< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

43/05/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الاستصحاب

یقع اشکال آخر في المقام وهو: التعلیل في هذه الرواية بناءً علی إفادتها الاستصحاب لا یتناسب مع المعلَل ؛ حیث أنَّ زرارة عندما سئل « ظننت أنَّه قد أصاب ونظرت فلم أرَ » وإنما رأی بعد الصلاة والامام علیه السلام قال: « یغسله ولایعید الصلاة» وزرارة سئل عن عدم الإعادة والامام علیه السلام قال: « لأنک کنت علی یقین من طهارتک ثمَّ شککت ولیس ینبغي لک أن تنقض الیقین بالشک » فکما هو واضح أنَّ في المقام لیس من باب عدم نقض الیقین بالشک بل هو عدم نقض الیقین بالیقین لأنَّ زرارة رأی الدم بعد الصلاة فإنَّه لا شک له. إذن الرواية لا تتناسب من حیث التعلیل و المعلَل.

وبالجملة: أنَّ الراوي کان متیقناً بالطهارة ثمَّ شکَّ ثم تیقن بها، ونقض الیقین الاول کان مستنداً إلی الیقین الثاني ولا إلی الشک فلا یتناسب تعلیل المورد بقاعدة الاستصحاب.

نعم، لو کان المراد من التعلیل هو صحة الدخول في الصلاة یصح ذلک؛ لأنَّه کان علی یقین من طهارته قبل الصلاة فیصح له أن یباشر بالصلاة، لکن المعلل هنا هو عدم الاعادة ولیس صحة الدخول في الصلاة؛ وعدم الإعادة لأنَّه کان علی یقین من طهارته ثمَّ شک « فلا ینقض الیقین بالشک»، بینما هو فعلاً علی یقین من نجاسته ونقض الیقین السابق بالطهارة لأجل یقینه الثاني للنجاسة لا للشک.

هذا تمام بیان الاشکال في هذه الصحيحة، وقد أجیب عنه بعدّة أجوبة :

الجواب الاول: للمحقق صاحب الکفاية: المقصود من شرط الطهارة للصلاة هو الأعم من الواقعيه والظاهرية وبعبارة أخری: احراز الطهارة إما أن یکون عن طریق القاعدة وإما یکون عن طریق الأصل التعبدي والشرط في الصلاة هو الاحراز للطهارة مطلقا. فإذا أحرز المکلف الطهارة یدخل في الصلاة ولا یعید الصلاة. فإذا سئل الامام علیه السلام عن السبب في عدم الاعادة أجابه لأنک أحرزت الطهارة قبل الصلاة.

وقد أشکل علی نفسه : إذا کان الشرط هو الإحراز فالطهارة لیست حکماً ولا موضوعا لحکم فلا یجري فیها الاستصحاب. لأنَّ الاستصحاب أمر تعبدي و یجري في أمور التعبدية کالحکم الشرعي وموضوعه. هنا إذا قلت الشرط هو الاحراز فالطهارة نفسها لیست حکماً شرعیاً لأنَّ ما جعلته شرطاً هو الاحراز الطهارة دون نفس الطهارة فلا ینبغي جریان الاستصحاب فیها لأنَّ الاستصحاب لا یجري إلا في الحکم الشرعي أو في موضوع الحکم الشرعي.

ثمَّ أجاب: أنَّ الشرط تارة یکون فعلیاً وتارة یکون إقتضائیاً والطهارة تکون حکماً اقتضائیاً. والطهارة إذا لم تکن شرطاً فعلیا ولا إقتضائیا لم یجري فیها الاستصحاب لأنَّه کما قلنا لیس حکماً شرعیاً ولا موضوعاً لحکم شرعي. وأما لو کان في الشرط ولو في مرحلة الإقتضاء فهذا کافي لجریان الاستصحاب فیه.

بیان ذلک : کما اشرنا عندنا دلیلان : الادلة الأولية التي تشترط طهارة لباس المصلي وبدنه ودلیل الآخر ما دلّ علی کفايظ إحراز الطهارة و إن کان بالأصل، وإن کان اللباس في الواقع نجس یعني کان اللباس نجساً ولکن أنا کنت علی یقین من طهارته سابقاً فشککت فاستصحب الطهارة هو في الواقع نجف ولکن هذا المقدار کافي في صحة الصلاة هذا مقتضی الجمع بین الدلیلین. علیه: مقتضی الجمع بین الدلیل الاول الدال علی اشتراط طهارة لباس المصلي وبدن المصلي علی شرطية إقتضائية والدلیل الثاني الذي هو هذه الصحيحة یدل علی الشرطية الفعلیة فمن هذ هالجهة تکون الطهارة حکما لکن حکما اقتضائي فعلیه یجري فیه الاستصحاب.

فملخص أجابته : أنَّه صحيح نشترط في جریان الاستصحاب أن یکون مورده الحکم الشرعي أو الموضوع للحکم الشرعي ولکن لا نشترط أن یکون الحکم الشرعي الفعلي بل حتی الحکم الشرعي الاقتضايي کافٍ في جریان الاستصحاب وما نحن فیه نفس الطهارة حکم اقتضائي وشرط اقتضائي وإحرازها شرط فعلي فمن هذه الجهة إذا شککنا في الطهارة وعدمها أمکن جریان الاستصحاب الطهارة.

الجواب الثاني الذي أجاب به صاحب الکفاية: أنَّه سلمنا ونقول بأنَّ الطهارة لیست بشرط ولکن إحرازها شرط، الإحراز یتعلق بالطهارة فتکون الطهارة متعلقاً للشرط، فهي لیست أجنبية عن الموضوع والحکم بالمرة لها تعلق بالحکم وهذا المقدار من الدخل في الموضوع کافٍ لجریان الاستصحاب.

هذا ما أجاب به صاحب الکفاية.

نستفید من کلام صاحب الکفاية أنَّه لم یجعل الشرط هو الأعم من الطهارة الواقعية والظاهرية أو من الطهارة الواقعية وإحرازها إذا جعل الشرط هو الأعم لا یحتاج إلی هذه الأجوبة وأصل الإشکال لا یرد علیه ، إذا قلنا من خلال الجمع بین الأدلة جعلنا الشرط الصلاة هو الأعم من الطهارة الواقعية والظاهرية أو الأعم من الطهارة الواقعية ومن إحرازها بالاصل وبالقاعدة الطهارة تکون شرطاً وتکون حکماً فلا معنی لأن یرد الإشکال إذن لا یصح جریان الاستصحاب في الطهارة لأنَّ جریان الاستصحاب إنما یکون في مورد الحکم الشرعي أو موضوعه لأنَّ هنا حکم شرعي فأساساً لا یرد الاشکال.

لکن کأنه ظهر من خلال اشکاله وجواب اشکاله علی نفسه أنَّه اعتبر الشرط هو الاحراز یعني من خلال الدلیل الثاني جعلنا الشرط هو الاحراز ولم یجعل الشرط هو الأعم لکن یمکن من خلال اساس التقریب أن نقول بأنَّ الشرط صار هو الأعم من الشرط الواقعي و من إحرازه أو نعبر بالطهارة الظاهرية والواقعية.

هذا ما أفاده صاحب الکفاية. هنا یمکن أن یورد علی صاحب الکفاية بأنَّ سوال زرارة کان عن سبب عدم الإعادة فإذا کان مقصود الامام علیه السلام أن یبین شرطية الطهارة وأنها أعم من الطهارة الواقعية والإحراز فیقول لأنک أحرزت الطهارة بالاستصحاب یعني المناسب في الجواب أن یقول بأنک أحرزت الطهارة بالاستصحاب یعني أنَّ الشرط – وهو إحراز الطهارة- متحقق ؛ فلا یعید لأنَّه أحرز الطهارة والشرط هو إحراز الطهارة ، لکن الامام علیه السلام لم یجب بهذا الجواب قال علیه السلام لأنک کنتَ علی یقین من طهارتک ثمَّ شککت ولیس ینبغي لک أن تنقض الیقین بالشک، فالجواب بالاستصحاب لم یکن الجواب لأنَّک محرز للطهارة، ففرق بین الأمرین؛ المناسب إذا کان الغرض إثبات شرطية الإحراز فینبغي الجواب مطابقاً علی هذه المعنی فیقول: لأنک أحرزت الطهارة، وأما یقول لأنک کنت علی یقین من طهارتک ثم شککت هذا أجبني عن أصل السوال .

فإذن هذا الجواب من صاحب الکفاية لا یتلائم مع المحل السوال.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo