< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی أشرفي شاهرودي

44/04/14

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: فقه الطهارة- الصلاة فی النجس- العفو عن بعض النجاسات في الصلاة، الدم الاقل من الدرهم، الدم المشکوک.

مسألة 3: إذا علم كون الدم أقلّ‌ من الدرهم، و شكّ‌ في أنّه من المستثنيات أم لا، يبني على العفو و أمّا إذا شكّ‌ في أنّه بقدر الدرهم أو أقلّ‌ فالأحوط عدم العفو إلّا أن يكون مسبوقاً بالأقلّيّة و شكّ‌ في زيادته.[1]

أقول: لایخفی أنّ السید الحکیم علی ما ذکره الماتن فی مسألة 3 من الفرق بین الشکّ فی کون الدم الأقلّ من الدرهم هل من قسم المعفی‌عنه فی الصلاة أم هو من المستثنیات فأفتی الماتن بالعفو و بین الشکّ فی أنّ الدم الواقع علی المصلّی بقدر الدرهم أو أقلّ فأفتی بالاحتیاط.

أورد علیه السید الحکیم[2] بقوله: لایظهر الفرق بین الفرعین فی جریان اصالة البرائة من مانعیة المشکوک المقتضیه للعفو ظاهراً ولکنّه یفترق الفرع الثانی عن الأول فی جریان الأصل الموضوعی و هو اصالة العدم الأزلی بأنّه یجری فی الفرع الأول -أعنی ما إذا شکّ فی کون الدم من القسم المعفو أو من المستثنیات- و لایجری فی الفرع الثانی المفروض فیه الشکّ بین الأقلّ من الدرهم أو أکثر، بأنّ زیادة الدم لیست من قبیل عوارض الوجود المسبوقة بالعدم الأزلی بل الزیادة منتزعة من نفس تکثر حصص الماهیة فهذه الکثرة کثرة قبل وجودها و بعده، لا أنّها قبل الوجود لا کثرة و بعد الوجود صارت کثرة. و قد أشرنا إلی ذلک فی مسألة الشکّ فی کرّیة الماء، فراجع.

و أورد علیه شیخنا الحلّی[3] بعدم الفرق بینه و بین قرشیة هذه المرأة إذ المرجع فی کثرة الدم ایضاً إلی اصالة عدم وجود الدم الکثیر فکلاهما من السابقة بانتفاء الموضوع. نعم لو کانت الکثرة من عوارض نفس الماهیة –کما فی زوجیة الأربعة– فحینئذ یتمّ هذا الإشکال. هذا مع أنّه إنّما یأتی ذلک فی کثرة المادة. و أما الکثرة من حیث المساحة و إن کانت المادة أقلّ من ذی المساحة القلیلة، بأن کانت مادة ذی‌ المساحة القلیلة أکثر من ذی‌ المساحة الکثیرة علی وجه لو بسطناها کانت أکثر بکثیر، فهذا لایکون من عوارض الماهیة قبل طرو الوجود بل هو إنّما یطرأ علیها بعد الوجود فلایقاس الکثرة فیما نحن فیه التی هی عبارة عن سعة المساحة و إن قلت المادة، علی الکثرة فی مسألة الکرّیة حتی لو حددنا بالمساحة، لأنّ تحدیدها بالمساحة یوجب کثرة المادة بخلاف المساحة هنا فإن کثرتها لاتوجب کثرة المادة. فتأمل.

ثم ذکر شیخنا الحلّی أنّه لایخفی أنّه مع إجراء الأصل فی الفرع الثانی -أعنی الشکّ فی زیادة الدم و قلّته- لایمکن التمسک بالعام -أی عموم العفو عن ما دون الدرهم من الدم- کما یمکن فی سایر المقامات فانه یکفی فی سایر المقامات نفی العنوان الخاص باستصحاب العدم الأزلی و لکن فی مقامنا من الواضح أنّ العفو من الدم معنون بعنوان خاص و هو الأقلّ من الدرهم و هذا العنوان الخاص لایمکن إحرازه باصالة عدم الکثرة. انتهی.

أقول: فاللازم الرجوع إلی ما أفاده سیدنا الأستاد الخوئی من أنّ کلا العنوانین -عنوان الأقلّ من الدرهم المقیّد بعنوان وجودی و عنوان عدم کون الدم بمقدار الدرهم أو الأزید- یجری فیه استصحاب العدم الأزلی فلامناص إلّا الرجوع إلی اصالة البرائة بعد تصدیق دعوی الأستاد و غیره من انحلال المانعیة بحسب کلّ فرد من أفراد الدم الزائد علی الدرهم أو البالغ حدّ الدرهم.

قال الماتن: «إلّا أن يكون مسبوقاً بالأقلّيّة و شكّ‌ في زيادته.» الوجه فیه واضح فإنّه یجری حینئذ استصحاب عدم زیادة الدم عن حدّه السابق و هو کونه أقلّ من الدرهم فیحکم بالعفو و لایجری لقاعدة الاشتغال.

مسألة 4: المتنجّس بالدم ليس كالدم في العفو عنه إذا كان أقلّ‌ من الدرهم.

حکی سیدنا الحکیم عن المنتهی و البیان و الذخیرة و غیرها لاختصاص دلیل العفو بالدم نفسه خلافاً لما عن الذکری و روض ‌الجنان و المعالم و المدارک بدعوی أنّ الفرع لایزید علی أصله و قد عرفت أنّها قاعدة استحسانیة.

مسألة 5: الدم الأقلّ‌ إذا أُزيل عينه فالظاهر بقاء حكمه.

کما عن شرح الموجز و النهایة و المدارک لاستصحاب العفو عنه الثابت له حال وجود الدم و أورد علیه فی المستمسک مع انّه من الاستصحاب التعلیقی؛ مبنی علی جواز الرجوع إلی الاستصحاب فی مثله لا عموم المنع عن الصلاة فی النجس مع أنّ التحقیق هو الرجوع إلی العام کما فی المقام، بل و لو کان فی الأثناء. انتهی.

توضیح ذلک: أما تقریب الاستصحاب التعلیقی فهو أن یقال: انّ الرجل لو صلّی فی هذا الثوب قبل زوال الدم کانت صلاته صحیحة و کذلک إذا صلّی بعد زوال العین و الاستصحاب التعلیقی مردود فی محله.

و أما العام فی المقام فهو منع الصلاة فی النجس و قد خصص هذا العام بما إذا کانت النجاسة هو الدم الأقلّ من الدرهم و المفروض عدم وجود الدم حینما أراد الدخول فی الصلاة فالمرجع هو عموم العام المانع من الصلاة فی النجس.

و أورد علیه الأستاد[4] بأنّ الاستصحاب تنجیزی لا تعلیقی لأنّ المستصحب هو جواز الصلاة فی الثوب جوازاً فعلیاً بمعنی عدم تقیید الصلاة بعدم هذا الثوب فإنّ المانعیة کما تکون فعلیة کذلک عدمها و لیس المستصحب صحة الصلاة لو صلّی فی الثوب المزبور کی یقال انّه تعلیقی.

و الوجه فی الصحة أمران آخران

أحدهما: الأولویة القطعیة بمعنی الفهم العرفی من دلیل العفو لأنّا نحتمل أن یکون بقاء عین الدم شرطاً فی صحة الصلاة و فی شرطیة العفو. بل ظاهر أدلة العفو سلب مانعیة الدم الأقلّ من الدرهم لا شرطیة بقاء عین الدم فی العفو.

ثانیهما: إطلاق صحیحة ابن ‌أبی ‌یعفور[5] المفروض فیها: «نُقَطُ الدَّمِ‌ لاَ يَعْلَمُ‌ بِهِ‌ ثُمَّ‌ يَعْلَمُ‌ فَيَنْسَى أَنْ‌ يَغْسِلَهُ‌ فَيُصَلِّي ثُمَّ‌ يَذْكُرُ بَعْدَ مَا صَلَّى أَ يُعِيدُ صَلاَتَهُ‌؟ قَالَ:‌ يَغْسِلُهُ‌ وَ لاَ يُعِيدُ صَلاَتَهُ‌ إِلاَّ أَنْ‌ يَكُونَ‌ مِقْدَارَ الدِّرْهَمِ‌ مُجْتَمِعاً فَيَغْسِلُهُ‌ وَ يُعِيدُ الصَّلاَةَ‌.» من دون تفصیل بین زوال العین قبل الصلاة بیبوسة و نحوها و عدم زوالها و ترک الاستفصال دلیل العموم.

المصادر

    1. العروة الوثقی (عدة من الفقهاء، جامعة المدرسين)، طب‌اطب‌ای‌ی ی‌زدی، الس‌ی‌د م‌ح‌م‌د ک‌اظم‌ بن عبد العظیم، المتوفی ۱۳۳۷ ه.ق. جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم، مؤسسة النشر الإسلامی، ۱۴۲۱ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.

    2. تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة، حر عاملی ال‌م‌ش‌غ‌ری، محمد بن حسن، المتوفی ۱۱۰۴ ه.ق. مؤسسة آل البیت لاحیاء التراث بقم، ۱۴۱۶ ه.ق. عدد الأجزاء: 30.

    3. مستمسک العروة الوثقی، ح‌ک‌ی‌م، السید محسن، المتوفی ۱۳۹۰ ه.ق. دار التفسير بقم، ۱۳۷۴ ه.ش. عدد الأجزاء: 14.

    4. فقه الشیعة (کتاب الطهارة)، الخوئی، السيد أبوالقاسم، المتوفی ۱۴۱۳ ه.ق. المحرر: الموسوی الخلخالی، السيد محمد مهدی، المتوفی: 1398ه.ش. مؤسسة الآفاق بقم، ۱۴۱۸ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.

    5. دلیل العروة الوثقی، حلی، حسین بن علی، المتوفی: ۱۳۹۴ ه.ق. المحرر: سعید، حسن، مطبعة النجف، عراق، ۱۳۳۸ ه.ش. عدد الأجزاء:


[1] العروة الوثقى، ج1، ص209.
[2] مستمسک العروة الوثقی، ج1، ص576.
[3] دلیل العروة الوثقی، ج2، ص291.
[4] فقه الشيعة‌، ج4، ص345.
[5] مُحَمَّدُ بْنُ‌ الْحَسَنِ‌ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنِ‌ اَلصَّفَّارِ عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ مُحَمَّدٍ عَنْ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ الْحَكَمِ‌ عَنْ‌ زِيَادِ بْنِ‌ أَبِي الْحَلاَّلِ‌ عَنْ‌ عَبْدِ اللَّهِ‌ بْنِ‌ أَبِي يَعْفُورٍ فِي حَدِيثٍ‌ قَالَ‌: قُلْتُ‌ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌: الرَّجُلُ‌ يَكُونُ‌ فِي ثَوْبِهِ‌ نُقَطُ الدَّمِ‌ لاَ يَعْلَمُ‌ بِهِ‌ ثُمَّ‌ يَعْلَمُ‌ فَيَنْسَى أَنْ‌ يَغْسِلَهُ‌ فَيُصَلِّي ثُمَّ‌ يَذْكُرُ بَعْدَ مَا صَلَّى أَ يُعِيدُ صَلاَتَهُ‌؟ قَالَ:‌ يَغْسِلُهُ‌ وَ لاَ يُعِيدُ صَلاَتَهُ‌ إِلاَّ أَنْ‌ يَكُونَ‌ مِقْدَارَ الدِّرْهَمِ‌ مُجْتَمِعاً فَيَغْسِلُهُ‌ وَ يُعِيدُ الصَّلاَةَ‌. وسائل‌الشیعة، باب20 من أبواب النجاسات و الاوانی و الجلود، ح1، ج3، ص430.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo