< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

1400/03/09

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: فروعٌ حول إمامة بعض الطبقات لبعض

 

أقول: لا إشكال في عدم الجواز في بعض الموارد، لوجود النصّ بذلک، أو فتوى المشهور عليه، مثل ما ورد في ائتمام القائم بالقاعد، حيث إنّه لا يجوز، كما أنّه في بعض الموارد ورد الدليل على الجواز، مثل إمامة المتيمّم للمتطهِّر، وفي ذي الجبائر بفاقدها، بل قيل بإمامة المسلوس بالصحيح، والمستحاضة بالطاهرة التي ورد في حقّهم نصّاً بالجواز، فهو المتّبع.

إنَّما الكلام يأتي فيما إذا لم يكن كذلک، أي إذا فقد الدليل على الإثبات أو النفي، ولم يرد في النصوص ما يدلّ بنحو الكلّيّة على عدم جواز ائتمام الكامل في أركان الصلاة بالناقص فيها، فضلاً عن مثل الشرائط الخارجة والداخلة أو الأفعال غير الأركان.

فحينئذٍ يأتي الكلام، بأنَّ الأصل والقاعدة الأوّليّة يقتضي جواز الائتمام في الفرض المزبور أم لا؟

أقول: يظهر من بعضٍ، ومنهم صاحب «الجواهر» الحكم بالجواز، حيث قال : (المدار على الصحّة في حقّ الإمام، إِلاَّ ما خرج بالدليل كالقاعد ونحوه).

ولكنّ الحَقّ والإنصاف يدلّان على أنّ إثبات الجواز في جميع الموارد لا يخلو عن تأمّل، وإن كان يمكن المساعدة في بعض الموارد، إذا لم يزاحم مع دليل آخر في المورد.

ومن جملة تلک الموارد: والَّذي يشير إليه صاحب «الجواهر»؛ بقوله: (لم يبعد في النظر جواز ائتمام المجتهد أو مقلّده بآخر، أو مقلّده المخالف له في الفروع، مع استعمال محلّ الخلاف في الصلاة، كما لو تستّر الإمام بسنجابٍ أو نحوه ممّا يرى المأموم عدم جوازه، أو كفّر في الصلاة، أو فعلَ غير ذلک، أو تركه؛ لصحّة صلاة الإمام في حقّه عند المأموم)، أي وإن كان الإمام بحسب الاعتقاد قد خالفَ المأموم من تجويز لبس السنجاب أو التكفير، إِلاَّ أنّه من حيث العمل أيضاً يكون خالف المأموم، ولكن يجزيه عمله العبادي، (ولذا يجتزئ بعبادته لو كانت تحمليّة عنه مثلاً) كالقراءة، (بل يجرى عليها جميع أحكام الصحيحة، من إسقاط الإعادة والقضاء، وحرمة الإبطال، وغيرهما.

بل ينبغي القطع بذلک بناءً على واقعيّة الحكم الحاصل بالظّن الاجتهادي ثانياً، وأنّه من انقلاب التكليف، كالتقيّة والتيمّم عند الاضطرار، لا عذريّته، وأنّ المكلّف به الحكم الأوّلي، وأنّ جهة الحسن والقبح والمطلوبيّة والمبغوضيّة جارية عليه، وأنّه مراعاة لمصلحته المترتّبة عليه، سوّغ الشارع العمل بالظنّ لاحتمال مصادفته، فإنْ أصاب فعشر حسنات، وإِلاَّ فهو معذورٌ وله حسنة، وأنْ كان هذا هو التحقيق عندنا)[1] . انتهى محلّ الحاجة.

 

أقول: ولقد أجادَ فيما أفاد في هذه الصورة، أي فيما يخالف في العمل، لوضوح أَنَّ ظنّ المأموم فساد الصلاة بمنزلة عدمه، لعدم حجّيّة هذا الظنّ للظّان نفسه في حقّ الغير، الَّذي لم يكن من مقلِّديه، فلا يمنعه حينئذٍ من الحكم بصحّة صلاة الإمام في حقّه ظنّه فسادها، وليس الائتمام بها أن يصيّر ما صلّاه له، كي يعتبر فيها ظنّه، بل هي صلاة بعد صلاة الإمام يراعى فيها تكليف نفسه، ويكفي في جواز الائتمام إحراز ما يعتبر فيها عنده، لتناول إطلاق الأدلّة لها، لصدق اسم الصلاة حينئذٍ عليها كما لا يخفى.

أقول: لكن قد استدرک صاحب «الجواهر» عن هذه الصورة بقوله: (نعم، لو فرض كون المأموم ممّن قطع بفساد الصلاة للإمام، لتحصيله الإجماع مثلاً على فساد الصلاة بالسنجاب، اتّجه عدم جواز الائتمام، لعدم كونها حينئذٍ صلاة، وإن كان صاحبها معذوراً عنده، فهذه الصلاة في الحقيقة تكون كصلاة الإمام بغير وضوءٍ، مع علم المأموم به دونه، بخلافه على الطريقة الأُولى، لأنّه وإن كان هو عالماً بعدم الصلاة في السنجاب، لكنّه مع ذلک عالمٌ بأنَّ الإمام فرضه الصلاة فيه،إذا لم يحصل له هذا العلم، وكان قد حصل له الظنّ، وكان ظنّه حجّة له)[2] .

 

أقول: هذا كلّه كان على فرض تبديل الحكم من جهة ظنّ المجتهد لنفسه، أو الذى كان يقلدّه، فيكون حكمه الواقعي الثانوي له هو ما وصل اليه ظنّه.

ثُمّ إنّه قد أضاف في «الجواهر» بعده بقوله: (بل قد يقال بالصحّة فيه، بناءً على العذريّة أيضاً، لإمكان إلغاء هذا القطع بالنسبة إلى حقّ الغير، بعد فرض عدم تقصيره، فيكون كالظّن، ولعلّه يؤيّده السيرة والإطلاق، وإن كان فيه ما فيه) .

لوضوح أَنَّ الأحكام العذريّة حجّة لصاحب العذر لا لغيره، كما في المقام، كما هو واضح.

 


[1] الجواهر: ج13 / 3(ص)4.
[2] و (2) الجواهر: ج13 / 3(ص)5.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo