< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

43/04/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الاستصحاب

[ الاحتمال الرابع في الجزاء للمحقق الروحاني]

الاحتمال الرابع في الجزاء– والذي أفاده السید الروحاني-: الجزاء وهو « فإنَّه علی یقین من وضوءه» وهذه الجملة خبریة مستعملة في مقام الانشاء، کما ذهب إلیه المحقق النائيني ولکن یختلف عن رأي النائيني في أنَّ رأي المحقق النائيني في إنشاء البعث والطلب أما ما أراده السید الروحاني رحمه الله أنَّها في مقام الإنشاء ولا یراد به انشاء البعث – حتی لا یأتي بإشکال المتقدم- بل یقصد به التعبد بالیقین بقاءً وجعل الیقین تعبدا؛ « فإنَّه علی یقین من وضوءه» یعني فلیتعبد علی یقینه أو فلیبقی علی الیقین تعبداً فهو جعل للیقین تعبداً. ویصیر معنی الراوية هکذا: « وإلاّ [ إن لم یستیقن النوم] فهو متیقن تعبداً بالوضوء » ویقول لا محذور في هذا المعنی، بل یکون مفاده نفس مفاد لا تنقض الیقین بالشک في کونه تعبداً بالیقین.

وهنا مبنیان لابدّ أن نذکرهما:

الاول: إن أمکن علی البناء علی قابلية الیقین بعنوانه للتعبد بحیث یبني علی الیقین بعنوانه تعبداً بما هو یقین ولو بلحاظ الجري العملي کما أفاده المحقق النائيني یعنی یبقی علی الیقین تعبداً من حیث العمل، فالیقین لأنَّه صفة قد زال بعد حصول الشک فکیف یبقی علی یقینه؟ یقول یبقی علی یقینه عملاً ومن حیث العمل یبقی علی یقینه و یعامله معاملة الطاهر. فإن قلنا بقابلية الیقین للتعبد بعنوانه فهنا المراد من الجملة الخبرية هو البقاء علی الیقین تعبداً ولو من حیث الجري العملي.

الثاني: إن قلنا الیقین لا قابلية له للتعبد بعنوانه فنلتزم بأنَّ المراد التعبد بالمتیقن؛ قال:« فإنَّه علی یقین من وضوءه» یعني فلیتعبد بالیقین یعني فلیبقی علی المتیقن تعبداً، فالمتیقن نفس الطهارة لا أنَّه الیقین بالطهارة.

فعلی کلا المبنیین الکلام الاول أنَّ الجملة الخبرية أرید بها الانشاء ویعني جعل الیقین تعبداً وهذا إن کان الیقین بما هو یقین قابل للجعل التعبدي ولو عملاً، فنبني علی ذلک وإن لم یکن قابلاً للجعل التعبدي فالمراد التعبد بالمتیقن. مثل ما یقال في « لا تنقض الیقین بالشک» حیث أنَّ الیقین انتقض قطعاً بعد حصول الشک بما هو صفة، ولکن معناه یکون إبني علی المتیقن.

قال ما نصّه[1] : « و من الغريب غفلة الأعلام عن ذلك و صرف نظرهم إلى إرادة إنشاء البعث یعني یراد بها الانشاء لکن لا إنشاء البعث والطلب کما ذکرناه في ضمن إشکال في السابق. ویقول المحقق الروحاني بهذا الذي ذکره ینتفي الاشکال.

[ کلام السید السیستاني في المقام]

في عبارات بعض الاعاظم حفظه الله یفید منها هذا المعنی ولکن لم یلتقي في النتيجة بهذا المعنی، حیث أنَّه حفظه الله حمل تلک الجملة – وهي « فإنَّه علی یقین من وضوءه»- علی الإنشائية والتعبد بالیقین، ولکن لم یجعل الشک بحسب ما هو معروف في قاعدة الاستصحاب وإنما جعل الشک بمعنی الوسواس.

ما نصّه[2] فنقول: إنَّ الشرط محذوف کما ذکر القوم، والمعنی: وإن لم یستیقن أنَّه قد نام، فإنَّه علی یقین من وضوئه فعلاً، جریاً علی الارتکاز، والجملة جملة خبرية، إلاّ أنّها لم تستعمل بداعي الانشاء الطلبي حتی یرد علیه ما أورده السید الخوئي وغیره. وإن کانت بداعي الانشاء، فإنَّما تکون من قبیل هي طالق وهو حر، یعني أنَّه علی یقین بحسب الاعتبار».

هذا المقدار یلتقي تقریباً مع ما أفاده السید الروحاني رحمه الله ولکن فيما بعد قال: « فلقائل أن یقول: إنَّ هذه الجملة [ ولا ینقض الیقین بالشک] شاهد علی أنَّ الجزاء لیس قوله علیه السلام:« فإنَّه علی یقین» إلی آخره؛ لأنَّه لا معنی للشکّ مع وجود الیقین، والمفروض أنَّ الامام علیه السلام اعتبره متیقناً، فلا وجه لقوله علیه السلام: « ولا ینقض الیقین» إلی آخره . والجواب عن ذلک: أنَّ المراد من الشکّ في المقام: الوسوسة والتردد، وإنَّه لا ینبغي رفع الید عن الیقین بسبب الوساوس» ثمّ یستشهد ببعض الروایات بأنَّ الشکّ یأتي بمعنی الوسوسة.

إذن علی هذا الکلام یفترض أن تخرج هذه الجملة من باب الاستصحاب وکأنَّ الاساس في ذلک هو ورود هذا الاشکال وهو لا معنی للشک مع وجود الیقین والمفروض الامام علیه السلام اعتبره متیقناً.

وهذا الاشکال یمکن أن یندفع بما ذکره المحقق الروحاني رحمه الله؛ حیث قال: الیقین بما هو یقین هل هو قابل للتعبد ولو بلحاظ الجري العملي أو غیر قابل؛ علی فرض القبول فنجعل « فإنَّه علی یقین » یعني یبني علی الیقین تعبداً عملاً، وعلی فرض عدم القبول یکون المراد التعبد بالمتيقن عملاً کما قلناه آنفاً.

ثمّ بعد ذلک یقول المحقق الروحاني[3] : « لا تنقض الیقین بالشک» هذه کبری یعني الجزاء کان یتکفل التعبد بالیقین بالوضوء ولا ینقض الیقین ابداً بالشک بیان للقاعدة الکلية یتکفل التعبد بالیقین في کلّ موارد الیقین والشک. فیکون التعبد بالیقین بالوضوء من باب أنَّه صغری من صغریات هذه الکلية ومصداق من مصادیقها؛ فتکون الجملة الثانية جملة مستأنفة تفید أنّ هذا الحکم لا یختص بباب الوضوء بل یجري في کل یقین وشکّ. مثلاً یقول: إن جاءک زید فإکرمه، ثمّ یقول: واکرم کلّ من یجیئک، ففي الاول جملة خاصة بزید، وفي الثانية جملة مستأنفة. وعلیه: ما نحن فیه من هذا الباب .

یعني: فإنَّه علی یقین من وضوءه یعني فلیتعبد بالبقاء علی الیقین ولو بلحاظ الجري العملي، ثمّ استأنف وأعطی کلية وقال: ولا ینقض الیقین أبداً بالشک؛ في مورد الوضوء أو في غیر مورد الوضوء.

علی هذا البیان لا یرد الاشکال الذي ذکره بعض الاعاظم حفظه الله ثمّ دفعه باختیار ما یکون أجنبیاً عن باب الاستصحاب.

ثمّ ما ینبغي أن یقال مع السید الروحاني أنَّ هذا الکلام کإحتمال في حدّ نفسه ممکن، ولکن لا یخلو من التکرار؛ حیث أنَّه قال: أنَّ مفاد «وإن لم یستیقن أنه قد نام فلیبقی علی الیقین تعبداً ولو بلحاظ الجري العملي» هو مفاد «لا تنقض الیقین بالشک» فإذا کان مفاده هو مفاد لاتنقض الیقین بالشک إذن هناک تکرار، وهذا التکرار لایفید و علی خلاف الواقع.

وهذا الاشکال بالتکرار یمکن استفاده من کلمات السید الشهید الصدر رحمه الله ما نصّه[4] : « ثالثا- عدم صحة الحمل على الإنشاء في نفسه، إذ لو حمل اليقين على التعبدي منه فما ذا يقال عن اليقين في الجملة الثانية؟ فهل يحمل على اليقين الوجداني أو التعبدي، و الأول خلاف ظاهر السياق بل خلاف صراحة التركيب في تأليف قياس من صغرى و كبرى و هذا لا يكون إلّا مع وحدة المعنى المراد باليقين في الجملتين بل على هذا تكون الجملتان بمعنى واحد و تكون الجملة الثانية تكرارا صرفا للجملة الأولى و لكن بلسانين. و الثاني يلزم منه ركاكة الجملة الثانية إذ ترجع إلى ان اليقين التعبدي أي الحجة لا ينبغي نقضه بالشك و هذا أشبه بالقضية بشرط المحمول بل يلزم نحو تهافت في اللحاظ...».

هذا الکلام یصلح أن یکون جواباً علی ما أفاده السید الروحاني. ولکن یمکن الدفع لما أفاده السید الصدر رحمه الله ایضاً بنفس ما أفاده السید الروحاني وأجبنا به عن بعض الاعاظم حفظه الله. وهو: أنَّ الیقین هو الیقین الموجود في الصغری هو موجود في الکبری وبعبارة أخری : الموجود في الجملة الأولی نفسه موجود في الجملة الثانية ولکن الفرق دفعاً للتکرار أنَّ الموجود في الجملة الاولی خاصٌ بالوضوء یقول: وإلاّ فلیتعبد بالیقین بالوضوء، ثمّ بنحو عام ومطلق یقول: ولا ینقض الیقین أياً کان وفي هذه الجملة بیان لقاعدة کلية تتکلفل التعبد بالیقین في کلّ موارد الیقین و الشک. ففي الجملة الاولی التعبد بالیقین في باب الوضوء والجملة الثانية التعبد بالیقین مطلقاً علی هذا لا یلزم التکرار و الاشکال مندفع.

فعندنا احتمالان صحیحان وقابل لحمل الرواية علیهما:

الاول: ما أفاده الشیخ الانصاری من أنَّ الجزاء محذوف والجملة: فإنَّه علی یقین من وضوءه علة لذلک الجزاء المحذوف قامت مقام الجزاء ولهذا دخلت علیها الفاء وهذه تشکل صغری لکبری کلية فیکون فإنَّه علی یقین من وضوءه ( الصغری) ولا ینقض الیقین بالشک ( الکبری). ولا یرد علیها ما اورد ما عدا أخذ التقدیر فإنَّه خلاف الظهور.

الثاني: ما أفاده السید الروحاني قدس سره.

کلّ منهما یکفي في أخذ القاعدة الکلية من الرواية و الاقرب منهما کلام الشیخ الانصاري لأنَّ مخالفة الظهور غیر مضرّ بل نقول أنَّه في الواقع غیر مخالف للظهور لأنَّه متقدم کلمة «لا حتی یستیقن أنَّه قد نام» فلا ینبغي إعادتها.

أما حمل الجملة علی الإنشاء ثمّ حملها علی التعبد هنا ایضاً مخالفتان للظهور؛ فإذا دار الأمر بین الإحتمالین فکلام الشیخ الانصاري هو المقدّم.


[2] تقریرات الاستصحاب للسید السیستاني دام ظله بقلم، السید الرباني، ج1، ص65.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo