< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

99/12/03

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: فروع تتعلق بالمرجّحات

 

القول الرابع: بأنّه لا ينحصر الترجيح بالمرجّحات المنصوصة، بل إنّما ذكرت تنبيهاً للمكلّف، وتعليماً له على ملاحظة أمثال ذلک، و إِلاَّ فميزانه بيده، والصِّفات الراجحة شرعاً غير خفيّة، كما أنّه غير خفيّ مراتبها أيضاً، ومع فرض التساوي في الجميع قد يقوى السقوط حينئذٍ، والرجوع إلى التخيير، وهذا هو القول الآخر لو جعل في قبال القول الرابع.

ثمّ قال في «الجواهر» بعد ذلک: (إذ الظاهر أَنَّ القرعة للأمور المشكلة باعتبار الاشتباه الظاهري دون الواقع، و إِلاَّ فمع احتمال خلوّ الواقع كما هو الفرض فلا. نعم، قد يكون لها وجه عند تعارض أمر الترجيح عليه بالتعدّد والاتّحاد وغيرهما، ولعلّ عدم تعرّض النصوص لعلاج نحو ذلک، لسهولة أمر هذا الاختلاف، وعدم خوف الفتنة منه، وندرة التساوي من كلّ وجهٍ، أو تصادم المرجّحات كذلک)، انتهى كلامه .

 

أقول: الأقوى والأوجه عندنا هو ما اختاره الشهيد من تقديم الأورع على المراتب كلّها، إذ هو المقبول عند المتشرِّعة، وأوقع في النفوس، من جهة كونه مرجّحاً في التقديم، خصوصاً إذا ضمّ إليه سائر المرجّحات العرفيّة من التعدّد وغيره، لا سيّما مع ملاحظة ندرة وقوع ذلک وتحقّقه خارجاً، كما أشار إليه صاحب «الجواهر» رحمة اللّه عليه.

الفرع الرابع: بعد أن ثبت أنّ المختار أنّ الأورع بينهما هو المقدّم والأولى في الرعاية، يقع بحثٌ في المراد من (الورع) ففي معناه قولان :

أحدهما: هو المحكي عن صاحب «الجواهر»، نقلاً عن الشهيد في «الذكرى» حيث قال: بأنّه (عبارة عن العفّة وحسن السيرة، وهو مرتبة وراء العدالة، تبعث على ترک المكروهات، والتجنّب عن الشبهات والرفض).

وأهذب منه ما عن بعضهم من أَنَّ التقوى (التجنّب عن الشّبهات، لئلّا يقع في المحرّمات، والورع هو التجنّب عن المباحات لئلّا يقع في الشبهات).

ولكن قد ناقش فيه الأردبيلي : بأنّه ليس من ترک كثيراً من الأُمور التي هي عمدة في التقرّب؛ مثل تحصيل العلوم، والعبادات الشاقّة الكثيرة، وقضاء حوائج المؤمنين، مع أنّه يجتنب الشُّبهات، ويتورّع من المباحات، يكون أتقى وأكرم على اللّه تعالى، بل الأمر بالعكس، لأنَّ الأكرميّة باعتبار الاتّصاف بالأوصاف المقرّبة، فمَن اتّصفَ بالأكثر والأعلى فهو الأكرم عند اللّه، ففي التعريفين تأمّل وتزلزل، فحينئذٍ ينبغي تقديم من فيه الوصف المذكور، وأنّي أظنّ أنّه مقدّمٌ في جميع المراتب وعدم ذكره لظهوره).

ثمّ قال صاحب «الجواهر»: (قلت: المراد من ترک المباحات خوف الوقوع في المحرّمات لا المستحبّات وإِلاَّ فهذه الأُمور المذكورة عين التقوى والورع، إذا جامعها الإخلاص، فتأمّل جيّداً. و اللّه أعلم بحقيقة الحال)[1] .

 

أقول: لا يخفى لِمَن تأمّل في كلام الأردبيلي؛ يُدرک صحته، وكون المتكفِّل لأُمور الناس وتحصيل حوائجهم على حسب الروايات فهو أكرم عند اللّه ممّن لم يكن كذلک، بل ينحصر أمره وعمله في الإتيان بالعبادات الشاقّة ونظائرها، خصوصاً لِمَن كان له الإخلاص في جميع الأُمور. واللّه هو العالم.

قوله 1: ويستحبّ للإمام أن يُسمِع من خلفه الشهادتين (1).

(1) الظاهر أنّه حكمٌ مجمعٌ عليه، كما يشير إليه صاحب «الجواهر» بقوله: (بلا خلافٍ أجده فيه)، والدليل عليه هو دلالة الأخبار، وفيها الصحاح :

منها: صحيح حفص بن البختري، عن أبي عبداللّه(ع)، في حديثٍ قال: (ينبغي للإمام أن يُسمع من خلفه التشهّد، ولا يسمعونه هم شيئاً ـ يعني الشهادتين ـ ويسمعهم أيضاً: السّلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين)[2] .

 

ومنها: وخبر أبي بصير، عن أبي عبداللّه(ع)، قال: (ينبغي للإمام أن يُسمع من خلفه كلّ ما يقول، ولا ينبغي من خلفه أن يَسمعوا شيئاً ممّا يقول)[3] .

بل قد يستفاد من الخبر الثاني، استحباب إسماع سائر ما يجوز الإجهار فيه من الأذكار في الركوع والسجود وغيرهما، كما أنّه يستفاد منه كراهة إسماع المأموم شيئاً من ذلک. نعم، الظاهر الاقتصار في ذلک على غير المنكر من رفع الصوت، كما يشير إليه خبر عبد اللّه بن سنان، المرويّ في «تفسير العيّاشي» قال : (سُئِلَ الصادق(ع): عن الإمام هل عليه أن يُسمِع من خلفه وإن كثر؟ فقال: ليقرأ قراءةً وسطاً، إنّ اللّه تعالى يقول: (﴿وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِکَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا﴾)[4] ).[5]

 

ومثله رواية الكليني عن عبداللّه بن سنان[6] .

 


[2] الوسائل، الباب52 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 4.
[3] الوسائل، الباب33 من أبواب القراءة، الحديث 3.
[4] الجواهر: ج13 / 368.
[5] الوسائل، الباب43 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 10.
[6] الوسائل، الباب3 من أبواب غسل المسّ، الحديث 4.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo