< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

43/04/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الاستصحاب

[ استدارک عمّا سبق ]

نقلنا عن السید الزنجاني حفظه الله؛ بأنَّه قال أنَّ صاحب منتقی الجمان في أحادیث الصحاح والحسان، لم ینقل هذه الرواية ویقول بما أنَّه رجلٌ دقیق لم ینقل هذه الرواية یعني بعبارة أخری: یتوقف في هذه الرواية لم یعتبرها صحیحة ولا حسنة.

الان نقول: نحن نتعجب من هذا الکلام للسید الزنجاني حفظه الله؛ لأنَّ صاحب منتقی الجمان ذکر الرواية؛ في کتاب الطهارة الجزء الاول ابواب الوضوء باب الاحداث الموجبة له تحت عنوان: « صحي» ذکر عدة روایات، الرواية السادسة: قال: « محمد بن الحسن [ الشیخ الطوسي] عن محمد بن النعمان عن احمد بن محمد بن الحسن عن ابیه عن محمد بن الحسن الصفار عن احمد بن محمد بن عیسی و عن الحسین بن الحسن بن ابان جمیعاً عن الحسین بن سعید عن حمّاد عن حریز عن زرارة، قال: قلت له: الرجل ینام وهو علی وضوء...الخ»

فالغریب من السید الزنجاني حفظه الله أنَّه کیف قال بأنَّ صاحب منتقی الجمان لم یخرج هذه الرواية و ذلک التفاتاً منه إلی ضعف هذه الرواية. إذن صاحب المعالم لم یتوقف عند صحة هذه الرواية.

[ نبذة ممّا تقدّم]

کان الکلام في صحيحة زرارة التي استدل بها علی الاستصحاب، و قلنا بأنَّ البحث فیها من جهتین: من ناحية السند و من ناحية الدلالة، و البحث من ناحية السند أورد علیه اشکالان، وإن کان الکثیر عبّر عنها بالصحيحة ولازلنا نقول لها الصحيحة ولکن ینبغي دفع الاشکالین؛ الاشکال الاول الذي ذکرناه سابقاً، أثاره بعض أعاظم العصر حفظه الله وایضا العالم الجلیل السید الزنجاني حفظه الله، و حاصله: إنَّ السند الذي ذکره صاحب الوسائل هو ابتدء بالحسین بن سعید یعني محمد بن حسن بإسناده عن الحسین بن سعید وهذا الابتداء یکون موهماً لأنَّ ظاهره أنَّ الشیخ ینقل عن کتاب الحسین بن سعید والتزم به في المشیخة من أنَّه عندما یبدأ الطریق بشخص فهو یأخذ من کتابه.

لتوضیح هذه الفکرة في هذه النقطة: نقول: أنَّ الشیخ رحمه الله في کتاب التهذیب عندما نلاحظ مقدمة التهذیب و مقدمة المشیخة، نری أنَّ الشیخ في بادئ أمره کان غرضه ان یذکر السند کاملاً؛ أي منه الی الامام علیه السلام. ثمّ رأی أنَّ هذا الهدف یأخذ وقته وهو یرید أن یکتب کتابه بسرعة أکثر، فاقتصر في سنده علی صاحب الکتاب، یعني هو یأخذ من کتاب الحسین بن سعید مباشرة یقول الحسین بن سعید عن فلان عن فلان إلی الامام علیه السلام، و یأخذ من کتاب زرارة یقول عن زرارة عن أبي عبدالله علیه السلام و... . هذه الطریقة تجعل الاحادیث مرسلة لأنَّ هناک فاصلة بین الشیخ الطوسي وبین صاحب الکتاب، فالشیخ الطوسي دفعاً لهذا الاشکال کتب المشيخة في آخر الکتاب، فبيّن أنَّه ما أخذته من کتاب الحسین بن سعید فالطریق إلیه فلان عن فلان، ما أخذته من کتاب حسن الصفّار فالطریق له فلان عن فلان و... فبهذا تکون الروایات مسندة.

فلهذا اذا واحد یرید أن یعرف الرواية صحیحة أو غیر صحیحة، یکون عنده بحثان في روایات الشیخ؛ بحث من طریق الشیخ إلی صاحب الکتاب، فتلاحظون أنَّ السید الخوئي رحمه الله في المعجم یذکر: « وطریق الشیخ إلیه صحیح» أو « ضعیف»، وبحث من صاحب الکتاب إلی الامام علیه السلام.

[ اشکال السیدین حفظهما الله ]

نرجع إلی اشکالي السیدین حفظهما الله، حاصل الاشکال: أنَّا إذا رجعنا إلی الوسائل نلاحظ انّ صاحب الوسائل نقل رواية محمد بن الحسن عن الحسین بن سعید، فظاهر الحال بحسب ما عرفنا في الفائدة السابقة أنَّ الشیخ ینقل الرواية عن کتاب الحسین بن سعید فإذا نقلها عن الحسین بن سعید فطریق الشیخ إلیه صحیح ولا اشکال فیه.

علیه ایضاً من الحسین بن سعید إلی باقي الرواة ایضاً ثقات فتکون الرواية صحیحة.

ولکنّ في خصوص هذه الرواية، في مبدء التهذیب، قلنا لمّا نرجع إلی الروایات التي قبلها نلاحظ أنَّ الرواية ذکرها الشیخ بسند تامّ فقال الشیخ في التهذیب في السند الاول عن الشیخ المفید:« والذي یدّل علی هذا التأویل ما أخبرني الشیخ ایده الله عن احمد بن محمد بن الحسن عن ابیه عن محمد بن الحسن الصفار عن احمد بن محمد بن عیسی و عن الحسین بن الحسن بن ابان جمیعاً عن الحسین بن سعید عن محمد بن الفضیل عن أبي صباح الکنائي عن أبي عبدالله علیه السلام...» هذا کان في رقم 8 .

في رقم 11 وهو محلّ کلامنا قال:« وبهذا الاسناد عن الحسین بن سعید...» نلاحظ أنَّ من الشیخ إلی الحسین بن سعید في السند الموجود في حدیث رقم 8 هو الذي ینقل عنه الشیخ هذا الحدیث لما قال« وبهذا الاسناد»

هذا السند کما قلناه فيه احمد بن محمد بن الحسن بن الولید استاذ الشیخ الصدوق، احمد بن محمد بن الحسن بن الولید لا توثیق له، إذن الرواية علی هذا السند تکون ضعیفةً عند مَن یقول باشتراط وثاقة الرواة مثل السید الخوئي رحمه الله. فحسب مبنی مثل السید الخوئي رحمه الله هذه الرواية تصیر ضعیفة فکیف عبّروا عنها بالصحيحة؟ هذا ملخص الاشکال.

وأما الجواب عن هذا الاشکال: النقطة المهمة في الجواب التي ذکراها السیدان الجلیلان وربما صاحب الوسائل اعتمد علی ذلک اساساً. ذکرا جواباً متحداً تقریبا ولکن الطریق مختلف.

[ جواب السید الزنجاني حفظه الله ]

نبدأ بما ذکره السید الزنجاني حفظه الله وهو یقول:

المقدمة الأولی: قد توجد روایات متعددة في موارد کثیرة بسند واحد، مثلاً الشیخ الکلیني ینقل بسند واحد یرجع کلّه إلی الحلبي عن الامام علیه السلام، لما نلاحظ أنَّ الشیخ الکلیني بنفس هذا السند ینقله في عدّة موارد وبنحو المتعدد نستکشف من هذا، أنَّ هذه الروایات مأخوذة من الکتاب أي من کتاب الحلبي ولیست مأخوذة بالمشافهة، بمعنی: نحن لما نلاحظ أنَّ السند هو نفس السند وفي روایات کثیرة عشرین رواية مثلاً نلاحظها بنفس السند إلی الامام علیه السلام، إذن نستفید من هذه أنَّه لم یؤخذها مشافهة في مجلسٍ مثلاً وقال حدثني فلان عن فلان عن فلان... بل کتاب الحلبي موجود والکليني ینقله عن شیخه عن کتاب الحلبي.

المقدمة الثانية: أنَّ کتب الحسین بن سعید من الکتب المشهورة معروفة عند الاصحاب وتکرّر النقل عنه بهذا السند، الشیخ تکرّر منه بهذا السند الذي نقلنا الآن، فإذن من جهة؛ أنَّ کتب الحسین بن سعید من الکتب المشهورة وکتبه لها طرق کثیرة بعضها معتبر وبعضها غیر معتبر ولکنّ مجموعها یفید التواتر أو ما یقرب منه بحیث یحصل الاطمئنان بالکتب. ولاحظنا ایضاً أنَّه تکرّر النقل عن الحسین بن سعید بهذا السند ، ویظهر من ذلک أنَّ الشیخ ینقل هذه الروایات من کتاب الحسین بن سعید مباشرة وکتب الحسین بن سعید- کما قلنا- مشهورة ولها طرق متعدّدة إن لم تکن متواترة فقریباً بالتواتر بحیث یحصل اطمئنان بأنَّ هذا هو کتاب الحسین بن سعید.

علیه بما أنَّ الشیخ ینقل عن کتاب الحسین بن سعید والشیخ له طرق معتبرة عن کتب الحسین بن سعید فنطمئن بأنَّ هذه الرواية صحيحة حتی لو فرض أنَّ احمد بن محمد بن الولید غیر ثقة، أو لم تثبت وثاقته.

إذن علی هذا الجانب لا نحتاج إلی اثبات وثاقة احمد بن محمد بن الحسن بن الولید في هذه الرواية. لأنّنا یحصل عندنا اطمئنان بحسب هذه المقدمات التي ذکرناها أنَّ الشیخ ینقل عن کتاب الحسین بن سعید.

ولعّل صاحب الوسائل عندما قال: « محمد بن الحسن بإسناده عن الحسین بن سعید» ناظر إلی هذه الجهة، من أنَّ الشیخ الطوسي ینقل عن کتاب الحسین بن سعید نفسه.

 

[ جواب السید السیستاني حفظه الله ]

الطریق الثاني للجواب: - وهذا الجواب نتيجته نفس نتیجة الطریق الاول لکن الطریق یختلف- : ما أفاده بعض اعاظم المعاصرین: حاصله:

المقدمة الاولی: أنَّ الشیخ الطوسي رحمه الله کان في ابتدائه في التهذیب، کان ینقل تمام السند، بعد ذلک صار ینقل من نفس المصدر ثمّ في آخر الکتاب ذکر اسانیده إلی الکتب بل ایضاً نضیف: أنَّه کتب طرق له في الفهرست، هو بنی علی الاختصار في التهذیب ولا یلتزم بأن یذکر جمیع طرقه إلی صاحب الکتاب في الفهرست یذکر کتبه، مثلا:« حدثنا بجمیع کتبه وروایاته عن فلان عن فلان...» فلهذا ایضاً لما لم نجد طریقاً في المشیخة لا نقول: لا طریق للشیخ وأنّها مرسلة، بل علینا الرجوع إلی الفهرست ونلاحظ هل أنَّ الشیخ له طریق إلی الکتب التي نقل عنها في التهذیب او لا یوجد.

فائدة جانبية:

نحن لمّا نرجع إلی الفهرست، نلاحظ انّ الشیخ هل ذکر الطریق إلی روایات فلان أو إلی فلان أو إلی کتبِ فلان؛ یعني تارة یقول:« حدّثني بجمیع کتبه وروایاته...» تارة یقول:« حدّثني عن کتبه...» تارة لا یذکر هذه العبائر وهذه النقطة تأثّر في بعض الموارد في الفقه، فإذا لم یذکر الشیخ هذه العبارة ثمّ نقل رواية وأسندها إلی راوٍ وهذا راوي صاحب کتاب، لکن هذه الرواية لم یخرجها الشیخ في التهذیب، فهنا نتوقف.

مثلاً: الشیخ نقل رواية عن هشام بن سالم في بعض الموارد في کتاب المصباح، وهو لم یذکر في کتابه الفهرست أنَّه حدّثني بجمیع روایاته عن فلان عن فلان، ولکن في الفهرست طریق الشیخ إلی هشام بن سالم صحیح، ولکن الشیخ في المصباح لم یظهر منه أنّه التزم بما التزم به في التهذیب بأنَّه متی ما ابتدأت براوٍ فأنا أنقله عن کتابه، لو التزم بذلک، نقول هذه الرواية التي في المصباح نقلها الشیخ عن کتاب هاشم بن سالم وللشیخ طریق صحیح في الفهرست عن هشام بن سالم فنقول هذه الرواية معتبرة. لکن اذا لم یلتزم الشيخ في المصباح بل التزم في التهذیب أنّه إذا نقل فینقل عن صاحب الکتاب.

المقدمة الثانية: صاحب الوسائل شخّص أنَّ مصدر هذه الرواية هو کتاب الحسین بن سعید فلهذا قال : محمد بن الحسن عن الحسین بن سعید فتکون الرواية من هذه الجهة معتبرة عنده، نحن نقول: أنَّ الشیخ نقلها عن أي کتاب؟ نأتي إلی السند ونلاحظ الشیخ ینقلها عن الشیخ المفید والشیخ المفید لیس له کتابٌ حدیثي ولهذا لم یجعله الشیخ الطوسي في ضمن المشيخة، احمد بن محمد بن الحسن بن الولید ایضاً لیس له کتاب روائي، الحسین بن الحسن بن ابان لیس له کتاب روائي، إذن هذه الرواية إما أن یکون مصدرها هو کتاب محمد بن الحسن بن الولید الذي له کتاب روائي ویحتمل أن تکون هذه الرواية من کتابه والشیخ عنده سند صحیح إلی محمد بن الحسن بن الولید، أو ان تکون هذه الرواية من کتب محمد بن الحسن بن الصفار ایضاً له کتاب، أو تکون من کتاب الحسین بن سعید أو من کتاب حریز أو مَن بعده.

بالنسبة إلی الحسین بن سعید، للشیخ له طریق صحیح في الفهرست :« وهو أخبرنا بها عدّة من اصحابنا عن محمد بن علي بن الحسین عن ابیه و محمد بن الحسن عن ابیه وعن محمد بن الحسن ومحمد بن موسی بن المتوکل عن سعد بن عبدالله والحميري عن احمد بن محمد بن عیسی عن حسین بن سعید» وهکذا سائر الکتب من کتب حمّاد وحریز و... .

من المستبعد بحسب المدارک أن یکون مصدره کتابي حماد وحریز فعلیه یکون السند صحیح.

علی هذا لا مجال للتوقف للسند إلی الحسین بن سعید وما بعده إلی زرارة فالرواية تکون معتبرة لأنّنا نثبت ان تکون هذه الرواية من مصدر صحیح.

إذن لا نحتاج إلی اثبات وثاقة احمد بن محمد بن الحسن بن الولید بالخصوص حتی یتمّ السند بل نقل هذه الرواية الشیخ عن کتاب صحیح معتبر، وهذا المقدار کافي في الصحة.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo