< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی أشرفي شاهرودي

44/04/07

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: فقه الطهارة- الصلاة فی النجس- العفو عن بعض النجاسات في الصلاة، الدم الاقل من الدرهم، تفشّی الدم من أحد طرفی الثوب إلى الآخر.

 

قال الماتن: إذا تفشّي من أحد طرفي الثوب إلى الآخر فدم واحد و المناط في ملاحظة الدرهم أوسع الطرفين، نعم لو كان الثوب طبقات فتفشّى من طبقة إلى أُخرى فالظاهر التعدّد و إن كانتا من قبيل الظهارة و البطانة، كما أنّه لو وصل إلى الطرف الآخر دم آخر لا بالتفشّي يحكم عليه بالتعدّد و إن لم يكن طبقتين.[1]

أقول: لو قلنا بأنّ المدار فی الدرهم المعفو علی الوزن فالأمر فی هذه الفروع واضح لأنّ المدار فی العفو علی الدم الذی لم‌یکن وزنه درهماً سواء أصاب نقاط مختلفة من الثوب أو نقطة واحدة و سواء تفشی إلی جانب آخر و کان الجانبان طبقتین أم لم‌یکن کذلک.

و أما علی المشهور الذی أرید من الدرهم مساحة الدرهم فالظاهر إیضاً کون المدار علی وجود الدم الذی أصاب الرجل أو لباسه سواء أصاب نقطة واحدة منه أو نقاط متعددة بشرط کون مجموع النقاط بمقدار الدرهم فی عدم العفو أو الأقلّ منه فی ثبوت العفو علی ما تقدم.

و أما کون الدم واحداً -کما یظهر من کلمات بعض الشارحین- فلا أری له وجهاً بعد ما تقدم من حکم الدماء المتفرقة فی البدن أو الثوب، بل المدار علی کون الدم الثابت علی البدن أو اللباس واحداً فی نظر العرف و بالغاً إلی مساحة الدرهم. هذا جانب من الکلام.

و الجانب الآخر انّ الدم جوهر له أبعاد ثلاثة و لیس بعرَض کاللون فإذا أصاب ثوب الإنسان فلامحالة ینفذ فیما إذا کان ما أصابه قابلاً للنفوذ فإذا کان الثوب مثل البدن غیر قابل للنفوذ فلامحالة یتفشی إلی جوانب نقطة الملاقات فیصیر سطح الملوّث بالدم عریضاً بقدر مساحة الدرهم أو أکثر بخلاف ما إذا کان الثوب رقیقاً فإنّه لاینتشر الدم إلی الأطراف بل ینفذ فی الثوب و قد یخرج من جانبه الآخر حتی لاتصیر نقطة الملاقات بمقدار الدرهم و قد یکون موجباً لانتشار الدم إلی أطراف الثوب ظاهره و باطنه و إذا تفشی إلی الباطن قد یلاقی مع ثوب آخر ملبوس علی بدن المصلّی و قد لاینفذ إلی ثوب آخر لثخونة اللباس بل ینفذ إلی باطنه مع کون السطح الظاهری من اللباس أقلّ من الدرهم.

فحینئذ یسأل عما هو المدار فی المانعیة عن الصلاة هل هو الدم بما له من الوجود الواقع علی بدن المصلّی أو لباسه أو کون المدار علی ما یظهر من وجود الدم و لوثه الأحمر الواقع علی المصلّی أو بدنه فعلی الأول لایضرّ إصابة مقدار الدم غیر البالغ حدّ الدرهم إذا أصاب ثوب الرجل و خرج من جانبه الآخر علی الأرض و کان السطح الملوّث بالدم أقلّ من الدرهم و علی الثانی یکون المدار بمجموع السطوح التی لاقاها الدم من ظاهر اللباس و باطنه کالبطانة أو طبقات اللباس أو حشوه من القطن أو الصوف أو غیرهما و الظاهر کون المدار علی نفس الدم الواقع علی الثوب.

ثم انّ سید الأستاد[2] ذکر فی تفصیل المسألة الأولی انّها مشتملة علی فروع:

أحدها: انّه لو تفشی الدم الواحد من أحد الطرفی الثوب إلی الآخر مع وحدة الدم فالحکم ظاهر لأنّه دم واحد و له سطحان أحدهما فوق الثوب و هو المرئی و الآخر تحت الثوب و هو مرئی إن کان الثوب رقیقاً و غیر مرئی إن کان الثوب ثخیناً و لم‌یتفش من الطرف الآخر. فما عن بعضهم کالذکری و البیان من القول بتعدد الدم فی صورة التفشی لا وجه له. نعم العبرة فی العفو و عدمه بأوسع الطرفین لصدق سعة الدم بمقدار المتفشی إلیه من سعة الدرهم و عدمها.

الفرع الثانی: أن یتفشی إلی الطرف الآخر فی ثوب ذی طبقات و لو کانت من قبیل الظهار و البطانة أو کان الثوب محشواً بالقطن و نحوه ففی مثله یعد دمان لصدق التعدد عرفاً. فلو کان المجموع بمقدار الدرهم أو أکثر تجب إزالته علی ما هو الصحیح من کفایة الاجتماع التقدیری.

أقول: هذا مناف لما أفاده الأستاد من لزوم رعایة کلّ لباس بوحده.

الفرع الثالث: أن یصل إلی کلّ من الطرفین دم غیر ما یصل إلی الطرف الآخر فحکم الماتن هنا بالتعدد و إن لم یکن الثوب طبقتین و تنظر فیه سید الأستاد فقال بأنّه إذا لم‌یتصل أحد الدمین بالآخر فیعد متعدداً لصدقه عرفاً کما إذا کان الثوب ثخیناً أو مانعاً عن السرایة من أحد الطرفین إلی آخر کالنایلون المصنوع فی عصرنا. و أما إذا اتصل أحدهما بالآخر فالحکم بالتعدد مشکل لصدق الوحدة عرفاً بل حقیقة لأنّ الاتصال مساوق للوحدة فیکون من قبیل وقوع قطرة من الدم علی قطرة أخری منه و تنجس الثوب بمجموعهما فإنّهما بعد المزج یعد دماً واحداً.

فذلکة من بحث عفو الدم الاقل من الدرهم إذا کان من غیر المأکول لحمه: قلنا فی ما مضی انّ جهة العفو فی الدم الأقلّ من الدرهم هو الدم بما هو دم نجس و أما عنوان ما لایؤکل لحمه فهو عنوان آخر مانع من الصلاة بأیّ جزء من غیر المأکول و إن کان شعره أو روثاً منه و من تلک الموانع دمه حیث أنّه جزء مما لایؤکل لحمه. و قد ورد فی موثقة ابن بکیر[3] «أَنَّ‌ الصَّلاَةَ‌ فِي وَبَرِ كُلِّ‌ شَيْ‌ءٍ‌ حَرَامٍ‌ أَكْلُهُ‌ فَالصَّلاَةُ‌ فِي وَبَرِهِ‌ وَ شَعْرِهِ‌ وَ جِلْدِهِ‌ وَ بَوْلِهِ‌ وَ رَوْثِهِ‌ وَ كُلِّ‌ شَيْ‌ءٍ‌ مِنْهُ‌ فَاسِدٌ لاَ تُقْبَلُ‌ تِلْكَ‌ الصَّلاَةُ‌ حَتَّى يُصَلِّيَ‌ فِي غَيْرِهِ‌ مِمَّا أَحَلَّ‌ اللَّهُ‌ أَكْلَهُ‌.» لکن ذکر المحقق الهمدانی[4] انّ الموثقة لاتشمل الدم رأساً و ذلک لضعف ظهورها في إرادة الدم من عموم «كلّ شي‌ء» بل عدم ظهوره فيه، فإنّ سياقها يشهد بأنّ المراد بعموم «كلّ شي‌ء» هو الأشياء التي يكون المنع من الصلاة فيها ناشئا من حرمة الأكل بحيث لو كان حلال الأكل لكانت الصلاة فيها جائزة ، فمثل الدم والمني خارج ممّا أريد بهذا العامّ. لأنّ الصلاة فیها غیر جائز حتی من محلّل‌ الأکل لأجل نجاستها. و هذا بخلاف الصوف و الشعر من محلل الأکل فان الصلاة فیها جائزة من محلل الاکل و غیر جائزة من محرم الاکل فالمرجع عموم دلیل العفو عما لایقلّ من الدرهم حتی من غیر مأکول ‌اللحم و بعبارة أخری لاتکون الموثقة ناظرةً إلی ما هو مشترک ‌المنع فی المحرم أکله و محلّل‌ الأکل لأجل النجاسة کالدم و المنی لأنّ المقابلة بینهما لاتقتضی الفرق فی المانعیة بین القسمین.

وجه الدفع: أنّ المقابلة بین المحلّل و المحرم‌ الأکل لاتقتضی خروج الدم عن تحت الموثقة و إلّا لزم القول بجواز الصلاة فی الدم الطاهر من محرم‌ الأکل کالمتخلف فی ذبیحته بناءً علی طهارته منها او القول بالمنع فیه و الجواز فی دمه النجس إذا کان أقلّ من الدرهم بل یلزم القول بجواز الصلاة فی دمه النجس ایضاً إذا کان محمولاً أو فیما لاتتمّ الصلاة فیه لعدم المانعیة من جهة النجاسة علی ما یروم به المحقق ‌الهمدانی فی تفسیر الموثقة و هذا مما لا یمکن الالتزام به لأنّ ما لا یحلّ أکله مانع عن الصلاة بجمیع أجزائه و فضلاته الطاهرة أو النجسة.

المصادر

    1. العروة الوثقی (عدة من الفقهاء، جامعة المدرسين)، طب‌اطب‌ای‌ی ی‌زدی، الس‌ی‌د م‌ح‌م‌د ک‌اظم‌ بن عبد العظیم، المتوفی ۱۳۳۷ ه.ق. جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم، مؤسسة النشر الإسلامی، ۱۴۲۱ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.

    2. تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة، حر عاملی ال‌م‌ش‌غ‌ری، محمد بن حسن، المتوفی ۱۱۰۴ ه.ق. مؤسسة آل البیت لاحیاء التراث بقم، ۱۴۱۶ ه.ق. عدد الأجزاء: 30.

    3. فقه الشیعة (کتاب الطهارة)، الخوئی، السيد أبوالقاسم، المتوفی ۱۴۱۳ ه.ق. المحرر: الموسوی الخلخالی، السيد محمد مهدی، المتوفی: 1398ه.ش. مؤسسة الآفاق بقم، ۱۴۱۸ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.

    4. مصباح الفقیه، الهمدانی، رضا بن محمد هادی، المتوفی: ۱۳۲۲ ه.ق. المؤسسة‌ الجعفریة‌ لأحیا‌ء التراث‌ بقم، ۱۳۷۶ ه.ش. عدد الأجزاء: 14.

 


[1] العروة الوثقى، ج1، ص207.
[2] فقه الشيعة‌، ج4، ص336.
[3] مُحَمَّدُ بْنُ‌ يَعْقُوبَ‌ عَنْ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ إِبْرَاهِيمَ‌ عَنْ‌ أَبِيهِ‌ عَنِ‌ اِبْنِ‌ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ‌ اِبْنِ‌ بُكَيْرٍ قَالَ‌ سَأَلَ‌ زُرَارَةُ‌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌: عَنِ‌ الصَّلاَةِ‌ فِي الثَّعَالِبِ‌ وَ الْفَنَكِ‌ وَ السِّنْجَابِ‌ وَ غَيْرِهِ‌ مِنَ‌ الْوَبَرِ فَأَخْرَجَ‌ كِتَاباً زَعَمَ‌ أَنَّهُ‌ إِمْلاَءُ‌ رَسُولِ‌ اللَّهِ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌ أَنَّ‌ الصَّلاَةَ‌ فِي وَبَرِ كُلِّ‌ شَيْ‌ءٍ‌ حَرَامٍ‌ أَكْلُهُ‌ فَالصَّلاَةُ‌ فِي وَبَرِهِ‌ وَ شَعْرِهِ‌ وَ جِلْدِهِ‌ وَ بَوْلِهِ‌ وَ رَوْثِهِ‌ وَ كُلِّ‌ شَيْ‌ءٍ‌ مِنْهُ‌ فَاسِدٌ لاَ تُقْبَلُ‌ تِلْكَ‌ الصَّلاَةُ‌ حَتَّى يُصَلِّيَ‌ فِي غَيْرِهِ‌ مِمَّا أَحَلَّ‌ اللَّهُ‌ أَكْلَهُ‌. ثُمَّ‌ قَالَ:‌ يَا زُرَارَةُ‌ هَذَا عَنْ‌ رَسُولِ‌ اللَّهِ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌، فَاحْفَظْ ذَلِكَ‌ يَا زُرَارَةُ‌ فَإِنْ‌ كَانَ‌ مِمَّا يُؤْكَلُ‌ لَحْمُهُ‌ فَالصَّلاَةُ‌ فِي وَبَرِهِ‌ وَ بَوْلِهِ‌ وَ شَعْرِهِ‌ وَ رَوْثِهِ‌ وَ أَلْبَانِهِ‌ وَ كُلِّ‌ شَيْ‌ءٍ‌ مِنْهُ‌ جَائِزٌ إِذَا عَلِمْتَ‌ أَنَّهُ‌ ذَكِيٌّ‌ قَدْ ذَكَّاهُ‌ الذَّبْحُ‌ وَ إِنْ‌ كَانَ‌ غَيْرَ ذَلِكَ‌ مِمَّا قَدْ نُهِيتَ‌ عَنْ‌ أَكْلِهِ‌ وَ حُرِّمَ‌ عَلَيْكَ‌ أَكْلُهُ‌ فَالصَّلاَةُ‌ فِي كُلِّ‌ شَيْ‌ءٍ‌ مِنْهُ‌ فَاسِدٌ ذَكَّاهُ‌ الذَّبْحُ‌ أَوْ لَمْ‌ يُذَكِّهِ‌. وسائل الشیعة، باب2 من أبواب لباس المصلّی، ح1، ج4، ص345.
[4] مصباح الفقیه، ج8، ص95.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo