< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی الأشرفي

40/02/12

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: (فقه الطهارة)

بعد ما عرفت من المقدمات فی الیوم الماضی و بعد التکلم فی کون الحکم بالنجاسة فی الأعیان النجسة کالبول و الخمر نفس الصور النوعیة التی تتبدّل بتبدل الصورة و الفصل القریب، بخلاف الحکم بالنجاسة فی الأعیان المتنجسة کالثوب و الخشب و الماء المضاف حیث قیل أنّ الموضوع فی المتنجسات نفس الجسم التی لا یزول صورته النوعیة ولذا کانت النجاسة فی الخشب باقیة و إن صار فحماً، و ما أرید علی هذا المبنی أولاً بإستبعاد الفرق بین النجس و المتنجس بکون الإستحالة مطهّرة فی الأول دون الثانی مع کون نجاسة الثانی عرضیة و نجاسة الأول ذاتیة، و ثانیاً بکون الفرق خلاف ظاهر السیرة و بعض الأدلة و إن أصرّ علیه شیخنا العلامة الأراکی() و قد یستظهر ذلک من بعض کلمات شیخنا الأنصاری() فی مبحث إستصحاب الرسائل، تکلّمنا فی البخار و قلنا أنّ بعض المدقّقین صرّح بکون البخار نفس المایع المبخّر و إنّما الفرق بین المایع و بخارائه إتصال أجزاء الأول و إنفصالها بدخول الهواء بین أجزائها فی الثانی و إلّا لم یکن المادة و لا الصورة النوعیة مستحیلتین فی البخار أصلاً کما هو الحال فیما إذا صار المایع منجمداً بالبرودة فکما أنّ الماء إذا تنجّس و تبدّل بالثلج نحکم بالنجاسة تکون الثلج هو الماء السابق، کذلک إذا تبدل بالبخار بواسطة الحرارة من دون فرق بین الأمرین.

ترتّب علی هذا النزاع آثار کثیرة:

(منها) الحکم بنجاسة بخار المایعات النجسة کالبول أو المتنجسة و الحکم بنجاسة ملاقیها، علی القول بعدم إستحالة بالبخار بخلاف القول بالإستحالة فلا یحکم بنجاسة ما لاقاه بخار الأعیان النجسة أو المایعات المتنجسة.

و (منها) الحکم بطهارة الماء الحاصل من البخار المتصاعد من المایع المتنجس و إنّه ماء جدید حصل بعد إنعدام الماء الأول المتنجس و ذلک علی القول بالإستحالة بخلاف القول بإنکارها فإنّ الماء الحاصل من البخار هو الماء السابق فحاله حال سابقه فی الحکم بالنجاسة.

و (منها) لزوم تطهیر البخار الصاعد من البول الذی أصاب بدن المتخلّی عن البول علی القول بعدم الإستحالة بخلاف القول بالإستحالة فلا یتنجس بدن المتخلّی بإصابة البخار الصاعد من البول أو الغائط. لکنّ القول بالنجاسة علی خلاف السیرة المسلّمة مضافاً إلی إستلزامه الحرج الشدید إلی غیر ذلک من الآثار و حیث أنّ سیدنا الأستاد() إلتزام بکون البخار ماهیة غیر نفس المایع المبخّر و إلتزم فیه بالإستحالة حکم بأنّ الماء الحاصل من بخار البول إیضاً طاهر بل مطهّر لأنّه ماء لولا دخوله فی أحد النجاسات بنفسه کعرق الخمر فإنّه بنفسه مسکر و لو أنّه حصل من الخمر الذی تبخّر بالحرارة بخلاف المادة الأصلیة فی الخمر و هو الإسیرتو حیث أنّه لیس بمسکر بل هو سمّ فلا یجری علیه حکم النجاسة الثابت لنفس الخمر.

فالخمر مایع نجس نسبة الأسیرتو بکلّ الخمر 10% و الفقاع نسبته 5% و العرق نسبته 40% و الأسیرتو نسبته علی المجموع 90% فإذا صار الخمر بخاراً فإن حصل منه العرق فبما أنّه بنفسه مسکر نجساً و حراماً و إن حصل الألکل (الأسیرتو) فحیث أنّه لیس بمسکر فلا یحکم علیه بالنجاسة و إن حکم علیه بالحرمة لإسکاره بل لکونه سمّاً مهلکاً و قد وقع الخلاف بین أفاضل البحث فی کون التبخیر من الإستحالة کما علیه الأستاد() و السید صاحب العروة() و جمع آخر أو أنّه لیس من تبدّل الصورة النوعیة فلا إستحالة فی البین کما علیه جمع من المحقّقین و فقهائنا المعاصرین و أخیراً ذکر بعض الأفاضل المتصل بأهل علم الکیمیا أنّ النجس کالبول و الخمر یزول عنهما مادة بإسم (سی سیل) و یبقی الباقی بصورة الماء المطلق فتتحقّق بذلک الإستحالة.

و بالجملة مما یترتّب علی هذا البحث المسألة الثالثة للعروة و هی قول الماتن (مسألة 3 – المضاف المصعّد مضاف) فذکر الأستاد() أنّه لا یمکن المساعدة علی ما أفاده بوجوه لعدم صدق المضاف علی المصعّد من المضاف دائماً إذ بعض أقسام المضاف من قبیل خلط الماء المطلق بمادة لا تقبل الإستحالة کالطین و الملح فإذا تصعّد بالتبخیر فلا ریب فی عدم تبخیر الطین فیه بل یختص ذلک بخصوص عنصر الماء فالبخار المتصاعد لیس إلّا بخاراً من الماء فإذا إجتمع و رجع إلی حالته الأولی یکون ماءً خالصاً مطلق و إن کان قبل ذلک بسبب الخلط بالطین مضافاً.

و بعض أقسام المضاف الآخر من قبیل ماء الورد و هذا إیضاً یستحیل بالبخار فإذا إجتمع و صارت ماءً فهو ماء مطلق إیضاً لکن فیه رائحة الورد و قد ذکرنا سابقاً أنّ مجرد تغیر الرائحة لا یخرج الماء عن إطلاقه کما أنّ ملوحة ماء البحر لا یخرجه عن إسم الماء المطلق فما ذکره الماتن من أنّ المضاف المصعّد مضاف لا یمکن المساعدة علیه بوجه.

أقول: علی ما ذکر بعض الأعلام (الفیض السمنانی()) من خروج المیاه الأثمار کماء العنب و ماء البرتقال من جنس الماء المطلق، فالمصعّد من هذا النوع لا یرجع إلی الماء المطلق أصلاً لأنّه نفس ماء تلک الثمرة المفروض خروجه عن نوع الماء المطلق و لا بعد فیه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo