< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

40/11/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تنبيهات الاشتغال.

إشكال الشيخ الوحيد (حفظه الله) على السيد الخوئي (قدس سره):

كان الكلام في إشكال الشيخ الوحيد (حفظه الله) على السيد الخوئي (قده) من القول بالتفصيل وأنه ما الفرق بين أن تجري أصالة الإباحة فيما لو كان الأصلان الطوليان مختلفين، بينما إذا كانا متفقين يعني في حالة العلم الإجمالي بنجاسة إما الماء أو الثوب هنا الأصلان الأولان أصالة الطهارة فيهما يتعارضان ويسقطان ثم تصل النوبة إلى أصالة الإباحة في طرف الماء وقال السيد الخوئي هذا يجري ولا تعارض في ذلك.بينما لو كان العلم يتعلق بنجاسة أحد الإناءين وكان أحدهما متيقن الطهارة سابقا، فالمتيقن الطهارة سابقا يجري فيه الاستصحاب والماء الآخر غير المعلوم حالته السابقة تجري فيه قاعدة الطهارة هنا يسقطان إذا سقطا يفترض أن تأتي قاعدة الطهارة في طول الاستصحاب لأنها متسببة عنه بينما السيد الخوئي هنا قال بعدم الجريان.فما هو الفارق بينهما حتى هنا تجريه وهنا لا تجريه؟ طبعا هناك السيد الخوئي قال في المثال الثاني يمكن أن نصور المعارضة بين قاعدة الطهارة في جانب واستصحاب الطهارة مع قاعدة الطهارة في الجانب الثاني ويتعارضان ويسقطان، فلهذا هنا الإشكال يتأكد، أنه لماذا هناك لم تجعل قاعدة الطهارة في جانب تتعارض مع قاعدة الطهارة وأصالة الحلية في الجانب الثاني؟ يفترض أن قاعدة الطهارة في هذا المقام تتعارض مع أصالة الإباحة في المقام الثاني.إن قلت إن بينهما طولية، نقول السيد الخوئي لم يلتزم بذلك في المثال الثاني، يعني في المورد الذي فيه الماء متيقن الطهارة هنا استصحاب الطهارة متقدم على قاعدة الطهارة ومع ذلك السيد الخوئي جعل قاعدة الطهارة في الإناء الثاني معارض لهما، فلم يراعي جهة أنهما أصلان طوليان وسقطا الأصلان الأولان والساقط لا يعود، هو لم يأتي بهذه القاعدة هناك فما هو الجواب؟يعني الآن حاصل المطلب أنه يفترض على السيد الخوئي أن يقول بالمعارضة بين الأمور الثلاثة، والفارق الذي يتصور أن الطرفين الأولين تساقطا والساقط لا يعود، لما تساقطا تصل النوبة إلى أصالة الإباحة، هذا هو المتصور، هذا أيضا غير تام في نظر الشيخ الوحيد.بيان وجه النظر من الشيخ الوحيد (حفظه الله): يقول: النتيجة أنه يرى أن التعارض يتم بين قاعدة الطهارة في جانب والأصلين في جانب آخر، ثم يتنجز العلم الإجمالي، السبب في ذلك هو ما ذكرناه سابقا بأن قاعدة تنجز العلم الإجمالي تتوقف على تعلق العلم بحكم إلزامي أعلم إجمالا بوجود الحكم الالزامي في البين ولا يفرق بين أن يكون حكما تكليفيا أو حكما وضعيا وأن تنجز العلم يتوقف على تساقط الأصول معارضة الأصول، وأساس معرضة الأصول نحكم بأنهما متعارضان ويسقطان لأنهما ينافيان المعلوم بالإجمال، لو أجرينا كلا الأصلين في الطرفين يلزم منه مخالفة المعلوم بالإجمال في البين فلهذا نقول يتعارض الأصلان ويسقطان، هنا في مثال ما لو علمنا بنجاسة إما الثوب أو الماء عندنا أصالة الطهارة في الماء وأصالة الطهارة في الثوب، عندما نقول يتعارضان يسقطان تأتي أصالة الإباحة في الماء. هنا نطبق القاعدة نعلم إجمالا الآن إما بحرمة شرب الماء وإما ببطلان الصلاة في هذا الثوب، العلم الإجمالي متحقق بالوجدان أعلم إما ببطلان الصلاة في الثوب أو حرمة شرب هذا الماء، هذا أمر وجداني، لو أجرينا كلا الأصلين يلزم منه مخالفة المعلوم بالإجمال، يعني لو أجريت الإباحة في الماء وأصالة الطهارة في الثوب قطعا تكون هناك مخالفة عملية قطعية، عليه يفترض أن يتنجز العلم الإجمالي، هذه الدعوى الذي يمكن أن يتنافى معها هي دعوى أن الأصل في الماء هو قاعدة الطهارة هذا الأصل تعارض مع أصل الطهارة في الثوب، بعد التعارض تساقطا، الساقط لا يعود يأتي الآن دور أصالة الإباحة فبما أن أصالة الإباحة مسبب فهو في طول قاعدة الطهارة لا يجتمع معها إذاً وقت وجود أصالة الطهارة لا وجود لأصالة الإباحة، ووقت وجود أصالة الإباحة هو وقت انتفاء أصالة الطهارة، فأصالة الإباحة لا معارض لها. هذا هو الإشكال الذي يمكن أن يتنافى مع الدعوى.

هذا الإشكال يندفع: بأن الاختلاف في الرتبة أضعف من الاختلاف في الزمان ومع ذلك نجد أن الاختلاف في الزمان لم يؤثر في جريان الأصول.

توضيح ذلك: المدعى هنا عندي أصالة الطهارة في الرتبة الأولى في الثوب والماء وأصالة الإباحة تكون مرتبة ثانية بعد قاعدة الطهارة، فإذاً بين قاعدة الطهارة في الإناء الثاني وبين أصال الإباحة في الإناء الأول يوجد اختلاف في المرتبة لأن قاعدة الطهارة في مرتبة قاعدة الطهارة وأصال الإباحة بعد مرتبة الطهارة، هذا الاختلاف اختلاف رتبي، طبعا هنا بين قوسين وإن لم يوضحه الشيخ الوحيد في هذا المقام أن هنا يمكن أن نقول بعدم الاختلاف في الرتبة وذلك كقاعدة عامة أن الاختلاف في الرتبة لا بد أن يكون له سبب السبب ما هو؟ إما العلية والمعلولية فالعلة متقدمة رتبة على المعلول حتى ولو في زمان واحد مثلما يقال في فتح الباب، أو نقول بأن أحدهما موضوع للآخر الموضوع متقدم رتبة على المحمول، هذه هي القاعدة لا بد هناك مناط للتقدم والتأخر الرتبي، هذا المناط في الواقع لا يوجد بين قاعدة الطهارة في الإناء الثاني وبين أصالة الإباحة في الإناء الأول لأنه لا يوجد بينهما سببية ومسببية وليس أحدهما موضوعا للآخر، قاعدة الطهارة في الماء نقول متقدمة رتبة على أصالة الإباحة في الماء لوجود المناط في الاختلاف في الرتبة وهو أن الشك في طهارة الماء وعدمه هو الذي استوجب الشك في إباحته يعني إنما أشك في إباحة هذا الماء لأنني أشك في طهارته فبينهما سببية يعني الشك في الإباحة متسبب عن الشك في الطهارة فبينهما رتبية وطولية. أما الشك في إباحة الماء لا ربط له بالشك في طهارة الثوب سواء كان الثوب طاهر أو نجس أشك في الإباحة، فالشك في الإباحة وإن كان بالنسبة إلى قاعدة الطهارة الذي هو في طولها بينهما اختلاف رتبة أما في الثاني لا توجد اختلاف في الرتبة، هذا كقاعدة عامة واضح، الآن نعود إلى كلام الشيخ الوحيد (حفظه الله) يقول كأنه سلمنا الاختلاف الرتبي ولكن الاختلاف الرتبي ليس بأقوى من الاختلاف من حيث الزمان ومع ذلك نجد أن الأصول تتعارض مع الاختلاف بينهما في الزمان، مثلا في جريان الأصل في الأمور التدريجية وهذا يأتي إن شاء الله في أحد التنبيهات، نلاحظ هناك أنه لو علمت المرأة بأن ثلاثة أيام من هذا الشهر حيض قطعا الدم مستمر معها فتشك هل هي الثلاثة الأولى او الثانية أو الثالثة إلى آخره، تشك هنا في مثل هذا الفرض قالوا بالنسبة إلى الأيام الثلاثة الأولى هل هو حيض أم لا تستصحب عدمه الثانية تستصحب عدمه الثالثة تستصحب عدمه إلى أن يبقى ثلاثة أيام في الأخير هنا لا يمكن أن تجري استصحاب العدم لأنه تعلم إجمالا بوجود ثلاثة أيام قطعا وهنا من توارد حالتين فلا يمكن أن نجري الاستصحاب في هذا الفرض نجري أصالة البراءة، هل هي محكومة بأحكام الحيض أم لا نجري أصالة البراءة، لما نجري الاستصحاب ونجري أصالة البراءة يلزم منه مخالفة المعلوم بالإجمال قطعا فلهذا يتعارض الاستصحاب فيما قبل الثلاثة الأيام الأخيرة مع البراءة في الثلاثة الأيام الأخيرة لما تعارضا تساقطا يتنجز العلم الإجمالي يحكم عليها بالاحتياط، هذا الكلام الذي يورد في ذلك التنبيه، جريان الأصل في الأمور التدريجية، هنا نلاحظ في ظرف جريان الاستصحاب لا موضوع للبراءة الآن فعلا في الثلاثة الأولى الثانية الثالثة قلنا نجري استصحاب عدم الحيضية هنا في هذا الظرف لا موضوع إلى أصالة البراءة وهي غير موجودة، في الثلاثة الأيام الأخية لا يجري الاستصحاب لا موضوع له وإنما يكون الموضوع لأصالة البراءة، هما لم يجتمعا في زمان واحد، الاستصحاب لم يجتمع مع البراءة في زمان واحد، ومع ذلك قالوا أنهما متعارضان ويسقطان.

إذاً عدم وجود الأصل في ظرف وجود الأصل الآخر لا موضوعية له من حيث تنجيز العلم الإجمالي، يعني العلم الإجمالي لا يتوقف تنجيزه على وجود كلا الأصلين في زمان واحد، إذا كان التقدم والتأخر الرتبي أضعف من الزماني فمن باب أولى أيضا أن لا يراعى الاختلاف في الرتبة في تنجيز العلم الإجمالي، فإذاً العلم الإجمالي يتنجز سواء مع اختلاف الرتبة أو بدون اختلافها، بين الأصلين مع وجود الأصلين في زمان واحد أو في زمانين على كلا التقديرين هنا تتعارض الأصول ثم تساقطها.على هذا الذي قلناه الآن فعلا نقول بأن في المقام أصالة الإباحة وإن لم توجد حين وجود قاعدة الطهارة التي هي في طولها وفي ذلك الوقت أيضا لم توجد في زمان الطهارة في الثاني ولكن مع ذلك نتصور التعارض بين أصالة الطهارة في الثوب وبين أصالة الإباحة في الماء وإن لم يوجدا في وقت واحد، موضوع أصالة الطهارة مادام موضوع أصالة الإباحة في الماء مادامت أصالة الطهارة موجودة غير موجودة، وأصالة الطهارة في الثوب مادام تجري أصالة الإباحة غير موجودة لتعارضا وتساقطها ولكن مع ذلك عندنا علم إجمالي إما بحرمة شرب هذا الماء أو ببطلان الصلاة في هذا الثوب هذا العلم الإجمالي لو أجرينا كلا الأصلين حتى لو هذا في وقته وهذا في وقته، لو أجرينا كلا الأصلين للزم التعارض ومخالفة المعلوم بالإجمال ويتنجز العلم الإجمالي هنا أيضا نفس الكلام، هذا تقريبا حاصل ما أفاده الشيخ الوحيد في المقام النتيجة عنده من ذلك أن الأصول تتعارض وتتساقط مطلقا بلا فرق بين الموردين.

هنا يمكن أن نقول: بأنه فرق بين المقامين وفرق أيضا بين المثال الذي تعرض له، بالنسبة إلى ما إذا دار الأمر بين نجاسة الثوب أو نجاسة الماء هنا السيد الخوئي يرتكز على نقطة مهمة وهي أنه هل دليل الأصول يشمل مورد العلم الإجمالي أو لا يشمل؟ نحن عندنا هنا أصالة الطهارة قاعدة الطهارة كل شيء لك طاهر، لو أردنا أن يشمل الماء والثوب لزم تعارض الأصول وتساقطها ومخالفة العلم الإجمالي، فنفس الدليل لا إطلاق فيه ليشمل الموردين، بما أنه لا يمكن الشمول لا يمكن التمسك بالأصلين لا بد إما من تخصيص دليل قاعدة الطهارة بترك أحدهما يلزم منه الترجيح بلا مرجح أو يخصص بتركهما، أصالة الطهارة في العلم الإجمالي دليله مخصص مطلقا، هنا الآن وُجد عندنا أصل آخر وهو أصالة الإباحة هذا دليل آخر وهو هل يشمل هذا المورد أو لا يشمل؟ ليس هو طرفا للعلم الإجمالي، هنا بما أنه لا معارض له، إباحة وإباحة فيمكن التمسك بإطلاقه، أما في المثال الثاني المعلوم بالإجمال نجاسة أحدهما وأنت تريد أن تجري قاعدة الطهارة، جريان قاعدة الطهارة في الأصل الطولي يتنافى مع العلم الإجمالي بالنجاسة، فلهذا نرفع اليد عنه، إن أجريناه يعني انحل العلم الإجمالي وإذا انحل العلم الإجمالي المفروض نتمسك بالاستصحاب، إن لم نجره يعني تنجز العلم الإجمالي فبما أن قاعدة الطهارة في الأصول المتوافقة تتنافى مع العلم الإجمالي لهذا هو لا يجريها باعتبار المخالفة للمعلوم بالإجمال، نفس الحكم بالطهارة، ليس عندي حكم بالإباحة بل هنا حكم بالطهارة وهو يتنافى مع العلم الإجمالي.

أما بالنسبة للمثال الذي ذُكر، عند تعارض أصالة الطهارة في الثوب مع أصالة الطهارة في الماء، فرض الكلام أنهما سقطا، الآن وجدت أصالة الإباحة ففي وقت جريان أصالة الإباحة أساسا أصالة الطهارة في الإناء الثاني غير مؤثرة بخلاف الأمور التدريجية ففيها الاستصحاب محفوظ في زمانه ورتبته ولم يسقط، الآن سقط في هذا الظرف لم يوجد لوجود التعارض، صحيح، أصالة البراءة في الأيام الثلاثة الأخرة هنا فيها هذا الظرف أيضا لا يوجد استصحاب ولكن نحن نريد أن نجعل معارضة بين أصالة البراءة في الثلاثة وبين الاستصحاب في البقية، الاستصحاب في البقية لازال محفوظ هو ارتفع في خصوص الثلاثة ولكن الاستصحاب في البقية لازال محفوظ والبراءة في الثلاثة الأخيرة لازالت محفوظة فلا نتصور سقوط أحدهما، هناك صورنا استصحاب الطهارة أو قاعدة الطهارة في الثوب سقطت مع أصالة الطهارة في الماء، لم نحفظهما لما جاءت أصالة الإباحة فأصالة الإباحة لا معارض لها لا أن معارضها غير موجود فعلاً، أساسا انتفى سقط، هناك لا تقول الاستصحاب سقط في بقية الأيام غير الثلاثة لازال نتمسك به، في الثلاثة الأخيرة لا تقول البراءة سقطت لازال نتمسك بها، لا مورد في الثلاثة إلا البراءة ولا مورد في غير الثلاثة إلا الاستصحاب فهما موجودان ولكن هذا في زمان وهذا في زمان فلو أجريتهما معا علمت بمخالفة العلم الإجمالي، هنا لما أجريت الإباحة في الماء لم أعلم بمخالفة العلم الإجمالي، تقول اجري قاعدة الطهارة في الثوب تقول لا أجري لأنه سقط، هذه النكتة يمكن أن تكون مؤيدة للسيد الخوئي ودافعة لإشكال الشيخ الوحيد.

على هذا نقول: إن النتيجة هي التفصيل بين ما إذا كانت الأصول الطولية متوافقة وبين ما لم تكن متوافقة. وبهذا ينتهي الكلام في التنبيه الأول. والحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo