< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

41/03/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تنبيهات الاشتغال.

تكملة التنبيه الرابع:وقلنا إنه ينبغي أن يكون الكلام فيه حول انحلال العلم الإجمالي، لا بالنحو الذي أفاده السيد الخوئي (ره) كما بينّا في الدرس السابق، والبحث في انحلال العلم الإجمالي يقتضي التنبيه على أركان منجزية العلم الإجمالي لمعرفة أنه متى ينحل يعني إذا فقد أحد أركانه، والأركان المذكورة لمنجزية العلم الإجمالي أربعة.

الركن الأول: العلم بالجامع يعني أعلم بنجاسة أحد الإناءين أو أعلم بحرمة أحد الأمرين أو أعلم بوجوب إحدى الصلاتين وهكذا، لأنه لو لم يوجد عندي علم يتعلق بالجامع لكانت الشبهة بدوية، أشك هل هذا المورد في حد نفسه طاهر أو نجس شبهة بدوية، هل الأمر الفلاني حرام أو حلال في نفسه شبهة بدوية هل الأمر الآخر واجب أو ليس بواجب شبهة بدوية، فحتى ينعقد علم إجمالي لا بد أن يتعلق العلم بالجامع نحو التعلق يختلف كما ذكرنا سابقا، المهم الآن الركن الأول لمنجزية العلم الإجمالي أن يتعلق العلم بالجامع حتى لا تكون الشبهة بدوية، طبعا العلم بالجامع هل هنا يشمل العلم الوجداني والعلم التعبدي أو لا؟ نقول فعلا الآن على إطلاقه نعم، يعني مقصودنا من هذا الركن ما يشمل العلم التفصيلي الوجداني والعلم التعبدي كما لو قامت الأمارة على نجاسة أحد الأمرين، فهنا يحصل عندنا علم تعبدي كما يُذكر عنه.

الركن الثاني: أن يتوقف العلم على الجامع بمعنى ألا يسري العلم من الجامع إلى الأفراد لأنه إذا سرى العلم من الجامع إلى الأفراد صار العلم تفصيليا، أولا علمت إجمالا بوجوب أحدهما والآن علمت بوجوب هذا، فصار علما تفصيليا، وحتى يبقى العلم الإجمالي نقول لا بد أن يتوقف العلم إلى الجامع ولا يتعدى إلى الأفراد، هذا الركن الثاني وهذا الركنان هما المهمان في منجزية العلم الإجمالي ويتضح الانحلال وعدمه خصوصا الانحلال الحقيقي يدور مدار هذين الركنين.

الركن الثالث: أن يكون كل طرف من أطراف العلم الإجمالي مشمولا في حد نفسه للأصل المرخص أو النافي للتكليف بمعنى أنه إذا علمتُ إجمالا بنجاسة أحد الإناءين الآن الإناء الأول (أ) في حد نفسه مع قطع النظر عن العلم الإجمالي إذا شككت في طهارته ونجاسته يكون مجرا لأصالة الطهارة، الإناء الثاني في حد نفسه مع قطع النظر عن العلم الإجمالي أيضا يكون مجرى لأصالة الطهارة، هذا الركن لماذا؟ لأنه لو فرضنا بأن أحد الطرفين لا يجري فيه الأصل لسبب من الأسباب مثلا الأصل جريانه لا ثمرة فيه خارج عن محل الابتلاء مثلا فجريان الأصل لا ثمرة فيه بغض النظر عن العلم الإجمالي، هنا لا يجري الأصل بالنسبة إلى الطرف الثاني يجري الأصل بلا معارض، فهنا خصوصا على مبني الاقتضاء يكون الأمر واضح، نقول: هو أن يكون كل طرف من أطراف العلم الإجمالي مشمولا للأصل النافي في نفسه وإلا إذا لم يكن مشمولا الطرف الآخر يجري فيه بلا معارض، على مبنى المحقق العراقي الذي لا يقول بالاقتضاء ويقول بالعلية ولا يتوقف تنجيز العلم الإجمالي على المعارضة هنا أيضا يتعرض إلى هذا الركن ولكن يصيغ هذا الركن بصياغة أخرى يقول بهذا النحو: تنجيز العلم يتوقف على صلاحيته لتنجيز معلومه على كل تقدير يعني العلم الإجمالي يكون صالحا لتنجيز المعلوم على كل تقدير، أما لو كان صالحا للتنجيز المعلوم على تقدير دون تقدير فهنا لا يتنجز العلم الإجمالي ففي المثال الذي مثلناه أن يكون أحد الطرفين خارج عن محل الابتلاء أو أحد الطرفين لا ثمرة لجريان الأصل فيه وقلنا سابقا بقاعدة عامة أن الأصل التعبدي لا يجري إلا إذا كانت له ثمرة وإذا لم تكن له ثمرة فقهية عملية فلا يجري الأصل، هنا في مثل هذا المورد نقول: العلم الإجمالي ليس منجزا لمعلومه على كل تقدير، يعني علمت إجمالا بنجاسة هذا الإناء الذي تحت ابتلائي أو الإناء الخارج عن محل ابتلائي، الآن على فرض أن يكون المعلوم بالإجمال هو الخارج عن محل الابتلاء لا ثمرة فيه وليس تحت ابتلائي فلا يكون العلم منجزا على كل تقدير بل كان منجزا على تقدير دون تقدير فيبقى الركن فالركن الثالث بصياغة يتم على مبنى الاقتضاء وبصياغة أخرى يتم على مبنى العلية.

الركن الرابع: أن يكون جريان الأصل المرخص في أطراف العلم الإجمالي مؤديا إلى الترخيص في المخالفة القطعية، إذا أجريت أصالة الطهارة في كلا الإناءين هنا أستعمل كلا الإناءين مخالفة قطعية وأصلي بكلا الثوبين مخالفة قطعية آكل كلا الأمرين الذين أعلم بحرمة أحدهما مخالفة قطعية، فإذاً جريان الأصل يؤدي إلى المخالفة القطعية، لو فرضنا جريان أحد الأصلين لا يؤدي إلى المخالفة القطعية لا مانع منه.

إذاً هذه أركان أربعة لمنجزية العلم الإجمالي وفي مقابل التنجيز هو انحلال العلم وانحلال العلم لا بد وأن يكون على طبق هذه الأركان بمعنى إذا انخرم أحد هذه الأركان انحل العلم الإجمالي، فينبغي إذاً أن نعرف بعد أن عرفنا أركان منجزية العلم الإجمالي بعد ذلك نعرف الانحلال، فإذاً الآن البحث في أنه لو فُرض حصول علم تفصيلي بالتكليف في بعض أطراف العلم الإجمالي، أولا عندي علم إجمالي ثم حصل عندي علم تفصيلي في بعض الأطراف هنا هل ينحل العلم الإجمالي أو لا ينحل؟ البحث ينبغي أن يكون هنا.هذا البحث طبعا ينبغي أن يقع في مقامين:

المقام الأول: انحلال العلم الإجمالي بالوجدان، يعني وجدانا ينحل العلم الإجمالي انحلال العلم الإجمالي بالعلم التفصيلي وجدانا.

المقام الثاني: انحلال العلم الإجمالي بقيام الأمارة أو بقيام الأصل العملي، هنا يمكن أن نعبر عنه انحلال العلم الإجمالي بالعلم التعبدي تجوزا حتى يشمل مثل الأصول، وإلا نقدر أن نجعل الصور ثلاث، يعني علم تفصيلي أمارة أصل عملي، ولكن الآن ندرج المقام الثالث والثاني في مقام واحد فنبحث في المقام الأول انحلال العلم الإجمالي بالعلم التفصيلي وجدانا في المقام الثاني نقول انحلال الإجمالي بالعلم التعبدي مع التوسع أو نصرح بالأمارات والأصول العملية، طبعا بالنسبة للمقام الأول الانحلال بالعلم التفصيلي هنا أيضا يمكن أن يقع البحث في جهتين.

الجهة الأولى: هو انحلال العلم الإجمالي حقيقة ووجدانا، والجهة الثاني: انحلال العلم الإجمالي حكماً يعني نبقي العلم على ما هو عليه ولكن هذا العلم لا أثر له يعني غير منجز فهنا يكون انحلال حكمي هنا أيضا هاتان الجهتان لا بد أن نفرق بينهما.

الكلام الآن في القسم الأول يعني انحلال العلم الإجمالي بالعلم التفصيلي حقيقة وواقعا لا تعبدا ولا حكما، هنا أيضا يحتاج أن نحرر محل البحث حتى يتضح الكلام لا بد من تحرير محل البحث.

هنا بعد ملاحظة أن الانحلال تارة يكون حقيقيا وتارة لا يكون حقيقيا هنا يمكن أن نبين خمس صور، يعني يمكن أن نتصور خمس صور، صور أربع خارجة عن محل البحث وصورة واحدة هي التي وقعت محل البحث بين الأعلام كما سيتضح.

نقول هكذا: العلم الإجمالي مثله مثل سائر الأمور يحتاج إلى منشأ وسبب ويحتاج إلى علة حدوث العلم الإجمالي يعني لماذا حصل عندك علم إجمالي؟ فلهذا نلاحظ ما هو السبب ومطابقته مع المعلوم بالإجمال فنقول: هذا السبب الذي أحدث العلم الإجمالي تارة يكون ذا علامة خاصة وميزة خاصة وعنوان خاص محدد هذا العنوان هو سبب لحدوث العلم الإجمالي، مثلا أعلم إجمالا بسقوط قطرة دم في أحد الإناءين صار عندي علم إجمالي سببه هو سقوط قطرة دم هنا صار محدد، في مقابله أعلم بنجاسة أحد الإناءين سببه قطرة دم أو قطرة بول أو كافر لمس هذا الماء أي سبب كان، هنا ليس سبب حدوث العلم الإجمالي ليس معنونا بعنوان خاص ماعدا العنوان العام وهو حصول نجاسة في أحد الإناءين، عليه نقول: الصور المتصورة الآن.

الصورة الأولى: أن أعلم بسقوط قطرة دم في أحد الإناءين ثم علمت تفصيلا بأن قطرة الدم وقعت في هذا الإناء بخصوصه وهو الإناء (أ) هنا سبب العلم الإجمالي هو نفس سبب العلم التفصيلي أو بعبارة أخرى المعلوم بالعلم الإجمالي انطبق على المعلوم بالعلم التفصيلي، في مثل هذا الفرض يحصل عندنا انحلال حقيقي للعلم الإجمالي لماذا؟ لفقد الركنين الأولين الركن الأول العلم بالجامع الركن الثاني لا يتعدى العلم من الجامع إلى الطرف، الآن علمت تفصيلا بالفرد يعني تعدى العلم من الجامع إلى الفرد ففي الراقع لم يصر عندي الآن علم بالجامع بل صار عندي علم بنجاسة هذا الفرد، إذاً العلم الإجمالي انحل بلا إشكال هنا يكون انحلال حقيقي ولا يقع فيه النزاع فالأمر فيه واضح، فإذاً هذه الصورة الأولى خارجة عن محل البحث.

الصورة الثانية: أن أعلم بأن سبب العلم الإجمالي وعلة العلم الإجمالي غير علة العلم التفصيلي بمعنى أنا علمت إجمالا بوقوع قطرة دم في أحد الإناءين هذا علم إجمالي سببه هو العلم بهذه القطرة، ثم علمت تفصيلا بوقوع قطرة دم أخرى في هذا الإناء (أ) أو وقوع قطرة بول نجاسة ثانية فيه، في مثل هذا المورد يخرج أيضا عن محل البحث لكن لم ينحل العلم الإجمالي لأن العلم الإجمالي تعلق بالجامع وهو وقوع قطرة دم في أحد الإناءين هذا العلم بالجامع على ما هو عليه لم يتعدى إلى الفرد، الذي حصل علم تفصيلي آخر غير العلم الإجمالي الأول وهو وقوع قطرة دم أخرى أو نجاسة أخرى في الإناء (أ) فالعلم الإجمالي على ما هو عليه والعلم التفصيلي على ما هو عليه، يعني العلم الإجمالي لم ينحل انحلالا حقيقيا بل هو موجود، هنا يمكن أن يأتي هل له أثر هذا العلم الإجمالي أو لا أثر له؟ هذا البحث يكون في الجهة الثانية الآن الجهة الأولى وهو تحقق الانحلال الحقيقي وهو هنا لم يتحقق فيبقى خارج عن محل البحث، فهذه الصورة الثانية خارجة عن محل البحث.

الصورة الثالثة: ألا يعلم أن علة العلم التفصيلي هي نفس علة العلم الإجمالي مثلا علم بسقوط قطرة دم في أحد الإناءين ثم علم بوجود قطرة دم في أحدهما المعين ولم يحرز أنها عينها، علم إجمالا بوقوع قطرة دم في أحد الإناءين هذا علم إجمالي ثم علم بأن هذا الإناء بعينه نجس لكن هل هذه النجاسة هي نفس تلك النجاسة التي علمت بها وهي قطرة الدم؟ هنا لا أعلم في مقابل الثاني أعلم بالعدم في مقابل الأول أعلم بالإثبات هنا لا أعلم، إذا لم أعلم هل هنا ينحل العلم الإجمالي أو لا ينحل؟ نقول هنا لا ينحل لأن انحلال العلم الإجمالي انحلالا حقيقيا يتوقف على إحراز انطباق المعلوم بالإجمال على المعلوم بالتفصيل حتى يرتفع العلم الإجمالي، إذا لم أحرز الانطباق لا ينحل، في الصورة الأولى علمت كما قلنا بوقوع قطرة دم في أحد الإناءين ثم علمت بأن هذه القطرة هي التي وقعت في الإناء (أ) فالمعلوم بالإجمال انطبق على المعلوم بالتفصيل ينحل، هنا لم أحرز العدم ولم أحرز الإثبات وبما أني لم أحرز إذاً الركنية محفوظة تعلق بالجامع موجود لم يسري الفرد موجود فما هو المسبب للانحلال الحقيقي لا يتحقق انحلال حقيقي، فإذاً القاعدة التي يمكن أن تكون ضابطة نستفيد منها أن انحلال العلم الإجمالي يتوقف على إحراز انطباق المعلوم بالإجمال على المعلوم بالتفصيل، إذا أحرزنا الانطباق انحل وإذا لم نحرز الانباق لم ينحل.

إذاً هذه الصور الثلاث خارجة عن محل البحث، وهذه الصور الثلاث ترتبط بصورة عامة وهي أن سبب العلم الإجمالي علة حدوث العلم الإجمالي ذو مزية خاصة معلومة قطرة دم بهذه الخصوصية بهذا العنوان تأتي هذه الصور الثلاث تخرج عن محل البحث، في المقابل عندنا صورتان رابعة وخامسة تندرجان تحت صورة كلية وهي أن لا يكون المعلوم بالإجمال معنون بعنوان خاص غير متميز مثل ما مثلنا، أعلم بنجاسة أحد الإناءين ولكن هل النجاسة هي وقوع قطرة دم أو قطرة بول أو لمس كافر أنا لا أعلم فهنا غير محدد وغير متميز وبتعبير البعض ليس ذا علامة، وإذا لم يكن ذا علامة هنا نصوره بصورتين.

الصورة الأولى: وهي الصورة الرابعة بالنسبة لما سبق، ألا أحتمل وجود نجاسة أخرى يعني أعلم إجمالا بنجاسة أحد الإناءين بغض النظر ماهي نوعية النجاسة ولكن لا أحتمل تنجس الثاني أصلا في مثل هذا المورد نقول: بخروجه عن محل البحث أيضا وبانحلاله لأنه يكون في النتيجة مثل الصورة الأولى فيما تقدم، لأني علمت بنجاسة أحد الإناءين بغض النظر عن نوعية هذه النجاسة ثم لا أحتمل تنجس الآخر فقط أعلم بنجاسة (أ) وأقطع بعدم نجاسة (ب) ولما علمت تفصيلا بأن هذا الإناء (أ) هو النجس هنا انطبق المعلوم بالإجمال على المعلوم بالتفصيل، المعلوم بالإجمال لم يكن ذا عنوان خاص ولكن عندي جنبة ثانية وهي أني لا أحتمل تنجس الآخر، فإذا علمت بأن هذا بعينه نجس يعني علمت بأن المعلوم بالإجمال هو هذا الذي ينطبق على المعلوم بالتفصيل هنا ينحل العلم الإجمالي ويخرج أيضا عن محل البحث.

الصورة الأخيرة: الثانية من هذه الجهة أو الخامسة، نفس الصورة السابقة ولكن مع احتمال تنجس الآخر يعني أعلم بنجاسة أحد الإناءين وأحتمل أن يكون الثاني نجسا أيضا، هنا لما علمت تفصيلا بتنجس هذا الإناء بوجود النجاسة في الإناء (أ) هل ينحل العلم الإجمالي أو لا ينحل؟ هنا الذي وقع محل البحث، والصور الأربع السابقة كلها خارجة عن محل البحث وهنا وقعت محل البحث.

نعيد هذه الصورة أعلم إجمالا بنجاسة أحد الإناءين بحيث يكون المعلوم بالإجمال غير متميز بميزة خاصة وأحتمل أن يكون الآخر نجساً يعني أشك فيه هل هو نجس أو غير نجس ولا أقطع بعدمه، في مثل هذا الفرض لما علمت تفصيلا بأن هذا الإناء (أ) نجس الآن عندي علم إجمالي بنجاسة أحدهما وعندي علم تفصيلي بنجاسة الإناء (أ) وأحتمل الانطباق أحتمل انطباق المعلوم بالإجمال على المعلوم بالتفصيل لا أقطع بالعدم ولا أقطع بالإثبات بل أحتمل، هل ينحل العلم الإجمالي أو لا ينحل؟ هنا وقع البحث بينهم واختلف المحقق النائيني (قده) مع المحقق العراقي (قده) في المسألة ويأتي الكلام فيه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo