< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

98/01/25

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: في حكم مَن رفع رأسه عن الركوع عمداً

 

قوله 1: فلو رفع المأموم رأسه عامداً استمرّ (1).في حكم مَن رفع رأسه عن الركوع عمداً

(1) وجوب الاستمرار في الصلاة لِمَن رفع رأسه قبل الإمام عامداً، عليه اتفاق المشهور نقلاً وتحصيلاً، كما هو ظاهر من مراجعة كلمات الأعلام في كُتبهم كالمبسوط و«السرائر» و«النافع» و«المنتهى» و«التحرير» و«الذكرى» و«الدروس» و«البيان» و«حاشية الإرشاد» للمحقّق الثاني، بل عن سائر كتبه وكتب الشهيدين، و«النهاية» و«إيضاح النافع» و«الميسيّة» وغيرها، بل في «المدارک»: (أنّه مذهب الأصحاب لا أعلم فيه خلافاً)، وفي «الجواهر» قال: (ولعلّه كذلک، إذ لا أجد فيه خلافاً صريحاً معتدّاً به، سوى ما يُحكى عن مقنعة المفيد، حيث قال: من صلّى مع إمام يأتمّ به، فرفع رأسه قبل الإمام، فليعد إلى الركوع حتّى يرفع رأسه معه، وكذلک إذا رفع رأسه من السجود ليكون ارتفاعه عنه مع الإمام).

فإنَّ إطلاق كلامه يشمل العمد والسهو؛ ففي العمد يصير مخالفاً للمشهور.

ولكن المشكلة في صحّة أصل الانتساب، لما ورد في «مفتاح الكرامة» أنّه قال: (ليس له فيما عندنا من نسخ «المقنعة» عينٌ ولا أثر)، ولعلّهم توهّموا ذلک ممّا أصله في «التهذيب»، فظنّوا أَنَّ ذلک كلام المفيد، وليس كذلک قطعاً، وإنَّما هو من كلام الشيخ الطوسي وليس المفيد رحمهما اللّه تعالى.

أقول : لعلّ أوّل من خالف المشهور ـ على ما في «الجواهر» ـ هو صاحب «المدارک»، ثمّ تابعه على ذلک المحقّق الخراساني في «الكفاية»، والمحدِّث الكاشاني في «المفاتيح»»، والمحدِّث البحراني في «الحدائق»، حيث التزم بعضهم بوجوب الرجوع، والبعض الآخر بالجواز، أخذاً بإطلاق بعض الأخبار الدالّة على ذلک، فلا بأس حينئذٍ بالرجوع إلى الأخبار التي تمسّكوا بها للحكم بوجوب الرجوع أو جوازه في المسألة، ونبحث عن مدى دلالتها، وهل يصحّ الاعتماد عليها على مدّعاهم أم لا؟

منها: أي من الأخبار التي تمسّكوا بها الخبر الذى رواه الشيخ في الموثّق، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، قال: «كتبتُ إلى أبي الحسن الرّضا(ع): في الرّجل كان خلف إمامٍ يأتمّ به، فيركع قبل أن يركع الإمام، وهو يظنّ أنّ الإمام قد ركع، فلمّا رآه لم يركع رفع رأسه، ثمّ أعاد الركوع مع الإمام، أيفسد ذلک عليه صلاته، أم تجوز تلک الرّكعة؟ فكتب(ع): تتمّ صلاته، ولا تفسد صلاته بما صَنَع»[1] .

حيث إنّهم قد حملوا هذه الرواية على أنّ ركوعه كان عن عمد، مع ذلک قد حكم الإمام بصحّة الصلاة والجماعة مع العود إلى الركوع، والحال أَنَّ ظاهر الرواية يدلّ على أنّ ركوعه كان لأجل توهّم أَنَّ الإمام قد ركع، فركع غير عامدٍ فى ركوعه، بل عالم به.

ومنها : خبر محمّد بن سهل الأشعري، عن أبيه، عن أبي الحسن(ع)، قال: «سألته عمّن ركع مع إمام يقتدى به، ثمّ رفع رأسه قبل الإمام؟ قال: يعيد ركوعه معه»[2] .

 

ومنها : خبر علي بن يقطين، قال: «سألت أبا الحسن(ع) عن الرجل يركع مع إمام يقتدى به، ثمّ يرفع رأسه قبل الإمام؟ قال: يعيد ركوعه معه»[3] .

ومنها : صحيحة الفضيل بن يسّار: «سألَ أبا عبداللّه(ع) عن رجلٍ صَلّى مع إمام يأتمّ به، ثمّ رفع رأسه من السّجود قبل أن يرفع الإمام رأسه من السّجود؟ قال(ع) : فليسجد»[4] .

وهذه هي جملة من الأخبار التي تمسّكوا بإطلاقها على وجوب الرجوع الى ما عليه الامام من الركوع أو السجود، دون أن تبطل هذه الزيادة صلاته، ومستندهم هو ترک استفصال الامام، حيث لم يستفصل في أَنَّ رفع رأسه كان عمدياً أو سهوياً نتيجة ظنه برفع الإمام رأسه، مع أَنَّ الظاهر من هذه الأخبار ـ كما أشار إليها صاحب «مصباح الفقيه» بأنَّ جري الإطلاق مجرى الغالب من عدم رفع المأموم رأسه قبل الإمام عمداً، بل خطأً بزعم أنّه رفع رأسه، لو لم يكن موجباً لانصراف الإطلاق إليه، فلا أقلّ من كونه مانعاً عن ظهوره في إرادة العمد، ولذا لم يفهم الأصحاب منه ذلک، بل ربّما يظهر عن بعض دعوى الإجماع على عدم وجوب الرجوع مع العمد، خصوصاً أنّه قد يؤيّد ذلک بعدم نقل خلاف محقّق فيه عن أحدٍ من المتقدِّمين، الّذين يعتدّ بخلافهم، إذ أنّ هذه الأخبار خرجت من أيديهم، وهم كانوا أعرف من غيرهم بها، لقُرب عصرهم الى الأئمّة :، وهم لم يفهموا من هذه الأخبار إِلاَّ صورة السهو، أو الظنّ برفع الامام رأسه، حتّى لايستلزم رفعه ثُمّ الرجوع إلى الركوع لأجل المتابعة زيادة الركن إِلاَّ بالتبع. بخلاف ما لو كان عن عمدٍ، حيث يوجب مع العمد زيادة الركن من دون المتابعة، سواء تحقّق الرجوع عن عمد أو عن سهو، بعد ما كان معتمداً في رفع رأسه، وهذه الأخبار منصرفة عن تلک الصورة كما لا يخفى، لا سيّما مع ملاحظة تعارف عدم تعمّد السبق وقصده في الجماعة، خصوصاً بعد حرمته شرعاً، فيبعد صدوره عن المتشرِّع المسلم، كما لا يخفى.

كما قد يؤيّد عدم جواز الرجوع فيما لو كان المأموم متعمداً في فعله، ماورد في موثّق غياث بن إبراهيم، قال: «سُئل أبو عبداللّه(ع): الرّجل يرفع رأسه من الركوع قبل الإمام، أيعود فيركع إذا أبطأ الإمام، ويرفع رأسه معه؟ قال(ع): لا»[5] .

 

حيث إنّ الشيخ وغيره حملوا فعل المأموم على مَن تعمّد ذلک.

بل ادّعى صاحب «الجواهر» ظهوره هذا الخبر في التعمّد، لكن لا لأجل ظهور جملة (يرفع) فيه بالقصد، إذ هو كالأفعال في الأخبار السابقة، المحمولة عند الأصحاب على السهو والقصد الأعمّ من العمد المراد منه هنا قصد سبق الإمام بذلک، لا مطلق القصد إلى الرفع الَّذي يمكن مجامعته للسهو من الجماعة ونحوه.

بل لإيماء قوله فيه: «أبطأ الإمام» إلى أنّ رفعه لرأسه كان لتخيّله قُرب لحوق الإمام به، وإلى أنّه لم يمكث مع الإمام زماناً معتدّاً به، ولذا أبطأ عليه.

ولغير ذلک، ولا أقلّ من أن تكون شهرة الأصحاب أو اتّفاقهم شاهداً على الجمع المذكور، أي بأن تُحمل تلک الأخبار الكثيرة على صورة السهو، وهذه الرواية الموثّقة على صورة العمد، خصوصاً مع ملاحظة أَنَّ الجمع مهما أمكن أَوْلى من الطرح، كما لا يخفى على المتأمِّل حقّ التأمّل.

 


[1] الوسائل، الباب48 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 1؛ تهذيب الأحكام : ج3 / 48ح77.
[2] الوسائل، ج5 الباب48 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 6.
[3] الجواهر، ج13 / 207.
[4] مصباح الفقيه، ج16 / 162.
[5] الوسائل، الباب48 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 4.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo