< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

43/03/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الاستصحاب

تقدم الکلام حول تباني العقلاء من ناحية الصغری – أي هل هو حجة ام لا- وتحقق لنا أنَّ إشکال المحقق الخراساني رحمه الله متین و المحاولات التي ذکرت لرفعه غیر تامّة.

[ إشکال آخر من السید الخوئي علی السیرة ]

یوجد هناک اشکال آخر علی السیرة العقلائية أشار الیه السید الخوئي رحمه الله نحو إشارة [1] و اوضحه الشیخ الاستاذ حفظه الله [2] ؛ وحاصله: أنَّه لا تعبد في سیرة العقلاء[3] ، لأنَّ سیرة العقلاء مبنية علی مناشئ عقلائية فیما بینهم لحفظ المصالح والمفاسد التي ترتبط بنظام المجتمع، أما التعبد فهو من الامور المرتبطة بالمولوية والعبودية؛ یعني العبد یأخذ من المولی التعبدَ، والمولی یأمر والعبد تعبداً یمتثله، ومن الواضح أنَّ العقلاء لیس لدیهم شخص واحد مسئل عنهم بحیث یأمرهم ویمتثلون. و نحن لما نطلق العقلاء نعني بذلک العقلاء بما هم عقلاء لا بما هم اصحاب دین معین او غیره بل نقصد العقلاء بشکل عام.

واتضح أنَّ العقلاء بما انهم یعملون علی طبق المناشئ العقلائية المرتکزة عندهم وربما ملتفتین إلی هذه المناشئ و ربما غیر ملتفتین إلی تلک المناشئ؛ مثلاً العقلاء في المعاملات یسلم الثمن حتی یأخذ المثمن صحیحاً غیر معیب، او یشتري شیئاً قیمته الف دینار ، بالف دینار لا بتفاوت فاحش و هکذا البایع، هذه عدة مناشئ عقلائية مرتکزة في معاملاتهم و سایر شوونهم مع أنهم غیر ملتفتین بها فبینهم شرط ارتکازي ضمني بالنسبة إلی خیار الغبن و العیب فتبین البایع والمشتري وإن کانا غافلین عن هذه الشروط وقت المعاملة إلاّ أنَّ هذه الشروط الارتکازية موجودة.

فالسیرة العقلائية ایضا لا تعبد فیها بل هي من جملة ارتکازات عقلائية بما هم عقلاء لا بما أنهم یعیشون تحت شریعة واحدة فلا فرق بین عاقل و عاقل لا من حیث البیئة و الزمان والمکان و... ونحن نستطیع ان نراجع انفسنا و نری انّ بنائنا عل یذلک ام لا و نری ان وجداننا بما نحن من العقلاء هل یصدق هذا الشئ ام لا، هل اذا کنت علی یقین سابق و الان شککت في البقاء علی الحالة السابقة، هل أعمل علی طبق الحالة السابقة لمجرّد کونها حالة سابقةً متیقنة کما أعمل بخبر الواحد الثقة لأنه ثقة؟ أو أنا أعمل علی طبق الحالة السابقة إذا کانت مورد الإحتیاط او رجاءً أو من باب الاطمئنان ؟ بحیث إذا کانت هناک حالة سابقة ولکن أنا لا عندي إطمئنان هل أبقي علی الحالة السابقة؟ إذا نحن رجعنا إلی ارتکازاتنا لا نری ذلک، لا نری لمجرّد الحالة السابقة سأعمل علی طبقها.

اذن حاصل هذا الاشکال تندرج ضمن نقاط:

النقطة الاولی: أنَّ العقلاء في سیرهم العقلائية لا یوجد فیها التعبد.

النقطة الثانية: أنَّ سیرة العقلاء لا تختص بزمان دون زمان و بمکان دون مکان بما انهم علی طبق المناشئ العقلائية.

النقطة الثالثة: إکتشاف ذلک یمکن بمراجعة أنفسنا لأننا من العقلاء.

وبالنتيجة: لا نجد أنَّ سیرة العقلاء بما هم عقلاء علی العمل طبق الحالة السابقة لمجرد کونها حالة سابقة متیقنة. بل جریهم علی الحالة السابقة لوجود کل من الاحتیاط أو الرجاء او الإطمئنان.

[ نقطة ظریفة من الشیخ الوحيد الخراساني ]

نقطة أشار إلیها الشیخ الاستاذ حفظه الله و هي :[4] السیرة العقلائية علی فرض إنعقادها لا تکون حجة إلاّ إذا أفادت الالزام مثلاً خبر الواحد الثقة عندما یخبر بشئ و لایسمع المخبَر ویفوته الشئ الکثیر او یقع في المحذور، فالعقلاء یذمونه و یقولون له لماذا لم تأخذ بخبر الثقة؟ فنری أنَّ خبر الواحد حجة حیث أخذ فیه الالزام – وهو مذمة العقلاء حسبما کل شئ بحسبه و الالزام في هذا المورد بهذا المعنی- کذلک بالنسبة إلی السیرة العقلائية فإذا فرضنا تخلف شخص عنها ولا یذمونه العقلاء لا تفید الحجية و لانعتبرها حجة، أما في المقام، لو تخلف شخص علی العمل علی طبق الحالة السابقة المتيقنة مثلاً شخص کان لدیه حالة سابقة متیقنة و حصل الشک في بقائها ثمّ توقف بعد حصول الشک، هنا العقلاء لا یذمونه ولا یحتج علیه به، فإذن لیست بحجة من العبد علی المولی و لا من المولی علی العبد.

مثلاً إذا مرجع التقلید شکّ في تأهل وکیله ثمَّ توقف عند الشک، و بعد مرور زمن تبین أنَّ هذا الشک غیر صحیح والوکیل علی حاله، هنا العقلاء لا یذمون هذا المرجع لتوقفه وعدم جریه علی الحالة السابقة.

إذن علی فرض ثبوت و انعقاد هذه السیرة إلاّ أنها لا تنتهي إلی الالزام، وإذا لا تنتهي إلی الالزام لا تکون حجة من العبد علی المولی أو من المولی علی العبد. ولا أقلّ نقول: أنَّنا إذا نشک في السیرة هل هي جارية لمجرّد الحالة السابقة او لا، لأنَّه دلیل لبيّ و یقتصر فیه علی القدر المتیقن وهو العمل بحالة السابقة اذا کانت موافقة للاحتیاط أو موافقة الرجاء أو کان إطمئنان بحصولها.

هذا تمام الکلام في قول الاول و مناقشته التي تفید القول الثاني.

[ کلام المحقق النائيني في التفصیل ]

أما القول الثالث: وهو ثبوت بناء العقلاء في الجملة. فهنا تفصیلات من جملتها ما أفاده المحقق النائيني قدس سره، حیث فصّل بین الشک في المقتضي و الشک في الرافع، فقال بأنَّ السیرة العقلائية منعقدة علی العمل بالحالة السابقة في الشک في الرافع وأما بالنسبة إلی الشک في المقتضي فلم تنعقد السیرة علی العمل علی طبقها.[5]

توضیحه: مراده من المقتضي ما یکون إذا خليَ و نفسه یستمر، لا یرتفع إلا بوجود الرافع، وعندما نقول : المقتضي موجود وإنما الشک في الرافع، یعني أنَّ هذا المقتضي له قابلة البقاء واستعداده لو خلیَ و نفسه یبقی و عندما نقول شک في المقتضي؛ یعني المقتضي لا استعداد له . مثلاً العقد الدائم فیه قابلية البقاء لا یرتفع إلا بالرافع کالطلاق وإذا شکّ في بقاء الزوجية هنا یقولون شک في الرافع ؛ یعني هل وجد الطلاق ام لا- في مثل هذا المورد یقول المحقق النائيني العقلاء یبنون علی العمل علی طبق الحالة السابقة مادام المقتضي موجود و له قابلية البقاء.

نظیر ذلک : الشک في بقاء حیاة شاب حیث فیه قابلية البقاء لأنَّه في ریعان شبابه و صحیح عندما نشک في بقاءه إنما هو شک في الرافع – هل طرئ علیه الموت ام لا-

وأما الشک في المقتضي مثل ما إذا شکّ في العقد الدائم من أنَّه هل المتقضي وهو العقد له استعداد البقاء لهذا الوقت إذا حصل العقد قبل اسبوع مثلاً هل العقد کان شهراً فلازال باقیاً او العقد کان اسبوعاً و انتهی؟ هنا شک في المقتضي. یقول المحقق النائینی العقلاء في الشک في المقتضي لا یمشون علی الحالة السابقة.

نظیره بالنسبة إلی الشیخ العجوز بحیث یکون فیه أمراض کثیرة بعد مدة من الزمن شککنا في بقائه و موته، هنا الشک في المقتضي لأنَّه لا استعداد له علی البقاء في هذا الوقت وبما انَّه شک في المقتضي العقلاء لا یبنون علی الحالة السابقة .

ایضا یدعي السیرة العقلاء علی العمل علی طبق الحالة السابقة إذا کان الشک في الرافع واما اذا کان الشک في المقتضي فلم تجري سیرتهم علی العمل علی الحالة السابقة، فهذا الاستصحاب من العقلاء والعمل علی طبق الحالة السابقة ماذاک الا إلهام الهي لحفظ النظام؛ إذ لو لم یعملوا کذلک خصوصاً في الازمنة السابقة مع بعد الأمکنة لأختل النظام.

فالمحقق النائيني یری التفصیل بالنسبة إلی سیرة العقلاء وسیأتي الکلام في مناقشة ذلک. إن شاء الله تعالی.

 


[2] المغني في الاصول الاستصحاب، ج1، ص59.
[3] ولا یخفی فکرة عدم وجود تعبد في السیرة العقلاء لا تختص بالسید الخوئي رحمه الله بل السابقین له ذکروها ایضاً.
[4] فوائد الاُصول‌، الغروي النّائيني، الميرزا محمد حسين، ج4، ص57.
[5]  .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo