< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی أشرفي شاهرودي

44/04/21

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: فقه الطهارة- الصلاة فی النجس- العفو عن بعض النجاسات في الصلاة، ما لا تتمّ‌ فيه الصلاة من الأعیان النجسة.

 

الثالث ممّا يعفى عنه: ما لا تتمّ‌ فيه الصلاة من الملابس، كالقلنسوة و العرقچين و التكّة و الجورب و النعل و الخاتم و الخلخال و نحوها، بشرط أن لا يكون من الميتة و لا من أجزاء نجس العين كالكلب و أخويه، و المناط عدم إمكان الستر بلا علاج، فإن تعمّم أو تحزّم بمثل الدستمال ممّا لا يستر العورة بلا علاج، لكن يمكن الستر به بشدّة بحبل أو بجعله خرقاً لا مانع من الصلاة فيه، و أمّا مثل العمامة الملفوفة الّتي تستر العورة إذا فلت فلا يكون معفوّاً إلّا إذا خيطت بعد اللفّ‌ بحيث تصير مثل القلنسوة.[1]

قال الماتن «لا من أجزاء نجس ‌العین کالکلب و اخویه» یعنی أنّه لایعفی عن نجاسة ما لاتتمّ الصلاة فیه إذا کان من أجزاء نجس‌العین کالکلب و الخنزیر کما لایعفی عنه إذا کان من المیتة.

قد عرفت فی الأمس وجوه الجمع بین الأدلة المانعة فی الصلاة کالمیت و ما دلّ علی جواز نجاسة ما لاتتمّ الصلاة فیه و عرفت أنّ مختار سیدنا الأستاد فی الجمع أولاً العفو عن تنجس ما لاتتمّ الصلاة فیه و عدم العفو عن النجاسة الذاتیة فیما لاتتمّ الصلاة فیه فی المیت و العفو عما لم‌یثبت تذکیته بناءً علی عدم مساوقته للموت.

و الآن کلامنا فی ما إذا کان ما لاتتمّ الصلاة فیه کالخف و التکة و العرقجین من أجزاء النجس‌ العین کالکلب و قد منعه الماتن و ذکر سیدنا الحکیم[2] فی المستمسک بعد إثبات التعارض بین الأدلة فی نجاسة ما لاتتمّ الصلاة فیه: و لو أبيت عن إمكان الجمع العرفي بین الأدلة فی النجس الذاتی فیما لاتتمّ الصلاة فیه و الموثقة[3] ، فطرح الموثقة متعين. و من هذا يظهر لك وضوح استثناء ما كان من نجس العين، فإنه -مع أنه ميتة لعدم قبول نجس العين للتذكية- نجس أيضاً قبل الموت فأولى بالمانعية. انتهی.

و قد استشکل الأستاد[4] علی استدلال الحکیم فی مانعیة أجزاء نجس ‌العین

أولاً بأنّه لایعتبر الموت فی المنع من أجزاء نجس‌العین لأنّ الأجزاء المبانة من الحیّ کالشعر ایضاً داخل فی محل الکلام، فالدلیل أخصّ.

و ثانیاً أنّ الموت لاتؤثر فی نجاسة الأجزاء التی لاتحلّها الحیوة حتی یکون المنع من حیث کونها میتة فالقلنسوة المصنوعة من شعر الخنزیر –مثلاً– تکون داخلة فی محلّ الکلام ایضاً سواء کان من الخنزیر الحیّ أو المیت.

بل الصحیح هو الاستدلال بإطلاق ما دلّ علی مانعیة النجس عن الصلاة و دلیل العفو عمّا لاتتمّ الصلاة فیه کموثقة زرارة[5] «كُلُّ‌ مَا كَانَ‌ لاَ تَجُوزُ فِيهِ‌ الصَّلاَةُ‌ وَحْدَهُ‌ فَلاَ بَأْسَ‌ بِأَنْ‌ يَكُونَ‌ عَلَيْهِ‌ الشَّيْ‌ءُ‌ مِثْلُ‌ الْقَلَنْسُوَةِ‌ وَ التِّكَّةِ‌ وَ الْجَوْرَبِ‌.» لایشمل نجس‌العین لظهور قوله فیها (فلابأس بأن یکون علیه الشیء) فی النجاسة العرفیة دون الذاتیة.

ثم أنّه یمکن الاستدلال علی المنع عما لاتتمّ الصلاة فیه إذا کان من أجزاء الکلب و الخنزیر بما دلّ علی مانعیة أجزاء غیر المأکول لحمه ولو شعرة منه و إن لم‌یجر هذا الحکم فی أجزاء الکافر، لانصراف دلیل المنع فی أجزاء ما لایؤکل لحمه عن الانسان – کما ذکرنا ذلک قبل هذا الدرس– و دلیل العفو عما لاتتمّ الصلاة فیه لو فرضنا شموله لنجس ‌العین کالمتنجس وقعت المعارضة بین عموم دلیل العفو و هی موثقة زرارة المتقدمة «كُلُّ‌ مَا كَانَ‌ لاَ تَجُوزُ فِيهِ‌ الصَّلاَةُ‌ وَحْدَهُ‌ فَلاَ بَأْسَ‌ بِأَنْ‌ يَكُونَ‌ عَلَيْهِ‌ الشَّيْ‌ءُ‌ مِثْلُ‌ الْقَلَنْسُوَةِ‌ وَ التِّكَّةِ‌ وَ الْجَوْرَبِ‌.» و بین موثقة ابن‌ بکیر[6] «أَنَّ‌ الصَّلاَةَ‌ فِي وَبَرِ كُلِّ‌ شَيْ‌ءٍ‌ حَرَامٍ‌ أَكْلُهُ‌ فَالصَّلاَةُ‌ فِي وَبَرِهِ‌ وَ شَعْرِهِ‌ وَ جِلْدِهِ‌ وَ بَوْلِهِ‌ وَ رَوْثِهِ‌ وَ كُلِّ‌ شَيْ‌ءٍ‌ مِنْهُ‌ فَاسِدٌ» حیث أنّها تدلّ علی مانعیة کلّ جزء من أجزاء غیر المأکول لحمه و التعارض بالعموم من وجه مع دلالة کلّ من الموثقتین بلفظ «کلّ» و بعد التعارض و التساقط یکون المرجع عموم أدلة مانعیة النجس عن الصلاة.

ثم انّه ظهر بما ذکرنا حکم مانعیة سایر الموانع غیر النجاسة کالقلنسوة المنسوج من شعر الارنب أو التکة المنسوجة منه حیث أنّها و إن کانت طاهرة لکنّها ممنوعة فی الصلاة حسبما دلّت علیه موثقة ابن‌ بکیر و موثقة زرارة الدالة علی العفو عما لاتتمّ الصلاة فیه قاصرة الشمول عمّا دون المتنجس بظهور قوله فیها «كُلُّ‌ مَا كَانَ‌ لاَ تَجُوزُ فِيهِ‌ الصَّلاَةُ‌ وَحْدَهُ‌ فَلاَ بَأْسَ‌ بِأَنْ‌ يَكُونَ‌ عَلَيْهِ‌ الشَّيْ‌ءُ‌» فیما إذا تنجس ما لاتتمّ الصلاة فیه بسبب عروض النجاسة کما هو ظاهر قوله «فَلاَ بَأْسَ‌ بِأَنْ‌ يَكُونَ‌ عَلَيْهِ‌ الشَّيْ‌ءُ‌» فإنّه ظاهر فی عروض النجاسة فلایشمل نجس ‌العین کما لایشمل ما إذا کانت المانعیة من غیر جهة النجاسة بل من نفسه و لو لم‌یکن لباساً کأجزاء غیر المأکول لحمه لظهور قوله «فَالصَّلاَةُ‌ فِي وَبَرِهِ‌ وَ شَعْرِهِ‌ وَ جِلْدِهِ‌ وَ بَوْلِهِ‌ وَ رَوْثِهِ‌ وَ كُلِّ‌ شَيْ‌ءٍ‌ مِنْهُ‌ فَاسِدٌ» فی مانعیة نفس هذه الأجزاء من غیر المأکول لحمه و لایشمله دلیل العفو الناظر إلی العفو عن النجاسة و العجب أنّ الماتن لم‌یعترض له. إلّا أن یقال بأنّ هذا الفصل منقعد لموارد الاستثناء عن مانعیة النجاسة فقط دون سایر الموانع. نعم ورد الابریسم فی خبر الحلبی[7] فلو تمّ الاستدلال به ثم قلنا بتسریة العفو إلی سایر الموانع لکان الحکم بالعفو عن أجزاء ما لایؤکل لحمه إذا کان مما لاتتمّ الصلاة فیه وجیه.

المصادر

    1. العروة الوثقی (عدة من الفقهاء، جامعة المدرسين)، طب‌اطب‌ای‌ی ی‌زدی، الس‌ی‌د م‌ح‌م‌د ک‌اظم‌ بن عبد العظیم، المتوفی ۱۳۳۷ ه.ق. جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم، مؤسسة النشر الإسلامی، ۱۴۲۱ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.

    2. تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة، حر عاملی ال‌م‌ش‌غ‌ری، محمد بن حسن، المتوفی ۱۱۰۴ ه.ق. مؤسسة آل البیت لاحیاء التراث بقم، ۱۴۱۶ ه.ق. عدد الأجزاء: 30.

    3. مستمسک العروة الوثقی، ح‌ک‌ی‌م، السید محسن، المتوفی ۱۳۹۰ ه.ق. دار التفسير بقم، ۱۳۷۴ ه.ش. عدد الأجزاء: 14.

    4. فقه الشیعة (کتاب الطهارة)، الخوئی، السيد أبوالقاسم، المتوفی ۱۴۱۳ ه.ق. المحرر: الموسوی الخلخالی، السيد محمد مهدی، المتوفی: 1398ه.ش. مؤسسة الآفاق بقم، ۱۴۱۸ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.


[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج4، ص427، أبواب لباس المصلّی، باب38، ح3، ط آل البيت.. وَ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ سَعْدٍ عَنْ‌ أَبِي جَعْفَرٍ عَنِ‌ اَلْحُسَيْنِ‌ يَعْنِي ابْنَ‌ سَعِيدٍ عَنْ‌ فَضَالَةَ‌ عَنْ‌ أَبَانٍ‌ عَنْ‌ إِسْمَاعِيلَ‌ بْنِ‌ الْفَضْلِ‌ قَالَ‌: سَأَلْتُ‌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ عَنْ‌ لِبَاسِ‌ الْجُلُودِ وَ الْخِفَافِ‌ وَ النِّعَالِ‌ وَ الصَّلاَةِ‌ فِيهَا إِذَا لَمْ‌ تَكُنْ‌ مِنْ‌ أَرْضِ‌ الْمُصَلِّينَ‌ فَقَالَ:‌ أَمَّا النِّعَالُ‌ وَ الْخِفَافُ‌ فَلاَ بَأْسَ‌ بِهَا
[4] فقه الشيعة‌، ج4، ص359.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج3، ص455، أبواب النجاسات، باب31، ح1، ط آل البيت.. مُحَمَّدُ بْنُ‌ الْحَسَنِ‌ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ مَحْبُوبٍ‌ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ الْحُسَيْنِ‌ عَنْ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ أَسْبَاطٍ عَنْ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ عُقْبَةَ‌ عَنْ‌ زُرَارَةَ‌ عَنْ‌ أَحَدِهِمَا عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ‌ قَالَ‌: كُلُّ‌ مَا كَانَ‌ لاَ تَجُوزُ فِيهِ‌ الصَّلاَةُ‌ وَحْدَهُ‌ فَلاَ بَأْسَ‌ بِأَنْ‌ يَكُونَ‌ عَلَيْهِ‌ الشَّيْ‌ءُ‌ مِثْلُ‌ الْقَلَنْسُوَةِ‌ وَ التِّكَّةِ‌ وَ الْجَوْرَبِ‌
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج4، ص345، أبواب لباس المصلّی، باب2، ح1، ط آل البيت.. مُحَمَّدُ بْنُ‌ يَعْقُوبَ‌ عَنْ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ إِبْرَاهِيمَ‌ عَنْ‌ أَبِيهِ‌ عَنِ‌ اِبْنِ‌ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ‌ اِبْنِ‌ بُكَيْرٍ قَالَ:‌ سَأَلَ‌ زُرَارَةُ‌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ عَنِ‌ الصَّلاَةِ‌ فِي الثَّعَالِبِ‌ وَ الْفَنَكِ‌ وَ السِّنْجَابِ‌ وَ غَيْرِهِ‌ مِنَ‌ الْوَبَرِ فَأَخْرَجَ‌ كِتَاباً زَعَمَ‌ أَنَّهُ‌ إِمْلاَءُ‌ رَسُولِ‌ اللَّهِ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌ أَنَّ‌ الصَّلاَةَ‌ فِي وَبَرِ كُلِّ‌ شَيْ‌ءٍ‌ حَرَامٍ‌ أَكْلُهُ‌ فَالصَّلاَةُ‌ فِي وَبَرِهِ‌ وَ شَعْرِهِ‌ وَ جِلْدِهِ‌ وَ بَوْلِهِ‌ وَ رَوْثِهِ‌ وَ كُلِّ‌ شَيْ‌ءٍ‌ مِنْهُ‌ فَاسِدٌ لاَ تُقْبَلُ‌ تِلْكَ‌ الصَّلاَةُ‌ حَتَّى يُصَلِّيَ‌ فِي غَيْرِهِ‌ مِمَّا أَحَلَّ‌ اللَّهُ‌ أَكْلَهُ‌. ثُمَّ‌ قَالَ:‌ يَا زُرَارَةُ‌ هَذَا عَنْ‌ رَسُولِ‌ اللَّهِ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌، فَاحْفَظْ ذَلِكَ‌ يَا زُرَارَةُ‌ فَإِنْ‌ كَانَ‌ مِمَّا يُؤْكَلُ‌ لَحْمُهُ‌ فَالصَّلاَةُ‌ فِي وَبَرِهِ‌ وَ بَوْلِهِ‌ وَ شَعْرِهِ‌ وَ رَوْثِهِ‌ وَ أَلْبَانِهِ‌ وَ كُلِّ‌ شَيْ‌ءٍ‌ مِنْهُ‌ جَائِزٌ إِذَا عَلِمْتَ‌ أَنَّهُ‌ ذَكِيٌّ‌ قَدْ ذَكَّاهُ‌ الذَّبْحُ‌ وَ إِنْ‌ كَانَ‌ غَيْرَ ذَلِكَ‌ مِمَّا قَدْ نُهِيتَ‌ عَنْ‌ أَكْلِهِ‌ وَ حُرِّمَ‌ عَلَيْكَ‌ أَكْلُهُ‌ فَالصَّلاَةُ‌ فِي كُلِّ‌ شَيْ‌ءٍ‌ مِنْهُ‌ فَاسِدٌ ذَكَّاهُ‌ الذَّبْحُ‌ أَوْ لَمْ‌ يُذَكِّهِ‌
[7] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج4، ص376، أبواب لباس المصلّی، باب14، ح2، ط آل البيت.. مُحَمَّدُ بْنُ‌ الْحَسَنِ‌ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ سَعْدٍ عَنْ‌ مُوسَى بْنِ‌ الْحَسَنِ‌ عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ هِلاَلٍ‌ عَنِ‌ اِبْنِ‌ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ‌ حَمَّادٍ عَنِ‌ اَلْحَلَبِيِّ‌ عَنْ‌ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ قَالَ‌: كُلُّ‌ مَا لاَ تَجُوزُ الصَّلاَةُ‌ فِيهِ‌ وَحْدَهُ‌ فَلاَ بَأْسَ‌ بِالصَّلاَةِ‌ فِيهِ‌ مِثْلُ‌ التِّكَّةِ‌ الْإِبْرِيسَمِ‌ وَ الْقَلَنْسُوَةِ‌ وَ الْخُفِّ‌ وَ الزُّنَّارِ يَكُونُ‌ فِي السَّرَاوِيلِ‌ وَ يُصَلَّى فِيهِ‌

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo