< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی أشرفي شاهرودي

44/03/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الصلاة فی النجس/ تنجس الموضعین و امکان ازالة واحد منهما فقط/ تساوی الموضعین/ إحدی النجاستین أکثر من الأخری/ احدی النجاستین أشدّ/ تعدد عنوان النجاسة و وحدته

المسألة التاسعة: إذا تنجّس موضعان من بدنه أو لباسه ولم يمكن إزالتهما فلايسقط الوجوب، و يتخيّر إلّا مع الدوران بين الأقلّ‌ و الأكثر، أو بين الأخفّ‌ و الأشدّ، أو بين متّحد العنوان و متعدّده فيتعيّن الثاني في الجميع بل إذا كان موضع النجس واحداً و أمكن تطهير بعضه لا يسقط الميسور، بل إذا لم يمكن التطهير لكن أمكن إزالة العين وجبت بل إذا كانت محتاجة إلى تعدّد الغسل و تمكّن من غسلة واحدة فالأحوط عدم تركها لأنّها توجب خفّة النجاسة إلّا أن يستلزم خلاف الاحتياط من جهة أُخرى، بأن استلزم وصول الغسالة إلى المحلّ‌ الطاهر.[1]

قال الماتن ذیل «إذا کان موضع النجس واحداً و أمکن تطهیر بعضه لایسقط المیسور» الوجه فیه بملاک الأکثریة لما عرفت من انحلال المانعیة بعدد أفراد النجس.

و قال الماتن: «بل إذا لم‌یمکن التطهیر لکن أمکن إزالة العین وجبت».

علّله سیدنا الحکیم بقوله: «كما يستفاد مما ورد من الأمر بنفض[2] [3] الثوب إذا هبت الريح فسفت[4] عليه العذرة مع أن احتمال الأهمية كاف في الوجوب[5] انتهی.

أقول: فی روایة علی‌بن‌جعفر عن أخیه « وَ زَادَ وَ قَالَ‌: سَأَلْتُهُ‌ عَنِ‌ الرَّجُلِ‌ يَمُرُّ بِالْمَكَانِ‌ فِيهِ‌ الْعَذِرَةُ‌ فَتَهُبُّ‌ الرِّيحُ‌ فَتَسْفِي عَلَيْهِ‌ مِنَ‌ الْعَذِرَةِ‌ فَيُصِيبُ‌ ثَوْبَهُ‌ وَ رَأْسَهُ‌ يُصَلِّي فِيهِ‌ قَبْلَ‌ أَنْ‌ يَغْسِلَهُ‌ قَالَ:‌ نَعَمْ‌، يَنْفُضُهُ‌ وَ يُصَلِّي فَلاَ بَأْسَ‌[6]

أقول: الظاهر حمل الروایة علی أنّ النفض یوجب إزالة النجاسة الواقعة علی الثوب فی حال الصلاة لا مجرد زوال النجاسة مع بقاء تنجس المحل.

و أما احتمال الأهمیة فی تقدم إمکان إزالة النجاسة مع بقاء تنجس المحل فاستشکل فیه سیدنا الأستاد بأنّه یتمّ علی القول بالتزاحم و أما علی مبنی التعارض فلا أثر لاحتمال الأهمیة إذ یشترک المتنجس مع بقاء العین و بدونها فی أصل المانعیة و شمول الدلیل لهما علی حدّ سواء و لا أثر لبقاء العین فی المانعیة.

نعم بناءً علی المنع من حمل النجس فی الصلاة –مضافاً إلی اعتبار طهارة البدن و الثوب– تجب إزالة النجاسة لتعدد عنوان المانع حینئذ و لا اضطرار إلّا إلی أحدهما دون الآخر. فیجب التقلیل مهما أمکن، إلّا أنّ الأستاذ لم‌یرتض القول بمنع حمل النجس فی الصلاة.

قال الماتن: «بل إذا كانت محتاجة إلى تعدّد الغسل و تمكّن من غسلة واحدة فالأحوط عدم تركها لأنّها توجب خفّة النجاسة» فالماتن ذکر علة لزوم الغسلة الواحدة و هی خفة النجاسة و لاریب فی کونها مطلوبة. و ذکر سیدنا الحکیم فی ذیل کلام الماتن: «إن كان الأمر كذلك تعين الغسل مرة. لكن يحتمل أن تكون الغسلة الأولى من قبيل شرط تأثير الغسلة الثانية في الرفع.»[7] یعنی أنّه لا أثر للغسلة الأولی عندئذ حتی فی تخفیف النجاسة فلا موجب لوجوب الغسلة الأولی. أقول: أنّه لایمکن إنکار تخفیف النجاسة بالغسلة الأولی و إذا کان المقام من قبیل التزاحم فلاریب فی لزوم التخفیف فی النجاسة المانعة.

ولکن علی مبنی السید الأستاذ و هو تعارض الأدلة بعد سقوط الدلیل الأول الأمر بالمرکب الارتباطی فادعی الأستاد: إنّه لامسرح للاهمیة فی هذا المجال مع أنّ المفروض بقاء وجود المانع حتی مع الغسلة الأولی.

قال الماتن: «إلّا أن يستلزم خلاف الاحتياط من جهة أُخرى، بأن استلزم وصول الغسالة إلى المحلّ‌ الطاهر.» و حاصله أنّ الغسلة الأولی واجبة لمکان تخفیف النجاسة المطلوب عند التزاحم و أما إذا فرضنا أنّ غسالة الغسلة الأولی کغسلة إزالة البول الأولی، إذا تجاوز إلی المحل الطاهر من بدنه أو ثوبه، فلامحالة توجب تنجس الزائد علی المقدار الأول و هو مانع جدید. و قد یدعی فی المقام أنّ الغسالة متنجسة بعد الإنفصال من المحل فلاتکون نجسة قبل الانفصال کی یستلزم تکثیر النجاسة فإنّها مادام فی المحل یکون طاهراً.

لکنه مدفوعة بأنّ الغسالة ماء قلیل لاقی النجس کالبول فیتنجس بالملاقاة حتی قبل انفصاله عن المحل و لایحتمل أن یکون الانفصال موجباً لنجاستها. نعم، الغسالة المتعقبة بطهارة المحل کما لایحکم بنجاستها سواء کان قبل الإنفصال أو بعده.

أقول: کلام السید الأستاذ ناظر الی ما أفاده سیدنا الحکیم فی ذیل عبارة الماتن المتقدمة: فإنّ الحکیم ذکر فی المستمسک: إن کان وصول ماء الغسالة إلی المحل الطاهر بنحو ینجسه فکلام الماتن حق. لکن لو قلنا بأنّ الغسالة مرّت علی العضو و تساقطت فلا یضر و لا یلزم خلاف الإحتیاط، لأنّ ماء الغسالة لا ینجس ملاقیه إلّا بعد الانفصال.

تلخیص البحث فی المسألة 9 و فروعها

هذه المسألة مشتملة علی فروع و قبل الورود فی فروعها لابدّ من بیان التفرقة بین هذه المسألة و المسألة الثامنة فنقول: الکلام فی المسألة الثامنة فی نجاسة الثوب و البدن کلیهما فهل یتقدم رفعها عن البدن أو الثوب و الماتن جعل الأحوط هناک تطهیر البدن لاحتمال أهمیة حیث أنّ الثوب خارج عن المصلّی بخلاف البدن. و أساس ذلک دخول المقام فی باب التزاحم و لزوم تقدیم تحمل الأهمیة علی غیره ولکن سیدنا الأستاد حیث جعل المقام من التعارض و ذکر أنّ أدلة مانعیة النجاسة بالنسبة إلی کلّ من البدن و اللباس علی حدّ سواء فاللازم مع الشک فی تقدم أحد الدلیلین هو الرجوع إلی أصل البرائة عن الیقین فالمکلّف مخیّر فی تطهیر البدن أو تطهیر الثوب.

و أما الکلام فی المسألة التاسعة هو فرض النجاسة الموضعین من الثوب أو البدن مع عدم کفایة الماء إلّا لتطهیر أحدهما فذکر الماتن هنا فروعاً:

الأول: انّه علی تقدیر تساوی النجاسة من حیث القلة و الکثرة و من حیث الشدة و الخفة کالبول و الدم و من حیث تعدد العنوان و وحدته فحکم هنا بالتخییر بین إزالة أحد النجاستین و هذا صحیح علی مبنی التزاحم لعدم وجود المرجح و لا احتماله بالنسبة إلی رفع إحدی النجاستین علی الآخر. و کذلک علی مبنی التعارض لعدم ترجیح أحد دلیلی مانعیة النجاسة بالنسبة إلی أحد الفردین علی الآخر فالمرجع عند الشک هو التخییر بعد العلم بلزوم رفع النجاسة فی غیر ما اضطرّ إلیها.

الثانی: أنّه علی تقدیر کون إحدی النجاستین أکثر من الأخری یجب إزالة الأکثر فحکم الماتن بلزوم تقدیم إزالة الأکثر علی مبناه من التزاحم و کذلک الحال علی مبنی التعارض لأنّ لکلّ جزء من النجاسة مانعیة مستقلة فیجب رفعها فیتعین رفع الأکثر.

الثالث: کون أحد النجاستین أشدّ کالبول و الأخری أخفّ کالدم فحکم الماتن تقدیم الأول لأهمیة بالنسبة إلی الثانی و الأستاد حکم بالتخییر لأنّ شمول دلیل مانعیة النجاسة بالنسبة إلیهما علی حدّ سواء و لا أثر للأشدیة.

الرابع: تعدد العنوان و وحدته: فحکم الماتن بلزوم تقدیم رفع ما هو المتعدد عنواناً کدم الهرة علی الثوب أو البدن و دم الشاة علی أحدهما فحکم بتقدیم متعدد العنوانین لأنّ عنوان حمل ما لایأکل لحمه لیس من المضطرّ إلیه بخلاف أصل النجاسة فإنّه مضطر إلی عدم رفع إحدی النجاستین فیتقدم وجوب رفع العنوانین علی مبنی التعارض و التزاحم و تقدمه علی رفع العنوان الواحد. فیکون المقام نظیر الدوران بین الأقلّ و الأکثر فلو صلّی فی دم الهرة بطلت صلاته فإنّه لا ضرورة إلی عدم تلبس المصلّی بجزء ما لایؤکل لحمه. نعم لو کان مراد الماتن صدق أکثر من عنوان من العناوین علی شیء واحد کما إذا تنجس موضع من بدنه أو ثوبه بماء متنجس بالبول و الدم و العذرة و تنجس موضع آخر من بدنه أو لباسه بماء متنجس بالدم فقط فلایتمّ ما ذکره الماتن من لزوم الترجیح إذ لا أثر للتعدد حینئذ کما قدمنا ذکره للأمر المانع هو جامع العذرة لا عنوان الدم و البول و العذرة إلّا مع الإنحلال و لا انحلال بما ذکره سیدنا الأستاد.

المصادر

    1. العروة الوثقی (عدة من الفقهاء، جامعة المدرسين)، طب‌اطب‌ای‌ی ی‌زدی، ‌س‌ی‌د م‌ح‌م‌د ک‌اظم‌ بن عبد العظیم، المتوفی ۱۳۳۷ ه.ق. جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم، مؤسسة النشر الإسلامي، ۱۴۲۱ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.

    2. تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة، حر عاملی ال‌م‌ش‌غ‌ری، محمد بن حسن، المتوفی ۱۱۰۴ ه.ق. مؤسسة آل البیت لاحیاء التراث بقم، ۱۴۱۶ ه.ق. عدد الأجزاء: 30.

    3. مستمسک العروة الوثقی، ح‌ک‌ی‌م، سید محسن، المتوفی ۱۳۹۰ ه.ق. دار التفسير بقم، ۱۳۷۴ ه.ش. عدد الأجزاء: 14.

    4. العين، أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدی البصری، المتوفى: 170هـ.ق. المحقق: د مهدی المخزومی، د إبراهيم السامرائی، دار و مكتبة الهلال، عدد الأجزاء: 8

 


[2] العین، ج7، ص48.
[3] نَفَضَ الثوب: ذهب صبغه.
[4] الرِّيحُ تَسْفِي التُّرَابَ و الورق و اليبيس [سَفْياً] و اَلسَّافِيَاءُ: ريح تحمل ترابا كثيرا عن وجه الأرض تهجمه على الناس. و اَلسَّفَى: ما سَفَتْ به الريح من كل ما ذكرت. و شعاع السنبل و كل ما على أطرافه شوك فهو سَفَى. الواحدة بالهاء. و اَلسَّفَى: التراب.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo