< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

99/11/28

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: فالأقدم هجرةً

 

قوله 1: فالأقدم هجرةً (1).

(1) أي لو تساووا في الفقه، قُدّم من كان أقدم هجرةً، وقد اختلفوا في المراد من ذلک إلى أربعة وجوه :

الوجه الأوّل: وهو لصاحب «الجواهر» و«الحدائق» وغيرهما وقبلهما في «التذكرة» بل هو المتبادر بالذهن أوّلاً، هو الأقدم هجرةً من دار الحرب إلى دار الإسلام في ذاک الزمان، فتسريته إلى عصرنا لا يكون إِلاَّ أن يُراد تقديم أولادهم، لأنَّ الهجرة بذلک المعنى لم تكن إِلاَّ في ذلک الزمان، ولذلک ترى أَنَّ بعض الفقهاء تركوا هذا الأمر ولم يذكروه في عداد المرجّحات، نظراً إلى ما أشرنا اليه، خاصة وأنّ هناک حديثاً عن النبيّ (ص) يقول: «لا هجرة بعد الفتح»[1] . فعلى هذا لا معنى

لذلک، إِلاَّ أن يُراد به أولادهم، وهذا الوجه يعدّ الأحسن من سائر الوجوه.

الوجه الثاني : أن يُراد من (الهجرة) الهجرة إلى دار العلم لتحصيل العلم ومعرفة الفقه قبل الآخر، وهو المنقول في «الذكرى» عن الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد والقطيفي.

الوجه الثالث: أن يُراد من (الهجرة) الهجرة من البادية إلى الأمصار؛ لأنَّ أهل الأمصار أقرب إلى تحصيل شرائط الإمامة والكمال. هذا كما نقله «الذكرى» عن المحقّق الكركي وتلميذه.

الوجه الرابع: أن يُراد من (الهجرة) أولاد هذه الطوائف، بملاحظة أنّ آبائهم كانوا يمتلكون هذه الأوصاف.

قال صاحب «الجواهر» وكذا صاحب «الحدائق»: بأنّه (لا شاهد لشيء من هذه الأُمور).

نعم قد ورد في بعض الأخبار ـ كما نقله صاحب «الجواهر» ـ عن الصادق(ع) أنّه قال: «إنّ فضل أهل المدن على القرى، كفضل أهل السماء على أهل الأرض» .

وكذا المرويّ عن «معاني الأخبار» عن الصادق(ع)، أنّه قال: «إنّه مَن وُلد في الإسلام فهو عربيّ، ومَن دخل فيه بعدما كبر فهو مهاجر، ومَن سُبِيَ وعُتِق فهو مولى»[2] .

 

إذ لا دلالة في شيء منها على كون الهجرة بهذه المعاني من المرجّحات في قضيّة الامامة، وإن لم يكن مانعاً عن أن تعدّ من الفضائل بذاتها بالنسبة بعضها إلى بعض.

والنتيجة: الأحسن من بين هذه الوجوه هو الوجه الأوّل ولو في حقّ أولادهم، و اللّه العالم.

ومن ذلک يظهر ضعف ما عليه العلّامة في «التحرير» و«الدروس»، وأيضاً في «الموجز»، وقبلهم عن «السرائر» و«المبسوط»، من تقديم الأكبر سنّاً، أو الأشرف، أو الهاشمي عليه؛ لوجود الدليل عليه هنا، وهو الخبر المنقول في «فقه الرضا» و«دعائم الاسلام»، نقلاً عن أبي عبيدة، لا سيّما مع ضمّ التسامح في أدلّة السُّنن، وهو يكون كافياً في إثبات كونه من المرجّحات، كما لا يخفى.

قوله 1: فالأسنّ (1).

(1) واعلم أَنَّ تقديم الأسنّ بعد التساوي في الهجرة، هو الَّذي عليه العلماء، كما في «الجواهر»، تبعاً للتذكرة، اعتماداً في ذلک على الأخبار الدالّة على ذلک :

منها: الخبر المرويّ في «فقه الرضا» في حديثٍ: «وإن كانوا في الهجرة سواء فأسنّهم»، الحديث[3] .

 

ومنها: خبر «دعائم الإسلام»، عن جعفر بن محمّد 8، في حديث: «فإن استووا فأفقههم، فإن استووا فأكبرهم سِنّاً»[4] .

ومنها : خبر آخر من النبيّ (ص): «فإن كانوا في الهجرة سواء، فأقدمهم سنّاً» .

 

أقول: في تحديد المراد منه قولان :

القول الأول: أنّ المراد من (الأسنّ)؛ هو الأسنّ في الإسلام، كما في «المبسوط» و«السرائر»، و«التحرير» و«الذكرى» و«الدروس» و«الموجز» و«النفليّة» و«الجعفريّة» و«فوائد الشرائع» و«الميسيّة» و«العزّية» و«إرشاد الجعفريّة» و«الفوائد الملّية»، فلازم هذا القول أَنَّ ابن خمسين في الإسلام يكون أسنّ من ابن سبعين وله فيه أربعون.

القول الثاني : ذكره صاحب «الحدائق» بأن يكون المراد من أكبر سنّاً هو السنّ من دون قيد الإسلام، بل بصورة الإطلاق، بل لعلّه الصورة التى أرادها صاحب «الجواهر»، حيث قال بعد نقل القول الأوّل :

(إِلاَّ أَنَّ النصّ غير ظاهر فيه، كما اعترف به صاحب «المدارک»، ولعلّه لذا لم يرجّح في «نهاية الأحكام» على ما قيل) .

 


[1] و (2) المستدرک، الباب25 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 4 و 2.
[2] كنز العمّال، ج4 ص126.
[3] الجواهر: ج13 / 364.
[4] ـ (3) المستدرک، الباب25 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 4.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo