< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی الأشرفي

41/01/24

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: فقه الطهارة- ماء البئر- عدم اشتراط الکریة فی ماء البئر- تفصیل فی النزح- تطهیر ماء البئر بغیر النزح- اعتبار المادة فی البئر- نزح المقدرات فی فرض عدم التغیّر.

نقدّم الیکم بحث الیوم فی خمسة مباحث؛

عدم اشتراط الکریة فی ماء البئر: لابأس بالإشارة إلی قول البصروي -و هو من الأقدمین- فی إشتراط الکرّیة فی ماء البئر لعدم إنفعاله و إستدلّ لذلک بوجوه (منها) موثقة عمار؛ سئل أبوعبدالله علیه‌السلام عن البئر یقع فیها زنبیل عذرة یابسة أو رطبة فقال: «لابأس إذا کان فیها ماء کثیر»[1] و روایة حسن‌بن‌صالح الثوری؛ «إذا کان الماء فی الرکی (أی البئر) کرّاً لم‌ینجسه شیء»[2] و صحیح إبن‌بزیع «ماء البئر واسع» بناءً علی إرادة الکثرة من قوله «واسع» و لغلبة الکرّیة فی البئر الموجب لحمل نصوص الطهارة علیه عند الجمع بینها و بین عموم إنفعال الماء القلیل فیکون عموم أدلة إنفعال القلیل بلامعارض. و قد عرفت الجواب إما عن لفظ الکثیر بأنّه لم‌یوضع للکرّ بل المراد الکثرة العرفیة المانعة للتغیّر بوقوع زنبیل عذرة فهی شرط لعدم تغیّر الماء لا لعدم إنفعال البئر. و حدیث حسن‌بن‌صالح مهجور، مضافاً إلی ضعفه و حمل السعة فی صحیح إبن‌بزیع -مع أنّه لایجدی کما عرفت فی موثقة عمار- خلاف الظاهر لاأقلّ من الإجمال ولو بملاحظة التعلیل المحتمل رجوعه إلی السعة، أو إلی عدم الإفساد إذ علی کلاالتقدیرین لایوجب محل السعة علی الکثرة إذ لا دخل للمادة فی الحکمین المذکورین لعلّه ظاهر. و أما غلبة الکرّیة فی البئر فهو ممنوع ولو سلّم فالجمع بین نصوص إعتصام البئر و إنفعال الماء القلیل یکون بحمل الثانیة علی غیر ماء البئر لظهور أدلة البئر فی خصوصیة لماء البئر إمتاز بها عن غیره فإذا بنی علی تقیید البئر للکثیر لم‌تبق خصوصیة لماء البئر و ذلک خلاف الظاهر و صحیح إبن‌بزیع کالصریح فی ذلک بناءً علی أنّ المراد بقوله «واسع» أنّه واسع الحکم –کما هو الظاهر– سیّما إذا راجعنا التعلیل بالمادة إلیه. و بالجملة قد یظهر من بعض الکلمات خصوصیة لمورد خاص کما فی خرء الطیر المحکوم بالطهارة إذ لو کان الطیر غیر المأکول اللحم خرئه نجساً لم‌یکن وجه لذکر الطیر بخصوصه. و بالجملة الفرض من تکرار هذا البحث هی الإشارة إلی أنّ بعض الموضوعات لها خصوصیة تظهر تلک الخصوصیة من الأخبار و الأدلة و من هذا القبیل ماء البئر فإنّ الظاهر من الروایات ثبوت خصوصیة لماء البئر کما هو الظاهر من صحیح إبن‌بزیع.

تفصیل فی النزح: فصّل الأستاد[3] رحمه‌الله‌تعالی بین ما إعتبر لرفع نجاسة البئر (علی القول بها) بین نزح جمیع البئر و نزح دلاء معیّنة کأربعین أو أقلّ أو أکثر بأنّ الظاهر من صحیح إبن‌بزیع فی قوله «فینزح حتی يذهب الريح و يطيب طعمه» أنّ الفرض إخراج ماء البئر إلی أن یزول التغیّر و یطیب الماء فهو العلة للحکم و بها یعمّ النزح بأسبابه المختلفة کالمکائن و کذا الحال فیما وجب نزح الجمیع و ذلک للعلم بأنّ الفرض منه عدم بقاء شیء من الماء النجس فی البئر بلافرق بین الأسباب و أما فی مثل نزح عدد محدود من نزح الدلاء کالعشرة أو الأربعین مقتضی الجمود علی ظواهر الأخبار إعتبار العدد و تکرّر النزح بذلک العدد إذ للنزح التدریجی خصوصیة فی حصول الفرض واقعاً فإنّ المادة یمکن أن تدفع بدل العدل من الماء إذا نزح شیئاً فشیئاً بخلاف ما إذا نزح بدلو واحد مقدار أربعین دلواً مرةً واحدة، فإنّ المادة لاتدفع بهذا المقدار دفعة واحدة و من المحتمل أن یکون لخروج الماء من المادة بمقدار المتحلل بالنزح مدخلیة فی حصول الغرض شرعاً. اقول: فیه تأمّل.

ثم إنّ إعتبار أربعین رطلاً فی الدلو کما ذکر فی روایة الفقه الرضوی[4] ، مردود بإعراض مشهور عنه. و إطلاق روایات الدلو المختلف بحسب النقص و الزیادة و القلة و الکثرة و إنّه یحمل علی المتعارف بین عامة الناس لاطائفة خاصة.

تطهیر ماء البئر بغیر النزح: ثبت أنّ إتصال الماء النجس بالکرّ أو الجاری و غیرهما من المیاه العاصمة یوجب تطهیر الماء النجس فهل یکفی هذا الإتصال فی ماء البئر علی القول بنجاستها بملاقاة النجاسة أو أنّ طریق طهارتها منحصر بالنزح؟ الأقرب، الثانی، لأنّ عمدة منشأ القول بطهارة الماء النجس بالإتصال هی صحیحة إبن‌بزیع فی قوله «لأنّ له مادة» و إذا عرضنا عن الصحیحة و قلنا بنجاسة ماء البئر لم‌یبق دلیل علی طهارته بالإتصال بالماء العاصم.

أقول: فیه نظر لأنّ الماء الجاری إذ إتصل بالبئر فلاموجب لعدم تطهره و إن قلنا بنجاسة البئر و کذا الحال فی ماء المطر.

ثم إستدرک الأستاد رحمه‌الله‌تعالی ما إذا إستهلک ماء البئر بسبب الإتصال کما إذا ألقینا علیه ثلاثة اکرار بحیث إستهلک ماء البئر فإنّ مع إستهلاکه یستهلک ماء البئر أی هو بمنزلة حدوث ماء جدید طاهر.

اعتبار المادة فی البئر: البئر التی لیس لها مادة بل وقع فیه الماء من خارج لایحکم علیه بحکم البئر التی له المادة فهو ماء محقون یلحقه حکم الکرّ أو القلیل.

نزح المقدرات فی فرض عدم التغیّر: ثم إنّ سید الماتن رحمه‌الله‌تعالی ذکر قوله: «نزح المقدرات فی صورة عدم التغیّر مستحب» قد عرفت إشکال سیدنا الأستاد رحمه‌الله‌تعالی فی حکمه بالإستحباب بل حمل أخبار المنزوحات علی التقیة إلّا أنّه إذا دخل فی عنوان دفع الإستقذار و حصول النظافة فهو محکوم بالندب لأجل الرغبة الشارع فی النظافة بل إهتمامه بها.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo