< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد جواد أرسطا

43/02/07

بسم الله الرحمن الرحیم

بسم الله الرحمن الرحیم

درس خارج الفقه الإجتماعي؛ الأستاذ محمد جواد أرسطا.

تقریر الجلسة الثالثة؛ 7 صفر 1443

عنوان البحث: ضرورة البحث عن الفقه الاجتماعي (2)

الطائفة الأولى من الأمثلة المرتبطة في أنه لا نستطيع الاكتفاء بمؤسسة الإفتاء عند إدارة المجتمع.

١.التبرع بالأعضاء: هل هو مشروع ام لا؟ فإن اكتفينا بالفقه الفردي فإن المشكل تنشأ من قبول البعض له اجتهاد او تقليدا وعدم قبول البعض الاخر، مما يؤدي إلى نشوء أفراد يعملون في عملية الوساطة يقومون بتوجيه صاحب العضو إلى الفئة الأولى التي تجيز أو الفئة الثانية التي تمنع.

٢. تغيير الجنس: منذ بداية انتصار الثورة، بناء على فتوى الامام الخميني تم اعتبار تغيير الجنس مشروعًا. فإن كان معيار هذه القضية مؤسسة الإفتاء فإن ذلك سيؤدي إلى اختلال النظام بسبب تعدد الفتاوى حول المسألة.

بينما لمعرفة نظر الفقه الاجتماعي فلا بد من الرجوع إلى خصائص افعال المكلفين (تدريج تكرار تدبير)، فالحكم يؤثر تدريجيا، وعن طريق التكرار يظهر الأثر ولا بد من جهة تنظم وتدير.

يمكن أن نغفل عن آثار بعض الفتاوى فعند تكرار فعل آلاف المرات هل يكون أثره مقبولا على المستوى الديني أم لا؟

فمثلا فتوى تغيير الجنس (التي فهموها بشكل خاطئ من الامام الخميني فالان لا يغيرون الجنس بل يغيرون الشكل، فعند مراجعة الشخص للطبيب يظهر أن أعضاءه التناسلية مطابقة لجنسه، لكنه يقول ان لديه ميول جنسية أخرى شبيهة بتلك التي عند الجنس الآخر، فيقوم الطبيب بتغيير وتبديل جهازه التناسلي ويحقنه بهرمونات للجنس الجديد) اذا قبلنا هذا النوع من تغيير الجنس الذي هو في الواقع ليس مقصود الامام الخميني من تغيير الجنس فعندها سيقوم عدد من الأفراد، الذين يشعرون بميل جنسي للجنس الاخر، سيقومون بتغيير شكلهم الظاهري، وللأسف سيكون لذلك تبعات سلبية اذ يستفيد هذا الشخص بصورة غير مطلوبة من هذا التغيير او يستغله آخرون للفساد الأخلاقي في المجتمع .. كما أنه لن تكون عنده قابلية لا ليلقح كما الرجال ولا للحمل كما النساء.

إن هذه النتيجة غير المطلوبة تأتي من سببين الأول هو الفهم الخاطئ لفتوى الإمام الخميني والأخرى هي الغفلة عن تبعات تكرار هذا الفعل مئات بل آلاف المرات في المجتمع والآثار السلبية التدريجية لها، وعدم تدبيرها من قبل الدولة.

فإذا أردنا إدارة هذا الموضوع في المجتمع لا بد وأن نأخذ بعين الاعتبار الخصائص الثلاث للفقه الاجتماعي.

فبدليل اللوازم الفاسدة المترتبة تدريجيا عن تكرار هذا العمل يتحدد موقف الجهة المقننة. أما في الفقه الفردي فتتم مقاربة الموضوع بذاته بما هو موضوع بصرف النظر عن لوازمه. أما في الفقه الاجتماعي فيلزم أن نلتفت إلى الآثار التي ستترتب عن هذا الموضوع، وأن هذا الموضوع قابل لتكرار وهو بحاجة لتدبير من قبل الدولة.

3. التبني: اذا أردنا اتباع هذا الموضوع بحسب فتوى الفقه الفردي فإن الفقهاء يفتون بحرمتها، إلا آية الله صانعي يقول أنه في حال العسر والحرج فتترتب آثار الحرمة الشرعية..

أما في الفقه الاجتماعي فلا بد من مراعاة آثارها في حال التكرار.

إن مؤسسة الإفتاء لا يمكن أن تكون بديلا عن التقنين. هذه المسألة حازت أهمية كبيرة في زمن الثورة الدستورية وايضا في بداية انتصار الثورة الإسلامية وإن بشكل أقل.

ففي زمن الثورة الدستورية رفض عدد من الفقهاء مشروعية التقنين (سن القانون).

وقد تم كتابة رسالة في حرمة الثورة الدستورية (حرمت مشروطه)، معروف أنها تعود للشيخ فضل الله النوري وكيفما كان فلقد كان لهذه النظرية أتباع في ذلك الوقت وقد ورد في تلك الرسالة أن أصل ترتيب وتدوين هذا النظام (الدستور) يعتريه إشكال لأن ترتيب أي إلزام والتزام بحق الناس حتى في الأمور المباحة في الأصل وحتى لو قبل الأكثرية هذا الالتزام الذي يُعتبر التزاما عن طريق القانون هو حرام تشريعي وبدعة في الدين وكل بدعة ضلالة. كما أن الالتزام بالمباح وترتيب أثر على مخالفته يعتبر أمرا محرما، "قل ءالله أذن لكم أم على الله تفترون".[1]

إن موضوع الفقه الاجتماعي بالغ الأهمية لدرجة أنه في زمن الثورة الدستورية لو تم التفكيك بين الإفتاء والتقنين وتبيين مجال وحدود كل منهما، لانتفت كثير من الإشكالات التي أثيرت بين المجتمع في ذلك الوقت، وقد وصلت الأزمة لأن يقوم بعض الفقهاء بتكفير الطرف الآخر المخالف؛ واحدة من تلك الفتاوى أن "المشروطة كفر والمشروطة طلب كافر ماله مباح ودمه هدر". فلو قام مخالفو الثورة الدستورية (المشروطة) بتطبيق هذه الفتوى فما الذي سيحصل في المجتمع؟!

المجموعة الثانية من الأمثلة:

1.القضاء: ما هو الشكل الأنسب لإدارة الجهاز القضائي وحل النزاع بين الناس؟

أن يكون القاضي مجتهد جامع للشرائط، وهو رأي مشهور الفقهاء، نعم خالف صاحب الجواهر المشهور واعتبر أن الاجتهاد ليس شرطا للقاضي.

والقاضي المجتهد الجامع للشرائط يحكم وفقا لاجتهاده، فإذا أردنا إدارة دولة تحكم وفق مذهب أهل البيت فإنه بلا شك ستؤدي هذه الطريقة في القضاء إلى اختلال النظام.

مثال على ذلك أنه في حال تم اعتماد اجتهاد القاضي كمعيار للحكم، ومع وجود جملة آراء مختلفة بين الفقهاء، فإن ذلك سيؤدي حتما إلى إصدار احكام متعارضة لموضوع واحد. فقاض يقول بحقوق الملكية الفكرية والمعنوية وآخر لا يقول بها؛ فالإمام الخميني لا يقول بحقوق الملكية الفكرية، فإذا قام شخص بشراء كتاب مَلَكَه وبالتالي يمكن له ان يتصرف به كما يشاء ومن جملة ذلك يمكن له أن يعيد طباعته. فإذا فرضنا أن الناشر الأول الذي قام بتحقيق الكتاب وتدقيقه وإخراجه وضع سعرا معينا، نتيجة جهده، فإن المشتري يمكن له أن يعيد طباعة هذا الكتاب ويبيعه بثمن أقل فما الذي سيحصل؟ إن اللازم الأول لهذا العمل هو الخسارة المالية للناشر الأصلي، فإن قام برفع دعوى أمام قاض يفتي بعدم وجود حقوق ملكية فكرية ومعنوية سيؤدي إلى عدم ثبوت حق للمدعي. لكن إذا تقدموا بنفس الدعوى أمام قاض آخر يعتبر حق الملكية الفكرية والمعنوية فسيصدر حكما آخر بثبوت حق المدعي.

فما الذي سيحصل في هكذا مجتمع؟ بداية ستحصل رشوة مقننة وذلك في أن يقوم أشخاص بالعمل على توجيه المدعي مسبقا للقاضي الذي يوافق مبناه مع مدعى المدعي، بل سيقومون هم بالتوسط بشكل غير مشروع لتصل القضية إلى قاض معين دون غيره وسيطلبون مقابل ذلك مبلغا معينا.

المفسدة الثانية هي إضعاف اعتماد الناس بالإسلام وأحكامه، فالناس في المجتمع السياسي الإسلامي تريد معرفة إن كان للملكية الفكرية مشروعية أو لا؟

فلا يمكن القول للناس أن هذا الاختلاف في الفتوى هو كالاختلافات الأخرى في الفتاوى وذلك لأن الناس تتوقع أن يتم إدارة المجتمع بشكل منسجم وموحَّد، حتى يشعر الناس بالعدالة.

وذلك يستلزم نتيجة ثالثة وهي تضعيف حماية ومساندة الناس للدولة الإسلامية.

ما يؤدي إلى مشكلة رابعة وهي تضعيف أركان الدولة الإسلامية، وأي اختلال للنظام أكبر من ذلك؟!

فإذا ضعفت الدولة فإن تحقيق أهدافها سيصبح أمرا صعبا يحتاج إلى كثير من المؤونة، كون الناس لن تشارك في الحياة السياسية والمدنية وفي النتيجة سيؤدي ذلك إلى انهيار هذه الدولة.

إضافة إلى ما تقدن نذكر بضعة أمثلة من هذه الطائفة (الثانية) :

أ- الطلاق الناشئ عن العسر والحرج عل هو مشروع أو لا؟ بعض الفقهاء يشرعونه وبعضهم لا.

ب- هل السند الرسمي معتبر لإثبات الدعوى؟ فالبعض يقول لا عبرة بالقرطاس (الامام الخميني،الشيخ الاراكي، آية الله كلبيكاني) . والبعض الاخر يقول أن السند الرسمي معتبر (كاية الله العظمى الشيخ مكارم الشيرازي، آية الله هاشمي شاهرودي..).

ج- عند التعارض بين الشاهد والسند هل السند مقدم أم الشاهد؟

د- الخسارات الزائدة عن الدية هل هي قابلة للمطالبة أم لا؟


[1] رسائل مشروطيت (جمع الرسائل المؤیده والمخالفه )، دکتر زرگر نژاد ج1ص٢٦٤.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo