< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

43/04/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الاستصحاب

[ نبذة مّما تقدّم]

تقدم الکلام أنَّ الاصولیین اختلفوا في الجزاء في الشرطية: « وإلاّ فإنَّه علی وضوءه فلا تنقض الیقین أبداً بالشک» علی اقوال : القول الاول: أنَّ الجزاء هو نفس کلمة «فلا تنقض» وقلنا هذا لا یصحّ باعتبار أنَّ الجزاء لابدّ وأن تدخل علیه الفاء، وعلی فرض انّ الفاء دخل علی تمهید کما قیل وهو «وإلاّ فإنَّه علی یقین من وضوءه»، ونقول ایضاً ینبغي أن لا تدخل الواو علی لا ینقض. کما أثبتناه سابقاً.

[ القول الثاني في الجزاء ]

القول الثاني وهو ما ذکره الشیخ الانصاري رحمه الله و تبعه في ذلک المحقق صاحب الکفاية: أنَّ الجزاء محذوف والتعلیل المذکور وهو: « فإنَّه علی یقین من وضوءه» قامَ مقام الجزاء ولهذا دخلت الفاء علیه؛ یعني «وإلاّ» هنا یعنی « وإن لم یستیقن أنَّه قد نام» فهذا هو الشرط، والجواب یکون:« فلا یبطل الوضوء» والتعلیل هو: « فإنَّه علی یقین من وضوءه»، فهذه الاخیرة علة للجزاء والجزاء محذوف و تقدیره « لا یبطل وضوءه».

قال الشیخ ما نصّه: [1] « وتقریر الاستدلال: أنَّ جواب الشرط في قوله ( علیه السلام) : " وإلاّ فإنَّه علی یقین" محذوف، قامت العلة مقامه لدلالتها علیه، وجعلها نفس الجزاء یحتاج إلی تکلف، وإقامة العلة مقام الجزاء لا تحصی کثرة في القرآن وغیره، مثل قوله تعالی: ( وإن تجهر بالقول فإنَّه یعلم السر وأخفی) و ( إن تکفروا فإنَّ الله غني عنکم) ... فمعنی الرواية: إن لم یستیقن أنه قد نام فلا یجب علیه الوضوء، لأنَّه علی یقین من وضوئه في السابق، وبعد إهمال تقیید الیقین بالوضوء وجعل العلة نفس الیقین، یکون قوله علیه السلام: " ولا ینقض الیقین" بمنزلة کبری کلية للصغری المزبورة.».

[ توضیح للشیخ الوحید الخراساني حول ما أفاده الشیخ]

توضیح ذلک – کما أفاده الشیخ الاستاذ حفظه الله- : عندنا قوانین مسلمة أنَّ الجزاء لابدّ أن یترتب علی الشرط مثلاً: إن جاءک زید فأکرمه، باعتبار أنَّ القضیة الشرطية قضية تعلیقية، والترتب تارة یکون بنحو العلة وتارة یکون بنحو المعلولية وإن کان الغالب هو تفرّع الجزاء عن الشرط مثل قولک: « إن طلعت الشمس فالنهار موجود» هنا الترتب أنَّ الجزاء معلول لطلوع الشمس تارة تعکس تقول: « إن کان النهار موجوداً فالشمس طالعة» الشمس لیست معلولة للنهار، فالترتب یکون بنحو العلية تارة و بنحو المعلولية أخری.

قبل إکمال النقطة التي ذکرها الشیخ الاستاذ حفظه الله نعلّق ونقول: أنَّا لا نسلم الکلام معه في هذه النقطة لأنَّ هنا حتی في « إن کان النهار موجوداً فالشمس طالعة» هنا الشرط هو العلة ولکن العلة للعلم بطلوع الشمس بینما هناک عندما تقول: « إن کانت الشمس طالعة فالنهار موجود» وجود النهار معلول لطلوع الشمس ولکن في المثال المتقدم أنَّ وجود النهار لیس علة لطلوع الشمس بل هو علة لمعرفة طلوع الشمس.

فإذن الترتب دائماً یکون بنحو العلية یعني ترتب الجزاء علی الشرط هو ترتب المعلول علی العلة وربما یکون علة الوجود و أخری علة المعرفة.

نرجع إلی کلام الشیخ الاستاذ حفظه الله : الجملة الشرطية یترتب فیها الجزاء علی الشرط وإذا جعلنا الجزاء هو مدخول الفاء یعني « وإلاّ فإنَّه علی یقین من وضوءه» وجعلنا الشرط :« وإن لم یستیقن أنَّه قد نام» هل یترتب خارجاً هذا الجزاء علی هذا الشرط؟ من الواضح أنَّه لا یترتب علیه.

اذا صرفنا هذا الاحتمال نقول: إذن الجزاء محذوف، وجملة:« فإنَّه علی یقین من وضوءه» علة قامت مقام ذلک الجزاء، وبهذا تکون الجملة هکذا : فإنَّه علی یقین من وضوءه صغری والکبری: لا ینقض الیقین بالشک. فالکبری تشکل لنا قاعدة نستفید منها في باب الاستصحاب.

[ مناقشة المحقق الروحاني فیما أفاده الشیخ]

هناک اشکال أورده المحقق السید الروحاني [2] رحمه الله وربما أستفاد هذا الاشکال من بعض کلمات المحقق الاصفهاني رحمه الله، حاصل هذا الاشکال: هذا الاحتمال الذي أورده الشیخ الانصاري وإن کان في نفسه صحیح وموافق للقواعد العربیة، ولکن علی هذا الاحتمال لا یصحّ أن نستفید قاعدة عامة تفیدنا في کل باب من الابواب، بل تکون ظاهرة في اختصاص باب الوضوء فقط؛ لأنَّ قوله علیه السلام :« فإنَّه علی یقین من وضوءه» فرض أنَّها تعلیل للحکم المقدّر، وهو عدم وجوب الوضوء، والذي یظهر أنَّ العلة مرکبة من صغری وهي: « فإنَّه علی یقین من وضوءه» وکبری وهي: «ولا ینقض الیقین بالشک» ومن الواضح أنَّه یشترط الاتحاد بجمیع قیوده في الحدّ الأوسط؛ یعني إذا کان الحدّ الاوسط مقید لابدّ و أن یکون في الکبری ایضاً مقید ولا معنی لتجرّد الکبری من القید لأنَّ المقصود من القیاس هو اثبات الاکبر للاصغر؛ إذن لابدّ أن یتحد الحدّ الاوسط بجمیع قیوده في الصغری وفي الکبری. فالحدّ الاوسط في الصغری هو « فإنَّه علی یقین من وضوءه» وفي الکبری « فلا تنقض الیقین» وإن کان لم یذکره في اللفظ لکن علی هذا التقدیر یکون المراد هو « ولا تنقض الیقین من وضوءک» علیه تنتج قاعدة عامة في باب الوضوء فقط.

الحاصل: بما أنک تقول الجزاء محذوف، وهو : « فلا یجب علیه الوضوء» والمذکور :« فإنَّه علی یقین من وضوءه ولا ینقض الیقین ابداً بالشک» هذا تعلیل إلی الحکم المحذوف هذا التعلیل قیاس مرکب من صغری و کبری وفي الأقیسة الحدّ الأوسط المشترک بین الاصغر وبین الاکبر لابدّ أن یلاحظ في الاثنین في الصغری وفي الکبری؛ في الصغری :« فإنَّه علی یقین من وضوءه» في الکبری:« ولا ینقض الیقین [ یفترض أن یکون:] بوضوءه بالشک أبداً» إذن القاعدة المستفادة قاعدة في خصوص باب الوضوء ولا یستفاد منها أکثر من ذلک.

[ ملاحظة فیما أفاده المحقق الروحاني]

یمکن أن یجاب عمّا أفاده السید الروحاني رحمه الله: أنَّ مقتضی القیاس أن یکون ما في الکبری أوسع دائرة ممّا في الصغری، بحیث یکون ما في الصغری مصداقاً من مصادیق ما في الکبری، وتنطبق علی الکبری کما تنطبق علی غیره، - هذا هو المفترض في القیاس-، مثلاً نقول: «زید عالمٌ فقیه وأکرم کلَّ عالم» ففي مثل هذا المثال لا نقیّد أکرم کلَّ عالم بعالم الفقیه، فیجب اکرام زید العالم الفقیه لأنَّه یجب اکرام کل عالم.

النتيجة : قال علیه السلام:« فإنَّه علی یقین من وضوءه» والکبری : « ولا ینقض الیقین بالشک ابداً» هنا مطلق الیقین ولا خصوص الیقین بالوضوء. فقاعدة الاقیسة التي أردتَ الاستدلال بها تعطينا ایضاً هذا الجانب.

[ اشکال آخر علی عمومية الرواية]

قد یشکل اشکال آخر علی عمومية هذه الرواية وهو: أنَّ هذه الرواية واردة في باب الوضوء وبما أنَّها واردة في باب الوضوء فنحن نستفید قاعدة عامة في باب الوضوء فقط.

ولردّ هذا الاشکال بحث الاعلام حول الیقین هل هو شامل لجمیع الابواب أو لباب الوضوء فقط.

فلابدّ لنا أن نردّ علی هذا الاشکال ایضاً. کما سیأتي إن شالله تعالی.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo