< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

43/04/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الاستصحاب

[ رأي السید الخوئي في عدم رادعية الآیات للسیرة]

ذهب السید الخوئي رحمه الله[1] إلی عدم امکان ردع الآیات للسیرة العقلائية وذلک بوجهین الذين أفادهما المحقق صاحب الکفاية :

الوجه الاول: أنَّ هذه الآیات وردت في اصول الدین فلا ربط لها بمحلّ البحث، لا حجية خبر الواحد ولا الاستصحاب.

الوجه الثاني: لزوم الدور من رادعية الآیات للسیرة.

وهناک إشکال آخر ایضاً أورده السید الخوئي ولکن فعلاً نقتصر علی هذین الاشکالین لوجود المناقشة فیهما من قبل شیخ الاستاذ حفظه الله.

[ مناقشة الشیخ الوحيد الخراساني في ما أفاده السید الخوئي]

الشیخ الاستاذ حفظه الله قال[2] : أما الوجه الثاني وهو اختصاص هذه الآیات بأصول الدین، محل إشکال؛ لأنَّ لسان هذه الآیات آبٍ عن التخصیص فلا یمکن أن نختصها بباب دون باب. والوجه في ذلک: هو أنَّ قوله تعالی:« ولا تقف ما لیس لک به علم» معلّل بما في نفس الآية من:« إنَّ السمع والبصر والفؤاد کلّ أولئک کان عنه مسئولاً» وایضاً بالنسبة إلی آية :« إنَّ الظنّ لا یغني من الحق شیئاً» هذه الآية ایضاً تعلیل لعدم الاعتماد علی الظن وعلی ما لا یفید العلم.

التعلیل الموجود في هذین الآیتين – کالمعلّل وهو «ولا تقف ما لیس لک به علم» - غیر قابلین للتخصیص، فکلّ ما لم یکن علم فهو جهل وإقتفاء الجهل امر منکر عقلاً لا یدعو الشارع الی اقتفاءه ولا إلی الأخذ به، فحیث ما وجد واین ما وجد الجهل لا یدعو الشارع الی الاقتفاءه بل یدعو إلی عدم اقتفاءه؛ فغاية ما یستفاد من خبر الواحد هو الظنّ والشارع لا یدعو الیه فلو خلینا والسیرة وهذه الآیات عندما الآية تقول: « لا تقف ما لیس لک به علم» یشمل خبر الواحد، وفیما نحن فيه وهو الاستصحاب کذلک، حیث نعمل علی الیقین السابق مع الشک الفعلي به هذا لیس بعلم بل هو جهل ولا یجیز العمل علی طبقه الشارع .

والحاصل: أنّنا لما نلاحظ المعلّل وهو« ولا تقف ما لیس لک به علم» نلاحظ أنَّ الشارع یمنع من اقتفاء غیر العلم والاخذ بالجهل وهذا اللسان آبٍ عن التخصیص بمعنی أنَّه لا تقول الشارع یقول لک: « لا تقف ما لیس لک به علم» في اصول الدین ولا مانع عن اقتفاء الجهل في غیر اصول الدین. وعندما نلاحظ التعلیل ایضاً هو لا یقبل التخصیص، « إنَّ الظنّ لا یغني عن الحق شیئاً» یعني طبیعة الظن بما هو ظنّ لا تغني عن الحق؛ سواء کانت في اصول الدین أو کانت في فروع الدین ولا معنی للقول بأنَّ الظنّ لا یغني عن الحق شیئاً في خصوص اصول الدین ولکن الظنّ یغني من الحق إذا کان في فروع الدین لا معنی لذلک. ایضاً « إنَّ السمع والبصر والفؤاد کلّ أولئک کان عنه مسئولاً» هنا المسوؤلية بالنسبة إلی السمع والبصر والفؤاد عن الامور التي لا توجب العلم مطلقاً؛ یعني سواء کان في اصول الدین أو کان في فروع الدین .

اذن حاصل الاشکال علی ما أورده السید الخوئي رحمه الله من منع الرادعية هو انَّ الآیات لا تردع عن السیرة لأنَّها ناظرة إلی اصول الدین الجواب : أنَّ لسان هذه الآیات آبٍ عن التخصیص.

هذا بالنسبة إلی الوجه الاول . وأما الوجه الثاني وهو لزوم الدور الذي أفاده المحقق الآخوند.

فیرد علیه نفس إشکال السید الخوئي رحمه الله علی المحقق صاحب الکفاية في مبحث حجية الخبر، حیث أنَّ هناک قال : بأنَّ مخصصية السیرة للآیات هي التي یلزم منها الدور ولیس رادعية الآیات للسیرة.

علی ما ذکرناه سابقاً أنَّ اشکال الدور یبتني علی معرفة أمرین سابقین : الامر الاول: أنَّ الآیات الناهية عن العمل بغیر العلم عامة و تشمل خبر الواحد وغیره الامر الثاني: أنَّ السیرة قائمة علی مورد خاصّ، هناک مثلاً قائم علی خبر الواحد، وهنا قائم علی الاستصحاب، یعني نسبة ما قامت علیه السیرة مع الآیات نسبة العموم والخصوص المطلق؛ فالسیرة أخص مطلقاً من الآیات.

بعد أن اتضح هذا صاحب الکفاية أورد بإشکال ولم یرتضیه وهنا أرتضاه کما قلنا. واشکال الدور الذي أورده کان من جانب الردع؛ رادعية الآیات للسیرة دوريٌ علی ما بیّناه.

السید الخوئي رحمه الله في باب حجية خبر الواحد، قال الامر بالعکس : مخصصية السیرة للآیات تستلزم الدور، أما رادعية الآیات للسیرة فلا دور فیه. بتقریب:

الف: توقف مخصصية السیرة علی حجيتها – یعني لا تکون السیرة مخصصة إلا إذا کانت حجة لا یمکن تخصیص العام بغیر الحجة بل یخصص العام بالحجة فلابدّ أن یکون الخاص حجة حتی یخصص- .

ب: توقف حجية السیرة التي هو الخاص علی امضاء الشارع لأنَّ السیرة غیر ممضاة من قبل الشارع لیست بحجة.

ج: توقف امضاء الشارع للسیرة علی ثبوت عدم الردع عنها ولیس علی عدم ثبوت الردع؛ وحیث أنَّ حجية السیرة تتوقف علی ثبوت عدم الردع لا علی عدم ثبوت الردع إمضاء الشارع لا یثبت إلا بثبوت العدم لأنَّ السیرة حسب الفرض لابدّ أن تکون بمرمی ومسمع من الشارع ویمکنه الردع ولم یردع فیثبت حینئذٍ ثبوت عدم الردع.

د: ثبوت عدم الردع في المقام یتوقف علی عدم رادعية الآیات للسیرة.

ه: عدم رادعية الآیات للسیرة یتوقف علی امضاء السیرة وعلی حجيتها فیلزم الدور.

وبالجملة: مخصصیة السیرة للآیات یتوقف علی حجيتها، وحجية السیرة تتوقف علی إمضاء الشارع لها، إمضاء الشارع یتوقف علی ثبوت عدم الردع، وثبوت عدم الردع یتوقف علی عدم رادعية الآیات، عدم رادعية الآیات یتوقف علی إمضاء السیرة وحجيتها؛ فیلزم الدور.

اذن الدور في جانب المخصص أما بالنسبة الی جانب الردع فلا دور؛ لأنَّ الآیات تشمل مورد السیرة قطعاً، فإنَّ مورد السیرة سواء کان في الاستصحاب أو في خبر الواحد هو عدم العلم یعني لا نستفید العلم من خبر الواحد ولا من الاستصحاب. إذن المورد في هنا وهناک مشمول لقوله تعالی: « ولا تقف ما لیس لک به علم».

خروج مورد ما قامت علیه السیرة من تحت هذا العموم یحتاج إلی دلیل فإذا قام دلیل علی المخصصية یعني علی کون السیرة مخصصة خرج هذا المورد من تحت العموم، وإن لم یقم الدلیل علی مخصصيتها یبقی المورد تحت العموم، إذن نحتاج إلی اثبات المخصصية فإنَّ العموم منطبق قهراً ونحتاج إلی ما نخرجه، مثل سائر الموارد في العمومات، عندما یقول : « اکرم العلماء » یشمل جمیع الافراد من العادل وغیره فلو خلینا والعموم نتمسک بالعموم، إذا قام دلیل خاص فقال: « لا تکرم الفساق من العلماء» هنا نرفع الید عن العموم ، وهذا الکلام یجري هنا ؛ عندما یقول :« لا تقف ما لیس لک به علم» عامٌ یشمل مورد السیرة لأنَّ لیس بعلم نرفع الید عن العموم إذا ثبت لنا أنَّ السیرة مخصصة وما لم تثبت مخصصية السیرة نبقی تحت العام، وإذا بقی تحت العام نقول هي رادعة.

فالخروج من تحت العام یتوقف علی المخصصية والمخصصية في المقام هي التي یلزم منها الدور، فالدور ناشئ من جهة المخصصية.

إذن اشکال السید الخوئي رحمه الله وقوله بأنَّ السیرة في المقام لا یمکن أن تکون مردوعة لأنّ الرادعية دورية ؛ یرد علیه بنفس ما ذکره في باب حجية الخبر في مناقشته للمحقق صاحب الکفاية.

 


[2] المغني في الاصول الاستصحاب، ج1، ص67.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo