< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

43/05/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الاستصحاب

[ نبذة ممّا تقدّم]

کان الکلام في الصحيحة الثانية لزرارة وقلنا فیها ستّة أسئلة والکلام یقع في الفقرتین؛ الفقرة السادسة الأخیرة وهي قوله «قلت إن رأیته في ثوبي وأنا في الصلاة قال تنقض الصلاة وتعید إذا شککت في موضع منه ثمّ رأیته وإن لم تشک ثمّ رأیته رطباً قطعت وغسلت ثمَّ بنیت علی الصلاة لأنک لا تدري لعلک شئ أوقع علیک فلیس ینبغي أن تنقض الیقین بالشک» قلنا هذه الفقرة واضحة الدلالة في الاستصحاب ولا کلام فیها وتقدم الکلام فیها.

الفقرة الأخری هي الفقرة الثالثة: « قلت وإن ظننتُ أنَّه قد أصابه ولم أتیقن ذلک فنظرتُ فلم أرَ شیئاً ثم صلیت فرأیت فیه قال تغسله ولا تعید الصلاة، قلت لمَ ذلک؟ قال لأنک کنت علی یقین من طهارتک ثمّ شککت فلیس ینبغي لک أن تنقض الیقین بالشک أبداً».

[ دلالة هذه الرواية علی الاستصحاب]

والکلام في هذه الفقرة یقع في عدة نقاط:

النقطة الأولی: في أصل دلالتها علی الاستصحاب. وهذه النقطة تستفاد من عبارتین: الأولی: التعلیل « لأنک کنت علی یقین من طهارتک ثمَ شککت» الثانية: « فلیس ینبغي لک أن تنقض الیقین بالشک» حیث أجریت قاعدة الاستصحاب من باب تطبیق کبری علی صغری حیث أنَّ الیقین السابق موجود بالطهارة وحصل الشکّ بعد ذلک.

ثمَّ لا یخفی أنَّ هذه الکبری تفید العموم ولا خصوصية لها في باب الطهارة وذلک لأجل التعلیل المذکور والتعلیل یعمم ویخصص ولأجل تعبیر بـ:«لیس ینبغي لک » التي یستفید منها الکبری أعني في أيّ مورد شککت في الطهارة وغیرها.

[ بیان صاحب الکفاية في إفادتها قاعدة الیقین]

وقد استظهر بعضهم أنَّ هذه تدلّ علی قاعدة الیقین دون الاستصحاب کصاحب الکفاية[1] الذي یفرّق بین المراد من الیقین في قوله علیه السلام« لأنک کنت علی یقین من طهارتک ثمَ شککت » یحتمل الیقین هنا أن یکون المراد به :

الیقین قبل وقوع الدم – یعني قبل وقوعه کان علی یقین من طهارة الثوب- الآن بعد أن وقع الدم ولم یرَ شیئاً حصل له الشکّ في الاصابة یستصحب الیقین.

أو الیقین الحاصل بعد النظر لا قبل الأصابة؛ یعني بعدما نظر « فنظرتُ فلم أرَ شیئاً» فبعد ما ظنَ و نظرَ لم یر شیئاً، وبعد عدم رؤیته حصل عنده یقین وهذا الیقین غیر الیقین الموجود قبل وقوع الدم. « ثمَّ صلیتُ ورأیتُ فیه» هنا سری هذا الشک إلی الیقین السابق وأزاله.

فالرواية علی الاحتمال الاول تدل علی الاستصحاب؛ حیث یوجد هناک یقین سابق و شک لاحق. وتدل علی قاعدة الیقین بناءً علی الاحتمال الثاني حیث انثلم الیقین السابق. ومع عدم رجحان أي منهما تکون الرواية مجملة.

هذا ما أفاده صاحب الکفاية رحمه الله.

[ ملاحظة فیما أفاده صاحب الکفاية]

وفیه: حمل الرواية علی قاعدة الیقین واضح البطلان وذلک: لأنَّ قاعدة الیقین فیها رکنان الرکن الاول: حصول الیقین والثاني: حصول الشکّ ولکن هذا الشک یسري إلی الیقین فیزیله فلا یبقی یقین بخلاف الاستصحاب التي اصل الیقین السابق باقٍ علی حاله ونشکّ في بقاءه فقط.

إذا عرفت هذا نقول أولاً: بناءً علی الاحتمال الثاني؛ تقول: إذا نظرَ فیه حصل یقین ، لکن في الحقیقة لیس یقین لأنّ حصول الیقین بعد النظر لازم أعم للنظر؛ حیث ربما یحصل له الیقین وربما لم یحصل یعني قال زرارة:« فنظرت ولم أرَ شیئا» ولم یذکر بعد النظر حصل عنده یقین بعدمه فمن أين نقول حصل له الیقین ربما لم یحصل؟ وعلی ضوء هذا قاعدة الیقین تفقد أحد رکنیها وهو حصول الیقین.

وثانیاً: لو سلمنا أنَّه حصل له الیقین بعد النظر؛ لکن الشک الساري الذي هو رکن آخر من القاعدة مفقود ایضاً؛ لأنَّ قال السائل: « ثمّ صلیت فرأیتُ فیه» إذن حصل عندي یقین بالنجاسة؛ فالیقین لم یرتفع بالشک یعني لم یسري الشک إلیه فیرفعه وإنما حصل یقین آخر فارتفع به.

نعم، لو قلنا أنَّ عبارة « ثمَّ صلیت فرأیت فیه » یحتمل أن رأی دماً آخر ویحتمل نفس ذلک الدم المعهود فیشک هل هذا الدم هو نفس ذلک الدم أو هو دم جدید فیبقی عنده شک وهذا الشک یسري إلی الیقین الذي حصل بالنظر ویزیله لأنَّه یمکن أن یکون هذا نفس الدم السابق وهو تیقن سابقاً بعدمه.

فلا یمکن قبول قاعدة الیقین في المقام سواء أخذنا الاشکال الثاني أم لا، فإنَّ الاشکال الاول باق علی قوته ویخرج هذه الرواية عن قاعدة الیقین.

 


[1] کفاية الاصول ص393.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo