< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

43/04/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الاستصحاب

[ النقطة الأخیرة في السیرة]

بقیت نقطة مختصرة في الدلیل الأول وهو تباني العقلاء یمکن أن یقال – کما بنی علیه السید الخوئي في المصباح- أنَّ النهي الموجود في الآية الکریمة :« ولا تقف ما لیس لک به علم» نهي إرشادي بمعنی أنَّه ارشاد إلی الجهل وعدم العلم لا ینبغي إقتفاءه والعمل علی طبقه، فمن هذه الجهة إنَّا نقول بأنَّ الآية الشريفة منصرفة عن ما نحن فیه علی فرض ثبوت السیرة، فالسیرة کعمل عقلائي لا یکون داخلاً في محل الارشادي بمعنی: أنَّ الاية الشریفة تقول: « ولا تقف ما لیس لک به علم» أنَّ هذا العمل الذي لا یفید العلم لا یبرئ الذمة ولا یوجد أماناً لک یوم القیامة إذا کانوا یعملون بما هو علی طبق السیرة العقلائية فالسیرة فیها الأمانة، فبالتالي لا تقع تحت النهي الارشادي.

ولکن یبقی الذي ذکرناه سابقاً من أنَّ طبیعة الردع تکون متناسباً مع المردوع، فإذا فرضنا أنَّ المردوع أمر عقلائي ومشهور فهنا یتناسب معه أن یکون هناک رادع قوي في المقابل لا بشکل العموم والاحتمال فمن هذه الجهة ربما نقول بالانصراف، وإلاّ مجرّد أنَّه ارشاد وإذا کانت السیرة العقلائية غیر ممضاة فما هو المؤمن، یرجع نفس الکلام السابق.

علی کل حال، نقول مع احتمال وجود الرادع کافي في عدم الاعتماد علی السیرة العقلائية، إذا قلنا بهذا ایضا نکون في راحة.

بعبارة أخری: أنَّ السیرة العقلائية تتوقف حجیتها علی الامضاء من قبل الشارع وهذا الامضاء لابدّ فیه من عدم الردع ومع وجود احتمال الرادع لا یتحقق احراز عدم الردع فعلیه لا تکون هذه ممضاة. فمن هذه الجهة یمکن الاشکال علی السیرة علی فرض ثبوتها.

هذا تمام الکلام في الدلیل الاول.

[الادلة الأخری لحجية الاستصحاب]

هناک ادلة أخری لا حاجة للتعرض إلیها من جملتها:

أحدها: ما أدرج في سیرة العقلاء وقلنا ینبغي بحسب ما طرحتموه من کیفیة في الاستدلال، أن یکون أمراً فطریاً لا أن تکون سیرة عقلائية یعني من حرر هذا الدلیل بهذا النحو من الترقي بل أنَّ الحیوانات تمشي علی الحالة السابقة، فهذا الکلام یرجع إلی أنَّ العمل علی طبق الحالة السابقة عند العقلاء لا لوجود أمر عقلائي وإنما یصیر أمراً فطراً کدفع الضرر والهرب عند الخوف، وهذا الامر الفطري عهدتها علی مدعیها. وأما بالنسبة إلی الحیوانات؛ نحن لا نعلم ماذا یحدث علیهم، هل یمشون علی أمر مفطورین علیهم ولیس هناک یقین سابق وشک لاحق عندهم أو علی طبق العادة.

ثانیها: الظن ببقاء المتیقن؛ حیث نفس الیقین السابق ببقاء الحالة السابقة یوجب بقاء ذلک الظنّ في حالة اللاحقة عندما یشک فیه، فیعمل علی طبق هذا الظنّ. وهذا الدلیل نوقش صغریً وکبریً.

ثالثها: الاجماع وهو ایضا مناقش من جهة الصغری والکبری.

علی کل حال لا نرید أن نطیل الکلام في ذکر هذه الادلة.

[ الدلیل الثاني: الأخبار ]

البحث المهم والعمدة الدلیل الثاني وهو الأخبار.

قال الشیخ في فرائده :« وأول ما تمسک بالاخبار في ما وجدته والد شیخ البهائي في العقد الطهماسبي » هذا مبدأ الاستدلال بالاخبار في الاستصحاب.

هناک من حاول أن یرد علی الشیخ فیقول بأنَّه هناک من سبق والد البهائي وکلام الشیخ الانصاري غیر تام، ولکن خفیت علیهم النکتة التي أرادها الشیخ. والذي یبدو – والله العالم- أنَّ مراد الشیخ الاستدلال بالاخبار علی الاستصحاب کقاعدة کما استدل علیها ببناء العقلاء کما استدل علیها بإفادة الظنّ کما استدل علیها بالاجماع واستدل علیها بالاخبار کقاعدة ولاینفي الشیخ أنَّه في بعض الموارد استدلوا بالاخبار علی تلک المسألة مثلاً في المسألة التي ننقلها عن صاحب السرائر، حیث یستدل علیها بالخبر علی حجية الاستصحاب، ولکن یا تری هل استدل علیها بما هي تفید الاستصحاب، أو کرواية موجودة في المورد ؟ الظاهر أنَّه الثاني.

نعم، یمکن أن نستفاد من عبارة ابن ادریس أنَّه استدل علی الاخبار علی الاستصحاب کما اشار الیه الشیخ. حیث عبّر ابن ادریس :« لا تنقض الیقین إلاّ بالیقین » ونفس هذا التعبیر یستفاد منه أنَّه استدل بالقاعدة و هذه القاعدة مأخوذة من الاخبار.

علی کل حال، الکلام یقع في الاخبار؛ والاخبار علی طوائف. ومن جملة تلک طوائف هذه الرواية التي رواها صاحب الوسائل في ابواب نواقض الوضوء الباب الاول الحدیث الاول ج 1 ص 245. باب: « لا ینقض الوضوء إلا بالیقین بحصول الحدث دون الظن والشک»

الحدیث الاول: محمد بن الحسن بإسناده عن الحسین بن سعید عن حماد عن حریز عن زرارة یقول: « قلت له: الرجل ینام وهو علی الوضوء أتوجب الخفقة أو الخفقتان علیه الوضوء فقال یا زرارة: قد تنام العین ولا ینام القلب والأذن، فإذا نامت العین و الأذن والقلب وجب الوضوء قلتُ: فإن حرّک إلی جنبه شئ ولم یعلم به، قال : لا حتی یستیقن أنَّه قد نام، حتی یجئ من ذلک أمر بیّن وإلاّ فإنَّه علی یقین من وضوءه ولا تنقض الیقین أبداً بالشک وإنما تنقضه بیقین آخر»

البحث في هذه الرواية یقع من جهات: الجهة الاولی: في السند وعبّر کثیر من الاعلام واکابر الاعیان بأنّها صحیحة السند مثل المحقق القمي في القوانين، الشیخ في فرائده، المحقق الایرواني في نهاية النهاية، المحقق العراقي والمحقق النائيني و السید الخوئي رحمهم الله جمیعا.

الغریب أنَّ صاحب المعالم لم یخرجه في کتابه منتقی الجمان في احادیث الصحاح والحسان. والصحیح تارة تکون صحیحاً عنده فیرمز له بـ:« صحي» و تارة تکون عند المشهور فیرمز له بــ:« صحر» والحسن یرمز له بــ:« ن » . هنا لم یخرجها في کتابه وذکر السید الجلیل العالم الکبیر السید الزنجاني حفظه الله في بعض دروسه طرح احتمالاً وهو أنَّ عدم ذکرها من جهة الاضمار فلعل الجهة هي الجهة الأخری کما هو نبّه علی ذلک وسیأتي بیانه وهي أنَّه من جهة الراوي الذي روی عنه الشیخ المفید ضعیف وهو أحمد بن محمد بن حسن .

ولکن الذي یظهر والله العالم، انَّ هذه الجهة ایضاً لیست جهة مضّعفاً بنظر صاحب المعالم إذ وجدنا أخرج احادیث بهذا السند، یعني الشیخ الطوسي عن الشیخ المفید عن احمد بن محمد بن حسن عن ابن ولید عن ابیه. فإذا لم یخرج هذه الرواية في المقام لأجل تضعیف احمد ابن محمد ابن الحسن فلماذا اخرج عنه في مقامات أخری.

قد أوردوا علی سند هذه الرواية من الاضمار وأجابوا عنه ولکن حسب ما وجدته رأیتُ أنَّ السید الزنجاني حفظه الله وأنَّ بعض أعاظم أهل العصر حفظه الله أثاروا الاشکال في غیر جهة الإضمار. فکلاهما اتفقّا في جهة الاشکال والجواب.

حاصل هذا الاشکال: یقولان: من قال بالتصحیح ممن یری حجية خبر الثقة إنما أعتمد علی ما أورده صاحب الوسائل، حیث نقلها عن کتاب حسین بن سعید، یعني الشیخ بإسناده عن الحسین بن سعید ، هذا التعبیر منه یظهر بأنَّ الشیخ ینقله عن کتاب الحسین بن سعید وهناک طرق صحیحة لکتاب الحسین بن سعید للشیخ فبالتالي تکون الرواية من هذه الجهة صحیحة والاضمار کما سیأتي لا یضرّ.

والسید الخوئي رحمه الله اعتمد علی هذا الوجه یعني إخراج صاحب الوسائل بهذه الطریقة التي یظهر منها أنَّ الشیخ نقل عن الکتاب لأنَّ الشیخ الطوسي رحمه الله التزم بأنَّه إذا ابتدء باسم الراوي فهو ینقل عن کتابه، فلما یقول صاحب الوسائل محمد ابن الحسن بإسناده عن الحسین بن سعید معناه أنَّ الشیخ الطوسي نقل عن کتاب ابن سعید و طریق الشیخ إلی حسین بن سعید طریق صحیح ، فلهذا تکون الرواية من هذه الجهة صحيحة.

ولکن النقطة التي الفتوا إلیها هي : أنّنا نلاحظ ما قبل هذه الرواية لنعرف السند؛ الشیخ الطوسي في التهذیب، عندما نرجع إلیه في ج 1 ح 8 : قال: « والذي یدّل علی هذا التأویل ما أخبرني الشیخ أیده الله [ یعني الشیخ المفید] عن احمد بن محمد بن حسن عن ابیه عن محمد بن الحسن الصفار عن احمد بن محمد بن عیسی وعن الحسین بن الحسن بن ابان جمیعا عن الحسین بن سعید عن محمد بن فضیل إلی آخره...» هذا في سند حدیث رقم 8.

ثمّ الشیخ الطوسي في حدیث رقم 9 :قال : « وبهذا الاسناد عن الحسین بن سعید ... » وفي حدیث رقم 10 : قال: «وبهذا الاسناد عن الحسین بن سعید عن فضالة إلخ...»

في حدیث 11 – والذي هو محلّ کلامنا- قال: « وبهذا الاسناد عن حسین بن سعید عن حماد عن حریز عن زرارة...»

وبهذا الاسناد الموجود في هذه الرواية التي نحن بصددها لنراجع إلی حدیث رقم 8، ولا نراجع إلی کتاب حسین بن سعید فعلاً، لأنَّ الشیخ قال وبهذا الاسناد وذکر الاسناد في حدیث رقم 8 .

احمد بن محمد بن الحسن لا توثیق له ویمکننا أن نناقش في السند من هذه الجهة. هذه النقطة سنرجع إلیها والآن نرید أن نبین جهة الاشکال في السند.

هنا جهة ثانية في السند وهي: أنَّ من جملة السند « وعن الحسین بن الحسن ابن ابان » هذا الشخص ایضا لا یوجد فیه توثیق صریح ولکن هذا لیس بمهم من هذه الجهة لأنَّ کما ذکر بعض اعاظم العصر بأنَّ الحسین بن الحسن بن ابان معطوف علی احمد بن محمد بن عیسی یعني: عن محمد بن حسن الصفار عن احمد بن محمد بن عیسی وعن الحسین بن الحسن بن ابان، فبما احمد بن محمد بن عیسی ثقة وهذا معه لا یضرّ.

وهذا الکلام الذي قال وهو عدم الضرر في السند في جهالة حال الحسین بن الحسن بن ابان متین، ولکن عند التدقیق – کما نبّه علیه السید الزنجاني حفظه الله – أنَّ الحسین بن الحسن بن ابان لیس معطوفاً علی احمد بن محمد بن عیسی یعني لیس في طبقته ومعطوفاً علیه وإن أوهمت العبارة.

السید الزنجاني حفظه الله یقول: في الواقع الشیخ الطوسي عنده طریقان إلی الحسین بن سعید:

الطریق الاول: « اخبرني به الشیخ ایده الله عن احمد بن محمد بن الحسن عن ابیه عن محمد بن الحسن الصفار عن احمد بن محمد بن عیسی عن الحسین بن سعید» هذا الطریق یکون الاشکال فیه من جهة « احمد بن محمد بن الحسن »

الطریق الثاني: - والذي هو أعلی من الاول - : « اخبرني به الشیخ ایده الله عن احمد بن محمد بن الحسن عن ابیه عن الحسین بن الحسن بن ابان» وفي هذا الطریق لایوجد « محمد بن الحسن الصفار» و « احمد بن محمد بن عیسی» بل هو مباشرة عن ابیه عن الحسین بن الحسن بن ابان، فیصیر بین ابن الولید الأب وبین الحسین بن سعید واسطة واحدة وهي الحسین بن الحسن بن ابان.

فالطریق الاول بین ابن الولید الاب وبین الحسین بن سعید واسطتان: محمد بن الحسن الصفار عن احمد بن محمد بن عیسی.

فتبین أنَّ مقصود الشیخ من العطف في الطریق الثاني، عندما قال : وعن الحسین بن الحسن مقصوده العطف علی محمد بن حسن الصفار. یعني هکذا: عن احمد بن محمد بن الحسن عن ابیه عن محمد بن الحسن الصفار وعن الحسین بن الحسن بن ابیه.

فعلیه الطریق الثاني یکون فیه اشکالان : إشکال من جهة احمد بن محمد بن الحسن واشکال من جهة الحسین بن الحسن بن ابان.

وطریق الاول فیه اشکال واحد من جهة احمد بن محمد بن الحسن.

هذا اشکال الذي أثاروه ویحتاج إلی المعالجة.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo