< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی أشرفي شاهرودي

44/03/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: العفو عن بعض النجاسات في الصلاة/ دم الجروح و القروح ما لم تبرأ/ مناط العفو

ذکر صاحب العروة: فصل فيما يُعفى عنه في الصلاة و هو أُمور: الأوّل: دم الجروح و القروح ما لم تبرأ، في الثوب أو البدن، قليلاً كان أو كثيراً، أمكن الإزالة أو التبديل، بلا مشقّة أم لا، نعم يعتبر أن يكون ممّا فيه مشقّة نوعيّة فإن كان ممّا لا مشقّة في تطهيره أو تبديله على نوع الناس فالأحوط إزالته أو تبديل الثوب، و كذا يعتبر أن يكون الجرح ممّا يعتدّ به، و له ثبات و استقرار، فالجروح الجزئيّة يجب تطهير دمها و لا يجب فيما يعفى عنه منعه عن التنجيس، نعم يجب شدّه إذا كان في موضع يتعارف شدّه، و لا يختصّ‌ العفو بما في محلّ‌ الجرح، فلو تعدّى عن البدن إلى اللباس، أو إلى أطراف المحلّ‌ كان معفوّاً، لكن بالمقدار المتعارف في مثل ذلك الجرح، و يختلف ذلك باختلافها من حيث الكبر و الصغر، و من حيث المحلّ‌، فقد يكون في محلّ‌ لازمه بحسب المتعارف التعدّي إلى الأطراف كثيراً، أو في محلّ‌ لا يمكن شدّه فالمناط المتعارف بحسب ذلك الجرح.[1]

مناط عفو الجروح و القروح فی الصلاة

إلی هنا ظهر أنّ مقتضی إطلاق عدة من الروایات العفو عن القروح و الجروح و إن لم‌یکن فیه استمرار و لا فی إزالته حرج و إنّ له خصوصیة من بین النجاسات کما دلّت علیه موثقة (فی تعبیر الأستاد) أو مصححة أبی بصیر (فی تعبیر الحکیم) فی قول أبی‌جعفر «و لست أغسل ثوبی حتی تبرأ»[2] و مرسلة سماعة عن أبی‌عبدالله: «إذا کان بالرجل جرح سائل فأصاب ثوبه من دمه فلایغسله حتی یبرأ و ینقطع الدم»[3] .

و بقی الأمر بغسل الثوب فی کلّ یوم مرة کما فی صحیحة محمد بن مسلم: «أنّ أصحاب القرحة التی لایستطیع ربطها و لا حبس دمها، یصلّی و لایغسل ثوبه فی الیوم أکثر من مرة»[4] و مضمرة سماعة «سألته عن الرجل به الجرح و القرح فلایستطیع أن یربطه و لایغسل دمه قال یصلّی و لایغسل ثوبه کلّ یوم إلّا مرة فإنّه لایستطیع أن یغسل ثوبه کلّ ساعة»[5] وجوب غسل ثوب صاحب‌القرحة مرة فی کلّ یوم و لایلتزم به الأصحاب (علی ما ذکره سیدنا الأستاد) و إن مال إلیه صاحب الحدائق -علی ما ذکره فی ج 5، ص 304- معترفاً بعد ذهاب أصحابنا إلی وجوبه لاعرافهم عن الحکم به، حملهم ذلک علی الندب و ذکر سیدنا الأستاد -علی ما بنی علیه من عدم کسر الحدیث بإعراض الأصحاب- علی حمل الأمر علی الندب مستدّلاً بأنّ المسألة کثیرة الابتلاء و قل موضع لم‌یکن هناک مبتلی بالقروح و الجروح و الحکم فی مثلها لو کان لذاع و اشتهر و عدم الاشتهار شاهد علی عدمه کما هو الحال فی مسألة وجوب الإقامة فی الصلاة و لو سلّمنا عدم کثرة الإبتلاء فالأمر یدور بین حمل الروایتین علی الوجوب و تقیید المطلقات بهما و بین حملهما علی الندب لیسلم المطلقات عن القید و المتعین هو الأخیر لأنّ بعض المطلقات یأبی عن التقیید بذلک کما فی موثقة أبی‌بصیر «و لست أغسل ثوبی حتی یبرأ» و مرسلة سماعة «لایغسله حتی یبرأ و ینقطع الدم» و إبائهما عن التقیید بوجوب الغسل مرة فی کلّ یوم غیر خفی.

قال الماتن: نعم یعتبر أن يكون ممّا فيه مشقّة نوعيّة فإن كان ممّا لا مشقّة في تطهيره أو تبديله على نوع الناس فالأحوط إزالته أو تبديل الثوب.

ذکر سیدنا الحکیم فی ذیل قول الماتن هذا[6] : كأنه للتعليل في موثق سماعة. لكن ظاهره كون المحذور الموجب للعفو تكرار الغسل في كل ساعة فان کان المحذور الموجب للعفو تکرار الغسل فی کل ساعة فإن أرید من المشقة النوعیة هذا المعنی فهو، و یکون المدار فی العفو و عدمه لزوم التکرار و عدمه و إلّا فلا دلیل علیه، ثم أنّ من المحتمل أنّ عدم جزم الماتن فی فتواه بقوله: «فالأحوط» باعتبار المشقة بالمعنى المذكور احتمال أن یکون التعلیل المذکور من قبیل الحکمة. لکنّه خلاف الظاهر. أو احتمال أن یکون التعلیل لخصوص الحکم فی مورد السؤال، فلا ینافی ثبوته فی غیره لوجه آخر. و هذا غیر بعید فی أمثاله مما کان ظاهراً فی تطبیق الکبری علی المورد، لا تعلیل حکمه. و قد ذکر فی مبحث قضاء المغمی علیه فرقاً بین التعلیل بمثل: «لأنّه کذا» و بین قوله: «فإنّه کذا» و إنّ الأول ظاهر فی إنتفاء الحکم بإنتفائه، دون الثانی. فتأمل جیّداً. انتهی.

و علّل السید الأستاد اعتبار المشقة النوعیة فی کلام الماتن هذا و کذا قوله: «و کذا یعتبر أن یکون الجرح مما یعتدّ به و له ثبات و إستقرار»[7] بأنّ الروایات المتقدمة موردها ذلک فإنّ موثقة أبی‌بصیر إنّما وردت فی دمامیل کانت علی بدن الإمام أبی‌جعفر و المشقة النوعیة فی تطهیرها أمر جلیّ و إن لم‌تکن مشقة شخصیة کما إذا تمکن الجریح من تطهیر ثوبه بسهولة أو تعویضه، کما أنّ الدمامیل لیست من الجروح الطفیفة سریعة الزوال و کذلک فی موثقة عبد الرحمن و روایتی سماعة و عمار فلیلاحظ و مع کون موردها مما فیه مشقة نوعیة و دوام لایمکننا التعدی منه إلی غیره فالجروح الطفیفة التی لا ثبات لها و لا فیها مشقة نوعیة تبقی مشمولة لإطلاق ما دلّ علی مانعیة النجس فی الصلاة فی غیر المقدار الأقلّ من الدرهم. إنتهی.

المصادر

1-العروة الوثقی (عدة من الفقهاء، جامعة المدرسين)، طب‌اطب‌ای‌ی ی‌زدی، ‌س‌ی‌د م‌ح‌م‌د ک‌اظم‌ بن عبد العظیم، المتوفی ۱۳۳۷ ه.ق. جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم، مؤسسة النشر الإسلامی، ۱۴۲۱ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.

2-تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة، حر عاملی ال‌م‌ش‌غ‌ری، محمد بن حسن، المتوفی ۱۱۰۴ ه.ق. مؤسسة آل البیت لاحیاء التراث بقم، ۱۴۱۶ ه.ق. عدد الأجزاء: 30.

3-مستمسک العروة الوثقی، ح‌ک‌ی‌م، السید محسن، المتوفی ۱۳۹۰ ه.ق. دار التفسير بقم، ۱۳۷۴ ه.ش. عدد الأجزاء: 14.

4-فقه الشیعة (کتاب الطهارة)، الخوئی، السيد أبوالقاسم، المتوفی ۱۴۱۳ ه.ق. المحرر: الموسوی الخلخالی، السيد محمد مهدی، المتوفی: 1398ه.ش. مؤسسة الآفاق بقم، ۱۴۱۸ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo