< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

43/04/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الاستصحاب

[ نبذة ممّا تقدّم]

ذکرنا فیما سبق أنَّ الوجه الذي أفاده الشیخ الانصاری وایضاً تبعه في ذلک المحقق صاحب الکفایة وهو الذي یظهر من کلام السید الخوئي وقلنا ورد علیه الاشکال کما أورده السید الروحاني حیث تبع المحقق الاصفهاني.

وکان الاشکال ما حاصله: الدلیل علی هذا الاساس یکون متکوّن من کبری و صغری؛ یعني :« وإلاّ : یعني وإن لم یستیقن علی الوضوء، فإنَّه علی یقین من وضوءه، ولا ینقض الیقین بالشک أبداً» والمأخوذ في الحدّ الاوسط في الصغری هو « علی یقین من وضوءه» فاقترنت بالوضوء فعلیه الحدّ الاوسط الموجود في الکبری ایضاً یبنغي أن یکون :« ولا ینقض الیقین بالوضوء بالشک» ولا تکون قاعدة عامة.

[ احتمالان في خصوصية الرواية لباب الوضوء]

إذا حملنا الرواية علی باب الوضوء لا تخرج عن أحد الاحتمالین:

الاحتمال الاول: إما أن یکون المراد خصوص ما إذا شکّ في تحقق النوم خاصاً لأنَّ الرواية وردت في خصوص النوم حیث قال: « وإن تحرّک في جنبه شئ وهو لا یعلم؟» فالکلام واقع في النوم، فعندما الامام علیه السلام یقول :« وإلاّ: [ یعني و إن لم یستیقن أنَّه قد نام] فإنَّه علی یقین من وضوءه ولا ینقض الیقین [ بالوضوء للفرض] بالشک [ بالنوم ]». فالاحتمال الاول هو خصوصیة الرواية للنوم فقط.

وفیه: لا یمکن المسیر إلی هذا الاحتمال لأنَّه یوجب التکرار حیث في بادئ الأمر الامام علیه السلام أجاب بعدم ناقضية النوم المشکوک، فإذا فسرنا التعلیل هکذا: « وإلاّ: إن لم یستیقن أنَّه قد نام...الخ» هو نفس الکلام السابق ونفس الحکم المعلل فلم یضف الامام علیه السلام شیئاً.

الاحتمال الثاني: الشک في مطلق الناقض من النوم والریح و...، « فلا تنقض الیقین بالشک [مطلقاً]» وهذا مما یمکن المسیر إلیه ، وتبقی الرواية في باب الوضوء ولا خصوصیة لها بالنوم، وعلی هذا الاحتمال لا یأتي إشکال التکرار واللغوية المتقدم.

ثمّ نقول الاشکال الذي ورده المحقق الروحاني من خصوصية الیقین في باب الوضوء لابدّ أن یکون یبني علی هذا الاحتمال الثاني.

 

[ الجواب الثاني للشیخ الوحید الخراساني في خصوصية الرواية]

أجبنا فيما سبق بجواب مختصر وهو: أنَّ الکبری لابدّ وأن تکون أوسع دائرة من الصغری فنشترط اتحاد الحدّ الاوسط بین الصغری والکبری ولکن کونها کبری تکون تشمل الصغری ومازاد علیها، وتقدم الکلام فیها ولانعید.

هنا جواب آخر یرده الشیخ الاستاذ حفظه الله: قبل الجواب قدّم له مقدمتین:

المقدمة الاولی: ینبغي في الظهورات ملاحظة کلّ ما له دخل في الحکم، ولا یجمد علی الالفاظ بل یلاحظ کل ما یحتفّ بالکلام.

ولا یخفی أنَّ الاستظهار لیس مجردّ ما یستفاد من الوضع اللفظي یعني لیس الظاهر هو المعنی الذي وضع بإزاه اللفظ، بل اللفظ تارة نتکلم عن معناه الحقیقي وتارة نتکلم عن ظهوره. والکلام عن معناه الحقيقي بحث لغوي وأنَّ هذا اللفظ موضوع لهذا المعنی أما البحث عن الظهور فلابدّ أن تلاحظ المفردة في جملة الکلام وتلاحظ القرائن الحافّة بالکلام من القرائن اللفظية أو الحالية و المقامية. مثلاً عندما یقول القائل: رأيتُ أسداً یرمي؛ هنا لا یکون ظهور الکلام في الحیوان المفترس لأنَّ الاسد موضوع لحیوان المفترس، بل نقول في مرحلة الظهور أنَّ هذه اللفظة ظاهرة في الرجل الشجاع .

المقدمة الثانية: لابدّ في انعقاد الظهور من ملاحظة مناسبة الحکم والموضوع؛ وهذه المناسبة قد تضيّق الظهورات وتخصص وقد تعمّم دایرة الموضوع. وإنَّ مناسبة الحکم والموضوع من القرائن الحافة بالکلام الذي لابدّ من الإعتناء بها، وهذه القرینة التي تستند إلیها المتلقي.

ونحن نضیف المقدمة الثالثة ونقول: عندنا بعض الامور نسميها «الامور ذات التعلق»، یعني لا توجد مستقلة وفي وجودها تحتاج إلی متعلق. مثلاً الحبّ والارادة الشوق والعلم؛ هذه الامور ذات تعلق ولابدّ من وجود طرف تتعلق به هذه الصفة ولایمکن أن یوجد حبّ بدون محبوب.

إذا عرفنا هذه المقدمات ندخل في الجواب:

ما نحن فیه عندنا « فإنَّه علی یقین من وضوءه» و « لا ینقض الیقین أبداً بالشک» الیقین الوارد في الصغری والذي هو الحدّ الاوسط هنا تعلق بـ:« من وضوءه» وایضاً الاصل في القیون ان تکون احترازية لکن الیقین من الامور ذات التعلق وعلیه حتی لو انضم إلیه هذا القید والمتعلق- وهو الیقین بالوضوء- لم یکن المراد منه القیدية. مثلاً: لو ورد : أکرم العالم ثمّ وصف العالم بالعادل، هنا العادل قید للعالم ولا یتوقف وجود العالم علی انضمام العادل وعلی تعلقه بالعادل بحیث أنَّه لو قال اکرم العالم بوحدها یتمّ الکلام ولا شئ فیه، وعندما یقول: أکرم العالم العادل أثره التقیید لیس إلا، یعني یرید أن یقید موضوع وجوب الاکرام بخصوص العالم العادل لیخرج العالم غیر العادل.

اما بالنسبة إلی ما نحن فیه و هو الیقین؛ لاریب أنَّ الیقین من الامور ذات التعلق ولابدّ أن یکون هناک متعلق لهذا الیقین ولا یمکن وجود الیقین مستقلاً بنفسه، وعلیه عندما یقول:« فإنَّه علی یقین من وضوءه» هذا لیس قیدا للیقین وإنما بیان لمتعلق الیقین. فلا یدخل من وضوءه في ضمن الحدّ الاوسط الذي لابدّ وأن یتکرر في الصغری وفي الکبری.

بعبارة أخری: أن ذکر المتعلق في الکلام لا یعني ظهوره في القیدية بل لبیان المتعلق وعلیه نقول: أولاً: أنَّ « من وضوءه» لیس علی نحو القیدية حتی یقال هو جزء من الموضوع فلابدّ ان یتکرر الحدّ الاوسط. ثانیاً: الحدّ الاوسط في الصغری والکبری هو الیقین المتکرر فیهما، فالنتيجة تکون عامة.

[ استشهاد علی الخصوصية والجواب عنه]

إنّ المستشکل علی عمومية الرواية قال في ضمن اشکاله: استشهد بأنّ الالف واللام في « فلا تنقض الیقین» للعهد. مثل قوله تعالی :« أرسلنا إلی فرعون رسولاً فعصی فرعون الرسول» وجعل المستشکل هذا الکلام لتایید اشکاله.

وایضاً أجاب عن هذه النقطة الشیخ الاستاذ حفظه الله[1] : إما بالنسبة إلی الآية لا یمکن ان تکون الالف واللام الموجودة في « الرسول» للجنس اساساً لأنَّ فرعون لم یعصي جنس الرسول وإنما عصی شخص الرسول، فالالف واللام فیه یسقط ظهورها في الجنس لوجود القرینة. ویأتي نفس الکلام في المقام، عندما یقول: « ولا تنقض الیقین بالشک» حیث أنَّ نقض الیقین بالشک لیس من خصوصیات الیقین الخاص بل هو من خصوصیات مطلق الیقین. فالإقتضاء الذاتي لجنس الیقین ألا ینقض بالشک.

 


[1] المغني في الاصول الاستصحاب ج1 ص87.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo