< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی أشرفي شاهرودي

44/05/03

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: فقه الطهارة/ الصلاة في النجس/ العفو عن بعض النجاسات في الصلاة، نجاسة ثوب المربیة للطفل.

الخامس: ثوب المربّية للصبيّ، امّاً كانت أو غيرها متبرّعة أو مستأجرة، ذكراً كان الصبيّ أو أُنثى و إن كان الأحوط الاقتصار على الذكر. فنجاسته معفوّة بشرط غسله في كلّ يوم مرّة، مخيّرة بين ساعاته، و إن كان الأولى غسله آخر النهار لتصلّي الظهرين و العشاءين مع الطهارة، أو مع خفّة النجاسة، و إن لم يغسل كلّ يوم مرّة فالصلوات الواقعة فيه مع النجاسة باطلة و يشترط انحصار ثوبها في واحد، أو احتياجها إلى لبس جميع ما عندها و إن كان متعدّداً، و لا فرق في العفو بين أن تكون متمكّنة من تحصيل الثوب الطاهر بشراء أو استئجار أو استعارة أم لا، و إن كان الأحوط الاقتصار على صورة عدم التمكّن.[1]

ذکر الماتن: فنجاسته معفوة بشرط غسله في کلّ یوم مرة، مخیّرة بین ساعاته، و إن کان الأولی غسله آخر النهار لتصلّي الظهرین و العشائین مع الطهارة، أو مع خفة النجاسة، و إن لم یغسل کلّ یوم مرة فالصلوات الواقعة فیه مع النجاسة باطلة.

ذکرنا إنّه لا ریب في کون غسل ثوبها لیس واجباً نفسیاً و إلّا وجب ذلك حتی للحائض التی لاتجب علیها الصلاة في أیام حیضها. و علیه لابدّ أن یکون تطهیر الثوب لأجل شرطیة الطهارة الخبثیة في الصلاة، فترکها بالمرة عصیان و موجب لبطلان صلواتها، لکن هل غسل الثوب شرط في جمیع صلوات یومها أو شرط لواحدة منها علی التخییر؟ الظاهر هو الأول، إما لأجل ظهور الروایة[2] في ذلك أو لأنّ الروایة مجملة فیقتصر في الخروج عن القواعد الأولیة المقتضیة لشرطیة الطهارة للجمیع علی قدر المتیقّن.

کما أنّ الظاهر کون غسل الثوب شرط متقدم بالنسبة إلی الصلوات الیوم کما هو الحال في شرطیة الطهارة الحدثیة من الشرائط المقارنة للصلاة إذ من المقطوع به -حسبما إدعاه سیدنا الأستاد- عدم کفایة غسل الثوب إن علمت بتنجسه قبل الصلاة بل یجب علیها حینئذ تأخیر الغسل إلی وقت تتمکن من المبادرة إلی الصلاة في الثوب الطاهر و لا یظنّ بفقیه أن یلتزم بجواز تقدیمه في مثل الفرض (هکذا إدعاه الأستاد) إذ یصدق حینئذ أنّها غسلت ثوبها في الیوم مرة. کما أنّه لا یحتمل صحة الالتزام بأنّ غسل الثوب آخر النهار یکون لأجل تحصیل شرطیة الطهارة لصلاة الفجر مع وقوعها في الثوب النجس أو الالتزام بأنّ غسل الثوب أول النهار یکون شرطاً لصلاة العشاء مع العلم بوقوعها في النجس.

و بالجملة مقتضی الأدلة الأولیة اشتراط الطهارة من الخبث لکلّ صلاة علی نحو المقارنة لا قبلها و لا بعدها، و الحدیث المتقدم ذکره لم‌ ترد لتأسیس حکم جدید في الاشتراط بجعل الطهارة شرطاً متقدماً علی الصلوات أو متأخراً عنها، بل غایة دلالته سقوط الشرطیة عن جمیع الصلوات الیومیة بالنسبة إلی المرأة المذکورة إلّا بالمقدار الممکن لها و هو الغسل مرة في کلّ یوم إرفاقاً بها و تسهیلاً علیها و لذا لا بدّ لها أن تبادر إلی الصلاة بعد الغسل تحصيلاً للشرط بقدر الإمكان، فإن تمكن من صلوات متعددة بعد الطهارة فتجب إبقاءً لعمومات ما دل علی الاشتراط.

و أما السید الحکیم فذکر[3] : إنّ ظاهر الروایة أنّ الغسل المذکور شرط للصلاة من حیث کونه یترتب علیه الطهارة في الجملة سواء أبقیت إلی حال الصلاة أم لا، و لیس المراد منه شرطیة الطهارة حال الصلاة و إن کان هو الظاهر منه في غیر المقام من الموارد کما تراه في قولنا: «إغسل ثوبک و صل» فإنّه ظاهر في اعتبار الطهارة حال الصلاة، و لا یکفي في امتثاله مجرد الغسل و إن تنجس قبل الصلاة، و هذا بخلاف المقام فإنّ الظاهر من الحدیث کفایة مجرد طهارة الثوب في الجملة و إن تنجس قبل الصلاة، و کان الوجه في الفرق بین المقام و غیره مما کان ظاهر الأمر بالغسل فیه اعتبار الطهارة حال الصلاة، فالفرق هو أنّ المقام مقام تخفیف و رفع الید عن اعتبار الطهارة في الصلاة. أقول: ما أفاده الحکیم أقرب إلی ظاهر الحدیث بعد فرض الأخذ به.

ثم ذکر الماتن: مخیرة بین ساعاته و إن کان الأولی غسله آخر النهار لتصلّي الظهرين و العشاءين مع الطهارة، أو مع خفّة النجاسة، و إن لم يغسل كلّ يوم مرّة فالصلوات الواقعة فيه مع النجاسة باطلة.

و الوجه فیه إطلاق روایة أبی‌حفض في قوله علیه السلام «تَغْسِلُ‌ الْقَمِيصَ‌ فِي الْيَوْمِ‌ مَرَّةً‌» حیث أنّ إطلاقه إنّما یقتضی جواز إیجاد الغسل في أیّ جزء من أجزاء الیوم لکنّك بما عرفت من کون وجوب غسل الثوب وجوب مقدمی للصلاة، لزم تقدیمه علی بعض صلواتها حتی یتصف بالمقدمیة.

و دعوی: أنّ الأمر تعلق بالغسل بلحاظ کون الطهارة الحاصلة منه شرطاً في الصلاة فلا یتبادر من الأمر به في کلّ یوم مرة إلّا إیجاده قبل الأخذ في الصلاة مطلقاً فکما أنّ شرطیة الطهارة للصلاة اقتضت صرف الإطلاق إلی إرادة إیجاد الغسل قبل شيء من صلواتها کذلك شرطیتها لمطلق الصلاة مقتضیة لصرفه إلی إرادة إیجاده کلّ یوم مقدمة لمطلق الصلوات الواقعة في ذلك الیوم فیجب تقدیمها علی الجمیع.

مندفعة بأنّ الإطلاق یدفع هذا الاحتمال و إلّا لزم تقییده بکونه أول النهار أو قبل الفجر مع أنّ الروایة مطلقة لا قید فیها لوقت خاص علی أنّه لایحتمل أن یکون غسل الثوب قبل صلاة الفجر موجب لتحصیل الطهارة لصلاة العشاء مع تنجس ثوبها في أثناء النهار و من هنا قلنا بلزوم الجمع بین الصلاتین لو أمکن إبقاء الطهارة لهما. و لذا ذکر العلامة في التذکرة احتمال وجوب ذلك إلّا أنّه مناف لإطلاق النص في الحدیث.

 

المصادر

    1. العروة الوثقی (عدة من الفقهاء، جامعة المدرسين)، الطباطبايي اليزدي السید محمد کاظم‌ بن عبد العظیم، المتوفي: ۱۳۳۷ ه.ق. جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم المقدسة، مؤسسة النشر الإسلامي، ۱۴۲۱ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.

    2. تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة، الحر العاملي المشغري محمد بن الحسن، المتوفي: ۱۱۰۴ ه.ق. مؤسسة آل البیت لاحیاء التراث بقم المقدسة، ۱۴۱۶ ه.ق. عدد الأجزاء: 30.

    3. مستمسك العروة الوثقی، الطباطبايي الحکیم السید محسن، المتوفي: ۱۳۹۰ ه.ق. دار التفسير بقم المقدسة، ۱۳۷۴ ه.ش. عدد الأجزاء: 14.

 


[1] العروة الوثقى، ج1، ص214.
[2] مُحَمَّدُ بْنُ‌ الْحَسَنِ‌ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ يَحْيَى عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ يَحْيَى الْمُعَاذِيِّ‌ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ خَالِدٍ عَنْ‌ سَيْفِ‌ بْنِ‌ عَمِيرَةَ‌ عَنْ‌ أَبِي حَفْصٍ‌ عَنْ‌ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ قَالَ‌: سُئِلَ‌ عَنِ‌ امْرَأَةٍ‌ لَيْسَ‌ لَهَا إِلاَّ قَمِيصٌ‌ وَ لَهَا مَوْلُودٌ فَيَبُولُ‌ عَلَيْهَا كَيْفَ‌ تَصْنَعُ‌؟ قَالَ:‌ تَغْسِلُ‌ الْقَمِيصَ‌ فِي الْيَوْمِ‌ مَرَّةً‌. وَ رَوَاهُ‌ اَلصَّدُوقُ‌ مُرْسَلاً وَ رَوَاهُ‌ فِي اَلْمُقْنِعِ‌ أَيْضاً مُرْسَلاً. وسائل الشیعة، الباب4 من أبواب النجاسات و الأواني و الجلود، ح1، ج3، ص399.
[3] مستمسك العروة الوثقی، ج1، ص588.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo