< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

97/10/11

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: موضع صلاة الإمام

 

وقد أُجيب عنه كما عن «مصباح الفقيه»: بأنَّ ذلک متّجهٌ لو جعل قوله: (أن لا يتخطّى) على الوجوب، وأمّا لو حمل على الاستحباب، بقرينة رواية صحيحة عبد اللّه بن سنان المشتملة على طَرَفَي الأقلّ والأكثر في التباعد، بأن يكون في الأقلّ مربض عنز، وفي الأكثر مربض فَرَس، حيث لا إشكال في كون طرف الأقلّ على الاستحباب، فيصير هذا قرينة على كون الأكثر كذلک، فيخرج هذا الخبر والصحيحة عن الاستدلال بها للوجوب، فلا يبقى حينئذٍ دليل على لزوم هذا الشرط إِلاَّ الإجماع، وهو دليل لبّيٌّ، ويجب الاقتصار فيه على القدر المتيقّن، وهو شرطيّته في الابتداء دون الاستدامة.

وفيه: أَنَّ الظاهر من لسان النصوص وظاهر الفتاوى، هو الشرطيّة مستمرّاً إلى آخر الصلاة، كما ترى ذلک في سائر الشرائط،

كعدم الحائل والعلوّ، كما أَنَّ الأصل الأوّلي والقاعدة أيضاً تقتضي ذلک، إِلاَّ أن يقوم دليلٌ على خلافه، ولعلّ الوجه في ذلک أَنَّ الارتكاز والعرف حاكمان بأنّ اجتماع المصلّين منوطٌ بما إذا لم يتحقّق التباعد بين صفوف المصلِّين بعضهم مع بعض، بلا فرق في ذلک بين الابتداء والاستدامة.

نعم، هنا قول ثالثٌ: وهو التفصيل بين ما إذا كان أفراد الصفّ الذين أتمّوا صلاتهم قصراً بقوا جلوساً على هيئة المصلِّين، وإن لم يكونوا في حال الصلاة، وبين ما تفرّقوا وخرجوا عن هيئة المصلِّين، حيث تكون هيئة الجماعة في الصورة الأولى وهم الذين لم يتفرّقوا باقية، بخلاف الفرض الثاني.

بل قد يؤيّد الأوّل، أنّ هيئتهم لايعدّ تباعداً عند أهل العرف والعادة، بل قد يؤيّد أيضاً أنّه قد نصّ جماعة ـ كالشهيد في «البيان» والكاشاني في «المفاتيح»، والمولى الأعظم في شرحه على «المفاتيح» ـ من الحكم بالصحّة فيما إذا كان قد أحرم وكبّر للصّلاة البعيد قبل القريب، وما ذاک إِلاَّ للاكتفاء بالصفّ، وإن لم يكن مصلِّياً فعلاً.

ولكن قد نوقش فيه: بدعوى الفرق بين من يؤل أمره إلى الصلاة، وهو متهيّئٌ لها، وبين مَن فرغ عنها وأعرضَ عنها، وإن كان جالساً في مكانه.

ويرد عليها: بأنّها ممنوعة لوضوح أنّه إن كان ملاک الاتّصال هو كون المصلِّي على هيئة الجلوس الَّذي كان للمصلِّين، وإن لم يكن في حال الصلاة، فلا فرق في ذلک بين كونه متهيّئاً أو كان جالساً للذِّكر أو غيره كالمصلِّين، حيث يصدق عليه أنّه كان على هيئته المصلِّين في الاتّصال، وإنْ لم يكن هذا المقدار كافياً في صدق الاتّصال، فلا فرق فيه بين الصورتين أيضاً، كما لا يخفى على المتأمِّل.

ولكن الأقوى أن يقال في هذه المسألة: كما صرّح به صاحب «الجواهر»؛، حيث قال ما خلاصته :

(المستفاد من النصوص و الأدلّة، أنّه لابدَّ من أن يكون افتتاح المأمومين بعد افتتاح الإمام خاصّة، بلا فرق بين كون المأمومين قليلاً أو كثيراً، استطالت صفوفهم أو قصرت، بلا ملاحظة حال المأمومين بعضهم مع بعض من جهة التقديم والتأخير، في الإلحاق في الجماعة، عدا مَن كان متّصلاً بالإمام من الشخص والشخصين، أو أزيد في الجملة، مضافاً إلى ذلک أنّه تضييقٌ وتشديد لإدراک الجماعة، خصوصاً بالنسبة إلى بعض المأمومين الذين يتوقّفون في النيّة، بل فيه من الإفضاء إلى عدم حضور القلب والتوجّه ما لا يخفى.

بل قد يُضاف عليه: أنّه غالباً يتعذّر أو يتعسّر على المتأخِّر العلم بحصول تكبيرة الإحرام من بين التكبيرات من المتقدّم، خصوصاً لو كان مجيئه للجماعة بعد اصطفاف الصفوف، وتهيّؤهم للصلاة، وشروعهم في تصوّرها ونيّتها.

بل قد يُفضي مراعاة ذلک إلى عدم إدراک أوّل ركعة في الجماعات المعظمة إِلاَّ للقليل منها، بل والركعة الثانية أيضاً، بل ربّما تفوت الفريضة تماماً، خصوصاً الثنائيّة أو الثلاثيّة، وخصوصاً مع إرادة الإسراع فيها لسفرٍ أو نحوه من الأعذار، إلى غير ذلک ممّا يمكن دعوى القطع بخلافه، من السيرة المستمرّة في سائر الأعصار والأمصار، وعظم الجماعات كجماعة النَّبيّ وأمير المؤمنين عليهما الصلاة والسلام، وغَلَبَة تخلّل الصفوف مَن لا يوثق بصحّة صلاتهم.

ومن أنّه لو كان كذلک لاشتهر روايةً وفتوىً وعملاً، اشتهار الشّمس في رابعة النهار، لتوفّر الدواعي وكثرة الاستعمال.

ولو أَنَّ القائل اعتبر عدم العلم بسبق المتأخِّر على المتقدِّم، لكان أسهل من اعتبار العلم بسبق المتقدّم ـ وإنْ كان هو بعيداً أيضاً ـ مخالفاً للسيرة المعلومة من أغلب الناس، فإنّهم لا يتوقّفون في الائتمام بعد إحراز افتتاح الإمام، خصوصاً بعد تهيئة الصفوف وشروعها في التوجّه والنيّة ونحو ذلک، وإنْ كان الأحوط مراعاته، بل مراعاة الأوّل أيضاً). انتهى محلّ الحاجة من كلامه بقوله[1] .

 

وبالجملة: ما ذكره صاحب «الجواهر»؛ تام ودقيقٌ في تصوير الجماعة، واتصال المصلين، وما يحتاج إليه المورد والمقام لتوضيح حال الجماعات، بالنسبة إلى إلحاق الأفراد في الجماعات، من حيث التقديم والتأخير، وحفظ الاتّصال مع الصفوف، وكفاية التهيّؤ، في جواز الإلحاق من البعيد بالنسبة إلى القريب، وغير ذلک من الأحكام.في بيان كفاية تحقّق الاتّصال وبالتهيّؤ


[1] الوسائل، الباب31 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 5.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo