< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

97/11/07

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: حكم القراءة في الصّلاة الجهريّة

 

وفي هذا السياق يجب القول إنَّ قضيّة المنع عن القراءة، لا يختصّ بخصوص القراءة بقصد الجزئيّة، بل ظاهر الإطلاق هو المنع عنها، حتّى لو كان قاصداً الذِّكر والدُّعاء حين الأداء والاتيان.

أقول: نعم، تبقى هنا مسألة أُخرى، وهي أَنَّ في الخبر الصحيح المرويّ عن ابن الحجّاج، قد جعل عِلّة ترک القراءة لزوم أن ينصت ليستمع لقراءة الإمام، حيث أمر الإمام المصلّي في هذه الحالة بالإنصات، وقال: (فإن سمعت فانصت). وظاهر الأمر الوجوب، أي يجب على المأموم استماع قراءة الإمام والإنصات اليها، والحال أنّه مخالفٌ لظاهر فتوى الأصحاب، فإنّهم ـ كما نبّه عليه شيخنا الأنصاري؛ ـ لم يتعرّضوا لحكم وجوب الاستماع عند قراءة الإمام في الجماعات، عدا ظاهر عبارة ابن حمزة في «الوسيلة»، حيث جعل من واجبات الاقتداء في صلاة الجماعة الإنصات لقراءة الإمام.

وفي المقابل ادّعى بعض الأصحاب ـ كصاحب «التنقيح» و«النجيبيّة» ـ الإجماع على استحباب الإنصات، ولعلّ الوجه في ذلک ما ذكرنا من أَنَّ المنع عن القراءة، أعمّ من أن يكون ساكتاً ويستمع القراءة، أو أن يكون ذاكراً بالدعاء والتسبيح، والأوّل هو الأفضل، لظهور الأمر بالإنصات في ذلک.

بل يمكن تأييد ما قلناه، من أنّ الإنصات لا يلازم السكوت وعدم قراءة شيٍ، حتّى مثل التسبيح، رواية أُخرى لزرارة وقد رويت بسندٍ صحيح عن أحدهما (عا)، قال: «إذا كنت خلف إمامٍ تأتمّ به فانصت وسبّح في نفسک» . حيث جمع

الامام(ع) بين الإنصات وبين قراءة التسبيح، ولعلّ مراده من ذلک بيان تجويز قراءة التسبيح، ولكن بصورة الإخفات، ومن دون رفع الصوت، وأنّ هذه الحالة تكون محبوبة. ووجه الهمداني في «مصباح الفقيه» ذلک بحمله على إرادة قراءة التسبيح بمثل حديث النفس الَّذي لا ينافيه صدق اسم السكوت والاستماع عليه، وإن استبعده بعد ذلک، وقال إنّه لا يخلو عن بُعد.

أقول: الحقّ ما ذهب اليه هذا الفقيه أخيراً من الاستبعاد، لوضوح أَنَّ جملة : (سبّح في نفسک) ظاهرة في الاشارة إلى بيان التسبيح باللّسان، لا بحديث النفس، وعلى ما ذكرنا يؤيّد هذه الرواية أَنَّ المراد من (الإنصات) في هذه الأخبار لم يكن بمعنى السكوت، وأن لا يقرأ شيئاً، فضلاً عن أن يكون الإنصات واجباً كما احتمله بعض الأصحاب.

ثمّ لابدّ من التنبيه الى أَنَّ في بعض الأخبار المشتملة على المنع عن القراءة، إطلاق أو عموم يشمل حتّى الصلاة الإخفاتيّة، ومنها الخبر الصحيح المرويّ عن الحلبي، عن أبي عبداللّه(ع)، أنّه قال :

«إذا صَلّيت خلف إمامٍ لا يُقتدى به، فاقرأ خلفه، سمعتَ قرائته أو لم تسمع. إِلاَّ أن تكون صلاةً يجهر فيها بالقراءة، ولم تسمع فاقرأ»[1] .

حيث قال صاحب «الجواهر»: (بأنَّ هذه بقرينة الاستثناء فيها كالنصّ في الإخفاتيّة، لأنّه جعل الجهريّة في قبال ما هو المذكور في الصدر، فيفهم كون النّهي عن القراءة في الصدر مرتبطاً بالصلاة الإخفاتيّة).

والحال أنّه قد عرفت آنفاً أنّ القراءة في الإخفاتيّة مكروهة، بواسطة ورود بعض الأخبار في تجويز القراءة :

منها : صحيح علي بن يقطين، بقوله: «إن قرأت فلا بأس، وإنْ سكتَ فلا بأس»[2] .

ومنها : خبر المرافقي، عنه(ع)، في حديثٍ: «وإن أحببت أن تقرأ فاقرأ فيما يخافت به»، الحديث[3] .

فلا سبيل لنا في مقام الجمع بين هذه وتلک الأخبار الناهية عن القراءة إلّا الحمل على الكراهة، مع أَنَّ الأعلام قد عرفت أنّهم حكموا فيها بالحرمة، فكيف يكون ذلک؟

قلنا: مقتضى الأخبار الناهية بعمومها أو بإطلاقها، هو المنع عن القراءة في كلّ من الجهريّة والإخفاتيّة والحكم فيهما بالحرمة، غاية الأمر بملاحظة وجود الأخبار الدالّة على الجواز في مثل الإخفاتيّة، نرفع اليد عن الحرمة فيها، ويبقى الباقي تحت أخبار المنع بصورة الحرمة، فتصير الأخبار المجوّزة مخصّصاً أو مقيّداً للأخبار الناهية، ولا تنافي بينها، فيوجب كون النّهي في تلک الأخبار مستعملاً في القدر المشترک بين الحرمة والكراهة، وموجباً للعمل بكلتا الطائفتين من الأخبار، واللّه العالم.

بقي هنا إشكال آخر: وهو وجود خبر يدلّ على جواز قراءة الدعاء والتعويذ، لِمَن كان خلف إمامٍ يجهر بالقراءة، وهي رواية أبي المَعزا حميد بن المُثنّى، قال :

«كنتُ عند أبي عبداللّه(ع) فسأله حفص الكلبي، فقال: إنّي أكون خَلف الإمام، وهو يجهر بالقراءة، فأدعو وأتعوّذ؟ قال(ع): نعم فادعُ»[4] .في بيان جواز الدُّعاء والتعويذ عند قراءة الإمام

 

حيث يعارض هذا الخبر مع ما دلّ على النّهي عن التكلّم بالقراءة وغيرها، ووجوب الإنصات في اثناء الصلاة، الواردة في أخبار متعدّدة، فكيف يكون الجمع بينها؟

قد يُقال: بحمل ذلک على ما قبل شروع الإمام في القراءة، أو على الجمع بين الاستماع والدعاء، أو على عدم سماع المأموم القراءة، هذا كما ذكره صاحب «الوسائل» في ذيل هذا الخبر.

وفيه: ما لا يخفى بالنسبة إلى الوجه الأوّل، حيث إنّ إطلاقه يشمل كلّاً من حالتي الشروع بالقراءة وعدمه.

ودعوى صرفه إلى صورة قبل الشروع، ممّا لا يمكن المساعدة عليه، إِلاَّ أن يرد دليلٌ يقتضي الجمع حمله على ما قبل الشروع، ولا يخفى بُعده.

كما أنّ الأمر كذلک بحمله على صورة عدم سماع المأموم القراءة؛ لأنَّ مورد السؤال ظاهر في كون الجهر بالقراءة مستلزمٌ لسماع المأموم القراءة.

 


[1] الوسائل، الباب32 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 2؛ الفقيه : ج1 / 407 ح120(ص).
[2] الوسائل، الباب18 من أبواب القراءة في الصلاة، الحديث 3.
[3] الوسائل، الباب31 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 10.
[4] مصباح الفقيه، 16 / (ص)0.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo