< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

43/04/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الاستصحاب

[ مناقشة في تصحیح السید الخوئي]

تقدّم الکلام في کیفیة رفع اشکال الاضمار، وذکرنا ما افاده السید الخوئي رحمه الله بوجهین، والآن نذکر الاشکال الذي أورد علی کلام السید الخوئي.

والاشکال هو: أنَّ الاضمار لیس من زرارة جزماً لأنَّ لفظة: « قلت له» هي مخالفة لقانون المحاورة فلابدّ وأن یکون مرجع الضمیر معلوماً عند المخاطب و من الممکن أن یکون زرارة بصدد نقل ما سمعه من حکم بن عتيبة. وقد ذکر ذلک قبل هذه الجملة، ثمّ قال :« وقلت له » بمعنی أنَّ السؤال السابق کان لحکم بن عتیبة ثمّ قا وقلت له فالضمیر یرجع إلی حکم بن عتیبة. وإلاّ فلیس من المعقول ان یبتدأ زرارة بقوله قلت له، فالاضمار إما من حریز أو من حماد أو من حسین بن سعید إلی آخره من سلسلة السند.

هذه الکلمات المنسوبة في بعض التقریرات لبعض الاعاظم حفظه الله لا تخلو عن الاضطراب، فإنَّ ما قاله عن تصویر رواية زرارة عن الحکم هو بعینه یأتي في رواية زرارة عن الامام علیه السلام، بمعنی: أنَّه مفاد العبارة أنَّ نفس زرارة لم یقل « قلت له» و إنما الذي قطّع الروایات هو الذي قال قلت له، والسبب في ذلک: من الممکن أن یکون زرارة بصدد نقل ما سمعه من الحکم بن عتیبة، وهذا اذا کان المقصود منه تصحیح للاضمار کما یقال في حقّ رواية زرارة عن الحکم من: «من الممکن ان یکون بصدد نقل ما سمعه عن الحکم وقد ذکر ذلک قبل هذه الجملة» ایضا نفس هذه الجملة یتصور عن الامام علیه السلام فننفي بنحوٍ جازم بالنسبة الی الامام علیه السلام ولا ننفیه بالنسبة إلی الحکم بن عتيبة هذا غیر تامّ. لکن یوجد تشویش في التقریر یعني لا یمکن ان ننسب هذا الکلام الذي الآن بينّته لبعض الاعاظم حفظه الله.

والذي یظهر – والله العالم- أنَّ المراد هو هذا: العبارة الأولی تامّة وهي أنَّ الاضمار لیس من زرارة جزماً لأنَّ لفظ « قلتُ له» هي مخالفة لقوانین المحاورة یعني ابتداءً یقول زرارة قلت له، هذا مخالف لقوانین المحاورة. إذن الاضمار لیس من زرارة وإنما لمن جاء من بعده إما حریز او حماد او حسین بن سعید و... .

علیه « قلتُ له » لعّل زرارة کان یسئل سوالا آخر فذکر المسئول عنه، ولما وصل إلی هذه الجملة قال: « قلتُ له» هنا یکون الاضمار تامّ، ولکن کما أنَّه یحتمل أن یکون زرارة عن الامام علیه السلام یحتمل أن یکون زرارة سمعه عن الحکم بن عتيبة فیساق الاشکال بهذا النحو: أنَّ مرجع الضمیر یحتمل ان یکون هو الامام علیه السلام ویحتمل أن یکون مثلاً الحکم بن عتیبة. فلا یأتي قول السید الخوئي « أنَّ الاضمار من مثل زرارة لا یوجب القدح في اعتبارها» وإنَّ علی هذا الکلام هذا الاضمار اساساً لیس من زرارة وإنما هو من أحد من جاء بعده.

نقول أنَّ هذا المعنی من خلال ما ذکرنا في اسباب الاضمار، یمکن نفیه یعني یمکن أن نقول أنَّ المضمِر هو نفس زرارة، لأنَّ أحد الاسباب التي ذکرناها هي : «القرینة الحالية»، والمحادثة کانت حول رأي الامام علیه السلام مثلاً، فزرارة مباشرة قال قت له، فلا یحتاج أن یقول قلت لأبي جعفر علیه السلام. و هذا الاحتمال وارد . والراوي عنه کان ینبغي له أن یقول :« سئل زرارة عن الامام علیه السلام فأجاب»، هذا شأن الرواي لکن الآن نرید نقول هل یمکن أن یکون المضمِر نفس زرارة أو لا.

والسبب الثاني کان التقية، کما یقول سئلتُ الرجل أو أي تعبیر آخر الذي یعرفه الاصحاب أنَّ المقصود هو الامام علیه السلام، فهنا ایضاً زرارة عندما یقول قلت له فالضمیر یرجع إلی الامام علیه السلام، یعني في مثل هذه المقامات التي تحتاج إلی احکام شرعية فزرارة عندما یقول قلت له یعنی الامام علیه السلام. فاحتمال التقية وارد ایضاً.

نعم، علی السبب الثالث الذي قلناه في السابق، أن یکون الاضمار من التقطیع في الروایات فهذا الاضمار في هذه الجملة لیس من زرارة یعني زرارة سئل عدّة أسئلة من الامام علیه السلام؛ في سؤال الاول قال قلت لأبي جعفر علیه السلام، وفي السؤال الثاني قال : « قلت له » وهکذا بالنسبة إلی السوال الثالث و الرابع. فأصل إرجاع الضمیر من زرارة ولکنّ الاضمار المبحوث عنه – یعني حتی تکون الرواية مضمرة- هذا لیس من زرارة علی مبنی التقطیع.

والحاصل: فأصل نفي الاضمار من زرارة بنحو الجزم غیر تامّ؛ لأنَّ عندنا اسباب أخری یمکن أن یکون الاضمار من نفس زرارة وأمر محتمل جدّاً، لکن علی التقطیع نعم، یکون المضمِر لیس زرارة.

ولکن یبقی شئ آخر: قلنا علی سبب التقطیع أنَّ الاضمار لیس من زرارة، هنا اذا کان من حریز مثلاً، معناه أنَّه سمع زرارة یقول قلت له وذکر المسئول فإذا کان المسئول هو حکم بن عتیبة کما احتمله بعض الاعاظم حفظه الله، فحریز الذي قطّع ویعلم أنَّ صدر الرواية کان سوالاً عن الحکم بن عتیبة کان یفترض فیه أن یذکر، ولا یتعامل معه معاملة الرواية عن المعصوم علیه السلام، إلاّ أن یکون غافلاً بالمرة، والاصل عدم الغفلة في مثل هذه الموارد عقلاءً. فهذا الاحتمال جملة أو تفصیلاً لا یمکن أن نستند إلیه.

 

[ المختار في الاضمار]

فعلی کل حال، نقول: بأنَّ الاضمار من الثقات مطلقاً، سواء کان من امثال زرارة أو أقل شأناً منه؛ لا یصدر منهم الاضمار إلاّ عن الامام علیه السلام. وذلک لوجود قرائن عامة وقرائن خاصة:

أما القرينة العامة: أنَّ زرارة مثلاً هو بصدد کتابة الحدیث المروي عن أهل البیت علیهم السلام، فزرارة عندما یکتب أصلاً لا یکتب بشکل الکشکول حتی ینقل عن کل من سمعه وإنما یرید أن ینقل الاحکام وما یرتبط بها عن الأئمة علیهم السلام. وبقية أصحاب الکتب الذين أتوا وألفوا الکتب سواء کانت کتبهم في الصلاة أو الحجّ أو الصوم وغیرها، أنَّ غرضهم هو ان ینقل الاحادیث التي سمعها من الامام علیه السلام مباشرة أو عن راوٍ عن الامام علیه السلام فالغرض ان یجمع هذه الاحادیث. علیه، عندما یقطّع الرواية وفي صدر الرواية موجود اسم الامام علیه السلام وفي ذیلها لا یوجد نعرف أنَّ المقصود منه الامام علیه السلام لا غیره، لأنَّ الغرض من کتابة هذا الکتاب هو أن یکتب أحادیث أهل البیت علیهم السلام. فإذا کانت الرواية عن غیر أهل البیت علیهم السلام کان علیه أن یذکر ذلک، وإلاّ هذا یعتبر نوع من التدلیس فتخدش وثاقته.

فلهذا نقول: أنَّ اضمار کل ثقة یکون معتبراً لأنَّ هذا الاضمار عن الامام علیه السلام بوجه الذي ذکرناه.

والقرينة الخاصة: قال علیه السلام في جواب زرارة: « یا زرارة قد تنام العین ولا ینام القلب والأذن فإذا نامت العین والأذن والقلب وجب الوضوء» الذي ذکرنا في الاضمار هو بنحو العام، یعني أنَّ هذه الرواية تامّة بنحو عام یعني القرینة التي ذکرناها من جهة عامة، عندنا ایضاً الجهة الخاصة في خصوص هذه الرواية، فإذا تأملنا في طریقة السوال والجواب نعلم ونقطع أنَّ زرارة یتکلم مع الامام علیه السلام لا غیره. فهذا الجواب والخطاب من مثل شخص عالي إلی زرارة لا من مثل حکم بن عتیبة. هذه قرينة خاصة داخلية نستطیع أن نقول أنَّ المروي هو الامام علیه السلام.

والنتيجة من هذا کله: أنَّ الرواية صحیحة لا خدشة فیها. ومن البديهي إذا لم نعرف مَن الإمام المسئول علیه السلام في الرواية لا یخدش فیها.

هذا تمام الکلام في جهة السند.

[ البحث في مضمرة زرارة دلالةً]

أما الجهة الدلالة وهي الجهة الأخری المهمة؛ الرواية هکذا: « قلتُ له: الرجل ینام وهو علی وضوء أتوجب الخفقة أو الخفقتان علیه الوضوء؟ فقال یا زرارة قد تنام العین ولا ینام القلب والأذن، فإذا نامت العین والأذن والقلب، وجب الوضوء. قلتُ: فإن حرّک إلی جنبه شئ ولم یعلم به؟ قال: لا حتی یستیقن أنَّه قد نام، حتی یجئ من ذلک أمر بين وإلاّ فإنَّه علی یقین من وضوئه، ولا تنقض الیقین أبداً بالشک [ أو ولا ینقض الیقین أبداً بالشک وإنما تنقضه بیقین آخر]».

إنَّ في هذه الرواية سوالان: السوال الاول خارج عن بحثنا وهو « أتوجب الخفقة أو الخفقتان الوضوء؟» وقد ذکر في هذا السوال هل هو شبهة موضوعية أو شبهة حکمية ولا حاجة لنا أن نتعرض إلی ذلک لأنَّه خارج عن البحث في الاستصحاب.

نشیر إلی نقطة ذکرها السید الخوئي رحمه الله وهي: « على كل حال أجابه الإمام (عليه السلام) بعدم انتقاض الوضوء بالخفقة و الخفقتين بقوله (عليه السلام): يا زرارة إلخ ...و إنّما جمع بين نوم العين و الاذن و ترك نوم القلب، للتلازم بين نوم القلب و نوم الاذن على ما ذكره بعضهم، فذكر نوم الاذن يكفي عن ذكر نوم القلب، و هذه الفقرة لا دخل لها بالمقام». [1]

هذه النقطة غريبة من السید الخوئي رحمه الله لأنَّ الرواية التي نقلناها في الوسائل کان فیها: « یا زرارة قد تنام العین ولا ینام القلب و الأذن فإذا نامت العین و الأذن والقلب» والتصریح بالقلب موجود فيها فکیف تقول : ترک نوم القلب؟ فلا نعلم هذا سهوٌ من المقرر أو لا.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo