< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی أشرفي شاهرودي

44/03/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الصلاة فی النجس/ اعادة الصلاة التی وقعت اضطراراً مع النجاسة بعد التمكّن من التطهير/

مسألة 11: إذا صلّى مع النجاسة اضطراراً لا يجب عليه الإعادة بعد التمكّن من التطهير، نعم لو حصل التمكّن في أثناء الصلاة استأنف في سعة الوقت و الأحوط الإتمام و الإعادة.[1]

ذکر سیدنا الحکیم فی ذیل قول الماتن: «لا یجب علیه الاعادة بعد التمکن من التطهير»: «و قد عرفت ان هذا یتوقف علی جواز البدار لذوی الاعذار و لکنه خلاف التحقیق... و لا فرق بین ارتفاع العذر فی الاثناء او بعد الفراغ»[2] .

مقدمة

ینبغی ان نذکر مقدمة یتضح بها الحق فی المقام.

المقدمة الاولی: ان مقتضی القاعدة فی الامر بالطبیعی له افراد عرضیة و طولیة، عدم الاجتزاء ببعض افراده الفاقد لجزء او شرط او الواجد لمانع. و ذلک لان المأمور به هو الطبیعی الجامع الواجد لجمیع الاجزاء و الشرایط و الفاقد للموانع. و الطبیعی یحصل بفرد ما فلا موجب للاکتفاء ببعض افراده الفاقد لجزء او شرط او الواجد لمانع. فانه لیس من الطبیعی المأمور به. نعم لو قام الدلیل احیاناً علی جواز الاکتفاء به فلابدّ من اتباع الدلیل.

المقدمة الثانیة: انه ثبت فی الجملة ان العمل الصادر عن تقیة علی کونه فاقدا لجزء او شرط فهو مجز عن الواقع لان التقیة حسبما فی الروایات: «دِينِي وَ دَيْنُ‌ آبَائِي»[3]

وجوه الاضطرار الی النجس فی الصلاة

اذا عرفت المقدمتین فنقول صور حصول التمکن من تحصیل شرط الصلاة او جزئها بعد تعذره فی بعض الوقت متعددة:

الاولی: ما اذا کان الاضطرار الی الصلاة فی النجس لاجل التقیة کما اذا فرضنا انه صلی فی جماعة من الوهابیة فی بول الخشاشیف (بناءً علی نجاسته) فمقتضی ادلة التقیة اجزاء العمل الصادر تقیة و لو ارتفع الاضطرار فی اثناء الوقت علی ما ثبت فی محله.

الثانیة: ما اذا کان الاضطرار الی الصلاة فی النجس لاجل غیر التقیة و لم یکن لاجل الجهل بالحکم الوضعی (اعنی النجاسة) و لا التکلیفی اعنی اشتراط الصلاة بعدم النجاسة فی البدن و الثوب و لا الجهل بالموضوع اعنی اصل النجاسة فان حکم فروض الجهل قد تقدم فی اول الفصل المنعقد لاشتراط الصلاة بعدم النجاسة فراجع. فمنها صور ثلاثة: الاولی ان یعلم بارتفاع العذر و الاضطرار فی الوقت. الثانیة ما اذا علم ببقائه الی آخر الوقت. الثالثة ان یشک فی الارتفاع الی آخر الوقت.

اما الصورة الاولی فمقتضی القاعدة عدم جواز البدار و عدم الاجتزاء بصلاته مع العذر و الوجه فیه واضح بعد ما عرفت فی المقدمة من تعلق الامر بالطبیعی الجامع للاجزاء و الشرائط و المفروض تمکنه من امتثال ذاک الامر فلا موجب للاکتفاء بفاقد شیء مما اعتبر فی الطبیعی المأمور به و لا مجال فیه للتمسک بحدیث «لا تعاد» فإن هذا المکلف لم یکن فی عذر من ترک المأمور به المرکب بعد تمکنه من الامتثال و لو فی بعض الوقت و معه لم یتعلق الامر بفاقد بعض ما اعتبر فی المأمور به.

و اما الصورة الثانیة فالظاهر جواز البدار لان المکلف عالم ببقاء العذر فی تمام افراد الطبیعی حتی الافراد الطولیة فیتمسک بالامر بالصلاة الفاقدة للجزء او الشرط او الواجدة للنجاسة اذ الصلاة لاتسقط بحال.

و اما الصورة الثالثة و هی فرض الشک فی زوال العذر و الاضطرار الی ترک بعض ما هو معتبر فی الواجب الارتباطی فله ان یستصحب بقاء العذر الی آخر الوقت فیأتی بالعمل بقصد الامر المتعلق بالطبیعی المقدور.

استیعاب العذر و الاضطرار فی جمیع الوقت و عدمه

ثم انه مع فرض استیعاب العذر و الاضطرار فی جمیع الوقت فالظاهر جواز الاکتفاء بالمأتی به لانه قد اتی بما هو مأمور به و لا موجب للقضاء فی خارج الوقت لعدم فوات الفریضة منه فی داخل الوقت. و اما لو ارتفع العذر و الاضطرار فی اثناء الوقت فالذی تقتضیه القاعدة وجوب الاعادة لما تقدم من صحة تعلق الامر بالطبیعی الذی یتمکن المکلف من الاتیان به مع اجزائه و شرائطه و لو فی بعض الوقت (ای عند رفع العذر و الاضطرار) کما هو الحال فی الصورة الاولی المتقدمة من الصورة الثانیة. و به افتی سیدنا الاستاد فی تعلیقته الاولی. لکنه عدل عن ذلک تمسکا بحدیث «لا تعاد» بناءً علی شموله للجاهل بالاشتراط کما تقدم بحث ذلک فی اول الفصل فی الصلاة فی النجاسة.

توضیح ذلک: ان المحقق النائینی انکر شمول حدیث «لا تعاد» للجاهل بالحکم او الموضوع بناءً منه علی ان الجاهل مأمور بالواقع و ان لم یعلم به و الحدیث مختص بمن یری صحة عمله فیأتی به بقصد الامر فیری کون عمله مطابقا للواقع من دون حاجة الی الاعادة و هذا مختص بالناسی دون الجاهل الذی یکون مأموراً بالواقع اعنی الصلاة الواجدة بالاجزاء و الشرائط و الفاقدة للموانع و لو کان بنائه علی عدم وجوب ذلک اجتهادا او تقلیدا و کان معذورا فی مخالفة الواقع لجهله القصوری الا ان العذر لا یوجب سقوط التکلیف الواقعی و ان اوجب عدم العقاب علی مخالفته لمکان العذر. فإذاً لا یصح فی حقه الامر بالاعادة کی یرتفع امتناناً، لانه مع جهله مأمور بنفس الواقع ای الجامع للاجزاء و الشرائط فلا یکون مشمولا لحدیث «لا تعاد»، بخلاف الناسی حیث انه یمتنع خطابه بالجزء او الشرط او المانع المنسیّین لعدم قدرته علی امتثال المرکب فاذا ارتفع النسیان امکن الامر بالاعادة لتدارک الجزء او الشرط المنسی الا ان الشارع لم یأمر بها امتناناً الا فی الموارد الخمسة.

مناقشة سیدنا الاستاد فی کلام شیخه النائینی

و قد اجاب عنه سیدنا الاستاد[4] [5] بأن ما افاده شیخه النائینی تام بالنسبة الی الجاهل فیما لم یتجاوز المصلی محل التدارک کما اذا جهل بوجوب السورة جهلاً قصوریاً ثم التفت الی وجوبها قبل الرکوع لانه یصح حینئذ خطابه بالقرائة و الاتیان بما هو الواقع. لکنه اذا تجاوز عن محلها و دخل فی الرکوع کان قابلاً للامر بالاعادة او عدمها لعدم امکان تدارک الجزء المجهول حینئذ بدون الاعادة غیر انه لم یأمر بها امتناناً و بذلک صح شمول الحدیث للجاهل کالناسی. ثم ان التمسک بحدیث «لا تعاد» یتم علی تقدیر کون المراد بالطهور فی المستثنی خصوص الطهارة الحدثیة لا الاعم منها و من الطهارة الخبثیة و قد ثبت ارادة الاولی فقط کما قدمناه فی اوائل الفصل.

المصادر

    1. العروة الوثقی (عدة من الفقهاء، جامعة المدرسين)، طب‌اطب‌ای‌ی ی‌زدی، ‌س‌ی‌د م‌ح‌م‌د ک‌اظم‌ بن عبد العظیم، المتوفی ۱۳۳۷ ه.ق. جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم، مؤسسة النشر الإسلامي، ۱۴۲۱ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.

    2. تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة، حر عاملی ال‌م‌ش‌غ‌ری، محمد بن حسن، المتوفی ۱۱۰۴ ه.ق. مؤسسة آل البیت لاحیاء التراث بقم، ۱۴۱۶ ه.ق. عدد الأجزاء: 30.

    3. مستمسک العروة الوثقی، ح‌ک‌ی‌م، سید محسن، المتوفی ۱۳۹۰ ه.ق. دار التفسير بقم، ۱۳۷۴ ه.ش. عدد الأجزاء: 14.

    4. فقه الشیعة (کتاب الطهارة)، الخوئي السيد أبوالقاسم، المتوفی ۱۴۱۳ ه.ق. المحرر: الموسوي الخلخالي، السيد محمد مهدي، المتوفی 1398ه.ش. مؤسسة الآفاق بقم، ۱۴۱۸ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.

 


[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج16، ص210، أبواب الامر و النهی و ما یناسبهما، باب24، ح24، ط آل البيت. سَعْدُ بْنُ‌ عَبْدِ اللَّهِ‌ فِي بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ‌ عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ عِيسَى وَ مُحَمَّدِ بْنِ‌ الْحُسَيْنِ‌ بْنِ‌ أَبِي الْخَطَّابِ‌ عَنْ‌ حَمَّادِ بْنِ‌ عِيسَى عَنْ‌ حَرِيزِ بْنِ‌ عَبْدِ اللَّهِ‌ عَنِ‌ اَلْمُعَلَّى بْنِ‌ خُنَيْسٍ‌ قَالَ‌: قَالَ‌ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ‌: يَا مُعَلَّى اكْتُمْ‌ أَمْرَنَا وَ لاَ تُذِعْهُ‌ فَإِنَّهُ‌ مَنْ‌ كَتَمَ‌ أَمْرَنَا وَ لاَ يُذِيعُهُ‌ أَعَزَّهُ‌ اللَّهُ‌ فِي الدُّنْيَا وَ جَعَلَهُ‌ نُوراً بَيْنَ‌ عَيْنَيْهِ‌ يَقُودُهُ‌ إِلَى اَلْجَنَّةِ‌، يَا مُعَلَّى إِنَّ‌ التَّقِيَّةَ‌ دِينِي وَ دَيْنُ‌ آبَائِي، وَ لاَ دِينَ‌ لِمَنْ‌ لاَ تَقِيَّةَ‌ لَهُ‌ يَا مُعَلَّى إِنَّ‌ اللَّهَ‌ يُحِبُّ‌ أَنْ‌ يُعْبَدَ فِي السِّرِّ كَمَا يُحِبُّ‌ أَنْ‌ يُعْبَدَ فِي الْعَلاَنِيَةِ‌ وَ الْمُذِيعُ‌ لِأَمْرِنَا كَالْجَاحِدِ لَهُ‌.
[5] أنّه لا فرق بين النسيان و الجهل في صحة تعلق الأمر بالإعادة بعد تجاوز محل المنسي أو المجهول.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo