< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

98/01/19

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: ما يقال في صلاة الجماعة في الحالات الثلاث

 

بل فحوى عدم وجوب الإسماع على الإمام، مع أنّه لو كان التتابع واجباً لكان ينبغي أن يذكر الإمام الإسماع، وعدم وجوب الإستماع للمأموم رابعاً، بل وفحوى عدم وجوب قراءته خصوص ما يفعله الإمام في الركعتين الأخيرتين خامساً، بل وحتّى في ذكر الركوع والسجود وغيرهما حتّى القنوت، بل قد يوجب إلزامهما على العسر والمشقّة، وتأديته إلى فوات الاقتداء في بعض الأحوال سادساً. ولا يخفى عليک أَنَّ بعض هذه الأُمور ليس دليلاً مستقلّاً في المسألة، لكنّها تعدّ مؤيّدات لإثبات عدم وجوب المتابعة، كما أنّه يعدّ من هذا القبيل ما جاء في نصّ رواية زرارة، قال :

«قلتُ لأبي عبداللّه(ع): أكون مع الإمام، فأفرغ من القراءة قبل أن يفرغ الإمام؟ قال: أبقِ آية ومجِّد اللّه، واثن عليه، فإذا فرغ فاقرأ الآية واركع»[1] .

 

حيث لم يذمّ الامام المأموم على تقديمه على الإمام في القراءة بل أمره بالصبر حتى يلتحق به.

بل ربّما يستفاد تجويزه؛ لأنّه لو كانت المتابعة واجبة، كان من الضروري على الامام أن يذكره به في هذه الموارد.

وعليه، فإثبات الوجوب في غاية الإشكال، بل الشواهد والقرائن على خلاف ذلک تكون أزيد ممّا ذكر، كما لا يخفى.

وممّا يتفرّع على هذا المبحث من وجوب المتابعة وعدمه، هو التسليم في الجماعة، حيث إنّه إذا لم نقل بوجوب المتابعة في الأقوال، كما عرفت، يظهر حكم جواز الخروج عن الجماعة قبل خروج الإمام، سواءٌ كان بعذرٍ أو بغيره، وسواءٌ قصد الانفراد أم لم يقصد، خلافاً لعدّة من الفقهاء حيث إنّهم حكموا بعدم جواز السبق في التسليم إِلاَّ لعذرٍ، وإن قيل بالجواز في غير التسليم، أو إذا قصد المأموم الانفراد قبله.

والظاهر أَنَّ ما جاء في صحيح الحلبي، عن الصادق(ع): «في الرّجل يكون خلف الإمام، فيُطيل الإمام التشهّد؟ فقال(ع): يُسلِّم مَنْ خلفه ويَمضي لحاجته إنْ أحبّ» . غير مرتبط بوجوب المتابعة المبحوث عنه؛ لوضوح أنّه لا ظهور فيه بحصول عذرٍ يقضي بجواز ترک الواجب، بل جملة: (إن أحبّ) تدلّ على خلاف ذلک، كما لا يخفى. كما أنّه لا ظهور فيه بوجوب قصد الانفراد قبل سبقه.

وهناک رواية أخرى عمل بمضمونها الاصحاب، كما في «روض الجنان»[2] ،

وهي صحيح أبي المعزا، عن الصادق(ع): «في الرّجل يُصلّي خلف إمامٍ، فيسلِّم قبل الإمام؟ قال :(ع): ليس بذلک بأس»[3] . حيث تدلّ على عدم وجوب المتابعة،

وإِلاَّ كان يلزمه أن يذكره أو يذمّه ويلومه على فعله.

وكذا صحيحه الآخر، قال: «سألت أبا عبداللّه(ع) عن الرجل يكون خلف الإمام فيسهو، فيسلّم قبل أن يسلِّم الإمام؟ قال: لا بأس»[4] .

فإنَّ المتابعة لو كانت واجبة، لكان الواجب عليه تكرار السلام مع الإمام، كالأفعال مثل الركوع والسجود حيث لم يذكر الامام لزوم تكرارها، بل قال: (لا بأس)، حيث يستفاد منه عدم وجوب المتابعة في التسليم، سواء كان عن عذرٍ أو عن غيره، وسواء قصد الانفراد قبل سبقه، أم لم يقصد، وهو المطلوب.

قال صاحب «الجواهر»: (إنَّ من هذه الأخبار يستفاد قوّة القول بعدم وجوب المتابعة في بقيّة الأقوال، زيادة على ما سمعت، ضرورة مساواتها للتسليم، أو أولويّة التسليم عليها، بل في «الروض» لا قائل بالفرق بينه وبينها). انتهى ملخّص كلامه بتقريرٍ منّا، هذا.

أقول : لا يخفى أَنَّ ما قرّره صاحب «الجواهر» في الروايات التي تمسّک بها في عدم وجوب المتابعة في التسليم متينٌ، لكن رغم متانته ناقشه فيه المحقّق الهمداني في «مصباح الفقيه» بما لا يخلو عن مسامحة؛ حيث إنّه اعتبر السهو الواقع في الخبر الثاني لأبي المعزا في قوله: (فيسهو فيُسلّم قبل أن يسلّم الإمام)، غفلته عمّا هو واجبه من متابعة الإمام بتأخير التسليم إلى أن يُسلِّم الإمام، لا صدور أصل السلام سهواً، بحيث لا يعتدّ به في مقام جزئيّته لصلاته من حيث هي... إلى آخره.

مع أنّه من الواضح أَنَّ إطلاق لفظ (السهو) في موارد استعماله، يُراد منه السهو في الفعل والعمل، لا في الغفلة عمّا هو وواجبه كما قال به. فحينئذٍ ينقلب الاستدلال إلى صحّة دعوى صاحب «الجواهر» من عدم وجوب المتابعة في لزوم إعادة السلام مع الإمام، كما لا يخفى على المتأمِّل.

وأيضاً: ناقش المناقشة ممنوعة، في الخبر الصحيح الأوّل بقوله إنّ مفاده أَنَّ له أن ينفرد بالتسليم، ويمضي لحاجته إن أحبّ، ولا معنى لنيّة الانفراد إِلاَّ اختياره عن قصد وإرادة، كما هو لازم من يتعمّد التقدّم على الإمام بالتسليم.

ولكن لأنّ الكلام في أَنَّ تجويزه على ذلک يدلّ على جواز قصد انفراده بارادته لا بأن يكون قد سبقه قبل ذلک، حيث إنّ المتابعة لو كانت واجبة، لكان من الواجب ابلاغه بذلک كما لا يخفى.

وكيف كان، فما ذكره صاحب «الجواهر» في ذيل هذا الخبر لا يخلو عن جودة، واللّه العالم. في بيان كون وجوب المتابعة تعبّدي لا شرطي

موضوع: جنس وجوب متابعة المأموم للامام

 

يقع البحث عن أَنَّ وجوب متابعة المأموم للامام هل هو تعبّديٌ محض أو شرطٌ لصحّة الصلاة، أو شرط لإبقاء أحكام الجماعة؟ وجوه :

الأوّل هو الأقوى، بل هو المشهور بين الأصحاب، على ما في «الجواهر» نقلاً وتحصيلاً، بل عليه عامّة المُتأَخِّرين، كما اعترف به في «الذكرى»، بل عن «إيضاح النافع» و«النجيبيّة» و«المدارک» نسبته إلى الأصحاب، مشعراً بدعوى الإجماع عليه، كظاهر «التذكرة» و«نهاية الأحكام» و«مجمع البرهان» و«إرشاد الجعفريّة» وغيرها، وقد أمضاه صاحب «الجواهر» بقوله: (ولعلّه كذلک، لاتّفاق ما وصل إلينا من فتاوى أساطين الأصحاب عليه، من غير خلاف أجده فيه بينهم، وإن حكاه بعضهم عن ظاهر قول الصدوق: (لا صلاة له)، وظاهر قوله في «المبسوط»: (ومن فارق الإمام لغير عُذرٍ بطلت صلاته)، انتهى[5] .

 

أقول: الحقيقة أنّه بعد التأمّل في المسألة، نصل الى نتيجة مفادها أنّ اثبات شرطية الوجوب يحتاج الى دليل خاصٍ مثبتٍ لها، ولا دليل لنا على ذلک، وكلمات الأصحاب خال عن الدليل عليها، ولذلک اتّفق الأصحاب على كونه واجباً تعبّديّاً فقط لا شرطيّاً لصحّة الصلاة، ولا شرطيّاً لبقاء أحكام الجماعة.

يشاهد الاختلاف في كلمات بعض الأصحاب، مثل الصدوق، والشيخ في و«المبسوط»، ولكن قام صاحب «الجواهر» بتوجيه كلامهما بما يوجب خروجهما عن المخالفة، فلا بأس بذكر كلامه، حتّى يتّضح لها الحال، حيث قال بعد ذكر كلامهما :

(لكن فيه: أَنَّ الظاهر إرادة الأوّل (مقصوده هو الصدوق) فوات فضيلة الجماعة رأساً، على ما سمعته سابقاً منه، ومن الشهيد الثاني، كما يؤمي إليه ما ذكره في المقارنة بعده بلا فصل، قال على ما حكي عنه: إنّ من المأمومين من لا صلاة له، وهو الَّذي يسبق الإمام في ركوعه وسجوده ورفعه، ومنهم مَن له صلاة واحدة، وهو المقارن له في ذلک، ومنهم مَن له أربع وعشرون ركعة، وهو الَّذي يتبع الإمام في كلّ شيء، ويركع بعده ويسجد بعده، ويرفع منهما بعده، فتأمّل.

والثاني (مقصوده هو صاحب «المبسوط») المفارقة الانفراديّة لا ما نحن فيه، و إِلاَّ فالمحكي عن نسختين صحيحتين منه، أنّه قال «وينبغي أنْ لا يرفع رأسه من الركوع قبل الإمام، فإنْ رفع ناسياً عادَ إليه، ليكون رفعه مع رفع الإمام، وكذلک القول في السجود»، وإن فعل ذلک متعمّداً لم يجز له العود إليه أَصلاً، بل يقف حتّى يلحقه الإمام). انتهى محلّ الحاجة[6] .

 


[1] و (3) الوسائل، الباب64 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 4 و 2.
[2] الجواهر، ج13 / 210.
[3] الجواهر، ج13 / 211.
[4] الوسائل، الباب48 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 4؛ تهذيب الأحكام : ج3 / 277ح131 وص280 ح143.
[5] الوسائل، الباب48 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 6؛ تهذيب الأحكام : ج3 / 47ح76.
[6] الوسائل، الباب48 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 4؛ تهذيب الأحكام : ج3 / 277ح131 وص280 ح143.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo