< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

99/06/31

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: في بيان ذكر الحجَّة على اعتبار العدالة

 

ولكن التحقيق في المسألة يقتضي أن يقال: بأنَّ العدالة التي هي عبارة عن (الاستقامة في الدِّين)؛ أي الالتزام بما دانَ به قولاً وفعلاً واعتقاداً، تعدّ من الأوصاف الغير القابلة للإحساس، وإنَّما يظهر ويستكشف وجودها بوجود آثارها، وهو مثل الشدّة في المواظبة على فعل الطاعات، وترک المحرّمات والمعاصي الظاهريّة، ومنافيات المروّة ونحوها، ولكن لابدَّ أن يعلم أَنَّ هذه أمارات ظنّيّة، ربّما تتخلّف عن الواقع، إذ رُبَّ شخصٍ في الظاهر في غاية التقوى والصلاح، وهو في الباطن من أهل الشِّرک والنفاق، وعليه فقضيّة الالتزام القلبى أمرٌ خفيّ، لا يعلمه إِلاَّ اللّه سبحانه وتعالى، وعليه، فلا يجب في الموارد التي اعتبر الشارع العدالة موضوعاً لحكمٍ من الأحكام، كما في الشاهد والإمام ونحوها، إحرازها بالعلم لتعذّره في العادة.

أقول: الذي يقتضي المقام البحث عنه، بعد ذِكر الأخبار الواردة في تعريف العدالة، هو بيان المستفاد من لسان الأخبار؛ هل هو لزوم تحصيل الوثوق بكونه عدلاً في الواقع، أم يكفي الاعتماد على حسن ظاهره الّذى: تارةً يكون كافياً بصورة المطلق، وأُخرى بشرط إفادته الظنّ بالواقع، وثالثة بمجرّد ظهور الإسلام ـ أي الإيمان ـ منه، ويُظهر التزامه في مقام العمل بما أقرَّ به واعترف من حقّيّة دينه، وأحكام شريعته، ما لم يعلم منه فِسق؟ وجوهٌ وأقوال :

والذي نستنتجه من خلال ملاحظة مدلول الأخبار، كون الوجه الثاني من الوجوه أحسن عندنا، كما هو مختار المشهور المنصور، على ما هو المحكي عن صاحب «مصباح الفقيه» وغيره. ولهذا ينبغى البحث عن مفاد الأخبار الّتى مرّت بالتفصيل بالنسبة إلى الوجوه والمحتملات الناشئة عن الأخبار، وملاحظة بعضها مع بعض، وبيان النسبة فيها.

الوجه الأوّل: من الوجوه الأربعة، هو لزوم تحصيل الوثوق بكونه عدلاً في الواقع، وعدم كفاية ما دون ذلک.

والذي يدلّ عليه أوّلاً: هو الأصل؛ والمراد منه أصالة عدم الكفاية حتّى يحصل الوثوق والاطمئنان بالعدالة.

وثانياً: دلالة بعض الأخبار على ذلک.

منها: خبر أبي علي بن راشد، قال: «قلتُ لأبي جعفر(ع): إنّ مواليک قد اختلفوا، فأُصلِّي خلفهم جميعاً؟ فقال: لا تُصلِّ إلّا خلف من تثق بدينه وأمانته»[1] .

 

والمتبادر إلى الذهن من هذا الحديث، إرادة من تطمئنّ النفس بتديّنه وصلاحه، وهو معنى العدالة، ولكن المنقول «الكافي» كذلک، إِلاَّ أنّه بإسقاط قوله: (وأمانته).

والظاهر أنّ المراد من (الوثوق بدينه) هو الاطمئنان بالتزامه وتديّنه بما دانَ به، وعدم التعدّي عن الحدود الشرعيّة الإلهيّة بما يقتضي هواه.

ومنها: خبر المرافقي والبصري، عن جعفر بن محمّد(ع): «أنّه سُئِلَ عن القراءة خلف الإمام؟ فقال(ع): إذا كنتَ خلف الإمام تتولّاه وتثق به، فإنّه يُجزيک قراءته»[2] .

 

فذكره الوثوق في إشارة إلى وصف العدالة، لأنّه المتبادر من هذا اللفظ، كما لايخفى.

مرسلة «فقه الرضا»، قال: «عن العالم(ع)، قال: ولا تصلِّ خلف أحد إِلاَّ خلف رجلين: أحدهما من تثق به وبدينه وورعه...» الحديث[3] .في بيان كفاية حسن الظاهر

 

ومنها : خبر يزيد بن حمّاد المروي، عن «رجال الكشّي»، عن أبي الحسن(ع)، قال: «قلت له: أُصلِّي خلف مَن لا أعرف؟ قال: لا تصلِّ إِلاَّ خلف من تثق بدينه» .

 

وغير ذلک ممّا يدلّ على لزوم حصول الاطمئنان والوثوق بكونه عادلاً، هذا هو الأمر الأوّل من الأمور الأربعة.

 


[1] الوسائل، الباب12 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 1.
[2] الوسائل، الباب41 من أبواب الشهادات، الحديث 1؛ تهذيب الأحكام: ج6 / 241 ح1باب البيّنات.
[3] و (2) الوسائل، الباب41 من أبواب الشهادات، الحديث 2 و 3.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo