‌ بن محمد ال‌م‌ص‌ری الت‌م‌ی‌م‌ي‌ الم‌غ‌رب‌ي، النتوفي: ۳۶۳ ه.ق. فیضی، آصف، مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث بقم المقدسة، ۱۳۸۳ ه.ق. عدد الأجزاء: ۲.


[1] العروة الوثقى، ج1، ص217.
[2] مُحَمَّدُ بْنُ‌ الْحَسَنِ‌ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنِ‌ اَلْحُسَيْنِ‌ بْنِ‌ سَعِيدٍ عَنْ‌ حَمَّادٍ عَنْ‌ حَرِيزٍ عَنِ‌ اَلْفَضْلِ‌ أَبِي الْعَبَّاسِ‌ فِي حَدِيثٍ‌: أَنَّهُ‌ سَأَلَ‌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ عَنِ‌ الْكَلْبِ‌ فَقَالَ‌: رِجْسٌ‌ نِجْسٌ‌ لاَ يُتَوَضَّأْ بِفَضْلِهِ‌ وَ اصْبُبْ‌ ذَلِكَ‌ الْمَاءَ‌ وَ اغْسِلْهُ‌ بِالتُّرَابِ‌ أَوَّلَ‌ مَرَّةٍ‌ ثُمَّ‌ بِالْمَاءِ‌. وسائل‌الشیعة، الباب12 من أبواب النجاسات و الأوانی و الجلود، ح2، ج3، ص415.
[3] مُحَمَّدُ بْنُ‌ يَعْقُوب وَ عَنْ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ إِبْرَاهِيمَ‌ عَنْ‌ أَبِيهِ‌ عَنِ‌ اِبْنِ‌ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ‌ حَمَّادٍ عَنِ‌ اَلْحَلَبِيِّ‌ قَالَ‌: سَأَلْتُ‌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ عَنْ‌ بَوْلِ‌ الصَّبِيِّ‌ قَالَ‌ تَصُبُّ‌ عَلَيْهِ‌ الْمَاءَ‌ فَإِنْ‌ كَانَ‌ قَدْ أَكَلَ‌ فَاغْسِلْهُ‌ بِالْمَاءِ‌ غَسْلاً وَ الْغُلاَمُ‌ وَ الْجَارِيَةُ‌ (فِي ذَلِكَ‌) شَرَعٌ‌ سَوَاءٌ‌. وَ رَوَاهُ‌ اَلشَّيْخُ‌ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ يَعْقُوبَ‌ وَ كَذَا الَّذِي قَبْلَهُ‌. وسائل‌الشیعة، الباب3 من أبواب النجاسات و الأوانی و الجلود، ح2، ج3، ص397.
[4] مُحَمَّدُ بْنُ‌ يَعْقُوبَ‌ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ يَحْيَى عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ مُحَمَّدٍ عَنْ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ الْحَكَمِ‌ عَنِ‌ اَلْحُسَيْنِ‌ بْنِ‌ أَبِي الْعَلاَءِ‌ قَالَ‌: سَأَلْتُ‌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ عَنِ‌ الْبَوْلِ‌ يُصِيبُ‌ الْجَسَدَ قَالَ‌ صُبَّ‌ عَلَيْهِ‌ الْمَاءَ‌ مَرَّتَيْنِ‌ فَإِنَّمَا هُوَ مَاءٌ‌ وَ سَأَلْتُهُ‌ عَنِ‌ الثَّوْبِ‌ يُصِيبُهُ‌ الْبَوْلُ‌ قَالَ‌ اغْسِلْهُ‌ مَرَّتَيْنِ‌ اَلْحَدِيثَ‌. وَ رَوَاهُ‌ اَلشَّيْخُ‌ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ يَعْقُوبَ‌ : مِثْلَه. وسائل‌الشیعة، الباب1 من أبواب النجاسات و الأوانی و الجلود، ح4، ج3، ص395.
[5] مُحَمَّدُ بْنُ‌ الْحَسَن بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ يَحْيَى عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ الْحَسَنِ‌ عَنْ‌ عَمْرِو بْنِ‌ سَعِيدٍ عَنْ‌ مُصَدِّقِ‌ بْنِ‌ صَدَقَةَ‌ عَنْ‌ عَمَّارٍ عَنْ‌ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ فِي حَدِيثٍ‌ قَالَ‌: كُلُّ‌ شَيْ‌ءٍ‌ نَظِيفٌ‌ حَتَّى تَعْلَمَ‌ أَنَّهُ‌ قَذِرٌ فَإِذَا عَلِمْتَ‌ فَقَدْ قَذِرَ وَ مَا لَمْ‌ تَعْلَمْ‌ فَلَيْسَ‌ عَلَيْكَ‌. وسائل‌الشیعة، الباب37 من أبواب النجاسات و الأوانی و الجلود، ح4، ج3، ص467.
[6] مُحَمَّدُ بْنُ‌ يَعْقُوبَ‌ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ يَحْيَى عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ مُحَمَّدٍ عَنْ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ الْحَكَمِ‌ عَنِ‌ اَلْحُسَيْنِ‌ بْنِ‌ أَبِي الْعَلاَءِ‌ فِي حَدِيثٍ‌ قَالَ‌: سَأَلْتُ‌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ عَنِ‌ الصَّبِيِّ‌ يَبُولُ‌ عَلَى الثَّوْبِ‌. قَالَ‌: تَصُبُّ‌ عَلَيْهِ‌ الْمَاءَ‌ قَلِيلاً ثُمَّ‌ تَعْصِرُهُ‌. وَ رَوَاهُ‌ اَلشَّيْخُ‌ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ مُحَمَّدٍ، مِثْلَهُ‌. وسائل‌الشیعة، الباب3 من أبواب النجاسات و الأوانی و الجلود، ح1، ج3، ص397.
[7] وَ إِنْ‌ أَصَابَكَ‌ بَوْلٌ‌ فِي ثَوْبِكَ‌ فَاغْسِلْهُ‌ مِنْ‌ مَاءٍ‌ جَارٍ مَرَّةً‌ وَ مِنْ‌ مَاءٍ‌ رَاكِدٍ مَرَّتَيْنِ‌ ثُمَّ‌ اعْصِرْه. الفقه المنسوب للإمام الرضا علیه السلام، ص95.
[8] وَ عَنْ‌ عَلِيٍّ‌ صَلَوَاتُ‌ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ أَنَّهُ‌ قَالَ‌: فِي الْمَنِيِّ‌ يُصِيبُ‌ الثَّوْبَ‌ يَغْسِلُ‌ مَكَانَهُ‌ فَإِنْ‌ لَمْ‌ يَعْرِفْ‌ مَكَانَهُ‌ وَ عَلِمَ‌ يَقِيناً أَنَّهُ‌ أَصَابَ‌ الثَّوْبَ‌ غَسَلَ‌ الثَّوْبَ‌ كُلَّهُ‌ ثَلاَثَ‌ مَرَّاتٍ‌ يَعْرِكُ‌ فِي كُلِّ‌ مَرَّةٍ‌ وَ يَغْسِلُ‌ وَ يَعْصِر. دعائم الإسلام، ج1، ص117.
[9] مُحَمَّدُ بْنُ‌ يَعْقُوب عَنْ‌ عِدَّةٍ‌ مِنْ‌ أَصْحَابِنَا عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ مُحَمَّدٍ عَنْ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ الْحَكَمِ‌ عَنِ‌ اَلْكَاهِلِيِّ‌ عَنْ‌ رَجُلٍ‌ عَنْ‌ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ فِي حَدِيثٍ‌ قَالَ‌: قُلْتُ:‌ يَسِيلُ‌ عَلَيَّ‌ مِنْ‌ مَاءِ‌ الْمَطَرِ أَرَى فِيهِ‌ التَّغَيُّرَ وَ أَرَى فِيهِ‌ آثَارَ الْقَذَرِ فَتَقْطُرُ الْقَطَرَاتُ‌ عَلَيَّ‌ وَ يَنْتَضِحُ‌ عَلَيَّ‌ مِنْهُ‌ وَ الْبَيْتُ‌ يُتَوَضَّأُ عَلَى سَطْحِهِ‌ فَيَكِفُ‌ عَلَى ثِيَابِنَا. قَالَ‌: مَا بِذَا بَأْسٌ‌ لاَ تَغْسِلْهُ‌، كُلُّ‌ شَيْ‌ءٍ‌ يَرَاهُ‌ مَاءُ‌ الْمَطَرِ فَقَدْ طَهُرَ. أَقُولُ‌: هَذَا مَحْمُولٌ‌ عَلَى أَنَّ‌ الْقَطَرَاتِ‌ وَ مَا وَصَلَ‌ إِلَى الثِّيَابِ‌ مِنْ‌ غَيْرِ النَّاحِيَةِ‌ الَّتِي فِيهَا التَّغَيُّرُ وَ آثَارُ الْقَذَرِ لِمَا مَرَّ أَوْ أَنَّ‌ التَّغَيُّرَ بِغَيْرِ النَّجَاسَةِ‌ وَ الْقَذَرَ بِمَعْنَى الْوَسَخِ‌ وَ يَخُصُّ‌ بِغَيْرِ النَّجَاسَةِ‌. (فَيَكِفُ: وكف البيت أي قطر) وسائل‌الشیعة، الباب6 من أبواب الماء المطلق، ح5، ج1، ص146.
[10] مُحَمَّدُ بْنُ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ الْحُسَيْنِ‌ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ هِشَامِ‌ بْنِ‌ سَالِمٍ‌ أَنَّهُ‌ سَأَلَ‌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ عَنِ‌ السَّطْحِ‌ يُبَالُ‌ عَلَيْهِ‌ فَتُصِيبُهُ‌ السَّمَاءُ‌ فَيَكِفُ‌ فَيُصِيبُ‌ الثَّوْبَ‌ فَقَالَ‌: لاَ بَأْسَ‌ بِهِ‌ مَا أَصَابَهُ‌ مِنَ‌ الْمَاءِ‌ أَكْثَرُ مِنْهُ‌. وسائل‌الشیعة، الباب6 من أبواب الماء المطلق، ح1، ج1، ص144.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo