< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

1400/01/16

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: والمحدود بعد توبته

 

قوله 1: والمحدود بعد توبته (1).

(1) واعلم أَنَّ قيد (بعد توبته) إنّما هو لإخراج صورة قبل توبته، لأنّه حينئذٍ يعدّ فاسقاً، لأنّ الحَدّ لا يقلب الفاسق عادلاً، وإن ورد بأنّه مكفِّرٌ للذنوب، كما نقل روايته البيهقي في سننه[1] . وأمّا بعد التوبة، ففيه قولان :

 

القول الأول: وهو المشهور بين المتأخِّرين، على ما ادّعاه صاحب «الجواهر» هو الكراهة، ولكن ظاهر جماعة من القدماء كصريح بعض متأخِّرين المتأخِّري المنع، لما ورد النّهي في روايتين صحيحتين :

الأولى: صحيحة محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(ع)، حيثُ عدّ المحدود فيمَن لا يؤمّ الناس[2] .

 

الثانية: صحيحة زرارة[3] ، وهى مماثلة للأولى في المنع.

وأيضاً : يدلّ على المنع خبر عبد اللّه بن طلحة الهندي، عن الصادق(ع)، قال : «لا يؤمّ الناس المحدود، وولد الزنا، والأغلف، والأعرابي، والمجنون، والأبرص، والعبد»[4] .

 

وأيضاً: رواية الأصبغ بن نُباتة، قال: «سمعت أمير المؤمنين7 يقول: ستّةٌ لا ينبغي أن يؤمّوا الناس: ولد الزنا، والمرتدّ، والأعرابي بعد الهجرة، وشارب الخمر، والمحدود، والأغلف» الحديث[5] . هذه هي أدلّة القائلين بالمنع.

 

القول الثاني : وهو قول المشهور من القول بالكراهة، تمسّكاً بالأصل، ولعلّ المراد منه أصل بالبراءة ـ لولا الأخبار عند الشکّ في الحرمة، وعموم قوله: «يؤمّكم أقرأكُم»[6] ، ومفهوم بعض الأخبار الواردة بأنَّ خمسة لا يؤمّون، وليس منهم

المحدود، وأولويّته من الكافر إذا أسلَم، حيث قد أجازوا إمامته، مضافاً إلى عمومات أدلّة الجماعة، المعتضدة بمثل هذه المؤيّدات الموجب لحمل النّهي على الكراهة.

وقد أُجيب عن ذلک: بما لا يبعد عن القبول :

أمّا الأصل والعموم، فمدفوعان في الأصل بالأخبار الدالّة على المنع، ولا يعارضه الأصل.

وأمّا الثاني فمخصّصٌ بواسطة الأخبار الدالّة على المنع.

وأمّا عن الخمسة التي لم يُذكر فيها المحدود، فقد أُخذ بمفهومه بأنّها عدويٌ، وهذا لا حجّيّة فيه.

والأولويّة من الكافر ممنوعة، سيّما مع أَنَّهُم لا يقولون بها، فإنّهم بحسب الظاهر لا يقولون بالكراهة في الكافر، ويلتزمون بها في المحدود، وهو منافٍ لهذا الدليل.

نعم، قد يقال في ترجيح القول بالكراهة ـ تأييداً لقول المشهور ـ بأنَّ النسبة بين ما دلّ على المنع، وبين ما دلّ على جواز الصلاة خلف كلّ من يثق الانسان بدينه؛ هو العموم من وجه، ولا ريب أَنَّ الرجحان في جانب أدلّة الجواز، فيقيّد النّهي بما إذا لم يكن عدلاً.

ولكن بناءً على هذا، يكون مستند الكراهة احتمال إرادة العدل حينئذٍ من ذلک النّهي، ومثله كافٍ في إثباتها دون الحرمة.

أقول: ولكنّ الإنصاف أَنَّ النفس لم تطمئن بمثل هذه المناسبات التي ذكروها، في مقابل النصوص الدالّة على المنع، لا سيّما بمثل وحدة السِّياق مع المجذوم والمبروص في لسان الأخبار، والحمل على الكراهة فيهما ونحو ذلک.

وبالجملة: نتيجة البحث هو أَنَّ مقتضى الجمود على ما يترائى من النّهي، وذهاب قدماء الأصحاب على المنع، هو عدم الجواز، فإنْ لم يكن هذا العدم أقوى، كان هو الأحوط، كما لا يخفى.

ثمّ إنّ الظاهر من المتن وغيره كالنصّ اختصاص الكراهة بالإمامة دون الائتمام به؛ يعني بأن يقتدى بالمحدود بعد توبته، كما هو مختار صاحب «مجمع الفائدة والبرهان»، وقال صاحب «الجواهر» بعده: (وإن كان لا يُستبعد مع ذلک كون المأموميّة أيضاً كذلک) أي مكروهاً وهو مختاره، حيث قال بعده: (وهو في محلّه، بل يمكن دعوى انسباق ذلک إلى الذهن من النص والفتوى، فتأمّل). انتهى كلامه. ولعلّ وجهه احتمال كون ذكر الإمامة طريقاً وإرشاداً إلى بيان أنّ نفس اقامة الجماعة لمثله، سواءٌ كان إماماً أو مأموماً يعدّ أمراً مكروهاً، لعظمة مرتبة منصب الإمامة عند الشارع والمتشرّعة.

 


[1] بحار الأنوار: ج88 ص75 / 32 نقلاً عن كتاب جعفر بن محمّد بن شريح.
[2] الوسائل، الباب14 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 6.
[3] الفقيه: ج1 / 285 ح880، وسائل الشيعة: الباب16 من أبواب الأذان والإقامة، ح3.
[4] الجواهر: ج13 / 385.
[5] الجواهر: ج13 / 385.
[6] الوسائل، الباب14 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 6.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo