< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

97/10/09

بسم الله الرحمن الرحیم

ومنها: فحوى اغتفار العلوّ في المأموم ومطلقاً في الأرض المنحدرة، فتأمّل؛ ولعلّ وجه التأمّل هو إمكان دعوى الفرق بين البُعد في الأرض المسطّحة والأرض المنحدرة، إذ الثاني قد خرج بالنصّ عن موضوع المسألة، من تجويز العلوّ فيه حتّى أزيد من المسطّحة، فلا وجه في المقايسة بينهما، كما لا يخفى على المتأمِّل في المسألة.

ومنها: عدم التحديد شرعاً للبُعد المشترط عدمه في الجماعة في معقد إجماع «المدارک» و«مصابيح الأنوار» للاُستاذ، و«رياض» الفاضل، وظاهر «التذكرة».

ومنها: مفهوم بعض الأدلّة السابقة، فيرجع في تحديده كغيره إلى العرف والعادة، لكن لابدَّ من ملاحظة الاجتماع في الصلاة، ضرورة تفاوت مصداق القُرب والبُعد بتفاوت الحيثيّات، بل لا يبعد دعوى محفوظيّة هيئة الجماعة عند المتشرّعة، ومأخوذيّتها يداً عن يد، فكلّ ما عُدّ في عرف المتشرِّعة وعادتهم أنّه بعيدٌ بالنظر إلى جماعة الصلاة بطل، وكلّما عدّ أنّه قريبٌ صحّ، وربّما يلحق به ما لا يحكم فيه بالقُرب والبُعد، عملاً بإطلاقات الجماعة.

وليس ذا من إثبات الحكم الشرعي بالعرف والعادة، بل ولا من إثبات مهيّة العبادة التوقيفيّة بهما، بل هو من إثبات مصداق التباعد وعدمه فيها، الثابت حكمه من الإجماعات السابقة وغيرها، على أنّه لا بأس بالتزام اعتبارهما هنا، إذا صارا سبباً لكشف المعهود من جماعة النَّبيّ و الأئمّة عليهم الصلاة والسلام، فيقتصر على الثابت منه، وهو الَّذي لا تباعد فيه)، انتهى محلّ الحاجة من كلامه بطوله[1] .

 

وشكرَ اللّه مساعيه الجميلة، حيث أتعبَ نفسه رحمة اللّه عليه في تحصيل المؤيّدات فيما ادّعاه من التحديد في ملاک التباعد وعدمه، وأنّه يكون بالعرف والعادة، وربّما ينطبق على ما ورد في الأخبار بما لا يتخطّى.في بيان مصداق التباعد

ثمّ أضاف بعد ذلک : أَنَّ لفظ (القدر)، وذيل الصحيح شاهدٌ على إرادة المسافة، وقد جاء في صحيح عبد اللّه بن سنان، عن الصادق(ع): «أقلّ ما يكون بينک وبين القبلة مربض عنزٍ، وأكثر مايكون مربض فرسٍ»[2] ، أَنَّ المراد بالقبلة كما عن

المجلسي، ومولانا مراد في شرحيهما على «الفقيه»: (الصفّ الَّذي قِبلَکَ أو الإمام)، مع تأيّدهما بأنَّ الجماعة توقيفيّة، والثابت منها ذلک لا أزيد، فالأصل عدم البراءة، وعدم سقوط القراءة وغيرها من أحكام الجماعة في غير المتيقّن، وليسا من الشواذ، بل عمل بهما ابن زُهرة في «الغنية» مدّعياً الإجماع عليه، و«الإشارة» و«المدارک» و«المفاتيح» و«الحدائق» وغيرها، بل حكي عن السيّد وظاهر الكليني والصدوق أيضاً، فأجابَ بقوله: يدفعه قوّة الظنّ بإرادة الفضيلة والاستحباب من الصحيح المذكور، بل والكراهة مع التباعد بما لا يتخطّى). انتهى موضع الحاجة[3] .

 

والحاصل من جميع ما ذكره صاحب «الجواهر» وغيره: هو تثبيت كون الملاک في التباعد، الموجب لبطلان الجماعة، هو التباعد العرفي، أمّا لو كان أقلّ من ذلک فلا تبطل الجماعة، وإن كان بالدقّة أزيد من الخطوة.

نعم، يستحبّ أن لا يكون كذلک، أو يقال يكره كون التباعد أزيد من الخطوة دون البطلان، كما يظهر ذلک من لسان الرواية من لفظ (ينبغي)، مع انضمام تقارب الحدّين من حيث العرف والعادة، وعرفت أَنَّ كلمات الأعلام لا تأبى عن الحمل بما ذكرناه، ويحصل الائتلاف بذلک.

ونضيف على ما ذكرناه: أَنَّ صحيحة عبد اللّه بن سنان مشتملة على طَرَفَي الأقلّ والأكثر من مربض عنز ومربض فرس، حيث إنّ طرف الأقلّ يكون على الاستحباب قطعاً، ولا يكون واجباً، فهو يصير قرينة على كون الأكثر أيضاً على الاستحباب أو الكراهة، لا على الوجوب، مع أَنَّ مَرْبَض الفَرَس بنفسه على الظاهر ممّا لا يتخطّى، فتصير الصحيحة من مؤيّدات القول بالاستحباب.

وأمّا ما استدلّ لإثبات لزوم رعاية التباعد بما إذا لم يكن على خطوة: بأنَّ المتيقّن من الكفاية هو ذلک، وأمّا أزيد من ذلک فمقتضى الأصل هو عدم الجواز، لتوقيفيّة العبادة، ولزوم الاقتصار على القدر المتيقّن دون الزائد في أحكام الجماعة، من سقوط القراءة، وعدم إضرار الركوع الزائد السهويّة، للمتابعة ونظائر ذلک.

وقد أُجيب عنه : ـ كما عن الفقيه الهمداني في مصباحه ـ: (بأنَّ المرجع لدى الشکّ في شرطيّة شيءٍ أو جزئيّته للعبادة، قاعدة البراءة، وأصل العدم، لا الاحتياط، وليس توقيفيّة العبادة مانعة عن ذلک كما تُقرّر في محلّه). انتهى كلامه[4] .

 


[1] مصباح الفقيه، ج16 /(ع)6.
[2] الجواهر، ج13 / 17(ص) ـ 180.
[3] مدارک الأحكام 4 / 323.
[4] الوسائل، الباب31 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 1؛ التهذيب : ج3 / 35 ح37، الاستبصار: ج1 / 42(ص) ح1.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo