< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

40/10/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الاشتغال.

تنبيهات الاشتغال.

تكملة في التنبيه الأول: في ثمرة النزاع بين القول بالعلية والقول بالاقتضاء

اتضح عندنا محل النزاع بين المحقق النائيني والمحقق العراقي في ظهور الثمرة في أصل الخلاف أن منجزية العلم الإجمالي بالنسبة إلى الموافقة القطعية هل هي بنحو العلية أو بنحو الاقتضاء، وتبين فيما تقدم أن المحقق النائيني (قده) يرى عدم ظهور الثمرة وأما المحقق العراقي (قده) فعلى حسب بعض الأمثلة التي ناقش فيها المحقق النائيني يرى ظهور الثمرة إلا أنه اعتبر ذلك نقضا على القول بالاقتضاء، يعني في المثال الذي ذكرناه سابقا وهو أنه إذا كان أحد الإناءين متيقن الطهارة سابقا و الآن وقعت نجاسة في أحدهما المعلوم الطهارة سابقا وغيره، هنا المحقق النائيني يقول أنه لا تجري الأصول المحقق العراقي يقول ينبغي أن يجري استصحاب الطهارة في الإناء المتيقن الطهارة سابقا ويعارضه أصالة الطهارة في الإناء الثاني وبعد التعارض يسقطان فتصل النوبة إلى الأصل المحكوم وهو قاعدة الطهارة في الإناء المتيقن طهارته سابقا، المحقق العراقي يقول كأنه أنتم لا تجرون ذلك أما النائيني لم يجره، فهذا يكون نقضا على القول بالاقتضاء يعني المفروض على القول بالاقتضاء أن يجري هذا الأصل مع أنكم لا تجرونه فاعتبره نقضا.الكلام طبعا في هذه الثمرة ينبغي أن يقع في صور حتى يتضح الحال، عندنا تقسيم أساسي أن الأصول الجارية في الأطراف إما أن تكون من سنخ واحد وإما أن تكون متغايرة وعلى كلا التقديرين إذا كانت من سنخ واحد إما أن يكون فيهما أصل طولي أو لا يكون فيهما أصل طولي، على هذا الصور لا أقل تكون أربع صور.

 

الصورة الأولى: أن يكون الأصلان من سنخ واحد ولا يكون هناك أصل طولي بينهما، مثلاً وقعت النجاسة في أحد الثوبين أصلة الطهارة في الأول تتعارض مع أصالة الطهارة في الثاني أصالة الطهارة في كل منهما من سنخ واحد، وبما أنهما من سنخ واحد وفي عرض واحد هنا يتعارضان يسقطان يتنجز العلم الإجمالي لا يوجد عندنا أصل طولي في المقام.

هذه الصورة التي قلنا بأنه لا يوجد فيها أصل يمكن أن نصورها أيضا أو نذكر لها مورد آخر المورد الآخر هكذا نقول: أنه يوجد عندنا أصل طولي ولكن في كل منهما مثلاً علمت بنجاسة أحد المائعين هناك ثوبان ليس عندنا إلا أصالة الطهارة هنا عندنا مائعان وقعت النجاسة في أحدهما، في كل من الطرفين يوجد أصلان ولكن طوليان في الطرف الأول عندنا أصالة الطهارة في الطرف الثاني أيضا عندنا أصالة الطهارة في عرض واحد يجريان يتعارضان يسقطان، في طول أصالة الطهارة في الأول أصالة الحلية الآن نشك هل يحل شرب هذا الماء أو لا؟ أصالة الطهارة لا تجري لا أتوضأ به، هل يحل شربه أو لا يحل شربه؟ أشك، الشك في حليته وحرمته ناشئ من الشك في الطهارة إن كان طاهرا يجوز شربه إن كان نجسا لا يحل شربه، إذاً في طوله متسبب عنه، أصالة الحلية التي هي في طول أصالة الطهارة حسب الفرض في الطرفين، فأصالة الحلية هنا أيضا تتعارض مع أصالة الحلية هناك يتنجز العلم الإجمالي، فهنا عندنا أصل طولي الأصل الطولي موجود أيضا في الطرف الآخر فيتعارضان، إذاً هذه الصورة الأولى تشتمل على موردين، والصورة الأولى هي أن يكون الأصلان من سنخ واحد ولا يختص أحدهما بأصل طولي الفرض الأول لا يوجد أصل طولي أصلا والفرض الثاني يوجد أصل طولي ولكنه معارض، هذه الصورة واضحة على القول بالعلية أو على القول بالاقتضاء العلم الإجمالي منجز، على القول بالعلية واضح، على القول بالاقتضاء الأصلان يتعارضان ويسقطان فيتنجز العلم الإجمالي.

الصورة الثانية: أن يكون الأصلان من سنخ واحد أيضا ولكن يختص أحدهما بأصل طولي دون الآخر مثاله: لو علمت إجمالا بوقوع النجاسة إما في الماء أو على الثوب هنا عندنا أصلان أصالة الطهارة في الإثنين الماء أشك هل تنجس أو لم يتنجس نجري فيه أصالة الطهارة الثوب أيضا أشك في أنه تنجس أو لم يتنجس أجري فيه أصالة الطهارة، هنا الآن يتعارضان أصالة الطهارة في الماء يتعارض مع أصالة الطهارة في الثوب يسقطان، تصل النوبة إلى المرحلة الثانية بالنسبة إلى الماء يوجد عندنا أصل آخر وهو أصالة الحلية المتسبب عن الأول أشك هل أنه تنجس فلا يحل شربه أو لم يتنجس فيحل شربه، عندنا أصالة الحلية بالنسبة إلى الثوب لا تجري أصالة الحلية لأنه بالنسبة إلى الطهارة وعدم الدخول في الصلاة أجرينا فيه أصالة الطهارة وتساقطت، ليس عندنا الثوب مما يؤكل أو مما يشرب وليس عندنا حكم يقول بأنه يحرم لبس الثوب النحس كحرمة مطلقة ليس عندنا هذه الحرمة، إذاً بالنسبة إلى الثوب لا توجد أصالة الحلية، بالنسبة إلى الماء توجد أصالة الحلية، الآن الكلام هنا بين المحقق النائيني والعراقي، هل في مثل هذا المورد يمكن أن نجري أصالة الحلية في الماء ونستعمل الماء بلا معارض أو لا؟ هنا يوجد قولان.

قول المحقق النائيني على أنه لا نجري أصالة الحلية في المقام هذا القول يبتني على تعليل ذكره المحقق النائيني في عدم الجريان وهو حاصله: يقول أن جريان أصالة الحلية في الماء يلزم من جريانه عدم جريانه وما يلزم من وجوده عدمه فهو مستحيل أو باطل أو فاسد، قاعدة عامة، تطبيقه على المقام هنا نلاحظ أن عندنا أمور مترتبة طولاً أولا عندنا علم إجمالي بنجاسة أحد الأمرين الماء أو الإناء هذا العلم الإجمالي تسبب في أن يتعارض أصل الطهارة في هذا الماء وأصل الطهارة في الثاني، لما تعارضا تنجز العلم الإجمالي لما تنجز العلم الإجمالي أنت الآن تريد أن تجري أصالة الحلية في الماء معنى جريان أصالة الحلية في الماء هو انحلال العلم الإجمالي، لما أجريت أصالة الحلية في الماء انحل العلم الإجمالي، لما انحل العلم الإجمالي ارتفع المانع من جريان أصالة الطهارة فلزم أن أصالة الطهارة حييت من جديد إذا وجدت أصالة الطهارة انتفت أصالة الحلية لأنها متسببة عنها فإذاً يلزم من جريان أصالة الحلية عدم جريانها.

بتوضيح أكثر: من الواضح عندنا أنه جريان الأصل لا يجتمع مع تنجز العلم إذا تقول تنجز العلم يعني لم يجر الأصل يجري الأصل يعني لم يتنجز العلم هذا أمر واضح ومسلم، الآن نحن قلنا سابقا بأن أصالة الحلية متسببة عن عدم جريان أصالة الطهارة لما نلاحظ النسبة بين أصالة الطهارة وأصالة الحلية في المقام نلاحظ سبب ومسبب، لماذا شككت في حليته لأني أشك في طهارته أصالة الطهارة إذا وجدت لا تصل النوبة إلى أصالة الحلية سببي ومسببي يكون، الآن ما هو المانع الذي يمنع من جريان أصالة الطهارة هو وجود العلم الإجمالي لما علمت إجمالا بنجاسة أحد الإناءين الآن منع من جريان أصالة الطهارة في الإثنين لأنه يلزم الترخيص في المعصية وفي أحدهما المعين ترجيح بلا مرجح فالعلم الإجمالي منع من جريان أصالة الطهارة، الآن انتفت أصالة الطهارة، أنت تقول نجري أصالة الحلية في الماء لأنه أصالة الحلية في الماء تأتي بعد أصالة الطهارة، ما دامت أصالة الطهارة موجودة هي لا تأتي أنتفت أصالة الطهارة جاءت أصالة الحلية، في المقابل لا يوجد لها معارض أصالة الحلية فأنت تقول نجري أصالة الحلية أجرينا أصالة الحلية قلنا أصالة الحلية جريان الأصل لا يجتمع مع تنجيز العلم الإجمالي لا بد أن تقول انحل العلم الإجمالي بنجاسة أحدهما لما انحل العلم الإجمالي ارتقع المانع عن أصالة الطهارة لأن المانع من جريان أصالة الطهارة هو العلم الإجمالي فعادت الحياة إلى أصالة الطهارة لما عادت الحياة لأصالة الطهارة لم تصل النوبة إلى أصالة الحلية، إذاً جريان أصالة الحلية يستلزم عدم جريان أصالة الحلية وما يلزم من وجوده عدمه لا يجري باطل فاسد مستحيل.

فعليه: المحقق النائيني يقول بأن أصالة الحلية لا تجري فيعطينا القاعدة العامة أنه لا تجري الأصول المرخصة في أطراف العلم الإجمالي وإن كان له أصل طولي وليس له معارض لا يجري أيضا، هذا حاصل كلامه.

هنا هذا الكلام وقع موقع المناقشة والبحث هل هو صحيح على إطلاقه أو لا؟ يستفاد من السيد الصدر (قده) أن هذا الإشكال باطل من أساسه وذلك: لوجود الفرق بين العلم الإجمالي المنحل وبين العلم الإجمالي المنجز.

بيان ذلك: العلم الإجمالي المنجز قلنا تنجز في نجاسة أحدهما هذا العلم الإجمالي المنجز ما هو دوره؟ دوره من حيث المخالفة القطعية هل تصح المخالفة القطعية في أطراف العلم الإجمالي أو لا تصح؟ عندما نقول نجري أصالة الطهارة في هذا ونجريها في الآخر هنا يلزم المخالفة القطعية وتحرم المخالفة القطعية، فنقول العلم الإجمالي يمنع من جريان الأصول ويتنجز في مقام المخالفة القطعية لا تجوز المخالفة القطعية، أما العلم الإجمالي الذي انحل بواسطة أصالة الحلية فهو ناظر إلى لزوم الموافقة القطعية لأن عندنا بحثان كما ذكرنا سابقا، بحث هل تجب الموافقة القطعية أو لا تجب هل تحرم المخالفة القطعية أو لا تحرم؟ والبحث الثاني: هل تجب الموافقة القطعية أو لا؟ لأنه لا ملازمة بينهما، لو قلنا تحرم المخالفة القطعية يمكن أن نقول لا تجري الموافقة القطعية نكتفي بالموافقة الاحتمالية أصالة الحلية الآن عندما نريد أن نجريها هي توجب انحلال العلم الإجمالي من حيث الموافقة القطعية، هل تجب الموافقة القطعية؟ نقول لا، نجري أصالة الحلية في أحد الطرفين لأنه لا معارض له ولا يلزم ترخيص في المعصية ولا يلزم ترجيح بلا مرجح، فعليه: يندفع هذا الإشكال، وهو يندفع على إطلاقه، يظهر من كلام السيد (قده) أنه ارتفع أصل الإشكال، الإشكال مانع على إطلاقه يرتفع أيضا بهذا الجواب على إطلاقه.

هذه النقطة سنعود إليها إن شاء الله.السيد الخوئي (ره) اختار القول الآخر المحقق النائيني يقول لا تجري الأصول اما السيد الخوئي اختار جريان هذا الأصل، توضيح كلامه: بالنسبة إلى الأصلين الأولين أصالة الطهارة في الماء وفي الثوب يتعارضان يسقطان لا إشكال عندنا، بالنسبة إلى أصالة الحلية في الماء ما هو المانع من جريانه العلم الإجمالي لا يتنجز إلا بعد جريان الأصول وتعارضها وتساقطها، طبعا السيد الخوئي لم يتعرض إلى إشكال المحقق النائيني، فقط لم يرتضه وذكر كلامه الذي الآن نبينه، فهنا بيانه هكذا: الأصل أصالة الطهارة في الإثنين يتعارضان ينطبق عليهما ما ذكرناه سابقا أن جريانهما معا يستلزم منه الترخيص في المعصية فلا يجوز، جريان أحدهما بعينه يلزم الترجيح بلا مرجح فلهذا لا نجري الأصول يتنجز العلم، الآن صار عندنا أصل جديد وهو أصالة الحلية في خصوص الماء هذا الأصل لا ينطبق عليه ما ذُكر في بيان تعارض الأصول يعني لا ينطبق عليه أنه ترخيص في المعصية لأن الترخيص في المعصية لا يتم إلا بارتكاب كلا الطرفين، هذا لا ينطبق عليه ترخيص في المعصية، ولا ينطبق عليه ترجيح بلا مرجح لأن الترجيح بلا مرجح إذا كان عندنا أصلان وعلى حد سواء ومع ذلك نقول قدِّم هذا الأصل على ذاك ترجيح بلا مرجح، هنا عندنا أصالة الحلية حتى لو كان منشؤها الشك في الطهارة والنجاسة، فعلاً تقول أشك في حليته هنا اجري أصالة الحلية ولا يوجد في المقابل أصل حتى يتعارض معه حتى يكون بلا مرجح عليه حتى يمون ترخيص بالمعصية، فإذاً قاعدة تنجيز العلم الإجمالي لا تأتي أصل القاعدة لا تأتي لأن قاعدة تنجيز العلم الإجمالي على القول بالاقتضاء إنما تكون بعد جريان الأصول وتعارضها وتساقطها، هنا لا يوجد أصول متعارضة في المقام، فعليه: نقول الدليل الدال على أصالة الحلية يشمل بإطلاقه هذا المقام الدليل الدال على أصالة الطهارة لا يشمل بإطلاقه أصالة الطهارة في الإثنين فيسقط أو يخصص، هنا الدليل الدال على أصالة الحلية لا مخصص له لا رافع له فيمكن أن نتمسك بأصالة الحلية في المقام ولا محذور في ذلك، وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo