< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

43/05/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الاستصحاب

بیان آخر للإشکال الذي ذکرناه للصحيحة الثانية : عندما یذکر التعلیل فهو بمثابة الکبری في القیاس مثلاً عندما یقال: « لا تشرب الخمر لأنَّه مسکر» فعلل حرمة الشرب بأنَّه مسکر، هنا نشکل قیاساً : ص: الخمر مسکرٌ ک: وکل مسکر حرام فهذا الخمر حرام. هذا المعنی عندما نرید أن نطبقه علی المقام یکون هکذا: الإعادة نقض للیقین بالشک وکلّ نقض للیقین بالشک غیر جایز فإلاعادة غیر جایزة. بینما الإعادة هنا لیست نقضاً للیقین بالشک فلا یتألف هذا القیاس من الصغری والکبری لأنک کنت علی یقین من طهارتک وشککت یعني کل نقض للیقین بالشک لا یصح ولکن مورده هنا، لأنَّ الإعادة لو طلبت الاعادة کان لوجود النجاسة یقیناً لا للشک، فیکون نقض الیقین بالیقین.

نعم، هذا القیاس یمکن أن یتشکل فيما لو کان تعلیل الدخول في الصلاة ، یصح الدخول في الصلاة عندما تکون علی یقین ثمَّ شککت لأنَّه لا تنقض الیقین بالشک هنا یصح نقول : عدم الدخول في الصلاة نقض للیقین بالشک الان أرید أن أصلي وکنت علی یقین من طهارة الثوب والآن أشک في الإصابة یعني أشک في طهارة الثوب فالآن تقول لا تدخل في الصلاة هنا یأتي الکلام عدم الدخول في الصلاة نقض للیقین بالشک، و کل نقض للیقین بالشک غیر صحیح، وکبری القیاس تکون تامة فلو علّل عدم الدخول في الصلاة، نعم یصح ذلک، أما تعلیل الموجود في الرواية الإعادة.

ذکرنا جواب صاحب الکفاية عن هذا الاشکال وهو صوّر بتصویرین : التصویر الاول: شرط صحة الصلاة أعم من الطهارة الواقعية والطهارة التعبدية الظاهرية. فقوله علیه السلام في التعلیل:« لأنک کنت علی یقین من طهارتک ثمَّ شککت» هذا التعلیل یکون إلی أنَّ الشرط في الصلاة هو الأعم من الطهارة الواقعية والطهارة الإحرازية بالاصل أو بالقاعدة، فأنت کنت علی یقین من طهارتک الظاهرية ثمَّ شککت فلا تنقض الیقین بالشک.

هذا التقریر من کلام صاحب الکفایة یتنافی مع کلامه نفسه الذي یظهر من متن الکفایة هو أنَّ الشرط إحراز الطهارة . وإحراز الطهارة تارة یکون إحرازاً وجدانیاً و تارة یکون إحرازاً تعبديا بالاصل ؛ فالادلة الأولیة تدل علی شرطية الطهارة وظاهرها الطهارة الواقعية فیشترط في الصلاة الطهارة من الخبث واقعاً ولکن مثل هذه الصحيحة تدل علی کفاية إحراز الطهارة وأنَّ الشرط المأخوذ في الصلاة هو إحراز الطهارة ولیس إحراز الطهارة الواقعية بنفسها فعلیه یقول بأنَّ إحراز الطهارة موجود بالاصل یعني حینما صلیت أنت أحرزت الشرط بواسطة الاستصحاب ولاتنقض الیقین بالشک ویؤید هذا المعني- الذي یکون مراد صاحب الکفاية من الشرط هو الاحراز – نفس الاشکال الذي أورده علی نفسه ، حیث الاشکال الذي أورده علی نفسه هو أنَّه إذن لا یصح أن یجري الاستصحاب في الطهارة نفسها لأنَّ الطهارة لم تکن هي الشرط لم تکن حکما و لم تکن موضوعاً لحکم فلهذا لا یجري فیها الاستصحاب لأنَّ من شرط الاستصحاب أن یکون مورده الحکم او الموضوع الذي یترتب علیه الحکم. هذا الاشکال یتناسب مع الاخذ الاحراز من کلام صاحب الکفایة – حیث قال احرازها لا طهارتها- أما لو قلنا الأعم فواضح أنَّ الاشکال لا مورد له لأنَّ الطهارة الواقعية هي شرط وإحرازها ایضاً یکفي. ولکن من کلام صاحب الکفایة في تقریره في الجواب ومن اشکاله الذي أورده علی نفسه یکون مراده هو الاحراز. فعلیه إذا قلنا بأنَّ الشرط هو الاحراز یرتفع الاشکال و یتناسب التعلیل مع المعلل هنا یرد علیه ما أورده علی نفسه علی مبنی، إذن لا یجري الاستصحاب في الطهارة هذا لا یمکن الالتزام به، أجاب بأنَّ الطهارة الواقعية حکم اقتضائي ویکفي في ذلک الحکم الاقتضائي، علی حسب ما بیناه ولانعید.

نقول تعلیقاً علی هذا: أنَّ مراتب الحکم التي منها الإقتضاء هذه مبنائية علی مبنی صاحب الکفاية أنَّ الحکم له أربعة مراتب المرتبة الأولی مرتبة الإقتضاء وهنا یدعي بأنَّ الطهارة الواقعية هي في مرتبة الإقتضاء وهذا المقدار یکفي لکن الآخرین من الاصولیین لا یقولون بهذه المراتب بل تعتبر مرتبة الإقتضاء هي من مقدمات الحکم، ومن مناشئ الحکم ولیست هي مرتبةً من مراتب الحکم ، مرتبة الحکم الإنشاء والجعل والمجعول؛ یعني عندنا مرتبتان، مرتبة الجعل وهي مرتبة إنشاء الحکم علی الموضوع المفروض الوجود مرتبة المجعول وهي مرتبة فعلیة موضوع الحکم، فیکون الحکم فعلیاً ، أما مرتبة الإقتضاء فهي من مناشئ الحکم ومقدماته، علی هذا یعود الاشکال یعني أنَّ الطهارة یفترض أن لا یجري فیها الاستصحاب، بل علی کلام صاحب الکفاية یمکن أن نرد الاشکال علی وجهین. المهم هنا یمکن أن یکون أمراً مبنائیا.

ولکن الاشکال الذي یرد بأنَّ التعلیل « لأنک کنت علی یقین من طهاته ثمَّ شککت ولیس ینبغي لک أن تنقض الیقین بالشک» لا نری للإحراز أثراً یعني لم یعلل بالاحراز ولم یقل لأنّک کنت محرزاً للطهارة بالاستصحاب فعلیه لا یتمّ کلام صاحب الکفاية .

الجواب الثاني ما ذکره الشیخ الانصاري رحمه الله في الرسائل، ونسب إلی أستاذه شریف العلماء؛ حاصله: یقول هذا التعلیل « لأنک علی یقین من طهارته» المقصود منه أنَّ الأمر الظاهري مجزئ عن الأمر الواقعي ، فالتعلیل لبیان هذه الجهة، ما نحن فیه أنَّ الطهارة الواقعية شرط للصلاة، بمقتضی الأدلة الأولية، یشترط في لباس المصلي وبدنه أن یکون طاهرین بالطهارة الواقعية، ومن کان علی یقین من الطهارة ثمَّ شکَّ یستصحب بقاء الطهارة فیکون علی طهارة ظاهریة وهذه الطهارة الظاهرية تجزي عن الطهارة الواقعية، فإذن التعلیل تعلیل لبیان إجزاء الطهارة الظاهرية عن الطهارة الواقعية. والطهارة الواقعية هي الشرط في الاساس بمقتضی أدلتها، ولکن إذا کانت هناک الطهارة الظاهرية مبنية علی الاستصحاب تجزئ عن الطهارة الواقعية؛ فکأنه قال بأنَّ الصلاة صحیحة لأنَّ الأمر الظاهري یجزئ عن الأمر الواقعي فیتمّ التعلیل ویناسب المعلل.

من الواضح أنَّ هذا الأمر یختلف عمّا أفاده صاحب الکفاية ، صاحب الکفاية علی حسب ما تقدّم أراد أن یقول لأنک قد حققت الشرط یعني عندما وسّع دائرة الشرط فجعلها تشمل إلی الإحراز بحیث تشمل الطهارة الواقعية والطهارة الظاهرية لا نقول أنَّه أعم نقول الشرط هو الاحراز حسب ما استفدنا من کلمات صاحب الکفاية ولکن الاحراز تارة یکون بالوجدان فالطهارة واقعية، تارة یکون بالاصل والقاعدة فالطهارة ظاهرية، الشرط الذي هو إحراز هو الجامع ویشملها وهذا ما یرجع إلیه کلام صاحب الکفاية. أما کلام شریف العلماء یقول: الشرط هو الطهارة الواقعية فقط، ولکن الطهارة الظاهرية تجزئ عندما یأتی بها مع عدم وجود العلم بالنجاسة طبعا ویحقق الطهارة الظاهرية، فالطهارة الظاهرية تجزئ عن الطهارة الواقعية، یعني الأمر الظاهري یجزئ عن الأمر الواقعي. فهناک فرق کبیر بین ما أفاده المحقق صاحب الکفاية رحمه الله وبین ما أفاده شریف العلماء.

و من الغریب أن یرجع السید الخوئي رحمه الله الکلامین إلی کلام واحد، هذا غریب جدا، لأنَّه کما قلنا أنَّ صاحب الکفاية أعتبر من أتی بالطهارة الظاهرية حقق الشرط الواقعي، بعد ضمّ الدلیلین؛ دلیل اشتراط الطهارة في لباس المصلي ودلیل کفاية الإحراز بعد أن جمع بین الدلیلین قال أنَّ الشرط المطلوب في الصلاة هو احراز الطهارة لا الطهارة الواقعية نفسها، فمَن صلّی إستناداً إلی الاستصحاب، حقق الشرط المطلوب في الصلاة واقعاً ، فلا حاجة للإعادة ، أما علی مبنی شریف العلماء یقول لا الشرط في الصلاة هي الطهارة الواقعية لیس إلاّ، ولکن بما أنَّ المکلف استند في اثبات الطهارة إلی الاستصحاب وثبتت عنده الطهارة الظاهرية بل الاستصحاب وهذه الطهارة الظاهرية حتی لو انکشف خلافها فهو مجزئ. فیقول شریف العلماء انکشف الخلاف؛ مثلاً بنی علی طهارة الثوب لأجل الاستصحاب ثمَّ بعد ذلک انکشف بعد الصلاة عدم الطهارة ، یعني انکشف عدم الشرط مع هذا الانکشاف یقول بأنَّ الأمر الظاهري یجزئ عن الأمر الواقعي والطهارة الظاهرية مجزئة عن الطهارة الواقعية. فبون بعید بین ما أفاده صاحب الکفاية وبین ما أفاده شریف العلماء.

الاشکال الوارد علی شریف العلماء هو نفس الاشکال الوارد علی صاحب الکفاية؛ نقول: إذا کان التعلیل هو إجزاء الطهارة الظاهرية عن الطهارة الواقعية فیفترض أن یذکر، بینما الامام علیه السلام لم یذکر في تعلیله: لأنک کنت علی طهارة ظاهرية والطهارة الظاهرية تجزئ عن الطهارة الواقعية، بل قال لأنک کنت علی یقین ثمَّ شککت ولیس ینبغي لک أن تنقض الیقین بالشک، لا نری للإجزاء وعدم الإجزاء عینا ولا أثرا.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo