< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

41/06/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تنبيهات الاشتغال:

التنبيه الحادي عشر:المسألة الثانية: - الصورة الثانية:الكلام الآن في الصورة الثانية من المسألة الثانية وهي: ما إذا كان زمان المعلوم بالإجمال سابقاً على زمان الملاقاة وزمان كل منهما متقدم على زمان العلم الإجمالي، مثال ذلك: ما إذا وقعت النجاسة في أحد الإناءين يوم الخميس ولم أكن أعلم بها وفي يوم الجمعة الثوب لاقى أحد الإناءين وفي يوم السبت علمت بوقوع النجاسة يوم الخميس في أحدهما وعلمت بالملاقاة يوم الجمعة، هذه الصورة تشترك مع الصورة السابقة في أن العلم الإجمالي متأخر وتفترق عن الصورة السابقة بأن زمان الملاقاة متأخر عن زمان المعلوم بالإجمال، هناك لما فرضنا أن الثوب موجود في الإناء الذي فيه ماء فعندما سقطت قطرة الدم إما في هذا الإناء أو في الإناء الآخر كان زمان المعلوم بالإجمال يعني زمان وقوع النجاسة مع زمان الملاقاة متحد في نفس وقت سقوط النجاسة في الإناء هو نفس وقت ملاقاة الثوب للماء، هذه النقطة تفترق عما نحن فيه في هذه الصورة، زمان وقوع النجاسة الذي قلنا هو المعلوم بالإجمال يوم الخميس وزمان الملاقاة يوم الجمعة وزمان العلم بوقوع النجاسة يوم السبت فإذاً نقطة الاشتراك هو تأخر العلم عن زمان المعلوم بالإجمال وعن الملاقاة، وهناك لا، فلهذا يمكن أن يترتب أثر بحيث يختلف الحكم هنا عن هناك بهذه الجهة. في هذه الصورة أيضاً وقع الخلاف، المحقق النائيني (قده) قال بعدم لزوم الاجتناب عن الملاقي الثوب لا يجب الاجتناب عنه لإمكان جريان أصالة الطهارة فيه بلا معارض بخلاف نفس الماء الملاقى فهناك يجري فيه الأصل ويعارضه الأصل في الطرف الآخر.

بيان ذلك: المحقق النائيني يبني على أمور:

الأمر الأول: أن المنجز لا يتنجز ثانية، إذا نُجز أو تنجز التكليف لوجود منجز سابق أي الآن لا يتنجز مرة ثانية بمنجز آخر، هذا كبروياً تقريباً مسلَّم، يعني رأي المحقق النائيني ورأي غيره أنه إذا تنجز لا يتنجز ثانيةً، يعني من أنواع تحصيل الحاصل، حصل التنجيز لا معنى لتنجيزه مرة أخرى، هذا أمر يكون في البال.

الأمر الثاني: تنجيز العلم أُخذ فيه شرط لمنجزية العلم وهذا الشرط هو أن يكون هناك تكليف فعلي على كل تقدير يعني أن يتعلق العلم الإجمالي بتكليف فعلي على كل تقدير، أما إذا كان على تقدير يوجد تكليف وعلى تقدير لا يوجد تكليف هنا أيضاً لا يتنجز العلم الإجمالي، فإذاً أُخذ في منجزية العلم الإجمالي أن يتعلقا بتكليف فعلي على كل تقدير وهذا الأمر أشرنا له سابقاً أيضاً يعني صار الحديث عنه، التكليف الفعلي على كل تقدير ولكن اختلاف الصياغات ربما تختلف يعني تارة نقول العلم الإجمالي يتعلق بالتكليف الفعلي على كل تقدير وتارة يتعلق بما يكون قابلاً للتكليف على كل تقدير أو يكون قابلاً للتنجيز نفس العلم الإجمالي أن يكون قابلاً للتنجيز على كل تقدير كما أوضحنا ذلك مع المحقق العراقي والاختلاف في بيان الركن الثالث من أركان منجزية العلم الإجمالي، المهم هنا هو تعبيره هكذا: أن يتعلق العلم الإجمالي بتكليف فعلي على كل تقدير.

الأمر الثالث: أن العلم من الواضح أنه من الصفات الإضافية أو الصفات ذات التعلق يعني التي في وجودها تحتاج إلى متعلق، عندنا صفات نعبر عنها صفات ذات التعلق مثل العلم لا بد أن يكون هناك معلوم، علم بلا معلوم لا معنى له، الحب لا بد له من محبوب والإرادة لا بد أن يكون هناك مراداً، هذه صفات ذات التعلق لا يمكن تصورها مجردة عن هذا المتعلق فالعلم من الصفات ذات التعلق يسموها الصفات ذات الإضافة، هذا العلم له جهتان جهة بما هو صفة موجودة يعني نلاحظها بما هي موجودة العلم بما هي صفة، وتارة تلاحظ العلم بما هو كاشف، كاشف عن شيء آخر يعني كاشف عن المعلوم هنا في المقام أُخذ العلم بما هو كاشف يعني عندما نريد أن نرتب الأثر على العلم يعني نرتب الأثر على المنكشف، علمت بالنجاسة الأثر يترتب على النجاسة ولا يترتب على العلم وإنما يترتب على النجاسة، علمت بوقوع النجاسة في الإناء يعني يجب الاجتناب عنه يعني هذا تنجس وهكذا.

هذه أمور ثلاثة إذا ضمنناها إلى بعضها البعض نخرج بهذه النتيجة: العلم الإجمالي وُجد متأخراً لكن هذا الذي وجد متأخراً نلاحظه بما هو كاشف لا بما هو صفة، هذه الصفة حصلت يوم السبت ولكن تكشف عن ماذا؟ تكشف عن وجود النجاسة في أحد الإناءين يوم الخميس، العبرة كما قلنا في المقدمة الأخيرة العبرة في المنكشف يعني العلم بما هو كاشف ونلاحظ جهة الكاشفية، العلم كشف لنا أن أحد الإناءين يوم الخميس نجس، هذا العلم المتعلق بأحد الإناءين يوم الخميس هنا منجز يعني نشك الآن في جريان أصالة الطهارة في الإناء الأول نجري أصالة الطهارة ولما نأتي إلى الإناء الثاني نشك في طهارته ونجاسته أيضاً المفروض أن نجري أصالة الطهارة، هنا الأصلان يتعارضان لما تعارضا سقطا وتنجز العلم الإجمالي إذاً في يوم الخميس وُجد علم إجمالي يعني وُجد بمعنى انكشف وجود نجاسة في أحد الإناءين وكان العلم الإجمالي منجزاً في وقته يجب الاجتناب عنهما، هذه جهة استفدناها من الشرط الثالث، والجهة الأخرى أن الملاقاة حصلت يوم الجمعة يفترض أنه وُجد عندنا علم إجمالي جديد بتفصيل الآن منا هكذا نقول: وُجد علم إجمالي جديد بين نجاسة الملاقي وبين الطرف الآخر، الملاقى مع الطرف الآخر هذا يوم الخميس، يوم الجمعة الثوب لاقى الإناء (أ) صار الآن عندنا علم إجمالي جديد إما أن الملاقي وهو الثوب نجس أو الطرف الآخر نجس، هذا العلم الإجمالي الجديد يشترك مع العلم الإجمالي الأول في طرف وهو الطرف الآخر غير الملاقى هذا الطرف الآخر فرضنا أن العلم الإجمالي الأول منجز له يجب الاجتناب عنه، إذا يجب الاجتناب عنه يأتي الأمر الأول أن المنجز لا يتنجز والأمر الثاني أيضاً العلم الإجمالي حتى يكون منجزاً لا بد وأن يتعلق بتكليف فعلي على كل تقدير هذان الشرطان لم يتحققا في العلم الإجمالي الثاني لأن أحد طرفيه الملاقي والطرف الآخر متنجز بالعلم الإجمالي الأول فهو منجز بمنجز سابق والمتنجز لا يتنجز وأيضاً الأمر الثاني العلم الإجمالي حتى يكون منجزاً لا بد وأن يتعلق بتكليف فعلي على كل تقدير هذا العلم الإجمالي الثاني إن كانت النجاسة في الملاقي فهو هناك تكليف فعلي جديد وإن كانت النجاسة في الملاقى فالملاقى ليس فيه تكليف فعلي جديد وإنما تكليف فعلي من السابق موجود، فعليه: هذان الأمران لم يتحققا في العلم الإجمالي الثاني.

النتيجة: أن الشك في نجاسة الملاقي وعدمه يكون مجرى لأصالة الطهارة بلا معارض، أصالة الطهارة بالنسبة إلى الطرف الآخر لا تجري لكون العلم متنجز من السابق وأصالة الطهارة سقطت، وبالنسبة إلى الملاقي تجري فيه أصالة الطهارة بلا إشكال، هذا حاصل كلام المحقق النائيني بتوضيح منّا، فالنتيجة إذاً من كلامه أن عدم وجوب الاجتناب عن الملاقي.

هذا الرأي الأول اختاره أيضاً السيد الخوئي (ره) في الدراسات حاصله ما فصلناه ولكن بتعبير مختصر هكذا: أن النجاسة المرددة بالنسبة إلى الملاقي نجاسة حادثة هل وجدت أو لا؟ عندنا نجاسة في أحد الإناءين (أ) أو (ب) ثم لما لاقى الثوب أحد الطرفين هل وجدت نجاسة حادثة جديدة أو لا؟ هنا نجري الأصل سواء كان استصحاب أو أصالة الطهارة أو ما شاكل، المهم الشك في نجاسة حادثة فيكون مجرى للأصل.

الرأي الثاني في هذه الصورة: ما اختاره السيد الخوئي (ره) في المصباح وعدل عن رأيه السابق وقال بجريان الأصل هنا أيضاً يعني جريان الأصل في الملاقي بحيث يعارض الأصل في الطرف الآخر وحاصل ما أفاده السيد الخوئي (ره) يبتني على نقطة وهي كركن إذا عرفناها يتضح كلامه:

النقطة هي هذه: أن التنجيز للعلم مثلاً تبتني المنجزية على وقت العلم لا على وقت المعلوم وهذه نقطة جوهرية يفترق فيها السيد الخوئي عن المحقق النائيني والمحقق النائيني قلنا المدار عنده على العلم بما هو كاشف يعني المدار على المعلوم زمان المعلوم متقدم حتى لو كان زمان العلم متأخر لا يضر يكون العلم الإجمالي منجزاً، السيد الخوئي (ره) يقول التنجيز يبتني على زمان العلم، بعبارة أخرى: أنه قبل العلم لا يوجد تنجيز وبعد العلم يوجد التنجيز، ولا يكون هناك أصلاً مجرى للأصل لأن الأصل يجري إذا شككت هل هذا نجس أو ليس بنجس؟ الآن يوم الخميس وقعت النجاسة في أحد الطرفين لم أكن أعلم بها فلما آتي إلى (أ) لم يحصل عندي شك في طهارته ونجاسته حتى أجري فيه أصالة الطهارة، ولما آتي إلى الإناء (ب) أيضاً لم يوجد عندي شك حتى أجري فيه أصالة الطهارة، أحد أركان جريان الأصول هو حصول الشك الفعلي، إذا وجد شك فعلي هنا يأتي مجرى الأصل سواء كان البراءة أو الاستصحاب وهذا بحث يأتي في أواخر الأصول العملية هناك بحث لشرائط جريان الأصول من شرائط جريان الأصول حصول الشك الفعلي كما في الاستصحاب أو الطهارة وهكذا، ففي زمان المعلوم بالإجمال يعني في زمان وقوع النجاسة في الواقع يوم الخميس لم يحصل عند المكلف أي شك فلم يكن هناك مجرى للأصل، الجهة الأخرى أن التكليف يتنجز إذا علمت وقبل العلم لم يتنجز التكليف، إذاً أنا علمت يوم السبت بوقوع النجاسة يوم الخميس هنا علمي حصل يوم السبت يعني وقت التنجيز يوم السبت فنقول إنه هذا الذي حصل يوم السبت لا يكون منجزا لما وقع في يوم الخميس فالنتيجة يقول: إن علمي بوقوع النجاسة وعلمي بالملاقاة في وقت واحد فالعلم الإجمالي يكون منجزاً لهما في وقت واحد، حتى يتضح الأمر أن المحقق النائيني قال في يوم الخميس انكشف لنا يوم السبت أن يوم الخميس وقعت النجاسة في أحد الطرفين، هذا العلم الإجمالي اعتمد عليه المحقق النائيني واعتبره منجزاً من يوم الخميس فقال هذا العلم الإجمالي تنجز الأصل لا يجري لا في هذا الطرف ولا في ذاك الطرف، في يوم الجمعة حصلت الملاقاة بين الثوب وبين أحد الطرفين، يقول هذه الملاقاة التي حصلت أوجبت عندي شك في حدوث نجاسة جديدة أجري فيها الأصل بلا معارض، فرتب الفارق الزماني بين الصورتين رتب الأمر عليه، والسيد الخوئي (ره) يقول: العلم الإجمالي حصل يوم السبت والتنجيز يفترض أن يكون من يوم السبت ولا يكشف عن وجود تنجيز سابق فعليه: بالنسبة إلى وقوع النجاسة وبالنسبة إلى الملاقاة العلم الإجمالي بالنسبة لهما على حد سواء، فأنا يوم السبت علمت بالنجاسة وعلمت بالملاقاة يعني علمت بنجاسة إما هذا الإناء (أ) والملاقي أو الإناء (ب) فصار عندي علم إجمالي واحد متعلق هذا العلم نجاسة الطرفين الملاقى والملاقي أو الطرف الآخر، هذا العلم الإجمالي أوجب تعارض الأصول في الأطراف الثلاثة في الملاقى والملاقي والطرف الآخر فهنا يتنجز العلم الإجمالي في المقام ويجب الاجتناب عنه هذا حاصل ما أفاده.لا بأس بذكر عبارته بعد أن بين أنه كان رأيه كرأي المحقق النائيني والآن عدل: ولكن الظاهر عدم الفرق بين الصورتين، يعني صورة ما إذا كانت الملاقاة مع المعلوم بالإجمال زمانه واحد مثالنا الثوب في الإناء، أو الصورة الثاني كان الثوب لاقى الإناء في يوم آخر، يوقل عدم الفرق بين الصورتين ووجوب الاجتناب عن الملاقي في الصورة الثانية أيضاً إذ المعلوم بالإجمال فيها وإن كان سابقاً بوجوده الواقعي على الملاقاة لأن وجوده الواقعي يوم الخميس والملاقاة يوم الجمعة، إلا أنه مقارن له بوجوده العلمي، أنا وقت ما علمت في وقت واحد بوقوع النجاسة وبالملاقاة والتنجيز من آثار العلم بالنجاسة لا من آثار وجودها الواقعي، وجود النجاسة واقعاً لا تفيد في التنجيز، وحيث إن العلم الإجمالي متأخر عن الملاقاة فلا محالة يكون الملاقي أيضاً من أطرافه أطراف العلم ولا أثر لتقدم المعلوم بالإجمال على الملاقاة واقعاً فإنا نعلم إجمالاً يوم السبت في المثال المتقدم بأن أحد المائين والثوب نجس أو الماء الآخر، يعني الطرفين من جهة أو طرف من جهة أخرى، أو الماء الآخر وحده فيكون نظير العلم الإجمالي بنجاسة الإناء الكبير أو الإناءين الصغيرين، مثلما مثلنا في كلام صاحب الكفاية في الصورة الأولى، أنه عندنا إناء كبير وإناءان صغيران وقعت النجاسة في الكبير لوحده أو كلا الإناءين هنا من هذا القبيل فلا يمكن إجراء الأصل في الملاقي لعين ما ذكرناه في الصورة الأولى فيجب الاجتناب عنه.

فالرأي الثاني الذي اختاره السيد الخوئي (ره) مؤخرا هو وجوب الاجتناب عنه لتنجز العلم الإجمالي في جميع الأطراف. وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo