< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

41/03/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تنبيهات الاشتغال.

انحلال العلم الإجمالي:القول الثاني المنسوب للسيد الخوئي (قده):تقدم الكلام عندنا فيما إذا اختلف العلمان الإجماليان بين تقدم العلم أو تقدم المعلوم فمثلا لو علمت إجمالا بنجاسة أحد الطرفين (أ) أو (ب) يوم الخميس وعلمت إجمالا يوم الجمعة بنجاسة (ب) أو (ج) يوم الأربعاء، فهنا نلاحظ أن العلم الإجمالي الأول متقدم من حيث العلم ولكن من حيث المعلوم بالإجمال متأخر عن الثاني فالعلم الإجمالي الثاني من حيث العلم وإن كان متأخرا ولكن من حيث المعلوم بالإجمال هو متقدم لأني أعلم يوم الجمعة بنجاسة (ب) أو (ج) يوم الأربعاء، فهنا إذا قلنا بالانحلال هل نعتمد في الانحلال على أسبقية العلم أو على أسبقية المعلوم بالإجمال، ذهب المحقق النائيني كما تقدم إلى تقديم الأسبق من حيث المعلوم فلهذا يقول: في العلم الإجمالي الثاني هو المتقدم والعلم الإجمالي الأول يكون منحلا لأن المعلوم بالإجمال بالعلم الإجمالي الأول متقدم، وتقدم الكلام في بيان دليله.

القول الثاني: ما نُسب للسيد الخوئي (ره) كما نسبه السيد الصدر (قده) أن التقدم من حيث العلم لا من حيث المعلوم ففي المثال السابق نقول العلم الإجمالي الأول وهو بنجاسة (أ) أو (ب) يوم الخميس هو متقدم والعلم الإجمالي الثاني الذي حصل يوم الجمعة ينحل، وإن كان المعلوم بالإجمال فيه سابق على المعلوم بالإجمال في الأول.

وأفاد في وجه ذلك أن العلم الإجمالي الأول قد نجز الطرف المشترك وهو (ب) إما ابتداءً على القول بالعلية وإما بعد تعارض الأصول وتساقطها على القول بالاقتضاء، في يوم الخميس لما علمت إجمالا بنجاسة (أ) أو (ب) هنا تنجز العلم الأصلان يسقطان فيهما ويتنجز بالعلم، وبعد تنجز العلم الأول الثاني لا يأتي لأن الثاني الآن علمت بنجاسة (ب) أو (ج) و (ب) الطرف المشترك قد تنجز ولا يجري فيه الأصل فالطرف الثالث (ج) يجري فيه الأصل بلا معارض لأن الأصل لا يجري في (ب) ويجري في (ج) بلا معارض وعدم جريانه في (ب) باعتبار أنه تنجز أو باعتبار أنه سقطت الأصول فيه لوجود العلم الإجمالي الأول، فعليه: العلم الإجمالي الثاني لا يكون صالحا للتنجيز وينحل، هذا ما ذكره السيد الصدر في تقريراته عن السيد الخوئي وقال بأنه وإن كان الموجود في تقرير الدراسات هو القول الأول في دراسات في علم الأصول الموجود للسيد الخوئي هو القول الأول يعني التقدم من حيث المعلوم لا من حيث العلم، ولكن الذي وجدنا في المصباح قد تكون عبارات السيد الخوئي مختلفة فينبغي الاطلاع على ما أفاده في أماكن مختلفة.

في التنبيه الرابع قال: بما يُستفاد منه أن التقدم من حيث المعلوم لا من حيث العلم، قال ما لفظه والمثال أيضا يوضحه قال: (ولا فرق فيما ذكرناه بين زوال العلم الإجمالي بالوجدان كالمثال المتقدم وبين زواله بالتعبد كما إذا قامت الأمارة على حرمة أحد المائعين بخصوصه من أول الأمر أو كان مقتضى الأصل التنزيلي كالاستصحاب بل الأمر كذلك في الأصل غير التنزيلي أيضا كما إذا علمنا بنجاسة أحد الإناءين الأبيض أو الأحمر ثم علمنا بعد ذلك بنجاسة الأبيض أو إناء آخر من أول الأمر بأن يكون المنكشف سابقا ولو كان الكشف متأخرا، فالعلم الاجمالي الأول ينحل بالعلم الاجمالي الثاني، إذ بعد العلم الثاني لا يبقى لنا علم بحدوث نجاسة بين الأبيض والأحمر، إذ يحتمل أن يكون الأبيض هو النجس من أول الامر. وقد فرضنا العلم بنجاسته أو بنجاسة الآخر، فلا يبقى إلا الشك في حدوث نجاسة جديدة في الإناء الأحمر، غير ما هو المتيقن بين الأبيض، والإناء الآخر، فيكون المرجع في الإناء الأحمر أصالة الطهارة بلا معارض)[1]

واضح من كلامه واستدلاله ومثاله أن المدار عنده على المنكشف على المعلوم بالعلم الاجمالي فيتفق مع المحقق النائيني في ذلك ولا يختلف فيه، هذا ما ذكره في مصباح الأصول في ذيل التنبيه الرابع.في مورد آخر أحد التنبيهات المهمة ويأتي الكلام فيها، هو ملاقاة أحد أطراف الشبهة المحصورة إذا لاقى الثوب مثلا الإناء (أ) وأنا كنت أعلم إجمالا بنجاسة الإناء (أ) أو (ب) هنا هل نحكم بنجاسته أو لا؟ هناك كلام محل الشاهد الذي نريد أن نذكره من كلام السيد الخوئي هناك، هذا الكلام بحسب ظاهره يتفق مع ما نقله السيد الصدر ولعل السيد الصدر يشير إلى هذا المورد.

هناك قال: (والصحيح في الجواب عن الاستدلال المذكور أن يقال: إن تنجيز العلم الاجمالي منوط ببطلان الترجيح بلا مرجح، فإنه بعد العلم الاجمالي لا يمكن جريان الأصل في جميع الأطراف) [2]

ثم ذكر أمثلة، من جملة الأمثلة مالو علمنا بنجاسة أحد المائعين ثم علمنا إجمالا بوقوع نجاسة في أحدهما أو في إناء ثالث فإنه لا أثر للعلم الاجمالي الثاني في تنجيز التكليف بالنسبة إلى الإناء الثالث، لأن التكليف قد تنجز بالعلم الاجمالي الأول بالنسبة إلى المائعين الأولين فليس العلم الاجمالي الثاني علما بالتكليف على كل تقدير لاحتمال وقوع النجاسة في أحد المائعين الأولين وقد تنجز التكليف فيهما بالعلم الأول فليس في الإناء الثالث إلا احتمال التكليف وينفيه الأصل الجاري بلا معارض، وهذا الذي ذكرناه مرارا، علمت إجمالا بنجاسة الإناء (أ) أو (ب) هذا العلم الاجمالي تنجز وجرت الأصول فيه وتعارضت وتساقطت، ولما جاء العلم الاجمالي الثاني بين الإناء (ب) وبين الإناء (ج) نقول هذا العلم الاجمالي الثاني لا يتنجز لأن الطرف (ب) كان متنجزا من السابق ولم يجرِ فيه الأصل للمعارضة والطرف (ج) يجري فيه الأصل بلا معارض فلهذا ينحل العلم الاجمالي الثاني، هذا مثاله.هذا المقدار طبعا وإن كان بحسب الظاهر أن المدار على العلم ولكن هذا المقدار لا يفيد في المقام لأنه نحن نقول إذا علمنا بتقدم أحد العلمين على الآخر من ناحية العلم وتقدم الآخر على الأول من حيث المعلوم، وهنا لم يفرض المسألة كذلك، هنا فرض أنه عندي علم إجمالي أول يتنجز ثم وجد عندي علم إجمالي ثاني لم يتنجز، لم يذكر أنه متقدم أو غير متقدم من حيث المعلوم، ولكن الذي يفيد كلام السيد الصدر هو في الاستدلال الذي أتى به بعد، هو طبق هذا الكلام الذي نقلناه على مسألة الملاقي لأحد أطراف الشبهة ثم قال في المسألة الأخرى المسألة الثانية ذكر فيها صورتين الصورة الثانية: وهي ما إذا كان زمان المعلوم بالإجمال سابقا على زمان الملاقاة كما إذا علمنا يوم السبت بأن أحد هذين الإناءين كان نجسا يوم الخميس ولاقى أحدهما ثوب يوم الجمعة فنلاحظ هنا في الملاقاة متقدمة ولكن العلم بها كان متأخرا، فقد ذكرنا في الدورة السابقة عدم وجوب الاجتناب عن الملاقي فيها لأن المعلوم بالاجمال هي النجاسة المرددة بين المائين في مفروض المثال وأما الثوب فليس من أطراف العلم الاجمالي فيكون الشك في نجاسته شكا في حدوث نجاسة جديدة، أنا علمت إجمالا بين نجاسة الإناء (أ) أو (ب) الآن يوم الجمعة علمت بأن الثوب لاقى (أ) هل هنا نحكم بنجاسته أو لا؟ يقول العلم الاجمالي كان بين الإناءين (أ) و (ب) والثوب خارج عن أطراف العلم الآن أشك في نجاسته وعدم نجاسته أجري فيه أصالة الطهارة، هذا كلامه في الدورة السابقة التي يشير إليها في الدراسات.

لكن ما اختاره مؤخرا هو الذي يفيد السيد الصدر، قال: ولكن الظاهر عدم الفرق بين الصورتين ووجوب الاجتناب عن الملاقي في الصورة الثانية الثوب لاقى أحد أطراف الشبهة يجب الاجتناب عنه، إذ المعلوم بالاجمال فيها وإن كان سابقا بوجوده الواقعي على الملاقاة إلا أنه مقارن له بوجوده العلمي والتنجيز من آثار العلم بالنجاسة لا من آثار وجودها الواقعي، هذا الاستدلال الذي يفيده، هنا اعتبر المدار على العلم يقول بأنه المعلوم بالإجمال وإن كان من حيث وجوده الواقعي متقدم ولكن المدار في التنجيز ليس على وجوده الواقعي وإنما على علمه يعني هو بوجوده الواقعي لاقى النجاسة ولكن لا أعلم فلا تكون هذه النجاسة منجزة عليّ، إذا علمت بها الآن أرتب آثار النجاسة، إذاً المدار هو على العلم هنا نستفيد ما أفاده السيد الصدر.

أيضا مورد آخر يمكن نفس الكلام في المسألة الثالثة هناك في ملاقي أحد أطراف الشبهة صرّح هكذا: ولكن الظاهر عدم وجوب الاجتناب عن الملاقي في هذه المسألة كما في المسألة الأولى وذلك لما ذكرناه في ذيل المسألة الثانية من أن مدار التنجيز إنما هو العلم بالنجاسة لا وجودها الواقعي فالملاقاة وإن كانت سابقة على العلم الاجمالي إلا أنه لا يترتب عليها أثر فبعد العلم الاجمالي بنجاسة الملاقى أو الطرف الآخر يتساقط الأصلان فيهما للمعارضة ويتنجز التكليف ويجب الاجتناب عنهما، إذاً الملاحظ الآن أنه ما نسبه السيد الصدر أن السيد الخوئي يتفق مع ما ذكره في مبحث ملاقي أحد أطراف الشبهة أما ما ذكره في التنبيه الرابع فهناك صريح وواضح من الدليل والتمثيل على أنه يذهب مذهب المحقق النائيني من أن المدار على العلم، الآن كيفما كان بالنسبة وسيأتي البيان أكثر.بعد أن سلمنا أن هذا هو ما ذهب إليه السيد الخوئي أن المدار على العلم وليس على المعلوم، هنا السيد الصدر أورد على السيد الخوئي، وسيأتي الكلام فيه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo