< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی أشرفي شاهرودي

44/04/05

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الصلاة فی النجس/ العفو عن بعض النجاسات في الصلاة/ الدم المتفرق الذی مجموعه یبلغ مقدار الدرهم.

 

الثاني ممّا يعفى عنه في الصلاة الدم الأقلّ‌ من الدرهم، سواء كان في البدن أو اللباس، من نفسه أو غيره عدا الدماء الثلاثة من الحيض و النفاس و الاستحاضة أو من نجس العين أو الميتة بل أو غير المأكول ممّا عدا الإنسان على الأحوط بل لا يخلو عن قوّة. و إذا كان متفرّقاً في البدن أو اللباس أو فيهما و كان المجموع بقدر الدرهم فالأحوط عدم العفو و المناط سعة الدرهم لا وزنه، و حدّه سعة أخمص الراحة، و لما حدّه بعضهم بسعة عقد الإبهام من اليد، و آخر بعقد الوسطى، و آخر بعقد السبّابة فالأحوط الاقتصار على الأقلّ‌ و هو الأخير.[1]

عدم عفو الدم المتفرق الذی مجموعه یبلغ مقدار الدرهم من کلام الشیخ حسین الحلی

أفاد شیخنا الحلی فی إثبات عدم العفو عما إذا کان الدماء المتفرقة بمقدار الدرهم أو مازاد

أولاً: بأنّ الذوق لایری فرقاً بین ما کان الدم مجتمعاً بمقدار الدرهم أو أزید و ما کان الدم متفرقاً کذلک سیّما إذا کان الفاصلة بین النقاط قلیلاً.

ثانیاً: لشمول إطلاق و ما زاد علی الدرهم فاغسله و لا تصلّ فیه[2] بل هو مفهوم قوله «مَا لَمْ‌ يَزِدْ عَلَى مِقْدَارِ الدِّرْهَمِ‌»[3] إذ لایفرق فی ما زاد بین اجتماع الدم و افتراقه فی اللباس.

ثالثاً: أنّ الضمیر فی قوله فی صحیحة ابن أبی یعفور[4] «إِلاَّ أَنْ‌ يَكُونَ‌ مِقْدَارَ الدِّرْهَمِ‌ مُجْتَمِعاً فَيَغْسِلُهُ‌ وَ يُعِيدُ الصَّلاَةَ‌.» و کذا فی قوله فی المرسلة[5] «مَا لَمْ‌ يَكُنْ‌ مُجْتَمِعاً قَدْرَ الدِّرْهَمِ‌» راجع الی الدم المفروض کونه متفرقاً و علیه لابد أن یکون المراد من کونه مجتمعاً هو الفرض و التقدیر بمعنی أنّ هذا الدم الذی انتشر فی الثوب لو اجتمع کان بمقدار الدرهم یکون مبطلاً للصلاة و لیس مرجع ضمیر اسم «یکون» مطلق الدم حتی یکون الدم المحکوم علیه بالبطلان غیر الدم المسئول عنه حتی یکون الاستثناء منقطعاً فإنّه حینئذ یکون الدم المحکوم علیه بالبطلان هو غیر الدم المسئول عنه.

نعم قد یأتی اشکال الاستثناء المنقطع فی المرسل لعدم وجود الاستثناء فیه بل الظاهر أن یکون مفاده الاشتراط أعنی اشتراط العفو بما إذا لم یکن الدم المتفرق بمقدار الدرهم لو فرض اجتماعه و علیه یکون قوله: «مجتمعاً» فی کلا الخبرین «حال» لا «خبر بعد خبر» فی الصحیحة و لا «خبر أولاً» فی المرسل بل هو من قبیل الحال من الضمیر المستتر فی «یکون» العائد إلی الدم المتفرق.

قال السید الماتن: «و إذا كان متفرّقاً في البدن أو اللباس أو فيهما و كان المجموع بقدر الدرهم فالأحوط عدم العفو»

ثم أنّ سیدنا الأستاد لم‌یرتض بوحدة حکم الدم المتفرق فی الثوب فقط أو البدن فقط مع فرض تفرقه فی الثوب و البدن معاً أو فی أثواب ملبوسة متعددة علی المصلّی فحکم بالعفو فی الأخیر مستدلاً بأنّ الأخبار الواردة فی المسألة إنّما موردها الثوب و قد دلّت علی أنّ الدم الکائن فیه إذا کان بمقدار الدرهم فما زاد مجتمعاً بالفعل أو بالتقدیر وجبت إزالته. و إذا کان أقلّ من ذلک یعفی عنه فی الصلاة. فإذا فرضنا أنّ الدم فی کلّ واحد من الأثواب أقلّ من الدرهم، فهو موضوع مستقل للعفو و تشمله أدلته، إذ یصدق أنّه ثوب و الدم الکائن فیه أقلّ من الدرهم. و کذلک الحال فی الثوب الثانی و الثالث فإنّ مقتضی إطلاق الروایات عدم الفرق فی العفو بین تعدد الثوب و وحدته و لا دلیل علی أنّ مجموع ما فی الأثواب المتعددة إذا کان بقدر الدرهم یکون مانعاً عن الصلاة. و بالجملة مع تعدد الثیاب یکون کلّ واحد منها مشمولاً لأدلة العفو. و أما إذا کان بعضها فی الثوب و بعضها فی البدن و کان المجموع بقدر الدرهم فمازاد ذکر فی التنقیح أنّ حکمهما واحد و فی تقریر سیدنا الخلخالی نقل عن الأستاد: انّ لکلّ من الثیاب و البدن حکم بانفراده.

أقول: الظاهر عدم القائل بهذه المقالة فإنّ المتفاهم عرفاً جنس اللباس و الثیاب لا إرادة واحد منه ثم أنّه علی تقدیر إجمال الصحیحة و المرسلة بالنسبة إلی الدماء المتفرقة البالغة حدّ الدرهم یکون المرجع عموم أدلة مانعیة الدم أو النجس فی الصلاة کما فی صحیحة زرارة: «قُلْتُ‌: أَصَابَ‌ ثَوْبِي دَمُ‌ رُعَافٍ‌ أَوْ غَيْرِهِ‌ أَوْ شَيْ‌ءٌ‌ مِنْ‌ مَنِيٍّ‌ فَعَلَّمْتُ‌ أَثَرَهُ‌ إِلَى أَنْ‌ أُصِيبَ‌ لَهُ‌ الْمَاءَ‌ فَأَصَبْتُ‌ وَ حَضَرَتِ‌ الصَّلاَةُ‌ وَ نَسِيتُ‌ أَنَّ‌ بِثَوْبِي شَيْئاً وَ صَلَّيْتُ‌ ثُمَّ‌ إِنِّي ذَكَرْتُ‌ بَعْدَ ذَلِكَ‌. قَالَ:‌ تُعِيدُ الصَّلاَةَ‌ وَ تَغْسِلُهُ‌»[6] فإنّها تدلّ علی بطلان الصلاة إذا کانت مع الدم أو مطلق النجاسة. و مقتضی إطلاقها عدم الفرق بین کون الدم أقلّ من الدرهم أو أکثر أو بمقداره. و لا ینافیها ما دلّت علی وجوب الإتمام لو علم بالنجاسة فی أثناء الصلاة للزوم حملها علی صورة عدم العلم بوقوع الأجزاء السابقة فی النجس لاحتمال حدوثها فی الأثناء کما فی موثقة داود بن سرحان «فِي الرَّجُلِ‌ يُصَلِّي فَأَبْصَرَ فِي ثَوْبِهِ‌ دَماً قَالَ‌ يُتِمُّ‌[7] حیث أنّ إطلاقها یقتضی صحة الصلاة و إن کانت النجاسة الحادثة من قبل الرؤیة. و مقتضی الجمع؛ الفرق بین ما إذا علم بها قبل الصلاة ثم نسی و ما إذا علم بها فی الأثناء. فلا تجب فی المانعیة و إن کانت النجاسة من قبل.

المصادر

    1. العروة الوثقی (عدة من الفقهاء، جامعة المدرسين)، طب‌اطب‌ای‌ی ی‌زدی، الس‌ی‌د م‌ح‌م‌د ک‌اظم‌ بن عبد العظیم، المتوفی ۱۳۳۷ ه.ق. جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم، مؤسسة النشر الإسلامی، ۱۴۲۱ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.

    2. تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة، حر عاملی ال‌م‌ش‌غ‌ری، محمد بن حسن، المتوفی ۱۱۰۴ ه.ق. مؤسسة آل البیت لاحیاء التراث بقم، ۱۴۱۶ ه.ق. عدد الأجزاء: 30.


[1] العروة الوثقى، ج1، ص206.
[2] وَ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ مَحْبُوبٍ‌ عَنِ‌ اَلْحُسَيْنِ‌ بْنِ‌ الْحَسَنِ‌ عَنْ‌ جَعْفَرِ بْنِ‌ بَشِيرٍ عَنْ‌ إِسْمَاعِيلَ‌ الْجُعْفِيِّ‌ عَنْ‌ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِما السَّلاَمُ‌ قَالَ‌: فِي الدَّمِ‌ يَكُونُ‌ فِي الثَّوْبِ‌ إِنْ‌ كَانَ‌ أَقَلَّ‌ مِنْ‌ قَدْرِ الدِّرْهَمِ‌ فَلاَ يُعِيدُ الصَّلاَةَ‌ وَ إِنْ‌ كَانَ‌ أَكْثَرَ مِنْ‌ قَدْرِ الدِّرْهَمِ‌ وَ كَانَ‌ رَآهُ‌ فَلَمْ‌ يَغْسِلْهُ‌ حَتَّى صَلَّى فَلْيُعِدْ صَلاَتَهُ‌ وَ إِنْ‌ لَمْ‌ يَكُنْ‌ رَآهُ‌ حَتَّى صَلَّى فَلاَ يُعِيدُ الصَّلاَةَ‌. وسائل‌الشیعة، باب20 من أبواب النجاسات و الاوانی و الجلود، ح2، ج3، ص430.
[3] مُحَمَّدُ بْنُ‌ يَعْقُوبَ‌ عَنْ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ إِبْرَاهِيمَ‌ عَنْ‌ أَبِيهِ‌ عَنْ‌ حَمَّادٍ عَنْ‌ حَرِيزٍ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ مُسْلِمٍ‌ قَالَ‌: قُلْتُ‌ لَهُ‌: الدَّمُ‌ يَكُونُ‌ فِي الثَّوْبِ‌ عَلَيَّ‌ وَ أَنَا فِي الصَّلاَةِ‌ قَالَ‌ إِنْ‌ رَأَيْتَهُ‌ وَ عَلَيْكَ‌ ثَوْبٌ‌ غَيْرُهُ‌ فَاطْرَحْهُ‌ وَ صَلِّ‌ وَ إِنْ‌ لَمْ‌ يَكُنْ‌ عَلَيْكَ‌ ثَوْبٌ‌ غَيْرُهُ‌ فَامْضِ‌ فِي صَلاَتِكَ‌ وَ لاَ إِعَادَةَ‌ عَلَيْكَ‌ مَا لَمْ‌ يَزِدْ عَلَى مِقْدَارِ الدِّرْهَمِ‌ وَ مَا كَانَ‌ أَقَلَّ‌ مِنْ‌ ذَلِكَ‌ فَلَيْسَ‌ بِشَيْ‌ءٍ‌ رَأَيْتَهُ‌ قَبْلُ‌ أَوْ لَمْ‌ تَرَهُ‌ وَ إِذَا كُنْتَ‌ قَدْ رَأَيْتَهُ‌ وَ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ‌ مِقْدَارِ الدِّرْهَمِ‌ فَضَيَّعْتَ‌ غَسْلَهُ‌ وَ صَلَّيْتَ‌ فِيهِ‌ صَلاَةً‌ كَثِيرَةً‌ فَأَعِدْ مَا صَلَّيْتَ‌ فِيهِ‌. الباب، ح6.
[4] مُحَمَّدُ بْنُ‌ الْحَسَنِ‌ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنِ‌ اَلصَّفَّارِ عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ مُحَمَّدٍ عَنْ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ الْحَكَمِ‌ عَنْ‌ زِيَادِ بْنِ‌ أَبِي الْحَلاَّلِ‌ عَنْ‌ عَبْدِ اللَّهِ‌ بْنِ‌ أَبِي يَعْفُورٍ فِي حَدِيثٍ‌ قَالَ‌: قُلْتُ‌ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌: الرَّجُلُ‌ يَكُونُ‌ فِي ثَوْبِهِ‌ نُقَطُ الدَّمِ‌ لاَ يَعْلَمُ‌ بِهِ‌ ثُمَّ‌ يَعْلَمُ‌ فَيَنْسَى أَنْ‌ يَغْسِلَهُ‌ فَيُصَلِّي ثُمَّ‌ يَذْكُرُ بَعْدَ مَا صَلَّى أَ يُعِيدُ صَلاَتَهُ‌؟ قَالَ:‌ يَغْسِلُهُ‌ وَ لاَ يُعِيدُ صَلاَتَهُ‌ إِلاَّ أَنْ‌ يَكُونَ‌ مِقْدَارَ الدِّرْهَمِ‌ مُجْتَمِعاً فَيَغْسِلُهُ‌ وَ يُعِيدُ الصَّلاَةَ‌. الباب، ح1.
[5] وَ عَنِ‌ اَلْمُفِيدِ عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ مُحَمَّدٍ عَنْ‌ أَبِيهِ‌ عَنْ‌ سَعْدِ بْنِ‌ عَبْدِ اللَّهِ‌ عَنْ‌ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ حَدِيدٍ عَنْ‌ جَمِيلِ‌ بْنِ‌ دَرَّاجٍ‌ عَنْ‌ بَعْضِ‌ أَصْحَابِنَا عَنْ‌ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِما السَّلاَمُ‌ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ أَنَّهُمَا قَالاَ: لاَ بَأْسَ‌ بِأَنْ‌ يُصَلِّيَ‌ الرَّجُلُ‌ فِي الثَّوْبِ‌ وَ فِيهِ‌ الدَّمُ‌ مُتَفَرِّقاً شِبْهَ‌ النَّضْحِ‌ وَ إِنْ‌ كَانَ‌ قَدْ رَآهُ‌ صَاحِبُهُ‌ قَبْلَ‌ ذَلِكَ‌ فَلاَ بَأْسَ‌ بِهِ‌ مَا لَمْ‌ يَكُنْ‌ مُجْتَمِعاً قَدْرَ الدِّرْهَمِ‌. الباب، ح4.
[6] وَ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنِ‌ اَلْحُسَيْنِ‌ بْنِ‌ سَعِيدٍ عَنْ‌ حَمَّادٍ عَنْ‌ حَرِيزٍ عَنْ‌ زُرَارَةَ‌ قَالَ‌: قُلْتُ‌: أَصَابَ‌ ثَوْبِي دَمُ‌ رُعَافٍ‌ أَوْ غَيْرِهِ‌ أَوْ شَيْ‌ءٌ‌ مِنْ‌ مَنِيٍّ‌ فَعَلَّمْتُ‌ أَثَرَهُ‌ إِلَى أَنْ‌ أُصِيبَ‌ لَهُ‌ الْمَاءَ‌ فَأَصَبْتُ‌ وَ حَضَرَتِ‌ الصَّلاَةُ‌ وَ نَسِيتُ‌ أَنَّ‌ بِثَوْبِي شَيْئاً وَ صَلَّيْتُ‌ ثُمَّ‌ إِنِّي ذَكَرْتُ‌ بَعْدَ ذَلِكَ‌. قَالَ:‌ تُعِيدُ الصَّلاَةَ‌ وَ تَغْسِلُهُ‌ قُلْتُ‌ فَإِنِّي لَمْ‌ أَكُنْ‌ رَأَيْتُ‌ مَوْضِعَهُ‌ وَ عَلِمْتُ‌ أَنَّهُ‌ أَصَابَهُ‌ فَطَلَبْتُهُ‌ فَلَمْ‌ أَقْدِرْ عَلَيْهِ‌ فَلَمَّا صَلَّيْتُ‌ وَجَدْتُهُ‌ قَالَ‌ تَغْسِلُهُ‌ وَ تُعِيدُ. اَلْحَدِيثَ‌. وسائل‌الشیعة، باب42 من أبواب النجاسات و الاوانی و الجلود، ح2، ج3، ص479.
[7] وَ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ مَحْبُوبٍ‌ عَنِ‌ اَلْحَسَنِ‌ بْنِ‌ عَلِيٍّ‌ يَعْنِي ابْنَ‌ عَبْدِ اللَّهِ‌ عَنِ‌ اَلْحَسَنِ‌ بْنِ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ فَضَّالٍ‌ عَنْ‌ دَاوُدَ بْنِ‌ سِرْحَانَ‌ عَنْ‌ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌: فِي الرَّجُلِ‌ يُصَلِّي فَأَبْصَرَ فِي ثَوْبِهِ‌ دَماً قَالَ‌ يُتِمُّ‌. وسائل‌الشیعة، باب44 من أبواب النجاسات و الاوانی و الجلود، ح2، ج3، ص483.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo