< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

99/12/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: فروع تتعلّق بنيابة إمام الجماعة

 

أوّلاً: أوّل ما يتبادر من ظاهر هذه الرواية أوّلاً، هو أنّ النّهي الواقع في صدر الرواية بقوله: (لا يؤمّ الحضريُ المسافر وكذا عكسه)، يعدّ نهياً تنزيهيّاً لا تحريميّاً، بقرينة قوله بعد ذلک: (فإن ابتلى... إلى آخره، ممّا هو معلوم عدم مجامعته للحرمة، لأنّه يستلزم بطلان العبادات.

وثانياً: ما قاله الهمداني في «المصباح»: (بأنَّ النّهي الواقع في صدر الحديث، وإنْ توجّه إلى الإمام بقوله: (ولا يؤمّ)، ولكن المنساق في مثل هذه النواهي إرادة الحكم الوضعي، لا محض التكليف، كما في النّهي عن إمامة ولد الزنا والأغلف ونظائرهما، فيكشف ذلک عن خللٍ في الجماعة المنعقدة بمثل هذا الإمام، فيؤل النّهي عن إمامته إلى النّهي عن عقد هذه الجماعة، سواءٌ حصل ذلک بفعل الإمام أو المأموم، كما يؤيّد ذلک قوله: (وإذا صلّى المسافر) إلى آخره. الظاهر سَوْق هذه الفقرة كسابقتها في بيان تكليفه في ما لو ابتليَ بشيءٍ من ذلک، سواءٌ حصل ذلک بالإمامة لهم أو الائتمام بهم، فيكون المقصود بالنهي أن لا يصلّي المسافر مع المقيم، إماماً كان أم مأموماً، كما وقع التعبير عن النّهي بذلک في الخبر الآتي.

وقوله: (فإنْ ابتلى بشيءٍ من ذلک) إلى آخره، شاهدٌ على أَنَّ النّهي تنزيهي لا تحريمي كما لا يخفى)، انتهى كلامه رفع مقامه ، حيث يؤيّد ما قلنا بأنّ النّهي في

هذه الموارد يعدّ نهياً تنزيهيّاً لا تحريميّاً.

ومنها: أى ومن الأخبار الدالّة على النّهي التنزيهي من صلاة المسافر خلف الحضري، صحيحة أبي بصير، قال: قال أبو عبد اللّه (ع): «لا يُصلّي المسافر مع المقيم ، فإنْ صَلّى فلينصرف في الرّكعتين» .

فإنَّ جملة: (فإن صلّى) شاهدة على أنّ النّهي تنزيهيّاً؛ لوضوح أنّه لو كان تحريميّاً، لكانت الصلاة باطلة كما لا يخفى.

بل قد يمكن تأييد أن لا يكون النّهي في كلا الطرفين ـ خصوصاً في صلاة المسافر خلف الحضري ـ تحريميّاً، بل كان تنزيهيّاً، ورود أخبارٍ تدلّ على جواز صلاة المسافر خلف الحاضر، من دون ذكر نهي في أوّلها.

منها: صحيحة حمّاد، قال: «سألت أبا عبداللّه(ع) عن المسافر يصلِّي خلف المقيم؟ قال: يصلِّي ركعتين ويمضي حيث شاء» .

 

ومنها: صحيحة محمّد بن مسلم، عن الباقر(ع): «إذا صلّى المسافر خلف قوم حضور، فليتمّ صلاته ركعتين ويُسلِّم، وإن صلّى معهم الظهر فليجعل الأُولتين الظّهر، والأخيرتين العصر»[1] .

ومنها: الخبر الذي رواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن علي، قال: «سألت أبا عبداللّه(ع) عن المسافر إذا دخل في الصلاة مع المقيمين؟ قال: فليصلِّ صلاته، ثمّ يُسلِّم ويجعل الأخيرتين سبحة»[2] .

ومنها: مرسلة ابن أبي عمير، عن أحدهما 8: «في مسافرٍ أدرک الإمام ودخل معه في صلاة الظهر؟ قال: فليجعل الأُولتين الظهر والأخيرتين السبحة» .

أقول : لا يخفى أَنَّ الروايات الأربعة الأخيرة التي ذكرها صاحب «مصباح الفقيه» تأييداً على جواز ائتمام المسافر خلف الحاضر من دون ذكر نهي في أوّله، ممّا لا يخلو عن شَوب الإشكال؛ لأنَّ سياق هذه الأخبار ممّا لا إطلاق فيها، لأنّها بصدد بيان ما على المسافر من عدد الركعات في الظهر والعصر، في قِبال الحاضر، حيث كانت هنا ركعتين والحاضر أربع ركعات من دون نظر إلى أنّ الصلاة خلف مثل هذه الجماعة مكروهه أمم لا.

أقول: بقي هنا استعراض الخبر المرويّ في «فقه الرضا»، بقوله: «واعلم أَنَّ المقصّر لا يجوز له أن يصلِّي خلف المتمّم، ولا يصلِّي المتمّم خلف المقصّر، وإن ابتليتَ بقومٍ لا تجدُ بُدّاً من أن تصلِّي معهم، فصلِّ معهم ركعتين وسلّم، وامض لحاجتک إنْ تشاء.

إلى أن قال: وإن كنت متمّاً صلّي خلف المقصّر، فصلِّ معه ركعتين، فإذا سلَّم فقُم وأتمّ صلاتک»[3] .

 

وهذه الرواية كما ترى بصدرها ظاهرة في الحرمة، ولكن ذيلها يشهد بالكراهة؛ لوضوح أَنَّ الحرمة لا تجامع مع الابتلاء الموجب لصحّة الصلاة، فيكون المراد من قوله: (لاتجد بُدّاً) هي الضرورة العرفيّة، كانحصار الجماعة فيهم ونحوه، لا الخوف من مخالفتهم، و إِلاَّ لانحصر مورده في التقيّة، مع أَنَّ ما فيه من الأمر بالتسليم المُضيّ لحاجته مخالف للتقيّة.

وبالجملة: هذه الرواية على فرض التسليم في الدّلالة على المنع بصورة الإلزام والحَتم، لا تقاوم ولا تنهض حجّةً على صرف تلک الأخبار الكثيرة عن ظاهر دلالتها بالجواز على المنع، بل غاية المساعدة مع رواية «فقه الرضا» هو الحمل على الكراهة في الطرفين، مضافاً إلى ضعف سندها، والإشكال فيه كما صرّح بذلک بعض الفقهاء، منهم صاحب «الجواهر» كما لا يخفى على مَن راجع كلامهم، ومع هذا كيف يمكن الاعتماد به، ورفع اليد عمّا ذكرناه سابقاً، وهو واضح لا يحتاج إلى مزيد بيان.في بيان عدم الكراهة في الايتمام في الصبح والمغرب

وأخيراً: أَنَّ اقتصار المصنّف لحكم خصوص ائتمام الحاضر بالمسافر في الكراهة، قد يوجب صرف الذهن إلى عدم الكراهة في عكسه، من ائتمام المسافر بالحاضر، كما حكي ذلک عن «المراسم»، بل قيل إنّه كادَ يكون صريح «التحرير»، ومالَ إليه أو قال به في «المختلف»، ولكن إجماع «الخلاف» و«الغنية» و«الموثّق» المعتضد بخبر «فقه الرضا» كافٍ في إثبات الكراهة التي يتسامح فيها.

أقول: ولعلّ وجه الاختصاص بصورة ائتمام الحاضر بالمسافر، هو كونه مورد اتفاق الجميع بلا معارض، بخلاف عكسه وهو ائتمام المسافر بالحاضر، حيث قد ورد في بعض الأخبار جواز ذلک صريحاً، كما أشرنا إليه آنفاً، وإن كان قد عرفت ذهاب المشهور إلى الكراهة في الصورتين، ولو كان بملاحظة ماورد من جواز التسامح في أدلّة السُّنن.

 


[1] الفقه المنسوب للإمام الرّضا (ع): 163، وفي الحدائق: ج11 / 156.
[2] و (2) الوسائل، الباب2 من أبواب التعقيب، الحديث 3 و 8.
[3] و (2) الوسائل، الباب2 من أبواب التعقيب، الحديث(ع) و 6.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo