< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی أشرفي شاهرودي

44/03/07

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الصلاة فی النجس

مسألة 10: إذا كان عنده مقدار من الماء لا يكفي إلّا لرفع الحدث أو لرفع الخبث من الثوب أو البدن تعيّن رفع الخبث و يتيمّم بدلاً عن الوضوء أو الغسل، و الأولى أن يستعمله في إزالة الخبث أوّلاً ثمّ‌ التيمّم، ليتحقّق عدم الوجدان حينه.[1]

مقدمة

ینبغی لتوضیح مدرک هذه المسألة ذکر متعد

الأولی: أنّ الطهارة الحدثیة مشروطة بالقدرة الشرعیة بمعنی أنّ الطهارة الحدثیة مضافاً إلی اعتبار القدرة علیها عقلاً بأن یکون المکلّف واجداً للماء و قادراً علی استعماله فی الغسلات و المسحات کما هو الحال فی کلّ تکلیف الهی -حیث أنّ الله تعالی لایکلّف نفساً إلّا بما هو مقدور للعبد. نعم خلاف بین الأصولیین فی کون القدرة شرطاً فی فعلیة التکلیف أو تنجزه. ذهب إلی الأول سیدنا الخویی تبعاً لشیخه النائینی و إلی الثانی سیدنا الخمینی. و هذا بحث عمیق تترتب علیه فوائد جمّة و للکلام فیه مجال آخر- و تعتبر فیها القدرة شرعاً بمعنی أنّه لایزاحمه وجوب فعلی بعمل آخر و لا حرمة فعلیة فی استعمال الماء و قد استفاده اعتبار هذه القدرة من الروایات الآمرة بالتیمم عند مزاحمة الطهارة المائیة لواجب آخر. أضف إلیها قوله تعالی:﴿وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا﴾[2] فإن ذکر المریض عِدلاً للمسافر دالّ علی أنّ المراد من عدم الوجدان عدم التمکن من استعمال الماء و لو لمرض و نحوه لا عدم وجود الماء خارجاً، لأنّ المریض لایکون فاقداً للماء غالباً بخلاف المسافر الذی قد یفقد الماء سیّما فی الأزمنة السابقة لمن یقطع الصحاری و القفار سیّما فی جزیرة العرب و من هنا نستفید أنّ الوضوء و الغسل مشروطین بعدم المزاحمة مع تکلیف فعلی آخر. و هذا بخلاف الطهارة الخبثیة فإن مقتضی إطلاق وجوبها، رفع الخبث فی الصلاة و نحوها مطلقا سواء کان هناک واجب آخر أم لاتتکوّن القدرة المعتبرة فیها مجرد التمکن العقلی و قد حقّق فی الأصول تقدیم ما یعتبر فیه القدرة العقلیة علی المشروط بالقدرة الشرعیة و منه المقام. فیتقدم رفع الخبث علی الوضوء و الغسل فی صرف الماء و ینتقل الوظیفة إلی التیمم.

لکن أصل المسألة غیر خال عن الخلل إذ ینبغی تقیید تقدیم الطهارة الخبثیة علی الحدثیة بما إذا لم‌یتمکن من جمع غسالة الوضوء أو الغسل ثم رفع الخبث بها. وإلّا تعیّن ذلک -کما أشار إلیه الأستاذ فی تعلیقته علی العروة- و إلّا تعیّن الجمع بین الطهارتین للقدرة علی رفع الحدث أولاً ثم رفع الخبث بغسالة رفع الحدث.

الثانیة: أنّ ما أفاد الماتن من تقدم رفع الخبث مبنی علی دخول مفروض المسألة فی باب التزاحم فإنّ إحدی المرجحات ذلک الباب تقدم المشروط بالقدرة العقلیة علی المشروط بالقدرة الشرعیة و أما علی مبنی التعارض کما أفاده سیدنا الأستاذ بقوله:[3] أنّ بعد سقوط الأمر بالصلاة المتقدمة بالطهارتین الحدثیة و الخبثیة فعلم إجمالاً بوجوب إحدی الصلاتین؛ إما الصلاة مع الطهارة المائیة مع فقد الطهارة الخبثیة فیصلّی مع نجاسة بدنه أو ثوبه و إما الصلاة مع الطهارة الخبثیة متیمّماً لعدم سقوط الصلاة بحال و مع عدم التمکن من الصلاة الجامعة للقیود المعتبرة فیها یتنزل الوظیفة إلی المراتب المتأخرة فیعلم بوجوب الصلاة الفاقدة لهذا القید أو لذلک القید و مقتضی القاعدة التخییر لاصالة البرائة عن تعیین کلّ منهما. و لا أثر لما تقدم من المرجح فی باب التعارض لعدم العلم إلّا بانشاء أحد التکلیفین و وجود البدل أو اعتبار القدرة العقلیة فی أحدهما دون الآخر لا أثر له حینئذ.

الثالثة: یمکن أن یقال: إنّ الصلاة المشروطة بالطهارة الخبثیة إیضاً مشروطة بالقدرة الشرعیة کما هو الحال فی الصلاة المشروطة بالطهارة المائیة الحدثیة.

توضیح ذلک: أنّ الأوامر الواردة فی قیود الصلاة من الجزء و الشرط و المانع إرشادات إلی الجزئیة أو الشرطیة أو المانعیة لا أنّها تکالیف مستقلة شرعیة و من تلک القیود طهارة اللباس و البدن عن الخبث و طهارة الروح بالوضوء أو الغسل و کما أنّ الصلاة مع الطهارة الحدثیة مشروطة بالقدرة الشرعیة لثبوت البدل الشرعی لها و الصلاة مع التیمم، کذلک الصلاة مع الطهارة الخبثیة مشروطة بالقدرة الشرعیة للثبوت البدل لها و هی الصلاة عاریاً أو الصلاة فی النجس (علی ما تقدم الکلام فیه) فکلّ من قسمی الصلاة لهما بدل فی الشریعة و معه یکون حال الصلاة مع الطهارة الخبثیة کحال الصلاة مع الطهارة الحدثیة فی الانتقال إلی البدل عند العجز عن المبدل و مقتضی القاعدة عند تزاحم المشروطین بالقدرة الشرعیة هو التخییر إیضاً.

صرف الماء فی أیّ الطهارتین أولی؟

إذا عرفت هذه المقدمات تعرف أنّه لاموجب لتعیّن صرف الماء فی الطهارة الخبثیة ثم الإنتقال إلی التیمم بل مقتضی القاعدة بناءً علی دخول المسألة فی باب التعارض هو التخییر بعد علمنا بسقوط الأمر بالصلاة الجامعة لجمیع القیود لعدم التمکن من تحصیل بعضها لکن بما أنّ الصلاة لاتسقط بحال فنعلم بثبوت الأمر بها أما مع هذا القید (أعنی الطهارة المائیة) أو الأمر بها مع ذلک القید (أعنی الطهارة الخبثیة) و مع الشک فی التعیین یرجع إلی اصالة البرائة عن التعیین و دعوی کون الأمر بالطهارة الحدثیة مشروطة بالقدرة الشرعیة بخلاف الطهارة الخبثیة فإنّها مشروطة بالقدرة العقلیة فقد عرفت أولاً عدم تداخل المقام فی التزاحم حتی یرجع إلی مرجحاته بل المقام من التعارض الذی قد عرفت أنّ مقتضاه التخییر مع أنّه علی تقدیر تسلیم دخول المقام فی باب التزاحم فکلّ من تلکما الصلاتین مشروطتان بالقدرة الشرعیة و لامرجح فی البین. و النتیجة هو التخییر إیضاً. و لکن بما أنّ المعروف تقدیم الطهارة الخبثیة فنقول برعایة المعروف و أولی من ذلک ما أفاده فی المتن من إستعمال الماء فی إزالة الخبث حتی یتحقق فقدان الماء تکویناً فینتقل الوظیفة إلی التیمم فتدبّر و لله الحمد.

المصادر

    1. العروة الوثقی (عدة من الفقهاء، جامعة المدرسين)، طب‌اطب‌ای‌ی ی‌زدی، ‌س‌ی‌د م‌ح‌م‌د ک‌اظم‌ بن عبد العظیم، المتوفی ۱۳۳۷ ه.ق. جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم، مؤسسة النشر الإسلامي، ۱۴۲۱ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.

    2. فقه الشیعة (کتاب الطهارة)، الخوئي السيد أبوالقاسم، المتوفی ۱۴۱۳ ه.ق. المحرر: الموسوي الخلخالي، السيد محمد مهدي، المتوفی: 1398ه.ش. مؤسسة الآفاق بقم، ۱۴۱۸ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo