< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

43/05/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الاستصحاب

انتهی الکلام في اشکال المیرزا مهدي الاصفهاني وهو اشکال علی الاصولیین لا علی مدلول الرواية في المقام، وحاصله أنَّ الاصولیین یروون بأنَّ الاصل المسببي لا یجري مع وجود الاصل السببي ، وفي الرواية ملاحظ أنَّ الامام علیه السلام أجری الاصل المسببي مع امکان جریان الاصل السببي، وذلک لأنَّ الامام علیه السلام قال: « فإنَّه علی یقین من وضوءه و لا ینقض الیقین بالشک أبداً» و الطهارة مسببة عن عدم النوم یعني إذا لم ینم فهو علی الطهارة وإذا نامَ فقد انتقضت طهارته، فالامام علیه السلام لم یجري استصحاب عدم نومه ولم یقل : إنَّه علی یقین من نومه ، وإنما قال :« فإنَّه علی یقین من وضوءه» فما اشتهر بین الاصولیین من عدم جریان الاصل المسببي مع جریان الاصل السببي لا صحة له ، أو یتنافی مع هذه الرواية.

[ الجواب الثاني للمیرزا الاصفهاني]

وأجیب عنه بالاجوبة – کما تقدّم الجواب الاول و مناقشته- ومن تلک الاجوبة هي: أنَّ الاصل السببي حاکم علی الاصل المسببي ولهذا لا یجري المحکوم مع جریان الحاکم، وأنَّ الحکومة إنما تکون فیما إذا کان اصلان مختلفان من حیث النتيجة أما اذا کان متوافقین فلا مانع من جریان الاصل المسببي مع جریان الاصل السببي .

توضیحه: في المثال السابق الذي ذکرناه لبیان جریان الاصل السببي دون المسببي، هناک متخالفان، یعني الماء کانت حالته السابقة الطهارة وشکّ في طهارته ونجاسته فعلاً، فاستصحبنا طهارة الماء، والنتيجة: إذا غسل الثوب به، نحکم بطهارة الثوب؛ هذا بمقتضی جریان الاصل السببي، وأما بالنسبة إلی الاصل المسببي وهو الثوب الذي کان نجساً والآن لما غسل بذلک الماء المشکوک، نشکّ في ارتفاع نجاسة الثوب فمقتضی الاستصحاب والاصل الجاري فیه هو نجاسة الثوب؛ فالنتيجة هي: الحکم بنجاسة الثوب، بینما النتيجة علی جریان الاصل السببي الحکم بطهارة الثوب.

إذن الاصل السببي هنا، یختلف من حیث النتيجة مع الاصل المسببي ففي مثله یجري الاصل السببي ولا یجري الاصل المسببي.

أما لو افترضنا أنَّ الماء کان في الحالة السابقة نجساً، والآن شککنا في طهارته و نجاسته نستصحب بقاء نجاسة الماء. فجریان الاصل السببي هو نجاسة الثوب وجریان الاصل المسببي ایضاً نحکم بنجاسة الثوب. وفي مثل هذا المورد الاصل السببي مع الاصل المسببي متوافقان، وإذا کانا متوافقین فیجري الاصل السببي و الاصل المسببي لا مانع من ذلک ولا یکون الاصل السببي حاکماً علی الاصل المسببي.

وما نحن فیه من هذا القبیل؛ حیث أنّ الاصل السببي متوافق مع الاصل المسببي، الاصل المسببي هو الحکم بالبقاء علی وضوءه – حیث کان علی طهارة والآن یشکّ في انتقاض الوضوء فیستصحب بقاء الوضوء- ایضاً الاصل السببي نتیجته هي نفس النتيجة؛ حیث کان علی یقین من عدم نومه والآن یشکّ في النوم وعدمه یستصحب عدم النوم نتيجة استصحاب عدم النوم هي الحکم ببقاءه علی الوضوء.

إذن الاصل السببي والمسببي في الرواية متوافقان فیمکن کلّ منهما. هذا الجواب أختاره السید الجلیل السید الزنجاني حفظه الله في مجلس درسه وفرّق بین الحکومة والورود:

قال بالنسبة إلی الورود؛ هناک لا یجري المورد ما دام الوارد جاریاً آختلفا أو توافقا وأما بالنسبة إلی الحکومة فلا مانع إذا کان متوافقین أما اذا کان مختلفین لا یجري الدلیل المحکوم مع جریان الدلیل الحاکم.

[ إشکال من الشیخ الوحید علی هذا الجواب]

ولکن هذا الجواب غیر تامّ کما ناقشه الشیخ الاستاذ حفظه الله : وقبل الدخول في اصل الاشکال علی هذا الجواب نقدّم مقدمة:

عندنا في القواعد الاصولية ؛ الورود والحکومة. وفي حالة الورود والحکومة لا یوجد في الواقع تعارض. وإن کان هناک تعارض بدوي و غیر مستقر ولکن هو ظاهري وغیر واقعي. وفرّقوا بین الحکومة والورود ؛

اما الورود ؛ فالدلیل الوارد یرفع موضوع الدلیل المورود وجداناً ببرکة التعبد ومثّلوا لذلک بالادلة الاجتهادية مقابل قبح العقاب بلا بیان، حیث أخذ في موضوع «قبح العقاب بلا بیان» عدم البیان، والشارع أعتبر خبر الثقة حجة تعبداً وبعد هذا الجعل من قبل الشارع، عندما وجد عندنا خبر الثقة إذن قام عندنا بیان، لما قام البیان أنتفی موضوع قبح العقاب بلا بیان؛ إذن خبر الثقة رفع موضوع اصالة البرائة العقلية ولکن ببرکة التعبد؛ یعني اصل حجة خبر الواحد کان بالتعبد.

اما الحکومة ؛ أنها تنقسم إلی قسمین رئيسيين : المفسِرة وغیر مفسِرة. الحکومة المفسِرة هي الحکومة الشارحة للدلیل المحکوم وضابطها أنَّها تکون ناظرةً إلی الدلیل المحکوم وشارحة له في موضوعه أو في محموله.

أما بالنسبة إلی الموضوع تارة تکون موسعة للموضوع مثلاً: « الطواف بالبیت صلاة» هنا ناظر إلی أدلة الصلاة حیث یشترط في الصلاة الطهارة من الحدث والخبث، وهذا الدلیل موسع لموضوع هذه الادلة للصلاة فجعل للصلاة فردین فرد الصلاة وفرد الطواف فیشترط في الطواف الطهارة من الخبث والحدث .

وتارة تکون مضیقاً له مثلاً: « لا شکّ لکثیر الشک» ناظر إلی أدلة أحکام الشکّ مثل « مَن شکّ في الثالثة والرابعة فعلیه کذا سواء کان کثیر الشک وقلیل الشکّ» ، فکثیر الشکّ إذا شکّ في الثالثة والرابعة لم یأخذ حکم الشاکّ ولم یبني علی الرابعة ثمّ یأتي رکعة الاحتیاط، فإذن ضیّق موضوع أحکام الشکّ.

وأما إذا کانت الحکومة ناظرة للمحمول ومثاله : ادلة نفي الحرج والضرر ؛ حیث ناظرة إلی محمولات الاحکام ؛ « الوضوء واجب» ویأتي دلیل لا حرج ویقول « إذا کان الوضوء حرجیاً لا یجب الوضوء» فهنا ناظرة إلی المحمولات.

ولا یخفی في هذا القسم من الحکومة – وهي الحکومة الشارحة- إذا لم یوجد دلیل المحکوم یکون الدلیل الحاکم لغواً.

والقسم الثاني الحکومة غیر الشارحة والمفسرة وهي التي تنفي بمحمولها موضوع الدلیل الآخر وإن لم تکن مفسرة له ولا یلزم عدم المحکوم اللغوية للحاکم.

بیان ذلک: عندنا أدلة الامارات التي تقول خبر الواحد حجة وهذا الدلیل بمحموله یرفع موضوع الشکّ في الاستصحاب، حیث کان في دلیل الاستصحاب : « مَن کان علی یقین فشکّ» فأخذ في موضوع الدلیل الشکّ. والخبر الثقة عندما یقوم علی شئ لا یبقی عندنا شکّ وهو غیر ناظر إلی الاستصحاب. ومع وجود خبر الثقة رفع الشکّ ویرتفع موضوع الاستصحاب. فهنا خبر الثقة یعتبر دلیل حاکم علی الاستصحاب.

إذا اتضحت هذه المقدمة: قال الشیخ الاستاذ حفظه الله في إشکال علی هذا الجواب : أنَّه لا فرق في تقدیم الاصل السببي وعدم جریان الاصل المسببي حینئذ بین ان یکون الاصل المسببي موافقاً للاصل السببي أو أن یکون مخالفاً للاصل السببي لأنَّ العبرة أنّ موضوعه انتفی تعبداً ولما انتفی تعبداً لا معنی لجریانه حتی لو کان موافقاً.

نطبق هذا الکلام علی المثال الذي ذکرناه سابقاً: لما اجرینا استصحاب طهارة الماء – حیث کان الماء محکوماً بالطهارة والآن شککنا في طهارته استصحبنا الطهارة- وغسلنا الثوب بهذا الماء المحکوم علیه بالطهارة انتفی الشکّ، یعني لا أشکّ هل هذا الماء نجس أم لا، بل تعبداً أقول أنَّه طاهر؛ لأنَّه غسله بماء طاهر. وفي حالة التوافق؛ کان الماء نجساً وشککنا في طهارته فعلاً هنا نستصحب بقاء النجاسة ، هذا الثوب الذي کان نجساً غسلناه بهذا الماء المحکوم بالنجاسة، ولا نشکّ في طهارة هذا الثوب بل هو نجس والسبب في ذلک أنّ دلیل الاصل السببي یرفع موضوع الاصل المسببي إذا رفع موضوعه لا معنی لأن تقول هنا یمکن جریان الاصل السببي ویمکن جریان الاصل المسببي لأننا نقول الاصل المسببي لا موضوع له، وأساساً موضوعه غیر متحقق.

علی هذا التقدیر نرجع إلی الاشکال الموجود في الرواية؛ قال الامام علیه السلام « فإنَّه علی یقین من وضوءه» هو کان متیقن بالطهارة فأستصحب بقاءه علی الوضوء ولم یقل الامام علیه السلام: کان علی یقین من یقظته أو کان علی یقین من عدم نومه. أنت تأتي وتقول کما أنَّه یمکن أن یجري أصالة عدم نومه یمکن ایضاً جریان اصالة عدم وضوءه نقول: إذا کان یجري أصالة عدم تحقق النوم انتفی موضوع الشکّ، لأنک لا شکّ في الوضوء وعدمه حتی تستصحب الوضوء، استصحاب الوضوء بعد وجود الیقین والشکّ، والآن لما استصحبتَ عدم النوم لیس عندک شکّ اساساً حتی تشکّ في الوضوء بعده.

إذن هذا الجواب وهو التفریق بین الاصل السببي المخالف والموافق للاصل المسببي بحیث نقول لا یجري الاصل المسببي مع جریان الاصل السببي فیما إذا کان مخالفین ویجري فیما إذا کان موافقا للاصل السببي لا صحة له. فإذن هذا الجواب غیر تامّ.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo