< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

99/11/13

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: فكيف التوفيق بين الطائفتين من الروايات

 

فكيف التوفيق بين الطائفتين من الروايات؟ فقد أُجيب عنه وجوه :

الوجه الأوّل: بحمل الأخبار الثانية الدالّة على عدم لزوم الانتظار على صورة ضيق الوقت، بأن يخاف الفوت عن وقت الفضيلة، فبذلک يُخصّص عموم الخبرين وإطلاقهما على ذلک؛ لوضوح أَنَّ النسبة بين الطائفة الأُولى والثانية هو العموم والخصوص المطلق، ولعلّ هذا الجمع يعدّ أحسن الوجوه، وأقرب إلى الاعتبار، كما لا يخفى.

الوجه الثاني : هو تخصيص هذين الخبرين بموردهما، وهو ما لو قرأت الإقامة برجاء لحوق الإمام، فأبطأَ الإمام، فحينئذٍ ينبغي لأهل المسجد العمل بما تقتضيه الإقامة من القيام على أرجلهم، والتلبّس بأداء الصلاة بتقديم مَن يصلّي بهم، تحرّزاً عن اختلال الإقامة بطول الانتظار.

الوجه الثالث: دعوى انتفاء التنافي بين الأخبار من رأس؛ لأنَّ المنساق ممّا دلّ على أحقّيّة الإمام الراتب بإقامة مسجده، ليس إِلاَّ المنع عن معارضته في الإمامة، وهو منصرفٌ عن ائتمام بعض مأموميه ببعضٍ عند تأخير الإمام عن وقته، فإنّه لا يعدّ بنظر العرف منافياً لحقّه، بل بمنزلة ما لو صلّى كلّ واحدٍ منفرداً لأجل الاستعجال، أو لتدارک فضل أوّل الوقت، كما لا يخفى على المتأمِّل.

أقول: ولا يخفى لمن تعمّق في ماجاء في الأخبار كخبر حفص من السؤال عن أحد الأمرين، من أن يقوم القوم على أرجلهم، أو يجلسون؟ كان الخبر ظاهراً بل نصّاً في أنّ المطلوب بيان حكم انتظار الإمام، وأنّه لازم أم لا؟ فأجاب7 بالنفي، وأنّ عليهم أن يقوموا على أرجلهم، فإن جاء إمامهم فهو، وإِلاَّ فليؤخذ بيَد رجلٍ من القوم فيُقدّم، والخبر ليس في مقام بيان أنّه لابدَّ أن لا يعارض مع كون الإمام أحقّ، حتّى يُدّعى عدم التنافي كما صدر عن المحقّق الهمداني
1.في الجواب عن صاحب الحدائق

ثمّ قد يستظهر من صاحب «الحدائق» أنّه أراد طرح الخبرين رأساً، حتّى لا يعارض مع أخبار الباب، لاشتمال الخبرين بما لا يناسب حكم المقام، فلا بأس بذكر كلامه بطوله، والجواب عنه، حسب ما نقله صاحب «مصباح الفقيه» عنه[1] .

 

قال؛ : ـ بعد أن استظهر من الأخبار المتقدِّمة، أحقّيّة الإمام مطلقاً، المقتضية لاستحباب الانتظار، وأجاب عن معارضته الخبرين: (إنّ الخبرين المذكورين غير خاليين من الإشكال، وإن لم يتنبّه له أحدٌ من علمائنا الأبدال، وذلک فإنَّ الظاهر من الأخبار وكلام الأصحاب، أَنَّ الأذان والإقامة في الجماعة من وظائف صلاة الإمام ومتعلّقاتها، ولا تعلّق لصلاة المأمومين بشيءٍ منهما، غاية الأمر أنّه قد يقوم بهما الإمام كلّاً أو بعضاً، وقد يقوم بهما بعض المأمومين كلّاً أو بعضاً، وحينئذٍ فإنْ لم يكن الإمام حاضراً، فلِمَن يؤذِّن هذا المؤذِّن ويقيم المقيم؟!

وأشكل من ذلک: أَنَّ في رواية معاوية بن شُريح بعد ذكر ما تقدّم: «قلت: فإن كان الإمام هو المؤذِّن؟ قال: وإن كان، فلا ينتظرونه، ويقدّموا بعضهم». وكيف يستقيم هذا، وهو الَّذي قد أذَّنَ وأقام، وعند قوله: «قد قامت الصلاة» قام الناس على أرجلهم، فأين ذهب بعد ذلک حتّى ينتظرونه أو لا ينتظرونه؟.

وبالجملة : فجميع ما ذكرنا من وجوه هذه الإشكالات، ظاهرٌ لا ريب فيه، والاعتماد على هذين الخبرين ـ بعدما عرفت من ثبوت أحقّيّة الإمام الرّاتب بالأخبار المتقدِّمة، مضافاً إلى اتّفاق الأصحاب ـ مشكلٌ غاية الإشكال)، انتهى كلامه[2] .

 

أقول: قد أُجيب عنه بأجوبة متعدّدة في «الجواهر» و«المصباح» :

أوّلاً: دعوى اتّفاق الأصحاب على استحباب الانتظار في الفرض، مع عدم تعرّض أكثرهم له بخصوصه، غير مسموعة، مع أنّه حُكي عن ظاهر «المنتهى» العمل بظاهر الخبرين، والحكم بعدم الانتظار.

وثانياً: طرح الخبرين وعدم العمل بهما، مع كون النسبة بينهما وبين الأخبار المتقدِّمة هو الأخصّ المطلق، التي يمكن الجمع بينهما بالتخصيص، بصورة خوف فوت وقت الفضيلة لا مطلقاً، ممّا لا يمكن المساعدة معه كما لا يخفى.

وثالثاً: قوله: (من عدم تعلّق الأذان والإقامة بصلاة المأمومين واختصاصهما بالإمام)، فيه ما لا يخفى، بأنَّ الظاهر كونهما متعلّقان بالجماعة والصلاة، لا الإمام ولا المأمومون، ولذا صرّحوا في باب الأذان و الإقامة بأنّه لو أذَّن وأقام بنيّة الانفراد، فبدا له أن يصلِّي جماعةً يعيدهما، فالظاهر جواز الإتيان بهما بقصد الجماعة، قبل أن يعيّنون إمامهم، بل كما أَنَّ الظاهر جواز الإتيان بهما قبل حضور الإمام، بل إذا أذّنوا وأقاموا والإمام حاضر أو غائب ثمّ بدا لهم أن يقدّموا غيره، لم يبطل أذانهم وإقامتهم، كلّ ذلک يدلّنا على أَنَّ الأذان والإقامة كانتا للصلاة التي يؤتى بها جماعةً، لا للإمام ولا للمأمومين، كما لا يخفى.

وأمّا الإشكال في الأخير: في رواية معاوية بن شريح، بعد ذكر ما تقدّم: «قلت : فإن كان الإمام هو المؤذِّن؟ قال: وإنْ كان، فلا ينتظرونه، ويقدّموا بعضهم»، وكيف يستقيم هذا، وهو الَّذي قد أذَّن وأقام، وعند قوله: «قد قامت الصلاة» قام الناس على أرجلهم، فأين ذهب بعد ذلک، حتّى ينتظرونه، أو لا ينتظرونه)[3] .

 

أقول: ولا يخفى أَنَّ المناقشة واردة على السائل، حيث فرض الحاجة إلى الانتظار في هذا الفرض النادر التحقّق، مع إمكان أن يكون مراده بكون المؤذّن هو الإمام، كون وظيفته الأذان بمقتضى عادته، لا في خصوص هذه الصلاة، كما أنّ الأمر كذلک في بعض ائمة الجماعة في القرى والأرياف حيث يؤذّن هو أوّلاً، ثمّ يأتي لاقامة الصلاة جماعةً، واللّه العالم.

 


[1] الجواهر: ج13 / 354.
[2] كنز العمّال، ج6 / ص1(ص)8.
[3] المستدرک، الباب21 من أبواب صلاة الجنازة، الحديث 1.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo