< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی أشرفي شاهرودي

44/03/28

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الصلاة فی النجس/ العفو عن بعض النجاسات في الصلاة/ الدماء الثلاثة/ دم نجس العین

 

الثاني ممّا يعفى عنه في الصلاة الدم الأقلّ‌ من الدرهم، سواء كان في البدن أو اللباس، من نفسه أو غيره عدا الدماء الثلاثة من الحيض و النفاس و الاستحاضة أو من نجس العين أو الميتة بل أو غير المأكول ممّا عدا الإنسان على الأحوط بل لا يخلو عن قوّة. و إذا كان متفرّقاً في البدن أو اللباس أو فيهما و كان المجموع بقدر الدرهم فالأحوط عدم العفو و المناط سعة الدرهم لا وزنه، و حدّه سعة أخمص الراحة، و لما حدّه بعضهم بسعة عقد الإبهام من اليد، و آخر بعقد الوسطى، و آخر بعقد السبّابة فالأحوط الاقتصار على الأقلّ‌ و هو الأخير.[1]

تبین مما ذکرناه: أنّ دم الحیض لیس بمعاف حسبما نقله جماعة من الإجماع صریحاً أو ظاهراً کما ذکره المستمسک[2] و أضیف إلیه شدة اهتمام الشارع فی حکمه کترک الصلاة و الصیام و الغسل مضافاً إلی روایة ابی بصیر[3] و قد عرفت عدم صحة المناقشة فی کونها مرفوعة بعد ما ثبت فی عدة من نسخ الکافی و التهذیب إسناده إلی الباقر و الصادق مع أنّه لایؤب بتشکیک سیدنا الأستاد[4] فی اعتماد بعضهم علی الروایة و ان لم‌یصرح باسم المعصوم فیه إعتماداً علی نقل الکلینی و الشیخ للروایة، بیان التشکیک ان نقلهما لیس دلیلاً علی اعتبار الروایة و ثبوتها عددهما و العمدة مناقشة سیدنا الأستاد من حیث سند الروایة لأجل أبی المکاری.

و قد یناقش فی الاستدلال بالروایة من حیث الدلالة بدعوی انّ قوله: « غَيْرَ دَمِ‌ الْحَيْضِ‌ فَإِنَّ‌ قَلِيلَهُ‌ وَ كَثِيرَهُ‌ فِي الثَّوْبِ‌ إِنْ‌ رَآهُ‌ أَوْ لَمْ‌ يَرَهُ‌ سَوَاء.» بأنّ المراد من القلیل هو الدرهم الذی ثبت عدم الاعافة عنه فی سایر الدماء حسب موثقة ابن أبی یعفور[5] و علیه لم یفرق بین دم الحیض مع سایر الدماء و أجاب عنه سیدنا الحکیم بظهور القلیل فیما دون الدرهم بملاحظة ظهوره فی خصوصیة لدم الحیض لا أنّه مطلق کی یمکن تقییده بالدرهم فما زاد. هذا مضافاً إلی أنّه لو منع الظهور المذکور کان بینه و بین اطلاق العفو عما دون الدرهم عموم من وجه و بعد التعارض یرجع إلی عموم المنع من الدم و کلّ نجاسة فی الصلاة.

و أما النفاس فقد عرفت أنّ الوجه فی إلحاقه بالحیض أنّه حیض محتبس مع جریان أحکام الحیض علیه من ترک الصلاة و الصیام و وجوب الغسل و أورد سیدنا الحکیم بعدم ثبوت کونه روایة مع عدم ظهور فیه فی وروده مورد التنزیل الموجب لثبوت الاحکام و قد عرفت مناقشة سیدنا الأستاد فی ذلک بعدم شمول الإستثناء الوارد فی حدیث أبی‌بصیر له بعد عدم شموله للدم غیر المتنجس مع المنع من القیاس عندنا.

و أما دم الاستحاضة فمن العجب إلحاقه الشهید بالحیض تمسکاً باشتقاقه من الحیض، سیّما بعد اختلاف الاستحاضة مع الحیض من جوانب شتّی و التمسک للالحاق بلزوم تبدیل القطنة فی المستحاضة و أورد علیه بأنّه لم‌یمکن بناءهم علی التعدی من مورده إلی موضع القطنة فکیف یتعدی عن مورده إلی المقام و کلام الشهید فی الالحاق ضعیف و قیاس. و العمدة هو الإجماع (کما ذکره سیدنا الحکیم) و الأولی رعایة الإحتیاط و لاأقلّ من شمول أدلة مانعیة النجاسة مظلق إلّا ما ثبت خروجه.

و أما دم نجس العین حکی عن بعض القدماء و غیر واحد من المتأخرین عن الحدائق و الجواهر و مصباح الفقیه (علی ما ذکره الخلخالی) و أنکره الحلّی أشدّ الإنکار إلحاق دم الکلب و الخنزیر بل مطلق نجس‌العین کالکافر بدم الحیض فی الإستثناء عن العفو و إن کان أقلّ من الدرهم و إستدلّ أولاً بإنصراف إطلاق روایات العفو عن دم نجس العین لندرة الابتلاء به أو هی منصرفة إلی الأفراد السابقة من دم المسلم و الحیوانات الأهلیة. و غیرها کالکلب و الکافر لایتفق إلّا فی کمال الندرة. و فیه أنّ ندرة الابتلاء تمنع عن اختصاص المطلق به لا عن أصل شموله للفرد النادر و إلّا لزم عدم شمول الحیوانات المحلّلة الأکل التی لم یتعارف ذبحها أو لم یتمکن منها لکونها وحشیة من الطیور و بعض الحیوانات الوحشیة.

و ثانیاً أنّ المعفو عنه هو الدم لا الملاقی لنجس العین و الدم الخارج من الکلب و الکافر یلاقی أجسامهما فبتضاعف نجاستها کما لو أصاب الدم المعفو عنه نجاسة غیر الدم فإنّه یجب إزالته مطلقا.

و أورد علیه الأستاد أنّ دم نجس العین هو إیضاً من أجزاء نجس العین و لایؤثر الملاقاة شیئاً زائداً لوحدة ملاک النجاسة فحال هذا الدم حال ما إذا لاقی الدم الأقلّ من الدرهم للدم الکثیر من المکلّف.

أقول: لاریب فی کون ذلک أشدّ نجاسة من دم الحیوان أو الإنسان المؤمن لو کانت الشدة یوجب الإستثناء من العفو. و لایقاس ذلک بملاقاته لنجس آخر کالبول لتعدد العنوان فی المثال دون المقام.

و ثالثاً صدق عنوان ما لایؤکل لحمه علی دم نجس العین هو عنوان مستقل فی المانعیة و إن لم‌یکن من أجزائه النجسة و دلیل العفو عن الدم الأقلّ من الدرهم یدلّ علیه من حیث النجاسة لا المانعیة عما لایؤکل لحمه و لایلازم العفو عن أحد العنوانین العفو عن الآخر.

و أورد علیه الأستاد بأنّه أخصّ من المدعی لعدم صدق ما لایؤکل لحمه علی الإنسان حتی الکافر و من هنا تصحّ الصلاة فی شعر أو غیره من أجزاء الکافر الطاهرة فهذا الوجه لو تمّ یختص بمثل الکلب دون الکافر.

و رابعاً صدق عنوان نجس‌العین علی دم الکلب و الکافر و دلیل العفو یختص بالدم من حیث أنّه دم لا من حیث أنّه جزء من نجس العین و هذان عنوانان مستقلان فی المانعیة. فالعفو بلحاظ حیثیة الدم لایوجب العفو من حیثیة أخری و هی کونه جزءً من نجس العین فیکون المقام نظیر وقوع قطرة بول علی الدم ثم أنّه إستنتج من إشکالاته أنّ الأقوی شمول أخبار مانعیة الدم لدم نجس العین لعدم ثبوت إطلاق لدلیل المخصص أعنی أخبار العفو عما دون الدرهم. هکذا أفاد سیدنا الأستاد.

لکن نفی الإطلاق عن أدلة العفو عما دون الدرهم و عدم شموله للمقام بمثل هذه الإشکالات مشکل مع کون أدلة العفو فی مقام البیان و لم‌یشر فی واحدة منها إلی أمثال هذه الإشکالات. نعم لابأس بالرجوع إلی إطلاق أدلة مانعیة النجاسة بعد تعارض هذه الأدلة بعد کون النسبة بینها عموماً من وجه و یکون مادة الإشتراک هی دم نجس‌العین لو ثبت إطلاق لدلیلیة مانعیة الدم أو مطلق النجاسة. فتدبر.

المصادر

    1. العروة الوثقی (عدة من الفقهاء، جامعة المدرسين)، طب‌اطب‌ای‌ی ی‌زدی، الس‌ی‌د م‌ح‌م‌د ک‌اظم‌ بن عبد العظیم، المتوفی ۱۳۳۷ ه.ق. جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم، مؤسسة النشر الإسلامی، ۱۴۲۱ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.

    2. تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة، حر عاملی ال‌م‌ش‌غ‌ری، محمد بن حسن، المتوفی ۱۱۰۴ ه.ق. مؤسسة آل البیت لاحیاء التراث بقم، ۱۴۱۶ ه.ق. عدد الأجزاء: 30.

    3. مستمسک العروة الوثقی، ح‌ک‌ی‌م، السید محسن، المتوفی ۱۳۹۰ ه.ق. دار التفسير بقم، ۱۳۷۴ ه.ش. عدد الأجزاء: 14.

    4. فقه الشیعة (کتاب الطهارة)، الخوئی، السيد أبوالقاسم، المتوفی ۱۴۱۳ ه.ق. المحرر: الموسوی الخلخالی، السيد محمد مهدی، المتوفی: 1398ه.ش. مؤسسة الآفاق بقم، ۱۴۱۸ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.

 


[1] العروة الوثقى، ج1، ص206.
[2] مستمسک العروة الوثقی، ج1، ص565.
[3] مُحَمَّدُ بْنُ‌ يَعْقُوبَ‌ عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ إِدْرِيسَ‌ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ أَحْمَدَ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ عِيسَى عَنِ‌ اَلنَّضْرِ بْنِ‌ سُوَيْدٍ عَنْ‌ أَبِي سَعِيدٍ الْمُكَارِي عَنْ‌ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ‌ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ أَوْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِما السَّلاَمُ‌ قَالَ‌: لاَ تُعَادُ الصَّلاَةُ‌ مِنْ‌ دَمٍ‌ تُبْصِرُهُ‌ غَيْرَ دَمِ‌ الْحَيْضِ‌ فَإِنَّ‌ قَلِيلَهُ‌ وَ كَثِيرَهُ‌ فِي الثَّوْبِ‌ إِنْ‌ رَآهُ‌ أَوْ لَمْ‌ يَرَهُ‌ سَوَاء. وسائل الشیعة، باب21 من أبواب النجاسات و الاوانی و الجلود، ح1، ج3، ص432.
[4] فقه الشيعة‌، ج4، ص305.
[5] مُحَمَّدُ بْنُ‌ الْحَسَنِ‌ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنِ‌ اَلصَّفَّارِ عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ مُحَمَّدٍ عَنْ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ الْحَكَمِ‌ عَنْ‌ زِيَادِ بْنِ‌ أَبِي الْحَلاَّلِ‌ عَنْ‌ عَبْدِ اللَّهِ‌ بْنِ‌ أَبِي يَعْفُورٍ فِي حَدِيثٍ‌ قَالَ‌: قُلْتُ‌ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ الرَّجُلُ‌ يَكُونُ‌ فِي ثَوْبِهِ‌ نُقَطُ الدَّمِ‌ لاَ يَعْلَمُ‌ بِهِ‌ ثُمَّ‌ يَعْلَمُ‌ فَيَنْسَى أَنْ‌ يَغْسِلَهُ‌ فَيُصَلِّي ثُمَّ‌ يَذْكُرُ بَعْدَ مَا صَلَّى أَ يُعِيدُ صَلاَتَهُ‌ قَالَ‌ يَغْسِلُهُ‌ وَ لاَ يُعِيدُ صَلاَتَهُ‌ إِلاَّ أَنْ‌ يَكُونَ‌ مِقْدَارَ الدِّرْهَمِ‌ مُجْتَمِعاً فَيَغْسِلُهُ‌ وَ يُعِيدُ الصَّلاَةَ‌. وسائل الشیعة، باب20 من أبواب النجاسات و الاوانی و الجلود، ح1، ج3، ص429.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo