< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

97/10/08

بسم الله الرحمن الرحیم

ثمّ استشهد لكلامه بموثّقة عمّار المتقدِّمة في مسألة الحائل، وهي (المصرّحة بأنّه يجوز للنساء أن يصلّين خلف الإمام، في دارٍ بينهنّ وبينه حائط أو طريق، فإنّه يستلزم الفصل بما لا يتخطّى جزماً حتّى لو اعتبرناه بالنسبة إلى مسجدها، وموقف الصفّ المتقدِّم، إذ الغالب حصول الفصل في مثل الفرض بأكثر من ذلک، فلا يصحّ تنزيل إطلاق الجواب على إرادة ما إذا لم يكن بينها وبينه ما لا يتخطّى، مع ما فيه من ترک الاستفصال.

ولا يصحّ الالتزام باختصاص هذا الحكم بالمرأة كما في الحائل، إذ لا قائل بالفصل بينها وبين الرجل في مسألة البُعد، مع أَنَّ الصحيحة المزبورة الدالّة على هذا الحدّ صريحة في إرادته بالنسبة إلى المرأة أيضاً، لما في ذيلها من التصريح بقوله(ع): (وأيّما امرأةٍ صلّت بصلاة إمام...) إلى آخره. فلابدَّ إمّا من طرح الموثّقة، أو حمل الصحيحة على الاستحباب)، انتهى كلامه[1] .

 

أقول: وفيه ما لا يخفى، فإنّ ظهور جملة: (ما لا يتخطّى) والّتى تكررت مرّات عديدة في الوجوب والإلزام ممّا لا شبهة فيه؛ لما قد عرفت بأنَّ جملة: (ليس لهم بإمام) أو (ليس لهم بصلاة) تأبى أن تكون واردة في مورد نفي الكمال، وظهوره أقوى من ظهور (ينبغي) في الاستحباب، فلابدَّ من الأخذ بهذا الظهور في تمام الموارد، إِلاَّ أن يأتي الدليل ويصرفه عنه، فترفع اليد بالنسبة إلى ذلک المورد بالخصوص، ويبقى الباقي على ظهوره في الوجوب، والأمر هنا كذلک إذ الدليل المعارض ليس إِلاَّ بالنسبة إلى النساء، حيث ورد في موثّقة عمّار، وعليه الفتوى والعمل، من تجويز إتيان الصلاة في البيت والدكّان الموجب لتحقّق الفصل أكثر من سائر الموارد في انطباق ما لا يتخطّى، فبالنظر إلى ذلک حيث إنّ المشهور قد عمل بالموثّقة، وهو معمول بها، فنرفع اليد عن النساء من تجويز الفصل أزيد عمّن غيرها، ويبقى الباقي تحت العموم الدالّ على عدم كونه ممّا لا يتخطّى.

ومن ذلک يظهر أنّ وجه استثناء النساء، بجواز الصلاة خلف الحائل، مع الفصل الزائد، إنّما هو من جهة دلالة هذا الحديث.

نعم، يبقى أمر آخر وهو ما قاله المحقّق الهمداني؛ من احتمال كون الفصل بما لا يتخطّى، أي بما لا يمكن قطعه بخطوة، ولا يبعد أن يدّعى أَنَّ هذا المقدار من الفصل يعدّ بُعداً في العادة، وعلى هذا يوجب رفع الإشكال من البين، لتقارب كلا الحدّين، فيرتفع الإشكال في الفرض المذكور.

وعليه، فالحكم في هذه المسألة حينئذٍ هو أَنَّ ملاک صحّة الجماعة، أن لا يعدّ بُعده خارجاً عن العادة عرفاً، الصادق عليه بما لا يتخطّى، فحينئذٍ لا فرق في اعتبار ذلک بين كون الصفّين في الأرض، أو في السفينتين، اقتصاراً على المتيقّن في براءة الذِّمَّة عن الشغل بالعبادة التوقيفيّة.

أقول: فإذا عرفت تقارب الحدّين، وإمكان إرجاع أحدهما الى الآخر ولو بالتسامح العرفي، فيمكن تقوية ذلک بأُمورٍ أشار إليها صاحب «الجواهر» :

منها: عن كتاب «إرشاد الجعفريّة» حيث قال: (لا يضرّ البُعد المفرط مع اتّصال الصفوف، إذا كان بين كلّ صفّين القُرب العرفي إجماعاً؛ لإطلاق أدلّة الجماعة، وما ورد من الأمر بالوقوف خلف الإمام ونحوه).

ومنها : إطلاق ما دلّ على جواز الائتمام، مع اعتراض الطريق والنّهر، بل والحائط في المرأة، من معقد الإجماع، والموثّق السابقين ونحوهما، خصوصاً مع غلبة كون ذلک ممّا لا يُتخطّى.

ومنها: للأخبار المعتبرة الآمرة بالائتمام عند خوف رفع الإمام رأسه من الركوع، ثمّ اللّحوق بعد ذلک بالصفّ في الركعة الثانية، أو في أثناء الركوع، وكأنّه لتحصيل الفضيلة، ورفع كراهة الانفراد بالصفّ، لا لقادحيّة مثل هذا البُعد، وإِلاَّ لم يصحّ الاقتداء بالركعة الأُولى.

واحتمال اغتفاره لإدراک الجماعة ضعيفٌ، بل مقطوعٌ بفساده، ضرورة أنّه لم يستثن أحدٌ ذلک من مانعيّة البُعد.

 


[1] الجواهر، ج13 / 174 ـ 175.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo