< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

40/08/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- الاشتغال، منجزية العلم الإجمالي.

مناقشة صاحب الكفاية (قده):ذكرنا بأن صاحب الكفاية (قده) أورد على الشيخ الأنصاري (قده) في إشكال التهافت، أورد عليه بأنه: سلمنا بوجود التهافت بين ذيل الرواية وصدر الرواية ولكن غايته أن هذه الرواية التي وُجد فيها التهافت تكون مجملة لأنه اقتضى كلام الشيخ أن هذا التهافت أوجب الإجمال، إما أن نرفع اليد عن الصدر أو عن الذيل ولا مرجح في البين فتكون مجملة، يقول صاحب الكفاية غايته أنها مجملة فنرفع اليد عنها ونتمسك بالروايات الأخرى التي لا يوجد فيها هذا الذيل، وتلك الروايات واضحة ومبينة ولا تهافت فيها ولا إجمال، ونتيجة ذلك هو شمول الإطلاق إلى أطراف العلم الإجمالي.هنا يمكن أن يُتأمل في كلا م صاحب الكفاية:بأنه على فرض أن تكون الرواية مجملة بواسطة هذا الذيل، هل هذا الإجمال يسري إلى بقية الروايات أو لا يسري؟ هنا إذا كان القيد الموجود في الرواية- ولكن أنقضه بيقين آخر- لو كان هذا القيد قيدا متصلا بالجملة فتكون نفس الرواية مجملة وهذا الإجمال لا ربط له بسائر الروايات، هذه الرواية مجملة نرفع اليد عنها وبالنسبة إلى سائر الروايات تبقى على بيانها ولا يؤثر فيها هذا القيد، أما إذا كان القيد الموجود قيدا منفصلا أساسا كما نحن فيه- لا تنقض اليقين بالشك- هذه جملة تامة ثم أيضا- ولكن أنقضه بيقين آخر- هنا قيد منفصل بما أن القيد منفصل فيمكن أن نقول بأن الرواية التي وُجد فيها هذا الذيل والروايات الأخرى على حد سواء من ناحية هذا القيد، بمعنى أن هذا القيد بما أنه منفصل فهو يؤثر في حجية ظهور الروايات الأخرى وإن لم يؤثر في أصل ظهورها، كما هو المعلوم أن القيد المنفصل يؤثر في الحجية ولا يؤثر في أصل انعقاد الظهور، فالروايات الأخرى انعقد ظهورها على ما هي عليه ولكن مع هذا القيد المنفصل يؤثر في حجية الظهور فعليه أيضا يرجع الإشكال ولا نستفيد من جواب الشيخ صاحب الكفاية (قده).يمكن أن نتصور هذا المعنى فنقول هذا الجواب غير تام، نعم هنا إشكال آخر لصاحب الكفاية أورده على الشيخ في حاشيته على الرسائل لا في الكفاية، حاصله: أن – ولكن تنقضه بيقين آخر- ليس حكما تعبديا وإنما هو إرشاد إلى حكم عقلي فعليه لا يأتي فيه التمسك بإطلاقه، أساسا عندنا هكذا لا تنقض اليقين بالشك، الإمام عليه السلام يبين أن اليقين بما أنه أمر محكم لا يُنقض بالشك إذا تعلق به الشك، ولكن أنقضه بيقين آخر، هنا إرشاد إلى الحكم العقلي وهو أنه عندنا يقين وإن كان محكما ولكن وُجد على خلافه يقين آخر وهو أيضا محكم، فنرفع اليد عن اليقين الأول باليقين الآخر، إذا فرضنا هذا يعني يكون إرشاد إلى حكم عقلي لا معنى لأن نتمسك بإطلاقه ليشمل اليقين التفصيلي واليقين الإجمالي، ولكن حاصله ان هذا اليقين الموجود في صدر الرواية تعلق بأمر شخصي خاص، هذا اليقين الذي تعلق بأمر خاص لا ترفع اليد عنه إلا بيقين آخر، فمعناه أنه نفس ما تعلق به اليقين الأول يتعلق به اليقين الثاني، فالنتيجة على هذا الكلام أيضا، بما أنه لا يوجد عندنا حكم مولوي تعبدي وإنما يوجد عندنا حكم إرشادي بالذيل والصدر يبقى على ما هو عليه على إطلاقه يعني، فالصدر يكون مطلقا شامل إلى أطراف العلم الإجمالي فيرتفع الإشكال، فإذاً نتيجة الكلام يمكن أن نرفع ، فالنتيجة على هذا الكلام أيضا، بما أنه لا يوجد عندنا حكم مولوي تعبدي وإنما يوجد عندنا حكم إرشادي بالذيل والصدر يبقى على ما هو عليه على إطلاقه يعني، فالصدر يكون مطلقا شامل إلى أطراف العلم الإجمالي فيرتفع الإشكال، فإذاً نتيجة الكلام يمكن أن نرفع إشكال الشيخ الأنصاري (قده) بهذا الجواب الأخير لصاحب الكفاية الموجود في الحاشية، أو نرفع بما تقدم أيضا من السيد الخوئي والمحقق العراقي من أن الظاهر أو المنصرف من – ولكن أنقضه بيقين آخر – هو أن اليقين يتعلق بنفس ما تعلق به اليقين الأول، اليقين الثاني يتعلق بنفس ما تعلق به اليقين الأول، على هذا لا يشمل العلم الإجمالي لأن اليقين في المعلوم بالإجمال تعلق بالجامع الإنتزاعي فهو يختلف عن ما تعلق به اليقين الأول، اليقين الأول تعلق بالشخص واليقين الثاني تعلق بالجامع فهنا لا ربط له، هذا لا يرتبط بذاك، لأن المقصود ليس كل يقين ناقض ليقين وإلا كما قلنا إذا كان عندي يقين بطلوع الشمس لا ينقض اليقين بالنجاسة، فلا بد أن يكون المتعلق واحد ليصح النقض فيه والمتعلق في العلم الإجمالي هو الجامع والمتعلق في الصدر هو الفرد والشخص، وأيضا نرجع ونقول بأن حتى التفصيل الذي ذكرناه سابقا بحسب المبنى في العلم الإجمالي نقول أيضا لا يأتي، قلنا سابقا بأن العلم الإجمالي تارة يتعلق بالجامع الإنتزاعي ولا ربط له بالخارج، وتارة نقول يتعلق بالجامع بما هو مشير، حتى على الفرض الثاني –بما هو مشير- يشير إلى الفرد ولكن يبقى أن ما تعلق به العلم الإجمالي غير ما تعلق به اليقين الأول بالفرد، وإن كان أعلم بنجاسة أحدهما ليس نجاسة أحدهما بلا علاقة بالخارج بل يشير إلى أحد الفردين الموجودين في الخارج ولكن يبقى متعلق العلم هو الجامع ومتعلق العلم فيه يختلف عن ما تعلق به اليقين الأول، فيندفع أيضا إشكال الشيخ.

ثم بقي هنا شيء وهو أنه أوردوا إشكال على الشيخ الأنصاري (قده) بأن الشيخ التزم بعدم جريان الأصول في أطراف العلم الإجمالي مطلقا، سواء كان المعلوم بالإجمال حكما ترخيصيا أو حكما إلزاميا يعني إذا كانت الحالة السابقة هي النجاسة في الإناءين وعلمت بطهارة أحدهما الشيخ الأنصاري قال لا يجري الاستصحاب مع أنه لا يلزم منه الترخيص في المعصية، استصحاب النجاسة في الطرفين لا يلزم منه الترخيص في المعصية ومع ذلك قال لا يجوز الجريان، لهذا الإشكال الذي ذكره من التعارض، كما أنه لا يجري الأصل فيما إذا كانت الحالة السابقة الطهارة وعلمت بنجاسة أحدهما وهذا من باب أوضح يقول على كلا التقديرين لا يجري الأصل، بينما نلاحظه أجرى الأصل في بعض موارد العلم الإجمالي وهو ما إذا علم أنه توضأ إما بماء أو ببول هنا عنده علم إجمالي انه توضأ بأحدهما الشيخ يقول بالنسبة إلى بدنه نستصحب طهارة البدن لأن البدن كان طاهرا والآن نشك في تنجسه لإحتمال أنه توضأ بالبول فنستصحب طهارة البدن، وبالنسبة إلى الحدث كان على حدث والآن نشك في تطهره بالطهارة المعنوية من الحدث فنستصحب البقاء على الحدث، هذان الاستصحابان يخالفان أحدهما قطعا، إما بالواقع هو بول فهو لم يرتفع الحدث وبدنه نجس، وإما أن يكون في الواقع ماء فبدنه طاهر وهو أيضا على طهارة، فهنا أجرى الاستصحابين، أجرى استصحاب بقاء الحدث واستصحاب بقاء طهارة البدن، وأحدهما مخالف للواقع قطعا، أعلم إجمالا بذلك فلماذا هناك قلت بالجريان وفي مثل موردنا لم تقل بالجريان هنا أورد هذا الإشكال.

السيد الحكيم (قده) صاحب المستمسك، قال: ربما حُكي عن درس الشيخ جواب على هذا الإشكال، لا بأس بذكر عبارته، قال (وقد يشكل أيضا ما ذكره شيخنا الأعظم رحمه الله بأن اللازم عدم جريان الأصل في جميع موارد العلم الإجمالي بالانتقاض كما لو توضأ بمائع مردد بين البول والماء وربما يحكى عنه في مجلس بحثه الشريف دفع ذلك بدعوى ظهور اليقين في الذيل بما كان منجزا لا مطلقا) يقول إذا كان المقصود من اليقين في الذيل هو اليقين المتنجز فهذا الآن لم يتنجز ولا يجري الاستصحاب والمشترط أن يكون متنجزا لا مطلقا، ثم أورد السيد الحكيم ( وهو إن كان دافعا لما ذكر إلا أنه يرد عليه أن اللازم جريان الاستصحاب في ما لو علم بطهارة أحد النجسين إجمالا كانت الحالة السابقة النجاسة وعلم بطهارة أحدهما المفروض هنا اللازم جريان الاستصحاب مع أنه صرح بعدم الفرق بينه وبين نجاسة أحد الطاهرين إجمالا)[1] ، يعني فيما إذا كان المعلوم بالإجمال حكما ترخيصيا أو إلزاميا، هنا كلام السيد لا يخلو من غموض ولكن بيان ذلك بما أفاده السيد الروحاني (قده) في المنتقى فإنه لدفع هذا الإشكال عن الشيخ قال: في كلمات الشيخ في آخر الاستصحاب ما يبين رفع الإشكال، وحاصل ما أفاده: يقول أن المعلوم بالإجمال في هذه الصورة ما إذا كان بين التوضؤ إما بالماء أو البول، والمعلوم بالإجمال هو الواحد المردد بين طهارة البدن وبقاء الحدث، تعلم إجمالا إما أن البدن طاهر أو أن الحدث باقٍ هذا الواحد المردد، وهذا الواحد المردد ليس بموضوع لأثر شرعي فلا يكون مشمولا لـ- ولكن انقضه بيقين آخر- كما هو المعلوم أن الاستصحاب يشترط فيه أن يكون هناك أثر شرعي، هنا الواحد المردد إما طهارة البدن أو البقاء على الحدث هذا الواحد المردد ليس له أثر شرعي، بما أنه ليس له أثر شرعي لا يشمله ولكن انقضه بيقين آخر، أما في مثال العلم بطهارة أحد الإناءين إذا كانت الحالة السابقة هي النجاسة فيهما، هنا أعلم بطهارة أحدهما وهذا المعلوم بالإجمال مما يترتب عليه أثر شرعي فالمفروض يشمله لا تنقض اليقين بالشك ويشمله أيضا ولكن انقضه بيقين آخر، فإذاً ربما ما أفاده السيد الحكيم عن الشيخ بأنه كلام إذا كان منجزا مشير إلى هذا المعنى الذي نقله السيد الروحاني عن الشيخ في أواخر الاستصحاب، على هذا لا يكون هناك تهافت في كلام الشيخ يعني أجرى الشيخ الاستصحاب في طهارة البدن وفي البقاء على الحدث لأن المعلوم بالإجمال أحدهما ليس له أثر بخصوصه ولهذا لا يشمله – لكن انقضه بيقين آخر – فإذا لا يشمله لكن انقضه بيقين آخر يشمله لا تنقض اليقين بالشك في كلا الطرفين.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo