< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

99/11/04

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: التمسّک بأصالة عدم سقوط القراءة بذلک عند الشکّ في السقوط

 

الدليل الأوّل: التمسّک بأصالة عدم سقوط القراءة بذلک عند الشکّ في السقوط.

وقد أجاب صاحب «الجواهر» عن الأوّل: بأنَّ هذا الأصل منقطعٌ بواسطة إطلاق الأدلّة، الممنوع إرادة القراءة الصحيحة خاصّة منه.

قلنا: هذا على إطلاقه ممنوعٌ، نعم، يصحّ إن صدقَ عليه القراءة عرفاً، ولعلّه أراد هذه الصورة، فحينئذٍ تكون دعوى شمول الإطلاقات له غير بعيدة؛ لأنَّ ما يجب على الإمام في صحّة الائتمام ليس إِلاَّ الإتيان بما يصدق عليه القراءة عرفاً، فيتحمّله عن المأموم كما لا يخفى.

الدليل الثاني: نقصان صلاة الإمام عن صلاة المأموم.

وأُجيب عنه: بعدم ثبوت الكلّيّة من الأدلّة السابقة.

الدليل الثالث: فحوى الإجماعات السابقة في الاُمّي، إن لم يدّع شموله له، بناءً على أَنَّ اللّاحن غير محسنٍ للقراءة أيضاً.

وأُجيب عن الثالث : بأنّه قياس محضٌ، ولكن مع ذلک الالتزام بمثل هذه القراءة في إسقاط ما في الذِّمَّة من الاشتغال مشكلٌ جِدّاً، ولعلّه لذا تردّد في الحكم بعض متأخِّري المُتأَخِّرين، بل قد يظهر ذلک من كلام صاحب «الجواهر»؛ الشکّ إن لم يكن الظنّ في سقوط القراءة عن المأموم بالقراءة الملحونة من الإمام، كما لا يخفى.

قوله 1: وكذا من يبدّل الحروف كالتمتام وشبهه (1).

(1) من الفأفاء وغيره، فإنّه أيضاً نوعٌ من اللّحن، وإنْ لم يُطلق عليه اسمه عرفاً، هذا إذا فُسّر بما في العبارة من تبدّل الحرف، دون مَن يُردّد الحرف ثمّ يأتي به، فالمتّجه صحّة إمامته، كما صرّح به صاحب «مصباح الفقيه» تبعاً للعَلّامَة في «التذكرة» وغيره، وعلّله بأنّه مغلوبٌ على أمره، وعاجزٌ عن رفع هذه العاهة، ولهذا لا يكون مع هذا الوصف خارجاً عن القراءة الصحيحة.

وفسّر المحقّق الهمداني ذلک بقوله: (تكره إمامة التمتام، وهو الَّذي يُردّد التاء ثمّ يأتي بها، والفأفاء، وهو الَّذي يُردّد الفاء ثمّ يأتي بها؛ لأنّهما يأتيان بالحروف على الكمال، والزيادة لا تضرّهما، لأنّهما مغلوبان عليها، ولكن يُكره تقديمهما لمكان هذه الزيادة)[1] . انتهى كلامه.

 

وتوهّم إحراز هذه الزيادة لا يخلو عن تأمّل، بعد فرض صدق القراءة الصحيحة عليه مع هذا. نعم، لا يبعد القول بالكراهة من جهة منزلة الإمامة، وعلوّ درجتها، خصوصاً إذا انضمّ إليها أدلّة التسامح في السُّنن.

وعليه، فالقول بالكراهة مع الصحه حينذٍ ليس ببعيد.

لا يقال: إنّ هذه الزيادة من التكرار ربّما تضرّ وتخلّ بالصورة المعتبرة في نظم الكلام، والتوالي المعتبرة بين حروفها.

لأنّا نقول: كما أجاب عنه العَلّامَة في «التذكرة» بقوله: (من أنّه لا أثر لهذه الزيادة في إبطال الهيئة المعتبرة في نظم الكلام، وإخراجه عن حقيقته عرفاً، إذا كانا مغلوبين عليها).

قلنا: هذا إنّما يتمّ لصحّة صلاة نفسه، وأمّا كونه إماماً فلا، إِلاَّ أن يدلّ عليه وينطبق عليه عنوان صحّة القراءة، فيدخل حينئذٍ تحت هذه القاعدة، بأنّها عرفاً قراءة حقيقيّة، فلابدَّ من القول بالصحّة، ولا يبعد كون هذا هو مراد المُدّعي بالصحّة، فله حينئذٍ وجه متّجه.

أقول: وعلى فرض قبول هذا التوجيه، فإنّه لا يبقى وجهٌ لكلامه من كراهة تقديمهما، إذ لا دليل يعتدّ به بعد البناء على صحّة قراءتهما، ولو على القول بكفاية فتوى الفقيه في إثباتها من باب المسامحة، لأنَّ هذا إن سُلم، ففيما إذا لم يعلم مستنده، وإِلاَّ فالعبرة بمستنده، وقد علّلوها في المقام بهذه الزيادة، وهي غير صالحة لإثبات الكراهة.

نعم، لا يبعد الالتزام برجحان ترک التقديم، من باب حُسن الاحتياط، خروجاً عن شبهة الخلاف، مضافاً إلى ما عرفت من أنّ ملاحظة منصب الإمامة، يقتضي الحكم بترک تصدّي ذلک لمثل هذا الفرد، وإن كانت صلاته صحيحة، كما لا يخفى على المتأمِّل.

وأيضاً: يظهر ممّا ذكرنا يظهر عدم تماميّة ما ذكره صاحب «الجواهر» من المنع حتّى بالتكرير تبعاً للشهيد في «البيان».

وأمّا ما ذكره في «التذكرة» من عدم جواز ائتمام المُفصح بِمَن لا يتفصّح ببعض الحروف، بإطلاقه غير مقبول، اللّهمَّ إِلاَّ أن يُراد ب (مَن لم يتمكّن) من أداء الحروف صحيحاً، وإِلاَّ غير ذلک محلّ إشكال، كما عرفت فلا نعيد.

أقول: وممّا اخترنا وبيّنا، يظهر ضعف القول بالجواز، حتّى على التفسير المذكور في المتن، من تبدّل الحروف في التلفّظ بها، كما هو مختار صاحب «الوسيلة»، حيث قال :

(تكره إمامة مَن لا يقدر على إصلاح لسانه، أو من عجز عن أداء حرفٍ، أو يبدّل حرفاً من حرفٍ، أو ارتجّ عليه في أوّل كلامه، أو لم يأت بالحرف على الصحه والبيان)؛ بل وهكذا مختار صاحب «المبسوط» أيضاً، حيث قال: (تكره الصلاة خلف التمتام، ومَن لا يُحسن أن يؤدّي الحروف، وكذلک الفأفاه، فالتمتام هو الَّذي لا يؤدّي التاء، والفأفاه هو الَّذي لا يؤدّي الفاء).

ولكن قد عرفت أنّه لاتجوز إمامة من لا يصدق قراءته القراءة الصحيحة، خصوصاً مع ملاحظة عدم حصول القطع بالفراغ في مثل ذلک، كما لا يخفى.

فرع: لا بأس بذكر حكم من لا يستطيع أداء الحروف على ما هي عليه، فهل يجوز الائتمام والاقتداء خلفه أم لا؟

فلابدَّ في ذلک من ملاحظة بعض كلمات الأعلام، ثمّ ننظر فيه بما هو مختارنا.

قال الشيخ في «المبسوط»، على ما حكاه عنه صاحب «الجواهر» رحمة اللّه عليهما: (وكذا لا يؤتمّ بأرث ولا ألثغ ولا أليغ، فالأرث هو الَّذي يلحقه في أوّل كلامه ريحٌ، فيتعذّر عليه، فإذا تكلّم انطلق لسانه، والألثغ هو الَّذي يُبدِّل حرفاً مكان حرف، والأليغ هو الَّذي لا يأتي بالحروف على البيان والصحّة، وإذا أمَّ أعجَمي لا يفصح بالقراءة، أو عربي بهذه الصِّفة، كُرِهَت إمامته)، انتهى محلّ الحاجة من كلامه.

وقد اعترض عليه صاحب «الجواهر»: بدعوى (مساواة الألثغ بالتفسير الَّذي ذكره للتمتام والفأفاه، وانْ هما مختصّان في الفاء والتاء بخلافه، بناءً على تفسيره بما عرفت، وإِلاَّ فهو خاصٌ أيضاً، بناءً على ما في «المنتهى» عن «الصحاح» من تفسيره بأنّه: (الَّذي يجعل الراء غَيْناً أو لامَاً، والسين تاءً). و«حواشي الشهيد» من أنّه: (الَّذي يجعل الراء لاماً)، بل على ما عن الفرّاء أيضاً من اللّثغة بطرف اللسان : (هو الَّذي يجعل الراء على طرف اللسان، ويجعل الصاد ثاءً، وعلى كلّ حال فينافي حينئذٍ حكمه بالمنع فيه لحكمه بالكراهة فيهما).

ثمّ استثنى واستدرک بقوله: (إِلاَّ أَنَّ الظاهر بل لعلّه من المقطوع به ـ بملاحظة قرائن كثيرة في كلامه ـ إرادته الكراهة أيضاً من قوله: (لا يؤتمّ)، فلا منافاة حينئذٍ. نعم، هو كالسابق في غاية الضعف بالنسبة للألثغ، بل لا أجد فيه خلافاً من غيره، عدا «الوسيلة» التي سمعت عبارتها لما تقدّم، ومتّجه بالنسبة للأرّث المفسّر بما عرفت، بل في «المنتهى» أنّه حكاه الأزهري عن المُبرّد أيضاً؛ لإطلاق الأدلّة السالمة عن المعارض، بل لولا التسامح في دليل الكراهة، لأمكنَ التوقّف فيما ذكره من الكراهة، واتّجه الحكم بالجواز من غير كراهة.

والحاصل من جميع ما ذكر هنا: من كلمات الأعلام، في الجواز وعدمه، في صلاة الجماعة للإمام، هو ملاحظة حال من لا يقدر على التلفّظ الفصيح، إن كانت قراءته على نحوٍ يُبدّل الحرف بالحروف، كما هو الحال في الألثغ، وهو الَّذي يُبدّل حرفاً مكان حرفٍ آخر، كما ذُكِرَ في تعريفه، فالائتمام به غير جائز.

كما لا يجوز الائتمام في الأليغ، وهو الَّذي لا يأتي بالحروف على النحو الصحيح والمُبيّن والصحّة، فالإمامة مع هذا الوصف كيف يمكن عليها القول بالصحّة ولكن مع الكراهة؟!، لما عرفت من جهة علوّ منصب الإمامة، مع أنّه غير مقبول عند بعضٍ، ولو مع الكراهة ويقولون بأنّه لا يمكن جعل ذلک ملاكاً للأحكام كما لا يخفى.

وبالجملة : إتيان القراءة على هذا لا يكون مسقطاً لقراءة المأموم المطلوبة شرعاً.

وأيضاً: وعلى ما ذكرنا يمكن إلحاق ما جاء في «التذكرة» في الألثغ، من أنّه الَّذي يبدّل حرفاً بحرف، وكذا ما في المنقول عن الفرّاء بأنّه الّذى يجعل اللّام تاءً، بل وكذا ما قاله صاحب «الصحاح» أيضاً من أَنَّ الرُّثّة ـ بالضّم ـ العُجم في الكلام، إن أراد به عدم خروج الحرف كما هو، وعن مخرجه الصحيح، فوجه عدم جواز إمامته، هو عدم حصول القراءة الصحيحة منه، المسقطة عن المأموم.

أقول: فمامرّ يتبيّن حينئذٍ حكم عدم جواز الائتمام بالأليغ ـ بالياء المثنّاة من تحت ـ كما صرّح به غير واحدٍ من الأصحاب، بل في «الرياض» أنّه لا الخلاف فيه، لفحوى ما سمعت أيضاً، بناءً على إرادة نحو ذلک من تفسيره المزبور، الَّذي يقرب من بعض ما ذكر في تفسير الأرّث، بأنّه الَّذي يدغّم حرفاً في حرف، ولا يبيّن الحروف، خلافاً له وللوسيلة فالكراهة، ولا ريب في ضعفه.

اللّهمَّ إِلاَّ أن يريدا ـ وإن بَعُد أو منع بعدم بيانها ـ عدم إتيانها على الوجه الكامل، فيتّجه حينئذٍ الجواز فيه.

 


[1] فقه الرضا: 143، وعنه في الحدائق الناضرة، ج11 / 1(ص)8.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo