< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

43/03/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الاستصحاب

النقطة الرابعة في المقدمة

هي بیان الفارق بین الاستصحاب وبین جملة من القواعد؛ هناک جملة من القواعد، ربما یقع فیها الالتباس او ربما حتی لو فرّق بینهما تشتبه مع تلک القواعد مثل، قاعدة الیقین واستصحاب القهقری وقاعدة المقتضي والمانع.

فینبغي التفریق بینها وبین الاستصحاب، و تعرّض لذلک الاصولیون قبل الدخول في مبحث الاستصحاب وتقریبا اتفقوا علی بیان جهة الافتراق بینهما وربما ذکر البعض الفوارق اکثر من الآخر.

[ مقدمة قبل بیان الفرق بین الاستصحاب والقواعد الثلاث ]

البحث فیه من جهتین: الموضوع والحکم.

اما من جهة الحکم؛ فهذا یبحث فیه بعد ما یبحث في الاستصحاب، هناک یبحث عن الادلة الدالة المذکورة علی قاعدة المقتضي والمانع او علی قاعدة الیقین.

اما من جهة الموضوع؛- والکلام فعلا یکون فیه- وربما یلحق البحث عن الموضوع البحث عن الآثار المرتبة علی ذلک؛ ما هي الاثار المرتبة علی بیان الفارق بین الاستصحاب وبین هذه القواعد.

مقدمة او تمهید مختصر قبل الدخول في بیان الفرق: انَّ النسبة بین الیقین و بین الشک نسبه التضاد؛ الیقین والشک متضادان. نعم، ربما یکون بلحاظ جهة من جهتیهما یقع التناقض بینهما وهو ان الیقین اخذ فیه عدم الاختلاف وعدم الاحتمال الخلاف، مثلاً عندما نقول هذا الشخص علی یقین یعني لا یحتمل الخلاف اما الشک فهو مع احتمال الخلاف، فالنسبة بین احتمال الخلاف وعدمه هي التناقض ولکن کلامنا فعلاً عن نفس الصفة – صفة الیقین وصفة الشک - امران نفسیان متضادان لا یجتمعان.

بعد اتضاح هذه الجهة من التمهید ندخل في بیان الفوارق.

[الفرق بین الاستصحاب وقاعدة المقتضي والمانع]

الاستصحاب هو ان یکون هناک یقین سابق وشک لاحق في بقاء ذلک الیقین، أو بعباره اخری: ان الیقین یتعلق بشی کالطهارة مثلاً، والشک یتعلق بنفس ما تعلق به الیقین؛ فکنتُ علی یقین من الطهارة الان أشک في تلک الطهارة، اذن عندي من جهة یقین سابق بشئ وهو الطهارة وعندي شک لاحق بنفس ذلک الشئ اذن المتعلق متحد وواحد فعندي یقین بحدوث تلک الطهارة و عندي شک في بقاء تلک الطهارة .

اذن الفارق بین الیقین والشک في قاعدة الاستصحاب لیس في المتقین بل المتقین واحد وانما الفارق في الزمان، زمان الیقین یختلف عن زمان الشک، طبعاً لما نقول « زمان الیقین یختلف مع زمان الشک » لیس الغرض أن یشترط ان یسبق الیقین من حیث الزمان الشکَ، بل لو انعکس الامر لایوجد مانع هناک.

وبعبارة واضحة مع المثال: یوم الثلاثاء عصراً اراد المصلي في الثوب فشکّ في طهارته صباحاً، هل هو کان من الصباح طاهر او لم یکن طاهراً، ولیس عنده علم بالصباح، یوم الاربعاء صار عنده یقین بطهارة الثوب صبح الثلاثاء، هنا لما نفترض صلی في هذا الثوب عصرا، نقول نعم یمکن استصحاب بقائه علی طهارته، مع انَّ صفة الیقین وجدت متأخرة عن صفة الشک وهذا لایضرّ. المهم الاختلاف في الزمان یعني زمان الیقین کان صبح الثلاثاء وزمان الشک عصر الثلاثاء.

او مثلاً: أنا علی یقین صباحاً بطهارَة الثوب والان شککت ببقاء طهارته استصحب، ونفس الکلام یأتي هنا: لو حدث الیقین متأخراً کالصفه ولکن زمانه متقدم علی زمان الشک .

بما انّ الیقین والشک صفتان متضادتان لایمکن ان یجتعمها في زمان واحد في محل الواحد عن شخص الواحد.

هذا بالنسبة الی قاعدة الاستصحاب.

وأمّا بالنسبة إلی قاعدة المقتضي والمانع؛ هکذا یسمّونه ولکن لا تقتصر علی المانع بل المانع او الرافع او الدافع و... یعني لیس بالمصطلح المنطقي بالدّقة یجب ان یکون هناک مانع فقط، لکن القاعدة اشتهرت بهذا الاسم.

هنا متعلق الیقین هو جزء العلة لمتعلق الشک وهو متعلق الیقین المقتضي ومتعلق الشک هو المعلول، توضیح ذلک: المعلول یحتاج إلی المقتضي والشرط وعدم المانع. مثلاً تیقنتُ بوجود المقتضي، نار موجودة، خشبة موجودة وأیضاً تیقنتُ بوجود الشرط: اقترب النار من الخشبة، ثمّ شککتُ في وجود المانع؛ هل هناک مانع یمنع من احتراق الخشبه بالنار او لا یوجد؟ الیقین تعلق بالمتقضي، والشک تعلق بوجود المانع، یعني تعلق بوجود المقتضی للشک بوجود المانع هل تحقق الاثر والمقتضی ام لم یتحقق لوجود المانع ؟ فنلاحظ هنا انّ زمان الیقین و زمان الشک واحد.

او مثلاً: الان فعلاً عندي یقین و عندي شک ولکن متعلق کلّ منهما مغایر لمتعلق الاخر؛ فمتعلق الیقین هو المقتضي ومتعلق الشک وجود المانع؛ فهل وجود المانع ام لا؟ او الرافع او الدافع.

والحاصل: الفرق بین الاستصحاب وبین قاعدة المقتضي والمانع والاستصحاب هو أنَّ في الاستصحاب یکون التغایر في زمان الشک وزمان الیقین حیث أنَّ زمان الیقین سابق علی زمان الشک یعنی من حیث المتعلق، اما بالنسبة الی المقتضي و المانع زمان یقین و الشک واحد و التغایر بینهما من حیث المتعلق؛ متعلق الیقین یختلف عن متعلق الشک.

[ الفرق بین الاستصحاب واستصحاب القهقری ]

استصحاب القهقری بعکس الاستصحاب المتعارف حیث أنَّ متعلق الیقین في الاستصحاب المتعارف متقدم علی متعلق الشک زماناً. و أما في استصحاب القهقری یوجد فیه الیقین الفعلي مثلاً أنا الان متیقن بوجود الشئ هل هذا المتیقن کان موجوداً من السابق ام لا،فإذن الشک یکون علی وجوده السابق ولکن فعلاً انا علی یقین. فهو علی عکس الاستصحاب المتعارف.

هذا المعنی باطلاقه قالوا بأنّه لا دلیل علیه أو ادلة الاستصحاب لا تشمله، لان دلیل الاستصحاب هو:" اذا کنتَ علی یقین فشککتَ" هنا فاء التفریع او الترتیب، یعني لابد ان یکون الیقین سابقاً بلحاظ متعلقه والشک لاحق. هذه العبارة لا تنطبق علی استصحاب القهقرائي لانَّه هو یقین فعلي و شک سابق.

لا یخفی أستعمل استصحاب القهقری في مورد وحد ولکن لا من حیث الاستصحاب وهو في الفاظ اللغة العربیة مثلاً إذا کان عندنا معنی معروف فعلاً الذي یتبادر الیه هذا المعنی بحیث المعنی الحقيقي الفعلي هو هذا المعنی مثلاً أسد معناه الفعلي هو هذا الحیوان المفترس، هل کان اسمه في الزمان السابق نفس هذا الاسم ؟ او لا ؟ هنا نستصحب نعم ، یسموّنه أصالة عدم النقل.

وإذا أردنا ان نطبق علیه معنی الاستصحاب فیکون استصحاب القهقری.

لو فرضنا مثلا کلمة «الصعید» لو فرضنا انّ الصعید فعلا المعنی الحقیقي المتعارف هو التراب فقط؛ هل في زمان النص وفي زمان نزول القرآن في زمان عصر النبي صلی الله علیه وآله او في زمان الائمة علیهم السلام کان الصعید بمعنی التراب او کان بمعنی مطلق وجه الارض، نحن لا نعلم؛ یعني نحتمل کان یطلق حقیقة علی مطلق وجه الارض ثمّ نقل وصار حقیقة في خصوص التراب ،کما اننا نحتمل کان حقیقة في التراب ولم ینقل علی ماهو علیه. هنا نقول اصالة عدم النقل. واذا اردنا ان نطبق علیه الاستصحاب نقول هذا استصحاب القهقرائي؛ حیث جرينا الیقین من الان إلی الزمان السابق.

فاتضح بذلک الفارق بین الاستصحاب المتعارف واستصحاب القهقری.

[ بیان السید الخوئي في مورد جریان استصحاب القهقری ]

هذا المورد الذی ذکرنا من أصالة عدم النقل اعتمد علیه بعض الاصولیون لکن لا من جهة الاستصحاب وربما لجهات أخری. مثلا السید الخوئي یقول: [1] «أنَّ هذا یکون من باب اصل عقلائي فحجية هذا النحو من الاستصحاب بالخصوص ثابثة ببناء العقلاء ولو لا حجیته لانسد علینا باب الاستنباط». لانَّ الان کثیر من الالفاظ لدیهم معاني حقیقیة ولکن هل کانت معاني حقیقیة في زمان النص او لا. فاذا لا نذهب الی حجیته- استصحاب القهقرايي في المورد- لا یمکن الاستنباط.

فهو یقول من جهة أصالة عدم النقل أمارة عقلائية أو ثابتة ببناء العقلاء ولو لا حجيته لأنسد باب الاستنباط.

والآخرون یقولون في مقام تحلیل هذا الاصل العقلائي: انَّ اللغة وان کانت متطورة ولکن تطورها وتغیرها ضعیف جدا او نادر جدا؛ بحیث تکون کلمة في زمان بمعنی والان تُرک ذلک المعنی وانتقل الی معنی الاخر هذا النحو من التغیر نادر جدا، وان یحصل هذا التغیر ولکن تغیر بطئ. فلهذا العقلاء لا یبالون بهذا التغیر؛ إذا کان عندهم فعلاً یقین بمعنی اللغوي للفظ یبقون علیه. فهذا أشبه ما یکون کتحلیل لهذه الاصالة عدم نقل الثابت عند العقلاء.

[ ملاحظة علی ما أفاده السید الخوئي ]

أقول: اما جهة انسداد باب الاستنباط فربما یندفع بانّه لا ینسد فعلاً؛ لانه ولو شککنا في النقل وانّ هذه الکلمة نقلت ام لا، الان ببرکة وجود کتب اللغة والتي تابعت المعاني اللغوية والاستعمالات اللغوية عند العرب یمکن للمتتبع من خلال تتبعه ان یقع علی المعنی ویلاحظ ان هذا المعنی نقل ام لا. لا نقول نحو تقلید لاقوال اللغویین، بل المتتبع یتابع مجموعة من علماء اللغة المهمّين وهم شأنهم ینقلون الاستعمال وینقلون کلمات العرب والشعر العربي المرتبط بهذه الکلمة، المتتبع عندما یلاحظ ویدقّق یستطیع ان یصل الی هذه النتیجة وهي: کان هذا اللفظ یستعمل في ذلک الزمن بهذا المعنی فلا یتصور الانسداد. فکلام السید الخوئي رحمه الله في انسداد باب الاستنباط غیر تامّ. بل یمکن ولا ینسد؛ باعتبار انه یحصل باطمئنان بعد التتبع في عدم النقل او فی النقل بعد التتبع .

علی کل حال بحثه لیس هنا، بل المهم الفارق الموضوعي فقط بینهما فنقول الاستصحاب القهقری علی عکس الاستصحاب المتعارف وهو لاتدل علیه ادلة الاستصحاب التی دلت علی الاستصحاب المتعارف وانما اعتمد علی استصحاب القهری في مورد واحد وهو في تبدّل معاني الفاظ اللغة؛ هل تبدلت او لم تتبدل؟ یجري فیه أصالة عدم النقل.

یبقی عندنا قاعدة ثالثة، یأتي الکلام فیها إن شاء الله تعالی.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo