< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی الأشرفي

40/04/29

بسم الله الرحمن الرحیم

«بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ»

موضوع: (فقه الطهارة)

کان الکلام فی مسألة 2 من فصل الماء الجاری: و هی الحکم بالنجاسة الملاقی مع القلیل عند الشک فی الاتصال بالمادة ذکرنا فی الأمس الوجوه الثلاثة للحکم بالنجاسة.أما الکلام فی الوجه الرابع و هو التمسک باستصحاب عدم اتصاف القلیل بالاتصال بالمادة استصحاب العدم الأزلی فبضم عدم کون القلیل متصفاً بالاتصال بالمادة، إلی حصول الملاقاة مع النجس یثبت الموضوع المرکب للتنجس فیحکم بنجاسة الماء القلیل حینئذ.

و قد أشرنا مکرّراً إلی هذا الاستصحاب وأنّه مردود عند جمع من المحقّقین لکن سیدنا الحکیم-رحمه‌الله-‌ أطال البحث فی صحة هذا الإستصحاب و ناقش فی أدلة المنکرین الذین منهم الشیخ الأستاد المحقّق النایینی-رحمه‌الله- ولذا نشیر إلی بعض کلمات القوم تبعاً للسید الحکیم-قدس‌سره- و السید الأستاد-رحمه‌الله- و إن کان البحث فی هذا المجال موکول إلی علم الأصول.

فنقول: إن کانت الحالة السابقة فی الماء قبل ملاقاته مع النجس من حیث اتصاله بالمادة أو عدم الاتصال معمولاً و وقع الشک فی استمراره إلی زمان الملاقاة فلا شک فی استصحاب الحالة السابقة إلی زمان الملاقاة فیترتب علیه حکم الانفعال أو عدمه.

و أما إن لم تحرز تلک الحالة من الاتصال أو الانفصال سابقاً فهذه هی صورة الثالثة التی وقع البحث فی جواز التمسک بالاستصحاب و عدمه و أما الصورة الرابعة؛ إذا علمنا بطرو الحالتین من الاتصال و الانقطاع لکن حصل لنا الشک بعد ذلک فیما هو المتقدم و المتأخّر من الحالتین سیأتی البحث فیها.

أما الکلام فی الصورة الثالثة: و هی إذا لم نحرز اتصال القلیل بالمادة حین ملاقاة النجس مع الماء القلیل و عدم اتصاله بها فهل یمکن التمسک باستصحاب العدم الأزلی لعدم اتصاف الماء الموجود حین الملاقاة بالاتصال بالمادة لکونه مسبوقاً بالعدم ولو لعدم موضوعه أم لا الذی ذهب إلیه الأستاد-رحمه‌الله- تبعاً لصاحب الکفایة-قدس‌سره- و به قال سیدنا الحکیم-رحمه‌الله- جریان الإستصحاب فی الأعدام الأزلیة إذا ترتب علیها أثر شرعی.

و فی المقام یقال: إنّ موضوع الانفعال هی القلیل الذی لم یتصل بالمادة و مع الشک فی حالته السابقة من حیث الاتصال و عدمه نقول: وجود الماء القلیل محرز بالوجدان و عدم اتصاله بالمادة محرز بالأصل بتقریب أنّ هذا الماء قبل أن یوجد لم یکن متصلاً بالمادة و بعد وجوده نشک فی کونه متصفاً فی الاتصال بالمادة أم لا؟ نستصحب عدم اتصافه بالاتصال بالمادة الذی کان هذا العدم سابقاً مسلّماً قیل أصل وجود الماء و بهذا الأصل تمّ جزء الموضوع أحدهما و هو الماء القلیل بالوجدان و عدم اتصاله بالمادة بالأصل و حینئذ یتمّ موضوع الانفعال.

لکن جماعة من المحقّقین لم‌یرتض صحة إستصحاب العدم الأزلی بدعوی أنّ العام المخصّص بالمخصّص المتصل أو المنفصل یتصف الباقی تحت العام بوجود العام المتصف بعدم المخصّص علی نحو العدم النعتی أی الماء المتصف بعدم الاتصال بالمادة کما هو الحال فیما إذا خصّص عموم قوله «أکرم العلماء» بقوله «لا تکرم فساق العلماء» کان الباقی تحت العام العالم المتصف بعدم الفسق، لا وجود العالم و عدم الفسق المسبوق بعدم وجود شخص العالم علی نحو العدم الأزلی و بعبارة أخری الذی یبقی تحت العام هو العالم المتصف بعدم الفسق علی نحو کون عدم الفسق نعتاً للعالم و کان العالم مقیّداً لعدم الفسق فهذا هو الباقی تحت العام و استصحاب العدم الأزلی أی عدم اتصاف الشخص قبل وجوده بالفسق علی نحو العدم الأزلی لا یثبت التقید أی لا یثبت العدم النعتی فإنّه الأصل المثبت الذی لاحجیة فیه وبعبارة أخری الباقی تحت العام قضیة معدولة المحمول لاالقضیة السالبة التی تصدق بانتفاء موضوعها.

و قد استوفی هذا البحث المحقّق الخراسانی-رحمه‌الله- فی المبحث العام و الخاص فی المجلد الأول من الکفایة و أشار إلی ذلک بقوله «إیقاظ» و حاصل ما أفاده هناک: أنّ المخصّص للعام شأنه إخراج أفراد المخصّص عن تحت العام ففی المثال المتقدم الباقی فی تحت عموم «أکرم العلماء» هو العالم الذی لم یکن متصفاً بالفسق فإذا کان زید عالماً و لم یعلم فسقه کان داخلاً تحت العام باستصحاب عدم اتصافه بالفسق أزلاً فوجب إکرامه و لاحاجة فی دخوله تحت وجوب الإکرام إلی إثبات اتصافه بعدم الفسق حتی یقال أنّ استصحاب العدم الأزلی لا یثبت اتصاف الباقی بالعدم النعتی أی اتصاف زید مثلاً بعدم الفسق کی یقال: إنّ استصحاب العدم الأزلی لایثبت العدم النعتی.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo