< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

43/04/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الاستصحاب

[ البحث في سند الرواية]

تقدم الکلام عندنا في البحث السندي وقلنا بأنَّ البحث السندي في هذه الرواية، یوجد فیه اشکالان من جهتین، الجهة الاولی: وهو الاشکال الموجود من ناحية احمد بن محمد بن الحسن بن الولید و قلنا وجوده في السند لا یضر وقلنا أنَّ الشیخ الطوسي ینقل هذه الرواية عن کتاب معتبر والاقرب هو کتاب الحسین بن سعید، کما صدّره في عدّة طرق. فمن هذه الجهة تمّ الکلام بأنَّه لا اشکال فیه. الجهة الثانية من الاشکال هي جهة الاضمار، فکما قرأنا الرواية أنَّ زرارة یقول:« قلتُ له» هل قال للمعصوم علیه السلام أو لغیره، فالرواية تکون مضمرة، لا یحرز فیها عن الامام علیه السلام أو عن غیره مثل حکم بن عتبیه کما یقال. فلا یمکن الاخذ بهذه الرواية.

[ بحثٌ حول الاضمار في الروایات ]

تعریف الاضمار

بمناسبة ذکرنا الروایات المضمرة من الجدیر أن نطرح بحثاً حول الاضمار ولو بشکل مختصر؛ الاضمار الموجود في الروایات کما صرّح بعضهم کالشیخ حسن صاحب المعالم، یقول بأنَّه قد یتفق في بعض الاحادیث عدم التصریح باسم الامام علیه السلام الذي یروی عنه الحدیث بل یشار الیه بالضمیر، فلهذا ظنّ جمع من الاصحاب انّه قطعٌ بالصحة، فإذن الاضمار بهذا المعنی.

انواع الاضمار

بعد ان عرفنا معنی الاضمار نقول أنَّ للاضمار انواع:

النوع الاول: أن یکون الاضمار ضمیر البارز، مثل هذه الرواية التي نحن بصددها زرارة یقول :« قلت له» أو « سألته».

النوع الثاني: یکون الضمیر ضمیر المستتر مثلاً:« قال»

النوع الثالث: مثل هذه الرواية: «عن ابن محبوب عن عبدالله بن سنان في قول الله عزّوجل: " والذّين إذا انفقوا لم یسرفوا ولم یقتروا کان بین ذلک قواماً" ». هنا لم یذکر الامام علیه السلام لا بضمیر مستتر لا ظاهر.

اسباب الاضمار

السبب الاول: هناک عدّة اسباب من جملتها ذکرها صاحب المعالم [1] قال: « وظنَّ جمع من الاصحاب أنَّ مثله قطع ینافي الصحة ولیس ذلک علی اطلاقه بصحیح إذ القرائن في اکثر تلک المواضع تشهد بعود الضمیر إلی المعصوم علیه السلام بنحو من التوجیه الذي ذکرناه في اطلاق الاسماء وحاصله: (من هنا یذکر سبب الاضمار ) أنَّ کثیراً من قدماء روات حدیثنا ومصنفي کتبه کانوا یروون عن الائمة علیهم السلام مشافهة ویوردون ما یروونه في کتبهم جملةً، وإن کانت الاحکام التي في الرواية مختلفة».

مثلاً نفترض أنَّ زرارة یذهب إلی الامام علیه السلام یسئل عدة مسائل ربما بعضها في الطهارة والصلاة والحج والزکاة و... ویجمع هذه المسائل ومثلاً یقول في بادئ المجلس سئلت کذا وأجابني علیه السلام بکذا، وحین یذکر المسائل الاخری لم یقل قلت لأبي جعفر علیه السلام بل یقول قلت له فأجاب، فیذکر الضمیر فيما بعد وأن ذکر اسم الامام علیه السلام في بدایة کلامه.

« ویقول أحدهم في اول الکتاب سئلتُ فلاناً، ویسمّي الامام الذي یروي عنه ثمّ یکتفي في الباقي بالضمیر ویقول سئلته أو قلت له أو نحو هذا، إلی أن تنتهي الاخبار التي رواها عنه علیه السلام ولاریب أنَّ رعاية البلاغة تقتضي ذلک فإنَّ إعادة اسم الظاهر في جمیع تلک المواضع تنافیها في الغالب قطعاً، ولما أن نقلت تلک الاخبار إلی کتاب آخر، صار لها ما صار من اطلاق الاسماء بعینه ولکنّ الممارسة تطبع علی أنَّه لا فرق في التعبیر بین الظاهر والضمیر»

نفترض الراوي الذي بعده أراد الآن أن یصنّف فینقل الرواية بالجملة عن صاحب الکتاب الاول – بما أنَّ بعض الاصحاب کان عندهم کتب مثل کتاب الطهارة وغیره- وهذا علی شکلین: إما هو یفرّقها، لما فرقّها یقول أنَّه: «عن زرارة» أو «قال زرارة: سئلتُ أبا جعفر علیه السلام»، وإما ینقل نفس عبارة زرارة : «قال زرارة قلت له»، المصنف الثاني لم یذکر في المورد الثاني قال زرارة قلت لأبي جعفر علیه السلام لأنَّه ینقل بما أخذه من زرارة.

هذا المورد بالنسبة لنا یکون مضمراً وإن کان بالنسبة له واضحاً. ایضا اصحاب الکتب الاربعة حین تصنیفهم ینقلون هکذا.

هذا سبب الاول الذي ذکره المنتقی. وطبّق هذا الکلام في المجلد الثاني قال[2] : «.. وروی الکلیني هذا الخبر بإسناد فیه ضعف عن ابراهیم بن محمد الهمداني قال کتبتُ إلی أبي الحسن علیه السلام، أقرئني علی بن مهزیار کتاب أبیه علیه السلام فیما أوجبه...» الرواية التي قبلها هکذا: « محمد بن حسن بإسناده عن علي بن مهزیار قال: کتب إلیه ( لم یذکر مَن ) ابراهیم بن محمد الهمداني أقرئني علي کتاب أبیک فیما أوجبه علی اصحاب...» فهذه الرواية الثانية أوضحت الضمیر الموجود في الرواية السابقة.

یقول: « ومنه یظهر مرجع الضمیر الیه في رواية الشیخ له مضافاً إلی أنَّ إشارة بکتاب أبیه إلی الکتاب الذي سبق في رواية علي بن مهزیار وهو من أبي جعفر علیه السلام. فیکون المراد من هذا أبي الحسن الهادي علیه السلام ولا یخفی ما في ذلک من الشهادة البینة ( الان یطبق ما ذکره في الاضمار ) بما اسلفناه في مقدمة الکتاب من أنَّ الموجبة من مثل هذا الاضمار غفلة المقتطع للاخبار المنتزعة لها من مواضعها عن رعاية ما یجب وإبقاءه لها علی صورتها التي کانت علیها قبل الاقتطاع، و هو بعيد عن الصّواب جدّا فكأنّ عليّ بن مهزيار كان قد حكى عن أبي الحسن الهادي عليه السّلام أشياء قبل هذا الحديث فاقتصر في ذكره بعد ذلك على الضّمير و انتزعه الشّيخ من محلّه بصورته، و هكذا القول في حديث عليّ بن مهزيار السّابق فإنّ مرجع ضمير المكتوب إليه من أبي جعفر عليه السّلام فيه غير معلوم فالتّأدية على غير ما ينبغي و إن استغني فيه عن معرفة المرجع.

و العجب بعد وقوع هذا من الشّيخ كيف يغفل عنه و يردّ بمثله بعض الأخبار إذا اضطرّ إلى ذلك قائلا: إنّ المراد من الضّمير غير معلوم. و كنت أظنّ اختصاص هذا بالمتأخّرين لعدم اطّلاعهم على سبب الاضمار فيتنبّهون منه لتحقيق الحال و ذلك مظنّة العذر[ یعني کنت أظنّ هذا الاشکال من المتأخرین لأنهم لم یعرفوا هذه النکتة وهي سبب الاضمار]. ثمّ إنّي وقفت في كلام الشّيخ على الرّد به [ یعني الردّ بالاضمار ] في غير موضع و هذا هو العجب.»

یقول المقتطع الذي قطع هذه الروایات ووزّعها علی الابواب لم یلتفت ولم یراعي أن ینقل النص حرفیاً بما أن زرارة قال قلت له یذکر المقتطع ایضاً قلت له، بینما کان المفترض أنَّ زرارة عندما قال قلت له، لأنَّه ذکر بادئ الأمر عن أبي جعفر علیه السلام، والمفروض علیک عندما ترید ان تنقلها في الباب الثاني تقول: قال قلت لأبي جعفر علیه السلام.

یمکن أن نعلق شئ مختصر: هذا السبب الذي ذکره صاحب المعالم صحیح لکن تعجبه من الشیخ یمکن أن یرفع بهذا: لو کانت المضمرات من الشیخ فنقول لک حقّ التعجب ولکن ربما تکون المضمرات من اصحاب الکتب السابقین، لأنَّ کما قلنا في الروايات من یوجد کتاب في الصلاة مثلاً أو الصوم وغیرهما یعني کان عندهم تصنیف في الکتب ولیس کلّ کتبهم بنحو الجامع لکلّ شئ، والمصنّف الاول هو الذي قطع الرواية، والشیخ لعّل بالنسبة إلی هذا الراوي لم یطمئن أنَّه عندما ینقل بالضمیر أنَّه من جملة الروایات التي أقتطعها وهي عن الامام علیه السلام أو عن غیره؛ حیث فرقّوا کما سیاتي فیما بعد بین روایات الأجلاء وبین غیرهم، فربما یکون في موارد الردّ – الذي ردّ فیها الشیخ- من هذا الباب.

السبب الثاني: التقیة؛ بمعنی : أنَّ الراوي لا یرید أن یصرّح بذکر الامام علیه السلام تقیةً، لأنَّ یروي إلی عامي أو غیره من الاسباب.

السبب الثالث: أنَّه توجد قرینة معینة للراوي الاول یتکل علیها في الاضمار هذه القرینة سواء کانت حالیة أو مقالیة مثلاً کان الحدیث حول موضوع معین عن الامام الصادق علیه السلام فالراوي یقول قلت له.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo