< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

1400/03/03

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: وأن يؤمّ الأعرابي بالمهاجرين

 

قوله 1: وأن يؤمّ الأعرابي بالمهاجرين (1).

(1) ومن جملة المكروهات في الإمامة، إمامة الأعرابي للمهاجرين.

البحث في هذا الفرع في جهتين :

الجهة الأولى: فى تعريف كلمتى (المهاجر) و(الأعراني).

فنقول: المراد بالمهاجرين على ما فسّره في «الرياض»، ونسبه إلى تصريح جملةٍ منهم بذلک؛ هم سُكّان الأمصار، المتمكّنين من تحصيل شرائط الإمامة، ومعرفة الأحكام. وبالأعرابي المنسوب إلى الأعراب الذين هم سُكّان البادية.

الجهة الثانية: في الدليل على هذا الحكم.

نقول: فيه قولان :

الأوّل: القول بالكراهة، هو المشهور بين المتأخِّرين، بل في «الرياض» إجماعهم عليه، بل قيل قد يظهر من «المنتهى» الإجماع عليه؛ للنهي عن ولايتهم قبل أن يهاجروا في الكتاب العزيز، وعن الائتمام في الأخبار السابقة التي فيها الصحاح وغير غيرها، مع عبارات مختلفة نقلها صاحب «الجواهر»، ولكن على كلّ حال محمول على الكراهة، لقصور ما تضمّنته تلک الأخبار عن معارضة إطلاقات الجماعة وعموماتها، كقوله(ع): «صلِّ خلف مَن تثق بدينه». ونحوه مسنداً في البعض ودلالةً في الجميع، لاحتمال إرادة خصوص غير الجامع لشرائط العدالة منه؛ إمّا لوجوب الهجرة عليه لتعرّبه بعدها، أو لغير ذلک كما هو الغالب في ذلک الزمان، وغيره المنساق إلى الذهن من الإطلاق هنا، خصوصاً بعد ذمّ اللّه تعالى لهم في كتابه المجيد «في قوله تعالى: ﴿وَمِنَ آلاَْعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ آلدَّوَآلـِرَ عَلَيْهِمْ دَآلـِرَةُ آلسَّوْءِ وَآللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾[1] .

هذا تمام الكلام بالنسبة إلى المتأخِّرين.

الثاني: هو عن ظاهر جماعةٍ من القدماء القول بالمنع، بل في «الرياض» نسبته إلى أكثرهم، ونقل عن الشيخ في «الخلاف» دعوى الإجماع عليه، ثمّ قال: (بل لا خلاف أجده بينهم صريحاً إِلاَّ من الحلّي، فأفتى بالكراهة وتبعه الماتن والمتأخِّرون قاطبةً). انتهى كلام صاحب «رياض المسائل»[2] .

 

واستدلّ للمنع بالنهي الوارد في جملةٍ من الأخبار المتقدِّمة في المباحث السابقة ولكن بعبارات مختلفة.

ففي بعضها إطلاق (الأعرابي)، كخبرَي أبي بصير وعبداللّه بن طلحة النهدي.

وفي بعضها تقييده بقوله: (حتّى يهاجر)، كما في صحيحة محمّد بن مسلم. وفي صحيحة زرارة أو حسنته.

وفي بعضها: (الأعرابي لا يؤمّ المهاجرين). وفي رواية الأصبغ: (والأعرابي بعد الهجرة).

وقال المحقّق الهمداني في «المصباح»: (والمراد من الخبر الأخير بحسب الظاهر هو التعرّب بعد الهجرة، الَّذي عدّوه من الكبائر الموجبة للفسق، فهذه الرواية أجنبيّة عن المدّعى، بل الظاهر أَنَّ المراد به في الصحيحة التي قيّد فيها بقوله: (حتّى يهاجر)، إرادة الأعرابي الَّذي يجب عليه الهجرة إلى دار الإسلام ويفسق بتركها، لا مطلق ساكن البادية، وإن كان جامعاً لشرائط الإمامة). انتهى محلّ الحاجة[3] .

 

ولقد أجاد فيما أفاد بالنسبة إلى هذه الرواية.

وأمّا فيما عدا ذلک من الأخبار الناهية عن إمامته مطلقاً، فلا يبعد دعوى انصرافه إلى ما هو الغالب فيهم من عدم جامعيّتهم لشرائط الإمامة، ولو من باب القصور لا التقصير الموجب للفسق، كعدم إتقانهم للقراءة ونحوها، فيكون النّهي حينئذٍ محمولاً على الكراهة تمشياً مع الحكمة التى نستفيدها منها.

كما يؤيّد المطلب والمدّعى الرواية المرويّة في «قُرب الإسناد» مسنداً إلى أبي البختري، عن جعفرٍ، عن أبيه 8: «أَنَّ عليّاً(ع) كره أن يؤمّ الأعرابي، لجفائه عن الوضوء والصلاة» . حيث يفهم منه أَنَّ الحكمة في ترک إمامته إنّما لأجل

جفاء الأعرابي بالنسبة الى الوضوء والصلاة، حيث إنّه من أهل البادية، وغير عارف بالأحكام المرتبطة بالوضوء والصلاة غالباً، لبُعدهم عن أهل العلم والفقهاء، الموجب لترک كثيرٍ من آداب الوضوء والصلاة، فالخبر تتحدّث عن واقع خارجي يعيشه البدوي، ولا علاقة له بقضيّة فسقه لأجل تقصيره في ترک الهجرة، حتّى يوجب النّهي عنه الحرمة والملازمة للفسق، وعدم جواز الائتمام به.

بل قد يؤيّد الكراهة في ذلک، وجود جملة: (لا ينبغي أن يؤمّ الناس) وذكر جماعةً، ومن وجعل من جملتهم الأعرابي، فهذا الخبر رغم أنّه مشتملٌ على ذكر بعض الاشخاص الذي لا يبعد كون النّهي بالنسبة اليهم يعدّ نهياً تحريميّاً، ولو بواسطة قرائن خارجيّة، ولم نقل بلزوم مراعاة وحدة السياق، بل نقول بأنّ النّهي بالنسبة إلى الأفراد المذكورة في الرواية، مستعملٌ في الجامع من الحرمة والكراهة، فحينئذٍ يكون الحكم في موردنا هو الكراهة، كما عليه المتأخِّرين، هذا بشرط أن أن لا يجعل الجفاء الواقع في التعليل، جفاءاً في الإخلال بالواجبات، الموجب لرفع الكراهة حينئذٍ، بل يصير حراماً.

نعم، ينتج على هذا الفرض، أنّه على فرض كون الإمام جامعاً لشرائط الإمامة، بإسباغه في الوضوء، ومراعاته لوازم الصلاة، لابدّ وأن لا يكون مكروهاً فضلاً عن كونه حراماً.

وبالجملة: الأخبار الواردة في قضيّة الأعرابي والمانعة عن امامته، الَّذي كان مورد قبول المتقدّمين، هو الأقرب، خصوصاً لو قلنا بأنّ المراد من الأعرابي هو الَّذي ترک الهجرة متعمّداً، فالأمر أوضح، فالقول بعدم جواز إمامته، لو لم يكن أقوى هو الأحوط كما لا يخفى.

ثمّ قال صاحب «الجواهر»: (لكن ظاهر الفتاوى، وبعض النصوص (سواء قلنا بالكراهة أو بالحرمة) اختصاص ذلک في الإمامة بالمهاجر، أمّا بمماثله فلا، ولعلّه كذلک وإن كانت الكراهة ممّا يتسامح فيها)[4] .

قلنا: تعميم ذلک بحيث يشمل صورة الحرمة، لا يخلو عن تأمّل، من جهة أَنَّ الموضوع مختلفٌ، فيجوز الحكم عليه بالجواز من ناحية عدم وجود ما يدلّ عليه، كما يمكن ذلك من خلال التوسل بأصل البراءة، لأنّه شکّ في التكليف، فليتأمّل.

 


[1] الوسائل، الباب14 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث (ص).
[2] الجواهر: ج13 / 38(ص).
[3] و (2) الوسائل، الباب17 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 6 و 5.
[4] ـ (4) الوسائل، الباب17 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 1 ـ 4.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo